شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
وفاء الجبيل.. عطاء طويق
وهل يمر خبر أتاح الفرحة للرياض يصلها الماء الحلو عبر الأنابيب مقطراً ومعطراً بالحب من الخليج العربي من مدينة الجبيل؟ هل يمر هذا الخبر متوجاً برعاية جلالة الملك فهد يفتتح المشروع كأنما هو قال للرياض وأهلها.. ليست هذه أول هدية لكم وليست هي بعون الله آخر الهدايا؟ هل يمر هذا الخبر دون شرح التاريخ وإيضاحه.. تاريخ الوحدة للأرض، كل شبر منها عطاء للشبر الآخر، عقيدة ولغة وعيشاً وماء وكياناً ونسباً وصهراً.
إن الماء الحلو العذب وصل إلى الرياض عبر الدهناء والنفود! كأنه وفاء الجبيل لعطاء ((طويق))، كأنه وفاء تهامة نجد لأعاليها، إن الإحساء لا تسمى تهامة ولكني أسميها بذلك ترفاً في التعبير، وعشقاً للمقارنة. فالأحساء، هذا المنخفض على الخليج لم يسق قطرة ماء إلا من هذه الأعالي في نجد، جعل العلماء الجبل طويق، الجبل اليمامة، الأجبال السراة، هي التي ينحدر منها الماء، يمر في جوف الأرض، تخضر به السهباء، تنفجر عيون ((السيح)) في الخرج والأفلاج، وتنغلق أرض الدهناء على الماء ليصل إلى الأحساء. كأنما الأحساء أحشاء هذا الكيان الكبير!
يسيل الماء تحت النفود، يصبح مادة الضغط لخروج البترول، والري للنخلة في ((هجر)) وما إليها. بالأمس كان وفاء الأحساء قلال هجر، وبالأمس كان وفاء الأحساء النفط، فأبت وحدة الأرض إلا أن يتبناها الملك فهد، يرسل شريان النفط إلى ينبع، ويستقبل شريان الماء في سفح طويق، في اليمامة المشمخرة، في الرياض العاصمة.
كان عطاء طويق بما ينحدر من الماء بوادي ضيفة، وعطاء القصيم بهذا المنحدر إلى النفود وادي الرمة، وكان عطاء شرق السراة ينحدر الماء إلى النجود، حتى هضبة الدوادمي قالت أنا شريكة في العطاء.
إن هذه الوحدة في الأرض عطاء الجزيرة العربية لكل شبر فيها، صحراؤها عطاء.سهولها عطاء، أو لم نسمع قول الشاعر يصف الذين يمتارون من نجد يشترون ما يريدون من أرض على الخليج:
يمرون بالدهنا خفافاً عبابهم
رجعن من دارين بجر الحقائب
فالذين يمرون الرجال المحتارون واللاتي يرجعن الإبل ملآنة حقائبهم.. واليوم ترسل دارين حقائب إلى نجد ملآنة بالماء العذب. فما دارين وما الجبيل وما الأحساء وما الدمام وما الخبر والظهران إلا المدن التي أول ما بناها ماء طويق، أول من وحدها الإسلام، والثاني الذي وحدها عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، والثالث الذي يحرس وحدتها فهد بن عبد العزيز.
لا تعجبوا من حبي، فكل الأرض أرضي، ولو لم أكن قد ولدت في بعضها. وإنما العجب بل والظلم أن تفرغ أفئدتنا من الحب فاخرين أو متنكرين. إن الوفاء هو مقايضة للعطاء، ومن لا يفي كثير عليه أن يعطي، وكأنما أنبوب الماء صلة جديدة الأحساء ونجد.
فالتحية لكل من بذل جهداً في موضع الصلة موضع التنفيذ، الملك أولاً، والوزارة ثانياً، والوزير أخي عبد الرحمن آل الشيخ ثالثاً، والعمال الذين جهدوا رابعاً.. فالكل للأولية صاحب لأنه عون للملك، يحقق رغبته السامية.
ولكن هل أسأل أن هناك حساباً قد وضع الماء الأول في الرياض للصرف على التنظيف وفي المراحيض كما هو الواقع الآن، ليصان الماء العذب للشرب، وليكون ماء الرياض الأول له يتوفر فيه الماء العذب، فهناك تشجير وزرع أحسب أن ماء الرياض الأول قد حسب حسبه ليكون الرديف. فلقد فاتنا في أكثر من بلد وصل إليه الماء أن نجعل في كل بين ماسورتين ماسورة للشرب وماسورة للأغراض الأخرى.
إن التكليف في ذلك قد يستهلك مالاً، ولكنه بعد يوفر أموالاً كثيرة، إن التاريخ قد سجل للسيدة زبيدة أن أمدت الحجيج بالماء في العين التي سميت باسمها ((عين زبيدة)) وأن التاريخ قد سجل لمروان بن الحكم أن مد العين الزرقاء تسقي المدينة المنورة، وأن التاريخ قد سجل للملك البطل عبد العزيز بن عبد الرحمن، يرحمه الله، أن جعل من جدة مدينة كبرى، ثغراً إسلامياً، حين أمدها بالماء بـ ((العين العزيزية))، وأن التاريخ ليسجل للملك فهد أن يصل الماء إلى الرياض بحدبه وعنايته ورعايته يفتتح المشروع. وإن التاريخ ذاكرته قوية لا تنسى، فأسأل الله أن يمدنا بصون الأمن، نحفظ كياننا مشرق النور والإيمان أبا اللغة الذي يتحمل الجحود، فلا يبخل بالعطاء.. إن الجحود نحتمله إذا كان نكراناً لجميل، أما إن كان غير ذلك.. فنجهل فوق جهل الجاهلينا.
* * *
ـ الوديان:
والشيء بالشيء يذكر، فما دمنا نعلن الفرحة بالماء الحلو، يصل إلى كل مدينة وقرية، ليس أولها الرياض، وليس المدينة ولن تكون آخرها ينبع، فإني لا أتطفل حين أذكر من يهمه الأمر بما ذكرت به سابقاً عن الوديان، فعندنا وادي الرمة ووادي الحمض ووادي الصفراء ووادي الدواسر، ووادي بيشه ووج ومر الظهران وغيرها، أفلا يمكن أن نجرفها أولاً لنعرف منابعها ومسيلها ومصبها وغورها؟
ومرة ثانية أفلا يمكن بدل السدود أن نجعل على طول المسيل غدراناً أو ترعاً بعمق مناسب توضع عليه مضخات تسقي ما حولها بالرش عشباً وخشاراً ومراع؟.. ثم إن هذه الغدران أو الترع يحبس فيها الماء تشربه الأرض تحبس من الماء مقداراً كبيراً يذهب إن تركناه إلى البحر أو النفود.
إن هذا لا يكلف كثيراً، فحين نصون وادي الحمض ترجع عيون ينبع النخل إلى ما كانت، تزدهر سفوح رضوى، وحينما نصون ماء وادي الصفراء ترجع العيون التي كانت فيه إلى حالها كما ترجع العيون في وادي فاطمة إذا ما ضننا مياه ((مر الظهران))، فقبل أعوام رأيت وادي ((مر الظهران)) قد مر عبر حداء إحدى عشرة مرة في عام واحد.. وكذلك وادي وج. فالمثناه و((ليا)) وغيرها والبساتين الأخرى يمكن أن تعود إلى حالها الأولى.
إن النزاع أو الغدران أحسبها تنفع كالسدود وأكثر، رأي أبديه عن تجربة البدوي لا عن خبرة المهندسين والعلماء.
ـ ياسر عرفات:
إن ياسر عرفات كان جريئاً حين أعلن هذه الكلمات.. قال:
((لقد كانت المعارضة الأولى لمشروع السلام العربي الذي طرح في مؤتمر القمة العربي بفاس نكبة على الفلسطينيين، فقد ذهب ضحية هذه النكبة سبعون ألف فلسطيني)).
لقد كان جريئاً، ليته قد سبق بهذه الجرأة، يوم كان يلقي بعض ما جرّ لهذه النكبة.
إنه يدعو الآن للسلام، والسلام مع إسرائيل هو الحرب عليها، فإنها لن تعيش إلا بالحرب، فحالة الحرب أعطتها العون الكثير، بالعون الإيجابي من الولايات المتحدة ومن إليها، سلاحاً وتعطيلاً للقرارات، أو إهمالاً للقرارات، أو بالعون الصامت عن أفاعيلها الذين يستغلون ما بينها وبين العرب ليجدوا فرصة لبيع الأسلحة وفرصاً أكثر للاستحواذ على مناطق النفوذ.
إن المواقف السلبية التي عشناها هذه الأعوام الطوال كانت عطاء إيجابياً لإسرائيل، جربوا حرب السلام ضدها، انتزعوا منها موقف الحرب لتفقد بالسلام كثيراً من العون.
إن الحريق في لبنان إن لم نتعلم من التجارب سيأتي بعده حريق وحريق، شرق السويس، لأن إسرائيل بسلاح الحرب وبالحرب الإيرانية - العراقية قد تمكنت من قوة كبرى، فعلى من زعم على نفسه الصمود والتصدي، أن يكون صموده ضد هواه، وأن يكون تصديه بكل الجرأة في معارك السلام.
يكفي لبعض الصامدين أن يتهم السبعين ألف شهيد بأنهم خراف وأبقار.. لماذا تركوا ليذبحوا؟ تركوا لمواقف السلب ومواقف السكوت.
إن ياسر عرفات قد فتح في التاريخ باباً للسلام ستقتل به الحرب التي هي حياة لإسرائيل!
ـ السودان:
إن الرئيس جعفر نميري حين أعان العراق في حربها ضد إيران كان يعرف أن إيران ليست وحدها، فمعها حلفاء يتحركون ضده انتقاماً منه لأنه أعان العراق ضد إيران. فالحصيلة من ذلك أن العرب يعيشون حروباً ثلاثة.. حرب مع إيران، حرب مع إسرائيل، وحرب أهلية فيما بينهم!
ـ صورة:
وكنا في الخرج.. في أوائل الستينات الهجرية، وأزمعت أن أعود إلى الطائف في إجازة، فقال لي أحد المهندسين الأمريكان، وكان الوقت صيفاً:
تريد السفر إلى الجنة الصغيرة؟
قلت: نعم
فقال: إنكم تستطيعون أن تجعلوا نفود الدهناء جنة كبيرة، فتحتها من الماء ما يصنع لكم جنة.
قلت: وكيف؟!
قال: بأدوات الحفر الجديدة.
فأيامها لم نكن نسمع بكلمة تكنولوجيا..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :757  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 938 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتورة مها بنت عبد الله المنيف

المدير التنفيذي لبرنامج الأمان الأسري الوطني للوقاية من العنف والإيذاء والمستشارة غير متفرغة في مجلس الشورى والمستشارة الإقليمية للجمعية الدولية للوقاية من إيذاء وإهمال الطفل الخبيرة الدولية في مجال الوقاية من العنف والإصابات لمنطقة الشرق الأوسط في منظمة الصحة العالمية، كرمها الرئيس أوباما مؤخراً بجائزة أشجع امرأة في العالم لعام 2014م.