شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحاخام يشتري القدس!
وقبل يوم القدس، الذي حددته لجنة القدس، أذاعت علينا وكالات الأنباء، وعلى طريقتها لا تعطينا فائدة إنما تذيع أي خبر فيه المكايدة - أذاعت أن الحاخام الإرهابي (كاهان) قد كتب لمفتي القدس، أو لرئيس المجلس الإسلامي الفلسطيني العربي المسلم، الشيخ سعد الدين العلمي، يطلب منه أن يبيعه بيت المقدس، المسجد الأقصى.
وليس هذا الخبر بالغريب ولا هو بالعجيب، فإذا ما ظن أحدكم أن هذا الكاهن الحاخام اليهودي قد مسه جنون، يطلب المستحيل، فإن هذا الظن هو العجيب، يدل دلالة واضحة على أن صاحبه لم يعرف بعد سلوك اليهود. إن عرض الحاخام (كاهان) شراء القدس ليس غريباً لأن الوقائع، في فلسطين وحول فلسطين، برهان على أن أكثر من عملية بيع وشراء قد وقعت، وتسلم البائع قيمة ما باع، فكثير من السهول والبقاع والوديان والهضاب قد اشتراها اليهود، فهم بحق هذا الارتفاق قد ملكوا ذلك فامتلكوا بهذا الحق الباطل فلسطين.
إن الشيخ سعد الدين لا يملك حق البيع، ولا يملكه الإغراء بالمال، فهو ليس من الخوانين، الذين ملكوا السلاح، سلاح حق الامتلاك للأرض، فعطلوا السلاح، يبيعون أرضهم لليهود، ولكن الحاخام سيخرج علينا بعد بوثيقة مزورة، يدعي أنه قد اشترى بيت المقدس، ولا يهم شخصية البائع، فهو يضع أي اسم، وما دام أنه يملك قوة الفرض للطغيان، فإن ادعاءه يجد النصر من الفريق المستضعف العربي، ومن الفريق الأقوى، الذي يمد إسرائيل بالعون، وتصبح اللجاجة حول هذه الوثيقة المزورة، فإذا اليهود يملكون ما اشتروا.
فقبل يوم القدس كان ذلك، ولكن ماذا يعني تحديد يوم القدس؟ ففي شعر أغسطس يوم للقدس، وفي شهر مايو يوم للقدس، ما أقل هذا العطاء، ولكنه التقليد لأسلوب الفرنجة: يوم للأرض، يوم للمذابح، يوم للقدس! مع أن القدس في حياتنا له كل أيامنا، فهل من سجد سجدة ينسى أنه القبلة الأولى! وهل من يذكر الإسراء والمعراج ينسى أنه المسرى والمعرج، كل أيام المسلم أيام القدس ولكن حين قلدنا الفرنجة فرضنا على أنفسنا التناسي؛ لأن في ذكرى القدس ما يكرب النفوس، والعرب في حاجة إلى ترفيه النفوس، فهم لم يشبعوا بعد من الرفاهية، ومن عملية الاسترخاء! ومما يقوله بعض الطرقيين، أصحاب الأحوال الذين يتلقون الإلهام من الأحلام، فإذا ما استيقظ ضمير صاحب من اتبع هذا الطرقي، يسأل شيخه، فالمريدون في عرف الطرقيين يباح لهم السؤال - فحين يسأل: كيف نسكت عن القدس؟ يهتز الشيخ، ويخرج الزبد من شدقيه، يقول بالهمهمة: ((يا بني، لقد رأيت آبائي في المنام، فقالوا لي: لا تنازع القدر!)) أليس في هذا دعوة للاستكانة، تثبيط للهمم! فهل أصحاب الرسالات والمصلحون، الذين غيّروا عبادة الوثن وحاربوا البدع، كانوا ينازعون القدر! أم كانوا ينفذون إرادة الله، ليعبدوه وحده لا شريك له، ولينشروا الإصلاح.
إن في تاريخنا بطلاً لم ينس في أي لحظة بيت المقدس، وجاء بعده بطل يذكرنا في كل دقيقة ما عمله لتخليص بيت المقدس من الصليبيين، فالبطل الأول: السلطان محمود نور الدين زنكي، قالوا له ((لماذا لا نراك تبتسم))؟ فقال: ((كيف تريدون مني أن أبتسم وأنا لم أر هذه الأيام مكان سجدة في بيت المقدس، يطبع المسلم جبينه على أرض طاهرة!)) والبطل الثاني صلاح الدين الأيوبي، الكردي الدمشقي المصري العربي المسلم، ولكن أصبح محمود نور الدين في زوايا النسيان، وأصبح صلاح الدين يلوك الباطني سيرته، لأنه كما طهَّر القدس من الصليبيين طهر اليمن ومصر وما استطاع من أرض المشرق العربي من الباطنية.
إن يوم القدس سيمر دون أن يحدث شيء نرحم أنفسنا به، ولكن سندخل المسجد كما دخلناه أول مرة، وإن رحمة الله قريبة من المؤمنين.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :673  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 973 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج