شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
حوار مع عزيز ضياء
أخي العزيز.. أبا الضياء.
تعليقك المجنح بعد أن أخبرني السيد ياسين طه عنه، كأنما استقرأت كان يزغرد بكلماتك فوجدتني أكتب إليك.
أخي..
لقد أوفيت لنا الكيل وزدتنا حمل بعير، فأنت بهذا الثناء قد فتشت عن دفاترك القديمة وأنت به بعد قد وضعت السقاية في رحل أخيك فسرقتني بعواطفك الجمُة ولم تسترقني.. فالندادة بيننا كفاءة المساواة.. أما أصحاب اليوم فإرادة المساءات.
فتشت دفترك القديم فأرجعتني إلى ذلك اليوم الذي قرأت رسالتك، تسيل منها العبرات فإذا أنا وأنت قد تأثرنا يوم كنا نقرأ العبرات للمنفلوطي فإذا بنا نعشق (مرغريت جوتيه) (غادة الكاميليا) فقد كنت أنا وأنت لا نبحث عن الجمال لأنه في أنفسنا.. ولأنه - وما أكثره - حول عقيقنا.. بل كنا نبحث عن (الكمال ثقافة نحارب بها الذين كادوا ينتقصون من أقدار الرجال).
فأنت أيها العزيز لم تجدني قاسياً على أمريكا حين قلت في كلمتي ما معناه: إن الولايات المتحدة تخوض حرباً ضد العرب لم تعلنها وإنما تفعلها.. فأي فرق بين هذا وبين ما أردت في تعليقك.. لكنك امرؤ أصبحت من بقية الناس.. أعني الناثرين، فلم يبق من جيلنا من يجيد النثر إلا أنت والسرحان ومحمد عمر توفيق.
أما الأجيال بعدنا ففيهم الكثير، ويرجو أن يكونوا الأكثر والأكمل.
ولقد ذكرت أنك كنت ((محوريًّا)) ذلك أنك الطفل أبو الرجل، فقد كانت طفولتك حين أهلوك - فاخرين بأنهم العثمانيون - قد ائتلفوا مع ألمانيا واحترزت حين قلت ألمانيا فقط، فأنا وأنت - قبل أن تكون هذه الحرب في حرب على موسوليني - من أجل ليبيا ومن أجل الحبشة.
وقد كنت - أنا - حلفائيًّا.. ولا أقول ديمقراطيًا، فقد أصبحت الديمقراطية في نظري (سامجة) بما تصنع الديمقراطية الأمريكية.
لقد كنت متحمساً لينال الحلفاء النصر، ذلك قد فعله بي وبك تزاوج الثقافة وازدواجيتها. فنحن كعرب، كآسيويين، كأفريقيين، قد ذقنا الأمرين من بريطانيا وفرنسا.. فبريطانيا تحارب بالآسيويين والأستراليين، وفرنسا حاربت بالأفارقة.. وكل الآسيويين والأفريقيين قد نزح ثرواتهم الاستعمار، لكن تزاوج الثقافة وازدواجيتها أنسانا طغيان الحلفاء. نحاذر من أن نستبدل طغياناً بطغيان.
وقد كنا نصفق للولايات المتحدة حين دخلت الحرب الثانية لأمرين: لأنا نفرح بنهاية الحرب، ولأني أفرح بانتصار الحلفاء.
ولعلّي أذكرك فقد طرقت بابي في قروة (بالطائف) أنت وأحمد قنديل تسألاني: هل عندي علم عن القنبلة النووية التي ألقتها أمريكا على نجازاكي وهيروشيما؟!
كان ذلك في ليلة أن ألقيت.. فقد تساءلتما عنها فقلت أنت: تعال نذهب إلى الزيدان.. ولم تكادا تسألاني حتى رجعت إلى قاعتي أحضر لكما عدداً من مجلة المقتطف فيه مقال كتبه فؤاد صروف شرح فيه بعض ملامح انشطار الذرة والقوة التي تدمر بها وأخذت المجلة ولم تعدها إلي ولم أطالبك بها فلعلي أقلد شيخ الشيوخ عبد الحي الكتاني، يرحمه الله، في جواز الاستحواذ على الكتاب بأي صورة.
فقد استحوذ على نسخ ثمينة من مكتبة الفاتيكان يقطعها صفحات صفحات يوماً بعد يوم ليبقي الجلد فارغاً في مكتبة الفاتيكان.
أو كأني أستاذنا أبو تراب، فله قصة لا يجوز لي أن أذكرها حين استحوذ على كتاب من مكتبة في غير هذا البلد ما أصعب أن يقتنص منها كتاب.
أتعرض لهذه الذكريات لعلّك تعيش في كفاءة الندادة، ولعلّي وأنت نطرح عن كاهلنا رداءة التبعية، وقسوة السيادة. سلامي عليك.. والله يرعاك.
سمعت تمثيلية في صوت العرب كتبها الأستاذ جمال أبو رية.. وضع هارون الرشيد يرسل مناراً تابعه.. يجلب رجاء بن حيوة من دمشق ويضع عمر بن عبد العزيز في بغداد.
ذلك خيال الروائي.. لكن التاريخ لا يرضى بهذا ((التقحب))، ذلك أن عمر بن عبد العزيز قد توفي سنة 101 هجرية.. ورجاء بن حيوة توفي سنة 112 هجرية.. وهارون الرشيد ولد سنة 149 هجرية، فالسامع لهذا الخيال الروائي.. يكربه أن يرى عمر بن عبد العزيز يستجوبه هارون الرشيد وأن يرى رجاء بن حيوة تحت نغمة الرشيد، بينما الكاتب قد أراد بذلك أن يمضي بالرشيد إلى زمن قبله ليضفي عليه أنه السماع للنصيحة الخاضع لرحمته.. لهذين الصالحين: عمر بن عبد العزيز ورجاء بن حيوة رضي الله عنهما.
كما سبق لتمثيلية أذيعت في تلفازنا جاء فيها نص: على أن هارون الرشيد قتل سعيد بن المسيب، بينما سيدي سعيد بن المسيب قد توفي سنة 94 هجرية.
ذلك يكرب السامع ويجور على التاريخ.. ولو أن الأستاذ جمال وضع الرشيد في الموضع الصحيح مع الفضيل بن عياض.. فيكفي بياناً لعظمة الرشيد وصلاحه أن سمع نصائح الفضيل حتى دمعت عيناه. فكل ما أورده عن رجاء بن حيوة وعمر بن عبد العزيز قد جاء على صورة أخرى في نصيحة الفضيل بن عياض، وموقف الإمام مسروق حتى قال مالك - أمام دار الهجرة - لقد كلم مسروق الرشيد كلاماً جعلت ألملم ثوبي خشية أن ينالني بعض من دم مسروق.
ـ صورة
ـ وقف رجل أمام عمر بن عبد العزيز وهو خليفة، فأخذته رهبة تلجلج لا يتكلم فقال له عمر: تكلم.. تكلم..
فقال: أنا من موالي بني هاشم.
قال عمر: من أيهم؟
قال: من موالي علي بن أبي طالب.
فقال: عمر بكل الحب.. بكل الإقصاء للأموية والحفاظ على العمرية.. عمرية جده عمر بن الخطاب أنت مولى علي؟
قال: نعم.
قال علي مولاي قبل أن يكون مولاك.. رضي الله عن عمر بن عبد العزيز.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :647  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 932 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

يت الفنانين التشكيليين بجدة

الذي لعب دوراً في خارطة العمل الإبداعي، وشجع كثيراً من المواهب الفنية.