شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
البصرة والكوفة
الأحداث التي تراكمت على الأمة العربية، والأمصار التي أصبحت عواصم الإمبراطوريات.. أشغلتنا عن بعض المعاني ذات القيم، فقد كانت الغفلة في الغالبية العظمى من الأمة العربية استغفالاً من إمبراطور، أعطى لعاصمته كل القيمة.. بينما هناك عواصم العلم هجرناها، لا عن عقوق، وإنما من غطرسة العاصمة الجديدة!
فهل هناك ((مربد)) كمربد المدينة.. أصبح المسجد النبويّ الجامعة التي تعلم فيها ومنها الإنسان العربي إماماً في الفقه.. إماماً في السنة، وهل هناك مسجد أعطى عطاء المسجد الحرام.. عطاء ((ابن عباس)) ومن إليه، نجماً هو عطاء المسجد النبويّ.. عطاء ((ابن عمر)) ومن إليه؟!
فالمسجدان في هذا الحجاز صانهما الله، فلم ينسهما العربي، ولكن ((مربد)) البصرة و((مربد)) الكوفة أين هما كجامعتين أعطت اللسان العربي قانونه نحواً وصرفاً وميزان شعر، وأعطت العراق فقهه وعلومه؟!
أين مربد البصرة والكوفة.. هل يليق أن تظل الكوفة الجامعة، والبصرة الجامعة في عماية التاريخ؟.. لا تجد كرسياً في أية جامعة اسمه: كرسي الكوفة، ولا معهداً اسمه: معهد البصرة، كأنما الغفلة، أو النسيان أو العقوق قد أدرك الخليل وسيبويه والكسائي والفراء والأصمعي، وأبا حنيفة وإبراهيم النخعي، وابن العلاء ومن إليهم!
الآن البصرة والكوفة أصبحتا عراقيتين في حدود الإقليمية، انصرافاً عن الأممية؟.. مع أنهما الجامعتان.. أتحدى بهما أي جامعة في الأمة العربية، والأمة الإسلامية أن تقول إنها لم تتلمذ على البصرة والكوفة والمسجدين، فلا الأزهر والزيتونة والقرويون وعليكره وديوبند، وما إلى ذلك من الجامعات تستطيع أن تقول: إن أستاذي الأول كان من مربد البصرة والكوفة!
* * *
فلماذا لا تذكر البصرة والكوفة في ثبت الجامعات؟!
ولا يغني أن يذكر اسم ((الخليل)) كشاهد، أو سيبيويه، أو الكسائي.. وحتى إشراقة العلم في بغداد أنار لها الطريق الكوفي والبصري.
ما البصرة.. ما الكوفة؟!
إنهما حين بناهما الصحابة: سعيد - الكوفة، وعتبة بن غزوان - البصرة.. لم يفعلا ذلك إلا عن دراية تعرف معنى الجغرفة وقوة القرب من جزيرة العرب، كقوة القرب من فارس.
إن البصرة بنيت بأمر عمر بن الخطاب رضي الله عنه، كأنه فقيه تاريخ، كأنه أستاذ جغرفة، قال العتبة بن غزوان:
ـ بصر البصرة على الأدنى من حدود العرب.
أراد لها القرب من جزيرة العرب، تعانق ((كاظمة))، حتى يصلها المدد.. لا يفصلها بعد. وكان قربها من فارس، ليصل المدد إلى الفاتحين.
وأغرت الشعوبية العباسية أن لا تكون الكوفة عاصمة، لأنها كانت العاصمة لعاصمة ((أمية))، ولأنها القريبة من جزيرة العرب: ((يبغدووا فكانوا في بغداد)) فجاء الهجر للمربدين تدريجيًّا، حتى كدنا أن ننسى هاتين الجامعتين، فلماذا لا نعيد للتاريخ بهجته في هذا الديجور السياسي الذي نعيشه؟!
ولكم أود أن تسبق جامعاتنا لتكون قدوة حين تسمى كرسيًّا في كلية الآداب باسم: البصرة أو الكوفة. وكرسيًّا في جامعة أخرى باسم: فقه العراق، وليس هو إلا فقه الكوفة!
* * *
ـ اليهودي عدو السلام
أصبحت الدعوة إلى السلام على صورة من التحذير، كقولهم: إن مشكلة الشرق الأوسط تهدد السلام العالمي، فلو انصرف أحد الهواة وجمع البيانات المشتركة التي أعلنوا فيها أن إسرائيل تهدد السلام العالمي، لوجدنا موسوعة كبرى قد ملئت بهذه الأضحوكة.. كأنما الدعوة إلى السلام على هذه الصورة تمثل على مسرح الدنيا كوميديًّا عالميًّا، فكلما دعوا إلى أن إسرائيل تهدد بطغيانها السلام، نجد اليهودي قد صفق ليزيد الطغيان طغياناً، والعصيان عصياناً.. لأن التلمود والبروتوكولات والضمير اليهودي كل منهم حريص على تدمير الإِنسان وخراب الحياة.. فاليهودي يعيش ليدخل المسرة على نفسه حين يهلك إنساناً، فكيف إذا ما عرف أن الإنسانية كلها تسير بخطى واسعة نحو الدمار بما صنعه اليهود، وبما يحرص عليه اليهود؟!
فالتهديد لإسرائيل على هذه الصورة، ما هو إلا إغراؤها بأن تزيد من طغيانها، لأنها لا تريد إلا الدمار. والشعوب الأوروبية في ما كتبه الله عليها تخضع لرغبات اليهود، فالذين قالوا: إنا نصارى وهم الكثرة الكاثرة في أوروبا والأمريكتين قد أخضعهم تركهم الحفاظ على ما أوتوا من حظوة بالتعاليم الصحيحة عن المسيح، استحفظوها فلم يحفظوها، فكتب عليهم الله أن لا يخرجوا من حرب.. إلا إلى حرب.. لا يدوم السلام بين النصارى إلى يوم يبعثون، واليهود يستثمرون هذا الوضع لأنهم يعرفونه، فيعملون على أن لا تنتهي الحرب بين أتباع المسيح.
إن أوروبا ومن إليها، ما أكثر ما عمرت، وما أجمل ما دمرت!
وكلما زاد طغيان إسرائيل على الأمة العربية.. كلما كان ذلك الخير غير بعيد لهذه الأمة.. غفت طويلاً وصحت أخيراً حين مسها صوت الطغيان اليهودي، فلتفعل إسرائيل ما تفعل.. فسيتحول انفعال العرب من ردود الفعل إلى فعل.
إن إسرائيل النقمة، قد تجود بالنعمة، كما قال الشاعر:
قد ينعم اللَّه بالبلوى، وإن عظمت
ويبتلي اللَّه بعض الناس بالنعم
فلئن تفرق العرب اليوم، فالضيم سيجمعهم.. إذا ما منّ الله عليهم أن يمنحوا لأنفسهم الرشد.
لا تخشوا زيادة الطغيان، فدموع الفواطم والعواتك والزينبات والرقيات والعائشات في بيت المقدس، في كل فلسطين، ستقول لمنظمة التحرير وكل الزعامات: جففوا الدموع بإراقة الدم، حينما يصبح كل العرب ثورة. فحرام أن يصبح بعض العرب جامع ثروة.
* * *
ـ لورد كارنجتون
ورثيت لـ ((لورد كارنجتون)) حين حمل الحقيبة، يسمح له مناحيم بيغن بالمقابلة، ويسمع من وزير خارجية إسرائيل ووزير دفاعها أشد مما سمع مناحيم بيغن.
رثيت له أن ذهب إلى إسرائيل، كأنما هو يسترضي قاتل الضباط البريطانيين، قتلة لورد مويه، وبارنادوت.. يصرف ذهنه من أنه يزور يهودياً كان بالأمس محكوماً عليه بالإعدام من محاكم بريطانيا.. يسترضيه وقد تناسى أنه الخليفة لـ ((بلفور)) الذي أعطى أرضاً عربية وطناً قومياً لليهود، وأباح لهم الدم العربي ليؤسسوا دولة يهودية.
أفليس أن الوضع الذي فيه وزير خارجية بريطانيا برهان على المأساة التي تعيشها بريطانيا الآن؟
لم يسمعوا له، بل أسمعوه موقف العناد، ولعلّه أراد بهذه الزيادة أن يكون نقيضاً لمواقف وزير خارجية فرنسا التي تغيرت اليوم من سلوك (جي موليه) إلى بصيص من سلوك (ديغول).
* * *
ولعلّي أتهم أن هناك بعض الأسرار أعطاها ((لورد كارنجتون)) لإسرائيل.
ولئن كان ذلك، أو لم يكن.. فالواقع أن كلاً من فرنسا وبريطانيا ومن إليهما يمتعون أنفسهم بازدواجية السلوك.. يتظاهرون بأنهم مع العرب في بعض المواقف، بينما هم لإسرائيل في كل المواقف!!
 
طباعة

تعليق

 القراءات :551  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 930 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

عبدالعزيز الرفاعي - صور ومواقف

[الجزء الأول: من المهد إلى اللحد: 1996]

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء الرابع - ما نشر عن إصداراتها في الصحافة المحلية والعربية (2): 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج