شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
أنغام الحرب.. في ألغام البحر
وكانت المفاجأة، لم تأخذ صفة الفجيعة، ذلك الخبر الأول، أذيع عن اصطدام بعض البواخر بألغام زرعت في خليج السويس. كاد هذا الخبر يمر بصورة من التستر عليه أو بأخرى، زعموا أنه لغم شارد من بعض الشركات.
فالإعلام العربي لم يعط ألغام البحر ما تستأهله من التحذير، ولكن إعلام الغرب، والولايات المتحدة بالذات لا يستصغرون ما تحدثه الألغام من تعطيل الملاحة في قناة السويس أول الأمر، وما تحدثه آخر الأمر في البحر الأحمر كله. بعض البواخر في قناة السويس أو بعدها بقليل تأثرت قليلاً بهذه الألغام، كأنهم وضعوها يداعبون بها، حتى إذا زرعوها في البحر الأحمر وفي سواحله الجنوبية العربية أو سواحله الوسطى العربية كان تأثيرها أشد خطراً، بعض البواخر مسها الضرر، والواحدة الأخيرة غرقت وهي في وسط البحر، اقرب ما تكون إلى ساحله الغربي.
وبدأت الاتهامات تكال، فالأصابع العشرة بدأت تتهم أكثر من جهة، إيرانية، عربية، إسرائيلية، إفريقية، وما يستطيع أحد أن يكذب الإشارة إلى أي جهة من هذه الجهات، فلماذا لا تكون الإمبراطوريتان وراء ذلك؟ فالذين وراء إسرائيل أضاءوا لها الضوء الأخضر تزرع الألغام، والذين وراء القرن الإفريقي كمنطقة نفوذ لهم أذنوا بوضع هذه الألغام، فحين تنتشر الألغام في البحر الأحمر تتبرع الإمبراطوريتان بفرض الحماية على من لهما وحتى من عليهما، فالحفاظ على السلامة كما يزعمون سلوك أخلاقي.
ولكن لست مع هذه الاتهامات لأني - وعلى طريقة ((أميل زولا)) _ أتهم إسرائيل وإيران معاً. فإسرائيل حين حطمت المفاعل النووي في بغداد كان ذلك من العون لإيران، لا لأنه سلاح تعطل، وإنما لأن سلاح الأفئدة العراقية، إن لم يتعطل فقد تأزمت الأيدي التي تحمله أياماً كاد يضيع فيها الرشد من عقول الرجال.
فإسرائيل أرادت ومعها إيران أن تشعر العرب، شرق السويس ومصر، بأنهما يملكان القدرة على إشعال الحرب ضد الملاحة في قناة السويس، تخسر مصر مورداً من أهم مواردها، كما أرادتا أن يعرف العرب أن المدد البترولي عن طريق البحر الأحمر هو في متناول التعطيل، فليس إغلاق مضيق هرمز هو الوسيلة الوحيدة، حين تتعطل الملاحة في قناة السويس يتعطل ضخ البترول بالصورة التي هو عليها الآن، لأن إحجام الناقلات هو المعطل الأول، وكأنما إسرائيل أعطت الإشارة تقول للعراق: لقد طلبنا من الولايات المتحدة ألا تعين مد خط الأنابيب عبر الأردن إلى البحر الأحمر، ولم تستجب الولايات المتحدة لذلك، فاليد الطويلة والعصا الغليظة، يد إسرائيل وعصاها تستطيعان أن تجعلا خط الأنابيب عبر الأردن وكأنه لم يكن.
والإمبراطوريتان بعد تجدان في ذلك وسيلة لبسط سلطانهما بدعوى حراسة البواخر ومراقبة الألغام، فاليهود يعرفون مدى تلمظ الإمبراطوريتين على بسط نفوذهما في البحر الأحمر، ليكون الأسطول السادس أو السابع والأسطول السوفياتي يتغازلان في البحر الأحمر، اتفاق دون وفاق، والسمسار إسرائيل وإيران.
والعجيب من دقة التوقيت، يجئ ذلك في موسم الحج، ويجيء ذلك وأزمة لبنان ويجيء ذلك مرة أخرى توضيحاً لهذه النتيجة: تحييد دول الخليج في هذه الحرب العراقية الإيرانية.
وتماماً لما أسلفت ينبغي أن أشير إلى الدراسة التي أجراها أخيراً الرئيس السابق لهيئة قناة السويس، والتي توصي بضرورة رفع قيمة الرسوم على الناقلات والبواخر التي تعبر قناة السويس، إذ إن الرسوم التي تحصل حالياً هي أقل بكثير من الرسوم التي يتم تحصيلها نظير العبور من ممرات مائية عالمية، أهميتها أدنى بكثير جداً من أهمية قناة السويس كشريان مائي هام يربط الشرق والغرب، فكأنما هذه الألغام من جهة أخرى أرادت أن تصادر توصيات ونتائج مثل هذه الدراسة، وتمنع عقول المصريين حتى من مجرد التفكير في تطبيق بعضها.
إذن، فهي حرب اقتصادية أشعلتها الممرات لحساب مكاسبها أولاً، ولحساب إسرائيل وإيران.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :593  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 982 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

محمد سعيد عبد المقصود خوجه

[حياته وآثاره: 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج