شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
حتى أنتم يا مسلمي نيجيريا!..
وأصابتني الدهشة، وانتابني شيء من الحزن، حين نبغ في نيجيريا، ومن الأكثرية المسلمة، رجال تجرأوا أن يكونوا كغيرهم، يتلمظون، يضغطون على شفاههم، بكلمات تزرع البغضاء، متى كنتم أيها الأفارقة المسلمون من أبناء القارة، الأم الثانية للبشرية، على هذا الحال الجديد، تزرعون به البغضاء، وتضعون أنفسكم موضع الناكر للجميل!
بل إنكم فيما نشرته جريدة ((الديمقراطية)) الأسبوعية، النيجيرية، التي زعمت، تحت عنوان ((حج عام 1984م يقوم على اتجاهات عنصرية)) أن المملكة قامت بإنشاء مجلس لمراقبة حركة الحجاج، فقط من الدول الإفريقية وأن سكرتيري مجلس الحج النيجيري في ولايتي (كانو) و (سوكنو) هاجما إنشاء المجلس. وأنه يقوم على اتجاهات عنصرية، إلى آخر ما ورد في المقال المذكور.
إن هذا إلا اتهاماً لا يحتاج إلى تكذيب، ولكن التكذيب ينبغي أن ينصب على الدوافع التي حملتكم أن تظنوا بنا الظنون، تصفون بالعنصرية البلد مشرق النور، بلد إقرأ، بلد القرآن، الذي قضى على العنصرية. ألم تقرأوا في القرآن هذه الآية إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ (الحجرات: 13)، ألم تقرأوا الحديث لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى؟ أنتم تعرفون ذلك، وما أحسن ما صنعتم من تأييد الإسلام ونشره، فكم هم العلماء منكم الذين كانوا حرز الإسلام، والذين كانوا لدينا أشياخنا ليس أولهم (الألفا هاشم) و (فلاته مالي)، وليس آخرهم الجمع الغفير من أبنائكم في جامعاتنا، وفي الجامعة الإسلامية على وجه الخصوص، وليس آخرهم من كان مدير جامعة الملك عبد العزيز (الدكتور أحمد علي) وهو الآن رئيس بنك التنمية الإسلامية وليس آخرهم أيضاً الدكتور عبد الله المصري، مدير دار الآثار، فلو تعنصرنا ضد الأفارقة أكان يصبح هؤلاء في موقع الصدارة؟!
ومثل آخر، فأنتم لا تعرفون أن رجالاً منكم كانوا في قمة الفروسية في نجد، حراساً تلمع في يدهم السيوف، وفرساناً نبغوا في نصرة الدعوة السلفية، كانوا في مكان العزة لدى مؤسس هذه الملكة العربية الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن.
إخواني أهل نيجيريا، لماذا يصبح بعضكم شعوبياً؟ وقد كنتم حرباً على الشعوبية! كنتم الردء لنا والنصير، نعتز بكم حين لم تصبكم هذه الشعوبية، إن آسيا القارة الأم الأولى انتشر فيها الإسلام، ولكن تفريط بعض أهلها وإفراط غيرنا من العرب قد رسخ الشعوبية. فنحن في هذا البلد مكة المكرمة وما حولها ومن حولها، عرب على السنام، مسلمون على الذروة، فالإسلام وطنية هذا البلد، فكل العالم المسلم ممثل بأبنائه في الحواضر والمدن، حتى أصبح كثير منهم من أعيان الناس، من آسيا ومن إفريقيا، وحتى من روسيا البيضاء ومن يوغسلافيا، فلا عنصرية ولا تعنصر، فالرياض ومكة المكرمة والمدينة المنورة وكل شبر في هذا البلد يبصق على التعنصر وعلى الشعوبية، فهل دعوة الإسلام شعوبية؟ وهل العون الذي يصل إلى كل القارة الإفريقية يصدر عن عنصريين! إن الإسلام هو قائدنا، ولا عنصرية فيه، فلماذا تكتبون الاتهام؟ إنها شهوة أخافها عليكم حين ينتصر بها الذين يحاربون إسلامكم..
حين بدأت الإذاعات تحرف اسم الرئيس محمد بخاري تنطقه ((بهاري))، كتبت أصحح قائلاً: إن المسلمين الأفارقة يعشقون أسماء الأئمة، فسموه (محمداً) ولنعم الاسم، ونسبوه إلى (البخاري) ولنعم الإمام. لم يكن ذلك إلا عن حب المسلم الإفريقي لرسول الله صلَّى الله عليه وسلم، يسمون أبناءهم باسمه، وحتى الرئيس السابق كانت نسبته لقباً إلى الشيخ ابن التعنصر إلى أن يتجافوا مع بني هلال وسليم، يقولون إنهم خربوا. فنهض الصنهاجي البربري الإفريقي الأسمر، شيخ الجزائر، بل أحد شيوخ الإسلام، عبد الحميد بن باديس، وهو لم يكن عربياً صليبة، بل كان إفريقياً من نسل الملوك الذين قضى بنو هلال على ملكهم، ولكن ابن باديس الإفريقي الصنهاجي شبع من القرآن فرد على من جفا بني هلال، فقال: (لئن قيل إنهم خربوا، فلنقل إنهم عربوا). ها أنتم أعلنتم فرحتكم بانتشار اللغة العربية فيكم، لأنها دليلكم لفهم القرآن، وترسيخ الإيمان.
ذكرتم، تعيبون، تأسيس مجلس لمراقبة حركة الحجاج، هذا خطأ، ليس هو المجلس للمراقبة، ولكنها المؤسسات للوفاء بالخدمة والرعاية، كل جنس من المسلمين أبناء لغة واحدة لا بد أن يكونوا في مجمع واحد تحت رعاية واحدة، ولم يكن ذلك شيئاً جديداً، فمن القديم، والتقارير التي منحت للمطوفين والدلاء، وزعت الأجناس على جماعة المطوفين كل مطوف مسؤول عن من هو في تقريره، أو من هو سأل عنه، فهناك مطوفون للعرب تحت رئاسة واحدة، وهناك مطوفون لمسلمي الهند تحت رئاسة واحدة، وهناك مطوفون للأندونيسيين ومعهم الفلبينيون والماليزيون والسياميون، كلهم تحت رئاسة واحدة، والإيرانيون كان يختص بخدمتهم مطوفون تحت رئاسة المطوفين العرب. فالجديد ليس هو المجلس كما زعمتم، وإنما استبدل اسم رئاسة المطوفين ورئاسة مطوفي الهند ورئاسة مشائخ الجاوا باسم المؤسسات.
وهل يعقل أن يترك المسلم الحاج، يتكلم بلغة لا يعرفها الذين معه من المسلمين إذا ما كانوا تحت مطوف واحد؟ فمن تيسير الخدمة وتمام الرعاية إن كان هذا التوزيع للمؤسسات، لتكون المؤسسة مسؤولة عن كل الحاجين الذين خصصت لهم، فالأمر مقصود به التيسير، أما من يزعم ذلك غير فهو مغرض يحرض، لا علينا فحسب، وإنما هو يشغب على الحجاج، يكدر خواطرهم، كأنما هو أسلوب جديد لمنع الحج وإشاعة الفرقة بين المسلمين.
أنسيتم أن المسلم منكم كان يحج مشياً على الأقدام، يصل إلى مكة المكرمة بعد سنوات؟! ولكن ينبغي أن تعرفوا أن الإسلام بخير، وأن الحج برهان هذا الخير، وأن المملكة العربية السعودية رائدها الخير، ثم إن الإسلام يقوى وينتصر بالحرب تشن عليه، مصداق ذلك في الحديث الصحيح إن الله ليؤيد هذا الدين، بالرجل الفاجر، وفي رواية أخرى، بالرجل الكافر فهؤلاء الذين كتبوا قد فجروا، فلينتظروا من مسلمي نيجيريا ومن المسلمين الأفارقة كلهم مقاومة هذا الفجر، ينتصر بذلك الإسلام، ويكثر عدد الحاجين.
إن الفجر هو في إنكار هذا الأمن الذي أنعم الله به على المسلمين، ولو عرفتهم.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :539  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 947 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور سعيد عبد الله حارب

الذي رفد المكتبة العربية بستة عشر مؤلفاً في الفكر، والثقافة، والتربية، قادماً خصيصاً للاثنينية من دولة الإمارات العربية المتحدة.