شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
وقهقه الشيطان
فحين ينتصر الشيطان على الإنسان يصرخ فرحاً حين يفترس الإنسان نفسه، حين يصبح الإنسان في قبضة الشيطان، وقبضة الشيطان هذه قد استحوذ بها على عون له، يسير على نهج الشيطان.
ذلكم هو اليهود!
هم جند الشيطان في هذه الأرض، فكل الدمار الذي يريده إبليس كانوا هم الأداة والوسيلة، فما من حركة هدامة ولا من مذهب فاسق ولا من فجور استباحوا به الأرض والعرض إلا واليهود هم صانعوه.
ومتى سمعت قهقهة الشيطان؟ لم يكن ذلك السماع تلقفته الأذن، وإنما هو استكناه الواقع في الشعوب الأوروبية كلها، وفي أنسالها في القارات الأخرى. لم يتسلط عليهم الشيطان مباشرة وإنما كان سلطانه بيد اليهود على صورة غير مباشرة تعلن نفسها أنها اليهودية، وإنما هي سخرت هذه الكثرة في الشعوب الأوروبية وبأطماع السياسة الأوروبية وبتحريك الأحقاد الصليبية، سخرتها بتلك الأيديولوجية الجديدة.. الصهيونية في جانب الغرب والشيوعية في جانب الشرق.
وخرج اليهود جند الشيطان بتحرك جديد اسمه حقوق الإنسان، ففي مؤتمر الأمن الأوروبي الذي طال الأمد على انعقاده، والمنعقد في مدريد برز شيطان اليهود بين الغربيين الذين جعلوه مبدأ يضغطون به على الاتحاد السوفياتي، وبين الاتحاد السوفياتي الذي يظهر الغضب من أن يفرض عليه، ويستبطن الرضى عنه هو المطلب لدى الاتحاد السوفياتي الذي يتيح له أن يهجًّر اليهود إلى خارج الاتحاد السوفياتي كما يدعي، بينما إمبراطورية الكرملين تعرف حق المعرفة أنها حين تمارس العطاء لحقوق الإنسان لتهجّر اليهود فهي تفعل ما أرادت بحركة التفاف على العرب تزعم بأنها لم تهجر اليهود أو المتمردين إلا خارج حدودها، مع أنها تعلم حق العلم أنهم - أعني هؤلاء اليهود أو المتهودين - لم يخرجوا من أرضهم إلا إلى الأرض العربية، عوناً بهذه القوة البشرية أشد نكالاً على العرب من قوة السلاح الأمريكي.
ففي هذا المؤتمر طرحت دول محايدة رأياً وسطاً رفضته دول الغرب بحجة أنه يعطل المسيرة لحقوق الإنسان، هنا قهقه الشيطان.. وبكى التاريخ!!
فأي إنسان أرادوا أن يأخذ حقوقه؟ هل هو الإنسان في جنوب إفريقيا.. في ناميبيا؟ هل هو الإنسان العربي في فلسطين؟ هل هي كل العرب؟ أم هو الإنسان المسلم في أفغانستان؟ أم هو الزنجي في أمريكا؟ كل هؤلاء لم يكونوا في حساب هذه الغضبة العربية، فالإنسان عندهم هو اليهودي في الاتحاد السوفيتي، فلم يريدوا منحه الحق الإنساني، وإنما أرادوا أن يهدروا به الحق العربي. فالإنسان اليهودي في الاتحاد السوفياتي هو صاحب الحقوق. فالإيجاب من الدول الغربية نحو ذلك هو السلب ضد الغرب، والسلب الظاهر من الاتحاد السوفياتي المستتر نحو تهجير اليهود إهداراً لحق العرب.
إن الشيطان حينذاك ما زال يقهقه، حتى إذا شبع التفت يقول للأبالسة: إن كيدي قد عطله الإيمان، قد أخره دين الإسلام، ولكن اليهود الذين أصبحوا شعبي بوازع فقدان الضمير فيهم حيث لا يتعذبون بوخز الضمير، لأن كل طغيانهم وفسوقهم محمول على المخلص. إن وسوستي هي التي زرعت في ضمائرهم عقيدة المخلص التي أصبحت عقدة يطغى بها اليهود، ولا يسألون أنفسهم عن عذاب المصير لهم.
إن الغرب والشرق قد احترفوا حقوق الإنسان فقصروها على اليهودي ليصب العذاب على العرب.
ـ حوار:
حبيب إليّ أن يعود الكاتب إلى تراثه وميراثه، والحمد لواقعه، والشكر لعطاء هذا الواقع، والنقد لما يعتور واقعه من شوائب، فحين يكون الكاتب كذلك يصلح من العطاء فيصلح له القارئ.
أما التعلق بغير ذلك فشيء ليس منه إلا شائبة تضر بالواقع إلا أن يكون ما يأخذه من الأفكار الجديدة روافد تنمو بها ثقافته، تضيئ له الواقع بالصالح من تلك الأفكار، فليس هناك حجر على المثقف أن يسترفد كل رافد ما دام قد اكتملت ثقافته وشبت مداركه وكملت حصافته وصدقت مشاعره نحو واقعه، أعني واقع وطني فالوطن ليس هو الأرض المحدودة فحسب، وإنما الوطن هو التراث والميراث يزينه الرافد الحق ويشينها الباطل.
إن الوطن.. هذا الكيان الكبير لا ينحصر في الأرض لأنها قد اتسعت، أعني أرضه، حتى أصبحت هذه الأرض وكأنها كل الأرض العربية المسلمة. فالعقيدة الجامعة والقومية المجتمعة بينهما التزاوج لا الازدواجية، فإذا ما كانت الأرض جامعة والعقيدة جامعة واللغة جامعة، فإن التاريخ هو المجمع الذي يعرف منه المثقف ما له من حق وما عليه من واجب.
إن الحجر ليس قيداً إذا ما انصب على الصالح يقتنيه وإذا ما طرد الطالح يحتويه، وإنما هو إذا ما التفت المثقف إلى ما يجب عليه ودان هذا الحجر لا يضيق به وإنما يتسع ليكون المثقف محيطاً بماضيه، حاضراً في حاضره، محضراً لمستقبله، ولا يحسبن المثقف أنه مقود بهذا الحجر وإنما عطاء القيادة له كحق فيه الالتزام بحراسة الواجب.
إن المثقف الآن يتعرض لهذه الكثرة الكاثرة والوفرة المتوافرة بين يديه.. صحيفة يقرؤها، مجلة يطالعها، كتاباً يدرسه، تلفازاً يشاهده، إذاعة يسمعها، كأنما كل الدنيا قد أحاط بها بصره وسمعه، فمن العطاء منه والعطاء له أن يكون على بينة يتكامل بها الواحد مع الآخر ليكون المثقفون في أحضان جامعة الوطن. فلسنا في حاجة إلى أن تتوزع عواطفنا، وإننا لفي أمس الحاجة لأن تنمو هذه العواطف سنداً للعقل والفكر.
فالحجر يقتنيه المثقف إذا ما حصر نفسه حين يستغرب بفكره أو يستشرق بعواطفه، فالتنويع سلباً أو إيجابياً تتسع به الثقافة ولكن الحجر ينبغي أن يكون من المثقف نفسه على نفسه، ذلك رأي حين أبديه أفترض قبوله ولا أفرض تقبله، فلعلّ من يرفضه يواكب ما كتبت مستجيباً له أو متناقضاً معه. فما أريده من التهدي هو أن أهتدي بالحوار لا مع الذين يستجيبون وإنما مع الذين يرفضون، فالمتناقضات حياة للمفكر أكثر من الرغبة في تذليل الإمعات.
فحبيب أيّ أن أجد النقيض لأني حينذاك أجد هذا المتناقض معي قد استوعب ما ذكرت حين يرفضه أكثر من استيعاب الذين تقبلوه.
أليست زبيدة.. في ((تاريخ بغداد))!
وخطر لي بحماسة القراءة أن استقرئ ترجمة للسيدة زبيدة، وجدتها في ((تاريخ بغداد)) لحافظ المشرق الخطيب البغدادي، فلخصتها دون سند أنشرها لأجدني أعلق عليها:
((أم جعفر أمة العزيز بنت جعفر بن أبي جعفر المنصور، المعروفة بزبيدة زوجة هارون الرشيد وأم ولده الأمين، كانت معروفة بالخير والأفضال على أهل العلم، والبر للفقراء والمساكين، ولها آثار كثيرة في طريق مكة من مصارف حفرتها، وبرك أحدثتها، وكذلك بمكة والمدينة، وليس في بنات هاشم عباسية ولدت خليفة إلا هي، ويقال إنها ولدت في حياة المنصور، فكان المنصور يرقصها وهي صغيرة فيقول لها.. أنت زبدة وأنت زبيدة، فغلب ذلك على اسمها، حجت أم جعفر وبلغت نفقتها في ستين يوماً أربعة وخمسين ألف ألف)).
قالت زبيدة للمأمون عند دخوله بغداد: أهنيك بخلافة قد هنأت نفسي بها عنك قبل أن أراك، ولئن كنت قد فقدت ابناً خليفة فقد عوضت ابناً خليفة لم ألده، وما خسر من اعتاض مثلك، ولا ثكلت أم ملأت يدها منك، وأنا أسأل الله أجراً على ما أخذ.
((ماتت أم جعفر بنت جعفر بن أبي جعفر، واسمها زبيدة، ببغداد في جمادى الأولى سنة ست عشرة ومائتين)).
((قال عبد الله بن المبارك: رأيت زبيدة في المنام، فقلت: ما فعل الله بك؟ قالت: غفر لي: بأول معوّل ضرب في طريق مكة.. قلت: فما هذه الصفرة في وجهك؟ قالت: دفن بين ظهرانينا رجل يقال له بشر المريس زفرت جهنم عليه زفرة فاقشعر لها جلدي، فهذه الصفرة من تلك الزفرة)).
هذه الترجمة فيها موعظة وعبرة، فالموعظة فيها البشارة على من يحن إلى مكة، وما أجل الذين أحسنوا وما أقلهم، فالله سبحانه وتعالى قد منّ على السيدة زبيدة بالعفو والمغفرة بما أحسنت، وإنا لنسأله سبحانه وتعالى أن يمن بالرحمة والمغفرة على من تبع الأثر إحساناً إلى هذا البلد الأمين.
هذه الصورة الأولى، أما الصورة الثانية ففي زمن غير بعيد قرأت في هذا الكتاب ترجمة لهذا اليهودي ابن اليهودي الذي أحال عقيدة المخلص عند اليهود إلى عقيدة الأرجاء، يبيح للإنسان أنه لا جنة ولا نار عذاب. ولقد قرأت سخريته بالجنة والنار والأنبياء يوم تكلم مع الإمام الشافعي فأغضب الإمام، وسمع الرشيد بهذا المبتدع فأقسم ((لئن ظفرت به فلأقتلنّه)) فكيف لم يظفر به الرشيد وهو في بغداد؟ هل هناك من تستر عليه فحماه؟ لا بد أنه وجد الحماية إما لئلا يقتله الرشيد فجنبوا الرشيد ذلك ليكون هلاك بشر المريسي برمية من الله، وإما أن هناك من يعطف على بشر إشفاقاً أو اغتناماً لعقيدة الأرجاء، فإذا رؤية ابن المبارك وهو أحد الأئمة الستة الذين حفظ بهم الله الدين قد أوضحت العذاب لبشر. وهل كانت زبيدة البرهان بما حصل لها على أن القصر كان فيه من تستر على بشر؟ فكشف الله لها العقبى التي عذِّبَ بها بشر حتى زفرت جهنم اقشعر جسم السيدة التي غفر الله لها.
ـ مفارقة
أخونا طاهر الزمخشري الآن في تونس يعالج المرض من التمريض أو التمريض من المرض - شفاه الله، وهذا الزمخشري لم تكن بيني وبينه مفارقة أو متناقضات يوم كنا عشراء في المدينة ومكة والخرج وجدة، ولكن أبت الأيام إلاَّ أن تكون بيني وبينه مفارقة واحدة. فهو يساري المرض وأنا يميني المرض، فحين استكلى كان يساري المرض، وحين استكبدت كنت يميني المرض! غير أن هذه المفارقة تزيد الحب حباً، فاليمينية واليسارية لم تكن من عمل الفكر وإنما نحن نرجو الله أن تكون عامل الأجر.
ـ إن هذا لا يرضي إسرائيل!!
إن هذا لا يرضي بريطانيا.. عبارة رقيقة فيها نظرية.. مذيلة بالتوقيع: خادمكم المطيع، يحمل التوقيع اسم المندوب السامي البريطاني، أو السفير البريطاني.. أما نائب الملك في الهند فهو الحاكم والسلطان والجيش والإمبراطورية كلها..
هذه العبارة الرقيقة كأسلوب تعني الإنذار.. فلا يسع رئيس الحكومة الموجه لها هذا الإنذار إلا الطاعة.. فمثلاً يوجد شارع حول السفارة البريطانية تريد حكومة البلد توسعته فيأتي الإنذار، لقد نمى إلى حكومة صاحب الجلالة الإمبراطور أن في عزم حكومتكم توسعة الشارع الملاصق للسفارة لمرور السيارات والعربات.. هذا فيه شيء من الازعاج لموظفي السفارة ولأسرة السفير.. إن هذا لا يرضي بريطانيا فتعدل الحكومة عن توسعة الشارع..
إن هذه الصورة وهذا التصرف قد تمتعت بهما بريطانيا أيام الإمبراطورية.. أيام الأسطول وزهو النجاح.. أيام كانت لا تغرب الشمس عن أملاكها.. فلقد انتهى ذلك الآن فلم يعد هذا الأسلوب المتبع في سياسة بريطانيا.. ولم ترث هذا الأسلوب الولايات المتحدة، فلها أساليبها الأخرى.. ولكن الوارث الوحيد لهذا الأسلوب البريطاني هو إسرائيل.. على قطعة من الأرض العربية تكوّنت بوعد من بريطانيا التي وفت بهذا الوعد ومن أجله لم تف بعهودها.. وعجيب أن يكون الوعد منفذاً وأن يكون العهد منفذاً وأن يكون العهد منتقضاً..
إن إسرائيل في هذه القطعة من الأرض العربية تمثل الإمبراطورية الجديدة إمبراطورية اليهود التي وبعبارة صريحة - لا تغرب الشمس عن مناطق نفوذها.. إنها إمبراطورية بلا إمبراطور.. بلا أساطيل.. ولكنها سخرت الإمبراطوريتين، فهي تملك بحق الاتفاق قوة ((البتاجون)) وقوة السياسة الروسية وقوة التسلط على أوروبا الغربية.. وقوة الضعف على الأمة العربية، كلهم مجند لإمبراطورية اليهود.. فهي بهذا كله أصبحت وارثة الأسلوب البريطاني: ((إن هذا لا يرضي إسرائيل)).
أعجزت بريطانيا أن تبيع السلاح للعرب وسخرت الولايات المتحدة لأن تنقض وعدها لبيع السلاح للعرب.. ومنعت دول السوق المشتركة أن تكون صريحة مع الموقف العربي، وذلك في صالح الدول الغربية لأن الأمة العربية وأكثرها مع العالم الحر في وضع الجناح الأيمن لحلف الأطلسي.. هذه الدول تقف حائرة خوفاً من اليهود.. وطاعة لإسرائيل.. وخذلاناً لمصالحنا.
وحين أرسل البابا كلمة عن القدس - وهي تعني بصراحة تدويل القدس - رفضت إسرائيل هذه الكلمة ولم تحافظ على احترام رأس الكنيسة الكاثوليكية لأنها لا تخشى ملايين الكاثوليك.. فلئن جزعوا فترة احتراماً للبابا فإنهم عاجزون أن يغضبوا إسرائيل..
وأنكرت على الباب استقباله لياسر عرفات ولم تحفظ للبابا موقفه مع اليهود لأنه حاول تبرئتهم مما يعتقده الكاثوليك بأنهم صلبوا السيد المسيح.. حتى عقيدة يضعها اليهود.. فكل تصرف لا يرضى عنه اليهود لا يسير خطوة نحو التنفيذ وإنما الذي ينفذ هو ما ترغبه إسرائيل أي ما يفرضه اليهود..
أفليس ذلك يعني أن اليهود أصبحوا الإمبراطورية العالمية؟ فرضت سلطانها على الجميع!..
ولا أريد أن أتخفى.. فقوة الضعف في الأمة العربية أقوى هذه الأسلحة في يد إسرائيل..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :655  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 953 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج