شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
وإني أتهم
إني أتهم: عنوان فرضه (( إميل زولا )) الكاتب الفرنسي على ما كان يكتبه دفاعاً عن اليهودي الخائن (دريفوس) وهو ضابط في الجيش الفرنسي خان الأمة والأرض.. فقد اكتشفوا جريمته، ومن حق أي شعب أن يعاقب كل من خان الأمانة.. لكن اليهود جعلوا من هذا الضابط قضية، زعموا أن شعب فرنسا يشن حرباً على السامية، مع أن (( دريفوس )) وأكثرية اليهود في فرنسا وفي أوروبا ليس لهم عرق يتصل بإسرائيل (يعقوب عليه السلام).
وكبرت هذه القرية حتى استرقوا عواطف الشعب الفرنسي. سرقوا من شعب فرنسا أن يعاقب مجرماً يحمل الجنسية الفرنسية، فأخرجوا هذا الفرنسي من الخضوع لقانون الدولة، فصنعوا منه ضحية سامية!
وهكذا اليهود، وهم في إسرائيل لا ينتمون للعرق السامي، وبأسلوب النازية الجديدة يقتلون العربي السامي.
هذه المقدمة أطرحها، لأن تعاملي مع هذا العنوان يعطيني الفرصة من حيث.. أن تقمص الاتهام كما يلي:
أولاً: لقد احتلت إسرائيل سيناء مرتين، فأجبرتها الولايات المتحدة الأمريكية على الجلاء عنها، بموقف إيزنهاور الصريح الواضح، وبموقف رونالد ريغان الذي تبرقع تحت ثنائه على إسرائيل بأن جلاءها الثاني عن سيناء كان تضحية عظيمة!
ويعني ذلك أن الولايات المتحدة إيزنهاور ريغان - ملكت أن تفرض أنها على إسرائيل! وليس ذلك دفاعاً عن العرب، أو حرباً على الاستعمار، وإنما هو الاندفاع لحماية مصالحها، ولترسيخ قدم لها في أي أرض.. تصبح رديفاً لحلف الأطلسي.. تسبق الاتحاد السوفييتي لأن تكون صاحبة النفوذ لدى الحكومة الصديقة، وعلى أي صورة كانت الصداقة.
إن الولايات المتحدة قد جعلتني أستريب في ما كنا نزعم من أنها لا تستطيع كبح جماح إسرائيل التي تمارس به طغيانها في فلسطين المحتلة، وفي كل أرض جاورت فلسطين.
كنا نزعم أن الإدارة الأمريكية خاضعة للنفوذ اليهودي الصهيوني.. ولكن ما فعله ((ريغان)) بالأمس القريب أثبت بلا مواربة أن كل ما تفعله إسرائيل لم يكن إلا عن مخطط أمريكي بعيد المدى.
ثانياً: إن الجلاء عن سيناء، وبكل الفرحة التي شبع بها الشعب المصري، لم تكن، ولن تكون إلا برزخاً عازلاً مصر عن الشرق الأدنى المحترق بطغيان إسرائيل، كما أنها وبهذا الجلاء أصبحت البرزخ الذي يحجز إسرائيل - ليس بمعاهدة السلام - وإنما بالقوة المتعددة الجنسيات، التي تعزل الفريقين كظاهر الأمر بينما هي وبلا شك قوة تعويض عن ما يفاجأ به حلف الأطلسي في اليونان!.. فهذه القوة سند في الجناح الأيمن لحلف الأطلسي، وهي بصورة أخرى أيضاً: غطاء استعاضت به الولايات المتحدة عن ما يسمى قواعد.. لأن مصر كدولة من دول عدم الانحياز ترفض القواعد، وهي إن أعطت فرصة للتسهيلات، فإن الأنفع للولايات المتحدة أن تكون القوة سريعة الانتشار في مكان توجد فيه المستودعات ويصان فيه العتاد.. قريب يمكن من سرعة القفز!
ثالثاً: ومصر قد استجابت لذلك، وهي تعرف ما صنعت. قبلته - لا بالإختبار - وإنما بدوافع الاضطرار.
رابعاً: والولايات المتحدة - مرة أخرى وبالحرب المقبلة تشنها إسرائيل - ما كانت، أعني الولايات المتحدة، إلا المخطط لها.. لأنها تريد تصفية المنطقة مما تتصور أنه الاستقطاب للاتحاد السوفياتي، فهي كما اعرف من الاستقراء أو الاستنباط أنها لا تخشى عدوان الاتحاد السوفياتي عن طريق إيران أو العراق على الخليج، وإنما هي على يقين بأن الاتحاد السوفياتي يمكن أن ينال الخليج عن طريق سوريا أو عدن!
هذا ما تراه الولايات المتحدة، ومن أجل ذلك.. فقد سبق لها أن تحركت ضد سوريا بحجة ((سد الفراغ)) حين أنزلت جنود الأسطول في لبنان كما هو معروف، واضطرت أن تسحب جنودها فأرادت أن تستبدل العمل على سد الفراغ بعزلة مصر أولاً، وثانياً: بأن تبيح لإسرائيل أن تشن حرباً على لبنان وعلى سوريا!
إن هذا الاتهام لم يكن مجرداً من براهين سبقت تؤيده.. فالسلام بين مصر وإسرائيل هو باعث الحرب من إسرائيل على العرب.. أنارت له الولايات المتحدة الضوء الأخضر!
خامساً: ويأتي دور الاتحاد السوفياتي، فلقد اذاع أن مصر استبدلت احتلالاً بدلاً عن احتلال، ويعني ذلك: أن الاتحاد السوفياتي كثير الإشفاق على الاحتلال الأمريكي في سيناء والاستعمار البريطاني في جزر فولكلاند.. فلماذا يحتل شرق أوروبا كله ويشعل نار الحريق في بولندا، ويستقطب كوريا الشمالية وفيتنام، وأخيراً يحتل الأفغان؟!
فالإمبراطوريتان العظيمتان قد وضعتا الدنيا كلها كرة يلعب بها صولجان إمبراطورية الكرملين، وإمبراطورية البيت الأبيض.
إني لا أريد بهذا الاتهام إلا أن أضع أمريكا في الموضع الذي اتخذته لنفسها.. تستطيع أن ترغم إسرائيل حين تريد، وتتظاهر بأنها مرغمة لليهود كل ما أرادت!
ـ صور
ـ ينبغي أن لا نغفل حين نتمادى بالغضب على الولايات المتحدة يوم أن مارست استعمال حق ((الفيتو)) في مجلس الأمن ضد أي قرار يدين إسرائيل..
إنها بذلك لا تدافع عن إسرائيل، وإنما هو دفاعها عن نفسها، وقد يكون هذا الذي أرفض الغضب منه فرصة يعطينا الرضا عنه لأنه قد أوضح بكل جلاء أن الإدانة لإسرائيل ليست إلا إدانة للولايات المتحدة!
وعن هيئة الأمم.. فأي وضع للولايات المتحدة تمتاز به كعضو في هذه الهيئة؟.. إنها صاحبة صوت واحد كنص الميثاق - الأنشودة المزغردة في سان فرانسيسكو والوضع المتوج بالامتياز حين أصبح مقر هيئة الأمم في نيويورك - فالصوت الواحد من حقها أن لا تعطي صوتها لأي قرار من الهيئة، ولكنها خارج الهيئة قد سلطت غضبها عليها وأعلنت التهديد تلو التهديد.. كأنما هي تستطيع، وقد عطلت هيئة الأمم، أن تنسف هيئة الأمم!
ولا شك أن هذا أعطانا الصورة المجسدة التي عامل بها الزعيم الفاشي والزعيم النازي - موسوليني وهتلر - عصبة الأمم. فالتاريخ قد أعاد نفسه!
إن القوة لا تحجر على طغيانها.. فلقد ذهب الميثاق، بل أصبح الدفاع عن حقوق الإنسان كذبة سوداء، فأي حق للإنسان سيبقى بعد إهدار الميثاق ونسف هيئة الأمم، وتعطيل مجلس الأمن؟!
إن حقوق الإنسان - كل الإنسان - هي أن تبقى هيئة الأمم قوية لا يعطل لها قرار، وأن يبقى مجلس الأمن أشد قوة تسانده قوة لتنفيذ قرارات.. بدل أن تمارس ((قوة)) تعطيل قرارات!!
 
طباعة

تعليق

 القراءات :588  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 928 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

أحاسيس اللظى

[الجزء الأول: خميس الكويت الدامي: 1990]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج