شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
ذكريات جيل
تكريماً لي فقد أقام الأستاذ عبد المقصود خوجه حفل تكريم حضره لفيف من رجال الأدب والفكر ووجوه المجتمع وقلت: ـ
ماذا تريدون مني إلا أنني أمامكم عجوز احتفلت بالقراءة، أتعرفون أول من علمني القراءة؟
علمني سوق الحراج وجريدة ألف، باء.. كنت لا أقرأ الصحف ولا تأتينا الصحف قبل العهد السعودي، كنا نفتش في الحراج فنجد كتباً يبيعها الناس الذين احتاجوا إلى الرغيف وحبة التمر أيام حصار فخري باشا أو أيام أي حصار.. بيع الكتاب بقرش وقرشين وربع ريال، أنقب في سوق الحراج، أشتري كتاباً أو كتابين، تعلمت القراءة من الحراج.. ثم تعلمنا في مكتبة كنت أبيت فيها سنتين فيها أمهات الكتب.. كنت أقرأ لكن كيف تعلقت بالصحف والمجلات، السبب جريدة ألف باء، أريد أن تضحكوا من هذين البيتين هما بيتان من شاعر عراقي ليس هو الزهاوي وليس هو الرصافي يقول:
أنت عندي بمنزل لم ينله
غير سلمى وإبنها إسحق
أنا مخرنبق وغيري عجول
ولقد طال في الهوى آخر نباقى
فانخربقت مع نفسي، أفسر أين أخنبر وأين افتش.. يعني سعى وتحفز.. أنت عندي بمنزل لم ينله غير سلمى وابنها اسحق.. أنا مخرنبق وغيري عجول ولقد طال في الهوى آخر نباقي.. أنا مسرع في حبك وغيري عجول فكلمة آخر نباق جعلتني أفتش، أقرأ الجريدة كما هي حادثة بسيطة جعلتني أن أقرأ.. ما دام الأستاذ عزيز (ضياء) جاء فأنا أؤكد لكم أنه قرأ قبل أن أقرأ.. أنا قرأت بعض كتب التراث لكنه قرأ كتب التراث لكنه قرأ كتب الميراث.. فأنا مخرنبق وغيري عجول هذه الكلمة التي جعلتني أراجع اللغة إلى أن توصلت أن أقرأ أن أكتب، أن أخطب، في المدرسة كنا زملاء مع الأستاذ عزيز. تظنون أنني أكبر منه كثيراً وهو يدعي ذلك - يدعي بأنني كنت عجوزاً وكان هو ولداً صغيراً ولا زلت أذكر حادثة لا زلت أفخر بها في المدرسة.
جمع أستاذنا السيد محمد صقر الصفين، الصف الأكبر الذي كان من تلامذته عثمان حافظ، وأحمد العربي، وعبد الحق نقشبندي وعبد الحميد عنبر.. نحن سنة أول راقي.. كان يسألهم، ((تفاوت)) هل هو اسم أو فعل، فالكبار قالوا كلهم أنه فعل غرتهم التاء.. كل الصف الأول والثاني قالوا إنها فعل، أنا رفعت يدي وقلت لا هو اسم.. مَّا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِن تَفَاوُتٍ .. حرف الجر والتنوين.. كتب في الدفتر امتياز.. ثاني يوم أيضاً جمع الصفين السيد أحمد صقر مدير المدرسة فإذا هو يقرأ في وفاء الوفاء عن تاريخ المدينة وإذا فيه خبر أن الشمس كسفت يوم السادس عشر من الشهر. التلاميذ كلهم سكتوا وأمنوا على هذا الكلام.. أنا رفعت يدي وقلت له هذا خطأ.. قال كيف يخطئ.. قلت المطبعة تخطئ.. الشمس لا تكسف إلا والقمر في المحاق في نهاية الشهر، قال لي صحيح وأعطاني امتيازاً، يسأل الأستاذ مرة أخرى ((النهر ماء عذب يجري منحدراً)) فسأل واحد من الزملاء إيش الماء، فقلت: الماء العذب هو الحلو.. وأعطاني امتياز، وفي نهاية الأسبوع اجتمع الصفان معنا فإذا الأستاذ يسأل لفظة كرسي أعجمي أم عربي.. هل ممنوعة من الصرف أم غير ممنوعة. كلهم نظروا فخري باشا راجل تركي لابس طربوش وجالس على كرسي. المدينة لم تكن تستعمل الكراسي.. فظنوا أنه ما دام جالس عليه واحد باشا فإنه أعجمي.. فرفعت يدي وقلت لا وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وكنت الوحيد الذي أخذ 4 امتيازات في أسبوع واحد.
ـ تأثره بالرافعي
وتحدث عن تأثره بالأديب الكبير ((الرافعي)) فقال:
إن كان التأثر تقليداً فأنا أرفضه وإن كان التأثر إمعاناً في فهم ما يكتبه الرافعي أو غيره، وأنا قارئ بالأذن أكثر مني قارئ بالعين، وأنا أعبأ بالجرس والرنين، والرفاعي صاحب جرس ورنين، فإذا أردت أن تقرأ الرافعي فاقرأه بالأذن أو كما قال ابن الريحاني: إذا أردت أن تقرأ فلا تقرأ واقفاً فإن قراءة المار السريع لا تجدي، فالرافعي كنا لا نفهمه في المساكين ولا نفهمه في أشياء أخرى، ولكنه عندما رقّ وكتبه في الرسالة وغرقنا في الغزل وقرأنا أوراق الورد والسحاب الأحمر يظهر أن الحب الذي كنا فيه أغرانا بأن نفهم الرافعي أكثر وأكثر، ولا ننكر كلمة الحب فقد سأل أستاذ ابناً من أبنائي وهو أصغرهم. في مدرسة الثغر قال له هل تعرف الحب؟ وكان طفلاً.. قال نعم أعرف الحب، قال أليس عيب عليك أن تعرفه؟ قال لا ليس عيباً أن أحب الله وأبي وأمي وبلدي وأهلي.. وأنا من تربة غزله.. قال النبي صلَّى الله عليه وسلم، زفوا بنات الأنصار فإن الأنصار أهل غزل أتحدى أي رجل من تلك الأرض سواء كان عزيز ضياء أو ياسين طه أن يقول إني ما أحببت ولا أنسى غالب أبو الفرج لأني لا أعرف أخباره، فالحب يجعلنا تقرأ الشعر غزلاً لا هجاء، وأحياناً يلتمس الإنسان بعض التنفيخ فيقرأ الفخر.. ثم استغرقنا في القراءة فإذا نحن نقرأ الكثير والكثير.
هناك ظاهرة أحب أن أقولها، الأديب متطور دائماً لا متغير.. حتى ما تشعر به أنه تغير هو بدافع التطور والاستزادة.
وأذكر الدكتور طه حسين، عندما كان أزهرياً حمل على الأزهر، سخره عبد العزيز جاويش.
وكان يتلقى من صادق عنبر وهو إمام في اللغة بعض الملاحظات على المنفلوطي وكتب.. كان هذا طوراً من طه حسين وعندما ذهب إلى فرنسا أخذ طوراً جديداً بالتراث الغربي.. ثم عندما عاد إلى وطنه وقرأ تراث وطنه وبلده صار طوراً جديداً طه حسين الشخص الذي كمل.. وكذلك العقاد عندما كان يحمل على شوقي كان يريد أن يظهر هذا طوراً.. وطوره مع الوفد وقد كان لسان حزب الوفد جعله يبعد عن كثير من أساطين مصر وعلمائها كعبد العزيز باشا فهمي وعبد الحميد بدوي لكن عندما تطور وكملت قراءته له إنه يقول: من سوء حظه أنه لم يلتق من قبل بعبد العزيز باشا فهمي لأنه عالم.. وعندما قدم عبد الحميد بدوي باشا إلى المجمع ((اللغوي)) قال كلمة فخر بها وأعطى لعبد الحميد بدوي باشا حقه.. طه حسين قدم عبد الحميد بدوي باشا أنه قد نالته بركة المدينة لأنه أول من فك الحرف في المدينة وهذا صحيح عندما جاءت سكة الحديد، جاء محمد بدوي رجل قصير سكن المدينة ودخل عبد الحميد الطفل في الساحة في دار جونه كان يملكه بيت مظلوم باشا، وكان الناظر عليه السيد أحمد صقر وأؤجر فشكلت فيه مدرسة دار المعلمين لأن الأتراك الاتحاديين عندما أغرموا بالتتريك فتحوا في المدينة 18 مدسة ابتدائية، وكملوا ما صنعه السلطان عبد الحميد في المدرسة الإعدادية وفتحوا دار معلمين، من أغرب ما فيه أن السيد أحمد صقر أستاذنا ومدير المدرسة كان تلميذاً في هذه المدرسة، وعبد الحميد بدوي باشا تلميذاً، والسيد أحمد يزامله ابنه محمد تلميذاً في هذه المدرسة، ومن هنا نالته بركة المدينة، أما العقاد فماذا قال: لقد قيل لي إن كتاباً في الفلك قد وصل إلى مصر فذهبت إلى مكتبة الأنجلو لأقرأه فقيل لي سبقك إليه عبد الحميد بدوي فأعجب لقارئ يسبق العقاد إلى كتاب أثنى على الأستاذ وأثنى على نفسه.. هذا الطور.. هذه الذكريات أعني بها أن الأديب يتطور ولا يتغير. إن التغيير نكوص الأديب من التطور والتزيد إما يتسافه على الناس وإما أن يسرق ما للناس.. دكتور عبد الله منّاع فاهم.. المعنى في بطن الشاعر.. نهاية سيئة.. أية ذكريات.. لقاؤنا مع أحمد أمين وهيكل.. أولاً لأول سنة أظنه في 55 هجرية زار وفد الجامعة المصرية ووفد الأزهر مكة المكرمة ثم زاروا المدينة المنورة ولم أكن أستاذاً في المدرسة الأميرية وإنما كنت أستاذاً لدار الأيتام وكنت بارزاً فوجدت سيارات قرب الغرب واقفة كفضول ووجدت صديقي محمد سالم الحجيلي وهو من النابغين وكان وكيل المعارف ووجدت أن الموضوع فيه (كلفتة).. والناس لم يزالوا بغبار الحج.. فدخلت وقلت السلام عليكم.. أيكم أحمد أمين. لأني كنت قد قرأت ضحى الإسلام وفجر الإسلام قلت أيكم أحمد أمين؟ كان هو صدر المجلس أمام القبة الخضراء في صالة المدرسة قال أنا أحمد أمين.. سلمت عليه وجلست فإذا الخطباء ((كلفته)) خطب أستاذنا. ضياء الدين رجب.. كلام، أحد يحييك الوادي يحييك.. قباء يحييك.. العقيق قال.. كذلك سالم داغستاني خطب من هذا المنحنى ولكن زحمني الموقف.. الجامعة والأزهر لا تشكر بهذا الشكل فقلت: إنها حفلة مرتجلة. فلا أقل من أن أقول كلمة مرتجلة.. وإن كان الارتجال يضيق بفحول الرجال ولست من الفحول ولكني الساعة سأكون الفحل بينكم لأني قد تعلمت منكم وقرأت لكم الخ.. فبكم أستزيد وبكم أستمد الفحولة.. وقالوا إن الجامعة أم لندن وباريس والأزهر يوم مكة وإذا مصر الكنانة أبت إلا أن تكون الجامعة والأزهر في إطار واحد يحجون إلى مكة ويزورون المدينة وتلك كنانة الله.. وقالوا إن جمال الدين الأفغاني نهضة الشرق فأين كانت نهضته.. كانت أول نهضته وأبرزها وأكملها كانت في القاهرة في كنانة الله في أرضه.. فقام أحمد أمين، رحمه الله عليه وأمامه القبة الخضراء، وقال ارتجالاً يضيق بفحول الرجال نعم كما قال الأستاذ.. وسماني أستاذاً وأخذت لقب أستاذ في تلك اللحظة.. قال الأستاذ كلمة ما أحبها إليّ وما أحبها أن تكون بين المسلمين جميعاً وبين العرب جميعاً قال: لا أقول كلمة وأنا أنظر إلى القبة الخضراء تقول إنكم تعلمتم منا؟ من علمنا القرآن من هدانا إلى الإسلام إلا أنتم إلا بلدكم هذا.. وثقوا إني لا أريد لبلد أن يكون أحسن من بلدي وأعز من بلدي إلا بلدكم هذا.. فقام المجذوب عبد الوهاب عزام وبهذا أحرجني وأخرجني من المدينة بهذه الكلمة، عبد الوهاب عزام، رحمه الله، قال: لقد كنت من أوائل المتفائلين بالعالم الإسلامي ولكني الآن في هذه اللحظة من أوائل المتشائمين لماذا؟ لأن الإسلام لا يعمر ومكة والمدينة خربتان.. لم يكن هناك خط أسفلت وجاءوا بالبر.. كانت هذه الحفلة واتصلت بهم بعد ذلك وذهبت معهم للزيارة وزرنا شهداء أحد وزرنا سيد الشهداء سيدنا حمزة.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :603  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 939 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج