شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
بيغن أم شو آن لاي؟!
الرئيس السابق للولايات المتحدة بدأ يكتب عن العظماء، تارة يعلو بالتحليل فيرتفع إلى فوق كأنما هو يتقمص شخصية العظيم، وتارة لا يرتفع بالتحليل كأنما هو لم يخرج عن أمريكيته، فالكاتب نيكسون يرتفع والإنسان نيكسون يعطي نفسه ما يود أن يكونه. أتابع ما يكتب في (( المجلة )) عن هؤلاء العظماء فأصفق حين ينصف ولا أبتئس حين ينتصف، فمن حقه كإنسان أن يكون كذلك، ومن حق التأمرك كوطن عظيم تولى رئاسته أن ينتصف فيضع العظيم موضع الخصيم قبل أن يكون صديقاً. فالخصومة في شو آن لاي زمن قد امتد طويلاً فمن حقه لحماية ما يذهب إليه أن ظل خصيماً طوال الزمن الذي عاشه، أما المصالحة التي سعى إليها نيكسون فهي مصالحة وقت قد تتغير بموقف أمريكي أو بتصلب صيني.
إن الرئيس نيكسون الكاتب البارع، ولا أنسى الثناء على المترجم بارعاً أجاد الترجمة لأنه أجاد لغته العربية، فالرئيس نيكسون بعد أن أضفى على شو آن لاي كثيراً من المزايا أراد أن ينتصف منه كأنما تذكر مرارة الخصومة وتصلب الصين وبراعة شو آن لاي فأراد أن يحط من قدره، فقد وصفه ((سفاح قتل الملايين من الصينيين))، كما وصفه بأنه ازدواجي صاحب عقيدة كونفوشيوسية كما أنه عقائدي ماركسي.
* * *
إن الشرق، والصين من أقدم أممه وكونفشيوس من أقدم الأخلاقيين المصلحين، لم يزل رغم المذهب الجديد ترجع به الطفولة إلى العقيدة الوطنية القديمة، فغاندي ونهرو قد بلغا من المعرفة والثقافة مبلغاً كبيراً، وتخطت بهما مذاهب اعتنقاها، لكنهما - كما شو آن لاي - فلا زال بوذا قديساً في نظر نهرو وغاندي، ولا زال كونفوشيوس قديساً في وجدان شو آن لاي، حتى أن بعض الصينيين قد ظنوا أو اعتقدوا أن القنبلتين الأمريكيتين اللتين ضربتا هيروشيما ونجازاكي وجعلتا اليابان تركع على ركبتيها من أثر روحاني تسلطت به روح كونفوشيوس، لأن الزعيم الأول للصين لم يرض أن تغزى الصين فانتقم لوطنه.
قد تكون تلك خرافة ولكن روح الشرق قد اتسعت للحقائق والخرافات، كما أن روح الغرب قد اتسعت بها حقائق الماديات وخرافات الأساطير.
إن الرئيس نيكسون قد وصم شو آن لاي بسفك الدماء، فأين الرئيس نيكسون من مناحيم بيغن؟!
* * *
إن مناحيم بيجن سفاح، حكمت عليه محاكم الإنجليز بالقتل، قتل من الفلسطينيين الآلاف، وفي الوقت الذي نشر مقال الرئيس نيكسون عن شو آن لاي كانت دماء الألوف من الأمهات والأطفال في صبرا وشاتيلا تسفح بسلاح أمريكي وفعل يهودي تولى كبر ذلك الإثم مناحيم بيغن.
وهل نسي الرئيس نيكسون القتل في فيتنام والحرب الكورية؟! أفليس ذلك يضع شو آن لاي في موضع أشبه ما يكون بالرئيس نيكسون ومناحيم بيغن؟!
كانت الدماء تسفك والرئيس نيكسون على سطح البارجة في البحر الأبيض يلوح بتهديد سوريا ومصر كأنما هو يريد أن يدخل بين الأخوين لا بشخصه وإنما بشخص حكومة إسرائيل لترتع في امتصاص الدماء التي لم تكن لو لم تحتل إسرائيل الأرض ولم يختل حبل الود بين الأخوة.
إن شو آن لاي كان يحارب باسم ثورة أو باسم الثورة التي كتب على الصين أن تخوضها انتقاماً من الأفيون وانتقاماً من الاستحواذ وإن اتسمت بالماركسية، أما مناحيم بيغن والسلاح الذي في يده فيرسل صواعقه بالأسلحة المحرمة على أرض يريد أن يحتلها وشعوب يريد أن يقتلها.
لقد حاربتم النازية وصادقتم الماركسية بينما أنتم الآن أصبحتم أصدقاء الماركسية وأصدقاء النازية الجديدة التي يمثلها هتلر الثاني مناحيم بيغن.
* * *
وهكذا فالسفاح قاتل الألوف من العرب ينبغي أن يعده الرئيس نيكسون أسوأ من شو آن لاي كسفاح لا يبلغ عظمة هتلر، فإن هتلر قد أسقط إمبراطوريتين.. فرنسا وبريطانيا، وأقام إمبراطوريتين.. الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي، ولعلّ ((ووتر غيت)) كانت أحبولة يهودية سفكت سمعة الرئيس نيكسون!
ـ صورة:
وكان المثنى بن حارثة الشيباني رضي الله عنه قد استغول في أطراف العراق يقاتل الفرس، وكان معه نصراني اسمه أبو زيد الطائي، فقال أبو زيد للمثنى بن حارثة:
((إني امرؤ نصراني فماذا تريدني أن أصنع؟!)).
فقال المثنى لأبي زيد:
((قاتل على أحسابك)).
فانتفضت العروبة في وجدان الفارس فقاتل حتى قتل يحارب في الصف المسلم، فهل في هذه الصورة تعبير يتضح ولا ينفضح؟! وبس!!
* * *
ولأكثر من مرة كتبت عن موقف لطليحة الأسدي سيد الحلف الأعظم بين أسد وغطفان، ارتد وادعى النبوة ثم اهتدى وأسلم، فإذا هو في ((القادسية)) أحد فرسانها لا يقطع سعد بن أبي وقاص أمراً دون أن يستشيره هو والمرتد الآخر الذي أسلم.. فارس اليمن عمرو بن معدي كرب الزبيدي.
وانتصر الإسلام في القادسية، وسار النعمان بن مقرن يطلب ((نهاوند)) التي استشهد فيها فنعاه عمر بن الخطاب رضي الله عنه وبكاه.
سار النعمان بن مقرن إلى ((نهاوند)) وانتدب طليحة الأسدي يسبر الطريق فغاب طويلاً. فظنوا به الظنون، ظنوه قد لجأ إلى الفرس حتى إذا عاد وسمع سوء الظن فيه قال كلمة كم أود أن كل عربي يقولها الآن، يصرخ بها حول البصرة، قال:
((أو تظنون بي الظنون؟ أتحسبون قومي العرب جزراً لهؤلاء الأعاجم؟!)) أنصت الجميع واعتذر القائلون.
وفتحت ((نهاوند)) الفتح العظيم!
أولئك آبائي فجئني بمثلهم
إذا جمعتنا يا جرير المجامع
ولعلّي أتفاءل فلا أسمع من يقول:
إني لأغمض عيني ثم افتحها
على كثير ولكن لا أرى أحداً!
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :598  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 957 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الأستاذة صفية بن زقر

رائدة الفن التشكيلي في المملكة، أول من أسست داراُ للرسم والثقافة والتراث في جدة، شاركت في العديد من المعارض المحلية والإقليمية والدولية .