شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
المثلث الرهيب
وقد يكون هذا العنوان مقتبساً لا نسرقه وإنما نستعيره لأنه يمثل الصورة، صورة (الكماشة) التي أطبقت على العرب من الغرب والشرق، إذاً فهما مثلثان رهيبان.
فالمثلث الأول يتألف الصليبية والآرية واليهودية، والمثلث الآخر يتألف من حقد الهرموزان وخنجر ابن لؤلؤة واليهودية، فاليهودية، والحالة هذه، هي القاسم المشترك كأن هذين المثلثين من صنع اليهود إلا ما تصنع البداية فقد أمسكت بالبداية ألا تصنع فنفثت الحقد وجسدت البغضاء وشجعت العدوان، ولكن ما الذي جعلني أفكر هكذا، أقتحم سجل التاريخ بفقه قد لا يكون جديداً، إنما كل الجدّة له أن الضيم آثاره في تفكيري، فالضيم لا بد أن أثير به عواطف القارئ لعلّي أجد في الذين يقرأون أن يحترفوا الحقد على هذين المثلثين.
إن المثلث الأول وهو الغربي قد فتح أبواقه وعواصمه فالأبواق تثير على العراق تتهمه تصديقاً لتهمة إيران، الآية شكلاً وموضوعاً وتاريخاً، إن الأبواق بدأت تصرخ لأنهم كما يدعون إنسانيون يذرفون الدمع على الحرقة بالغاز السام، إنها كذبة التاريخ، فهل ذرفوا الدمعة على الساميين العرب الذين تحتل أرضهم إسرائيل ويقتلهم اليهود في فلسطين في لبنان في صبرا وشاتيلا!
ما أشد جرأتهم على الأخلاق، ولكنها ازدواجية لم يذرفوا الدمع على الأفغان مع أن خراسان آرية ولكن سلاح السلافيين أقوى، يخافون فكتموا دموعهم على الأفغان مع أن هلكى الغازات السامة في الأفغان كثيرون.. كثيرون.
وعواصم الآرية فتحت مستشفياتها، ليست لعلاج الجرحى وإنما لدعاية التجريح في سمعة العرب الذين يمثلون اليوم السامية الحقة، فإسرائيل لم تعد سامية وإنما هم سلافيون، ما أشد قربهم أو تقربهم للآرية والصليبية والشيوعية.
إن العواصم الآرية ما فتحت مستشفياتها إلا استجابة لعنصرية الآرية تبث الدعاية ضد السامية العراقية، فالعراق عرب والعرب ساميون والغرب كل الغرب آريون.
إنهم يمثلون قابيل ووضعوا العرب في موضع هابيل.
والمثلث الثاني الشركي لا يحتاج إلى تفصيل أو تأويل، كانت البداية من حقد الهرمزان يخطط لقتل عمر وخنجر أبي لؤلؤة يغتال عمر، إن شراسة العدوان على العراق هي صورة من شراسة رستم ذي الأكتاف وقمبيز وأنو شروان، فحين عز على الهرمزان أن ينتصر دبر المؤامرة فوجد في بطولة الغباوة والحقد في أبي لؤلؤة يستل خنجراً يطعن عمر.
ووجدت اليهودية كل الفرص أمامها تحتال حينما تثير البغضاء وحيناً تتذرع بالحب وحيناً بوسائل أخرى.
فالغرب هو في قول المتنبي:
ومن نكد الدنيا على الحرّ أن يرى
واً له ما من صداقته بدّ
هل استطعت أن أوضح الكماشة، كماشة الغرب بالنفاق السياسي وكماشة الشرق بالعدوان والبغضاء!
ومات أستاذنا العالم النظيف الدمشقي أبو جمال الدين القاسمي، مات ظافر في باريس!..
وارحمتاه للغريب في البلد النائى
ماذا بنفسه صنعاً
فارق أحبابه فما انتفعوا
بالعيش من بعده وما انتفعا
ظافر القاسمي من أعيان دمشق، أبوه علامتها فقد كان سلفياً واسع المعرفة رحيب الصدر يلتزم بعقيدة السلف ولا يتزمت، فقد قرأت مذكرات جمال فوجدته واسع الصدر ينصف ولا يجحف، فنشأ ابنه ظافر على ما نشأه أبوه. إنه الضيم كل الضيم ذاقه ابن خلدون وذاقه أبو خلدون وتعذب به جمال الدين الأفغاني حتى أن أرض الإسلام الواسعة وأرض العروبة المتسعة قد ضاقت فلم يجد فيها ظافر القاسم قبراً كأنما هو ينظم بهذه المأساة في عقد من جوهر التاريخ. إذا ما عرفنا ما صنعه الضيم في رجال كبار ليس أولهم ابن خلدون وليس آخرهم ظافر القاسمي كأنما المتنبي نظر إلى هؤلاء فقال: أفاضل الناس أغراض لذا الزمن يخلو من الهم أخلاهم من الفطن.
ولم أكن قد عرفت خبر موت ظافر ولكن ابن عمه الأستاذ محمد عمر توفيق وهو يعرف صداقتي لهما شافهني بالتعزية وأفاضل الأصدقاء يتقبلون إلا التعازي بالأصدقاء.
لقد عرفت ظافر القاسمي هنا في بلدي ولم يكن الغريب فيها، متعني بصحبته، تعلمت منه الكثير، ولعلّه عرف مني القليل وهو الذي عقد بيني وبين صديقه (جاك بيرث) البرفسور الفرنسي المستعرب، صداقة طورت حين أهديت للبرفسور بإغراء ظافر الكتاب صحيح الآثار لابن بليهد، وأعجبوا لهذه المفارقة: لقد وصل إلى جدة هذه المستعرب المسيحي الفرنسي يريد أن يعرف آثار الشعراء الدخول فحومل والمنفوحة وعكاظ والجواء وجبل التوباد، كأنما هو عاشق وجاء معه عالم أزهري يحمل لقب الدكتور فقد دعوتهم إلى حفل عشاء تفضل بإقامته لهم الابن الصديق عبد العزيز بن عبد الله بن سليمان لأني لم أكن أملك من المال ما أقيم به الاحتفال، وحضر الحفل جمع من العربيين السعوديين على رأسهم صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبد العزيز وحين تشعب الحديث تشقق الكلام وخرج ((جاك بيرث)) والعلامة الأزهري كأنه يمدحني: ما حسبت أنكم هكذا، لقد كنت أظن بلدة هكذا فيها من المثقفين أكثر مني، فرفضت هذا المدح حين رأيته القدح يعيب بلد المسجدين فقلت له: استغفر الله فملء إهابك وعلى جبهتك بصمة المسجدين، وطابع المريدين في هذا البلد تراث محمد والصحابة، أفتستكثر علينا أن نرثه؟ فإذا فؤاد المسلم فيه يسترجع يستغفر ودمعة من عينه قبلة للمسجدين.
هذا من أثر القاسمي فلولا إن لم نعرفه لم نملك فرصة أن نقول يرحم الله ظافر القاسمي، ضاقت عليه أرضه واتسع له قبره في باريس.
ـ عصر السباب..!!
.. وبالأمس القريب تلفن إليّ قارئ يتكلم بصوت مرهق، كأنما الكلمات كانت تبكي، تهدج الصوت حتى خلت التلفون تلفازاً، فالكلام جسد صورته أمامي، أسمعه وأنظر إليه.. فماذا قال؟
قال: لقد قرأت الكتاب بعنوان (صاحب المغيرة) ألفه أبو ريا، عالم من مصر، فما ترك طعناً ولا سبا، ولا تجريحاً إلا وهو يصبه على (أبي هريرة) - رضي الله عنه - وأكمل قوله (أعني السائل) بفقرات من ذلك السباب!!
قلت: إن سب أبي هريرة - رضي الله عنه - لا يضير هذا الصحابي الجليل، فالذين يكيلون السباب للأخيار إنما يسبون أنفسهم، (وأبو ريا) لم يقصد أبا هريرة فحسب، وإنما كل قصده هو النيل من السنة، فقد تجرأ يوماً ما، ونال من صحيح البخاري، إن صحيح البخاري أصح كتب السنة، ذلك بكل الصدق للأخيار من الأئمة ولكن يخرج علينا كل من سفه نفسه، زعيم يهرطق أو متعالم يتزندق، فمن الزندقة بمكان، السباب أو الطعن في السنة ما يناله من رجالها..
إنها ظاهرة تذهب بالتفكير على أننا ونحن في القرن الخامس عشر قد عدنا بأساليب التسافه والطعن، إلى القرن الثاني والثالث وما إليها..
كأنما كل عواصمنا أصبحت بغداد الجديدة، فبغداد الأولى كان فيها صراع بين رجال الحق، ورجال الباطل، فالحق قد صانه محمد، وأبو يوسف صاحبا أبي حنيفة، ويحيى بن أكثم قاضي المأمون، وجاء الصوت بارعاً قاتلاً بموقف ناصر السنة الإمام (أحمد بن حنبل)، أما الباطل ما أن ابتدأ بواصل بن عطاء حتى انتهى إلى بشر المريسي وأحمد بن أبي دئاد ومن كان مثلهم، كان ذلك الصراع قد أعطى عامة المسلمين أن يكونوا مع أحمد بن حنبل ومن قبله، فإذا البدعة تنهزم وإذا صاحب الحيدة الإمام (عبد الرحمن الأذني) يجهز على ابن أبي دئاد كأنما الله أرسله نصير للحق ناصراً للإمام أحمد، وامتد السباب أكثر وأكثر بين الذين يتخذون من العقل حكماً على الشريعة على الإسلام فإذا مظاهر العلم أصبحت عقلاً لعقولهم تؤيد العقيدة العاطفة المسلمة في كثير من الظواهر..
إن عواصمنا كصورة من بغداد الأمس ظهر فيها أبو ريا كما ظهر آخرون.. ففي العاصمة المسلمة القدس أحفاد بشر المريسي اليهودي بن اليهودي بلور عقيدة المخلص عند اليهود بهذه البدعة ((الإرجاء)) فالإرجاء في مذهبه الباطل لا جنة ولا نار، لا ثواب ولا عقاب، وفي عواصم أخرى تركوا الدين المذهب فتفرقوا شيعاً، وفي عواصم أخرى ما زالوا يحتمون بمذهب مالك، فقه من القرآن والسنة..
وعاصمتنا الرياض، وما إليها ما زالت عاصمة للحق معتصمة بالحق حين اعتصمت بعقيدة السلف ومذهب الإمام أحمد..
ولكن بعض السباب قد ظهر في قلة من الشواذ فهذا (جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده ورشيد رضا..) تعرضوا لسباب الملحدين والطرقيين على أنهم الوهابيون.. أفلا يجزع من عاصمته الرياض من أن يتخذ (أبو الهدى الصيادي) الطرقي المشعوذ العدو الألد لشيخ الإسلام (محمد بن عبد الوهاب) ولآل سعود السيف الناصر لدعوة السلف حكماً على (رشيد رضا) وشيخيه، فإذا جاز ذلك لهؤلاء الذين اتخذوا من (أبي الهدى) حكماً أفلا يجوز لآخرين أن يتخذوا من (ابن بطوطة) وابن عطاء الإسكندرية.. حكمين على شيخ الإسلام (ابن تيمية) أفلا يجوز لآخرين أيضاً أن يتخذوا من الذين ألفوا الكتب طعانين على شيخ الإسلام (محمد بن عبد الوهاب) حاكمين عليه!
أفلا يجوز مرة ثالثة أن يتخذ حشوى حكماً على الشيخ (عبد الله بن حسن) أو حكماً (على الشيخ عبد العزيز بن باز) والكاتب الذي كال السباب لجمال الدين، ومن إليه، قد جهل موقف آل سعود من الدولة العثمانية أو على الأصح موقف السلطان (محمود ومحمد علي) من حربهما على آل سعود، وحقدهما على دعوة السلف، فقد اتهم جمال الدين الأفغاني من خلال أحكام أبي الهدى وأمثاله من الطرقيين، فهم قد قالوا إن جمال الدين كان يريد تحطيم دولة الخلافة، أليس في هذه الحجة الطرقية صورة من الحجة التي ساق السلطان جيوشه لحرب آل سعود يتهمهم بالنيل من الخلافة العثمانية؟.
إن هؤلاء الطرقيين قد حجزهم حين أعجزهم تفوق المملكة العربية السعودية لأن يواجهوا دعوة السلف صراحة فاتخذوا الطريق الملتف ينالون من أنصارها لينالوا منها من خلال الظلال والخلفيات ولكن للباطل صولة ثم يضمحل..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :730  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 954 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج