شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
مع الحكيمة عاقلة
ولا أدري من هي الحكيمة عاقلة.. أهي امرأة أسطورية اتخذوها حلية في القصة الواقعية التي كثيراً ما سمعنا اسمها على لسان شاعر الربابة، أو لعلّها كانت امرأة حاكمة فزهدت في السلطان وجعلت نفسها حكيمة.. تبذل الرأي صواباً ولا تبخل بالنصح.
وتذكرتها.. فإذا هي قبل أن أسألها تسألني:
كيف تأتى للعرب أن يخلعوا لباس السباب.. يتهم فريق الفريق الآخر بالرجعية، ليلبسوا السباب بالطعنة النجلاء.. يتهم العربي أخاه العربي بالتخلف، حتى أصبح صاحب الثبات يتهم بالتخلف، بينما أخذ الذين يتهمونه يتأرجحون بين ادعاء التقدمية أو ممارسة مذهب (القعدية).. فلماذا تركوا الرجعية إلى التخلف؟!
ـ قلت لا أدري.. أنت الحكيمة العاقلة!
ـ قالت: لأنهم عرفوا أن الرجعية أسلوب التقهقر إلى الوراء، وهم هؤلاء قد عرفوا أنهم حينما يتمذهبون يعتنقون مذاهب شتى.. يوماً مع هذا المذهب، ويوماً بهذا المذهب. وحين ارتكسوا في الرجعية الصحيحة: الفخار بالإقليم، والانحياز به ضد الإقليم الآخر.. فلم تكن الرجعية إلا تراجعاً نحو شعوبية القبيلة، استغلوها حين لا قبائل لديهم. لتكون لديهم وبهم شعوبية الإقليمية.. فاسقطوا السباب بالرجعية، واحترفوه بالاسم واللقب الجديد: التخلف، بينما التخلف لا ينبغي أن يكون سبة، وإنما السبة على الأسباب التي رسخت هذا التخلف حتى أنه هو صانع الرجعية ولا أعني بـ ((الرجعية)) التخلف في ميدان العلم، وإنما هي: التخلف في ميدان الوفاق.. يمد العربي يده، يأخذ بذراع أخيه إلى فوق، أما السباب والانعزال والإقليمية، فلن تزيد التخلف إلا تخلفاً.. كأنما العربي قد شغل بأوضاع شتى، يريد الوئام فلا يجد إلا الخصام، يريد القوة حرباً على العدو فإذا هي مشروعة كأنما قد استعدوا بكل العدة أن يكون العربي خائفاً من أخيه.. فسلطان الخوف لا يفرضه عدو وإنما قد فرضه الأخ على أخيه!
وسكتت الحكيمة، ثم أبصرت بعيداً، وقالت:
أليست دمشق حرباً على بغداد.. أليست الصحراء في المغرب بؤرة حرب بين الأخوة العرب هناك؟!
ـ قلت: سحابة صيف عن قليل تقشع!
ـ قالت: إنها سحابة هاطلة، كأنما هي طوفان من الطوفان، أتعرف أن دماً فلسطينيًّا سفكه سلاح يهودي، انساح على الأرض يضحك، يعلن البشارة.. بينما دم الفلسطيني إذا ما سفكه سلاح عربي تقاطر على الأرض يبكي، يعلن الخسارة؟!
دمشق.. كانت عرش الإمبراطور، كانت العاصمة. لكن ((الكوفة)) كانت هي العاصمة للعاصمة، فلولا ((الكوفة)) التي سار منها الفاتح العربي إلى الشرق، لما كانت إمبراطورية ((أمية)) في ذروة التاريخ!
ومرة أخرى: ((دمشق)) كانت العاصمة، لكن الفسطاط - مصر - كانت عاصمة العاصمة.. فلولا مسيرة الفتح إلى الغرب منها، لما كانت: القيروان، وفاس، وقرطبة!
أما عاصمة العواصم هذه، فهي: مكة المدينة، كل جزيرة العرب.
دمشق كانت العاصمة، ولكن جزيرة العرب هي ((الكوفة)) هي الفسطاط. لم يكن قواد الفتح، وجيش الفتح من هاتين المدينتين إلا من أبناء جزيرة العرب. ليس منهم غساني ولا كلبي وبهرائي.
ـ اسألوا: من هم قادة الفتح؟!
ـ ثقفي. شيباني. باهلي، وقرشي. كل هذا المجد لبسته ((دمشق)).. ما أكثر ما هنئنا بذلك. كان ذلك من عطائنا، فكيف تكون دمشق - ظئر الإِسلام - على حال لا ترضاه دمشق في كل تاريخها القديم؟!
وقهقهت ((الحكيمة عاقلة)) وقالت:
ـ إن شوقي قد أخطأ عليكم حين قال:
((وعز الشرق أوله دمشق)).. لقد تناسى أن عز الشرق: ((أوله حراء))، فمن الظلم أن يزهر عربي بما أعطاه ((حراء)) على حراء!!
* * *
ـ القذافي في واشنطن
وكانت مفاجأة.. دعوة الدكتور كرايسكي - رئيس حكومة النمسا - التي استعجل بها زيارة ((معمر القذافي)) بعد أن تأخرت طويلاً، وتلتها المفاجأة الأخرى حين أعلن معمر القذافي في مالطا - حيث هبطت طائرته - يصالح رئيس مالطا ((مونتوف)).
كانت هذه المفاجأة، هي قول القذافي: إنه سيذهب إلى واشنطن، أو قال: إلى أمريكا! وحين سمعت هذا الخبر لم آخذه على صورة أنه خطرفة أو تجديف، بل أنا على يقين أنه أن عاجلاً أو آجلاً، قبل الستة أشهر التي يجري فيها الأسطول السادس الأمريكي مناوراته حول سواحل ليبيا سيذهب إلى الولايات المتحدة!
فمن أين جاءني هذا اليقين، أو بعبارة أخرى: سوء الظن؟!
لقد جاءني: من أني أعتقد أن زيارته للنمسا كانت بضغط يهودي صهيوني، يرادفه إغراء للنمسا يسيل لعابها على البترول، وهناك في فيينا تم إعلان القذافي بأن اليهود والصهيونيين بدأوا يمارسون الضغط على الإدارة الأمريكية لتلاينه أو تصالحه.. لأن بقاء القذافي على ما هو عليه، هو من صالح اليهود والصهيونية.. لأن أي فرقة عربية هي السلاح في يد إسرائيل، ولا تخسر الولايات المتحدة أية خسارة إذا ما أعطت للقذافي فرصة المصالحة معها، بل إن بقاءه على هذا الوضع في العالم العربي هو العامل المنشط لبقاء مصر في حوزة الصداقة الأمريكية، لأن موقفه ضد مصر يحبذ إلى مصر أكثر من معاهدة السلاح مع إسرائيل على أن تبقى في حيز الصداقة الأمريكية، والليالي من الزمان حبالى يلدن كل عجيب!
* * *
ـ صور
في برشلونة - مدينة طبيب العيون في إسبانيا - رأيت وأنا في المستشفى شابًّا فلسطينيًّا عميت عيناه من شظايا قنبلة. أصابته في ((تل الزعتر))!!
وعرض نفسه على الطبيب، فقال له الطبيب لا أمل!
وخرج يبكي، أسمع نشيجه.. يصرخ بصوت عالٍ: أنا لا أريد أن أبصر، يكفيني العمى أن لا أرى الدمار في ((تل الزعتر)) مرة ثانية.. كل ما أريده أن أبصر لحظة واحدة، دقائق معدودة.. أرى ابنتي - بنت الشهرين - خرجت للحياة فلم أر لونها، شكلها.. أحب أن أراها لحظة ثم لا أبصر بعد ذلك!
كان هناك عرب قلة، بكى بعضهم، ولكن البكاء ليس فيه العزاء!
 
طباعة

تعليق

 القراءات :956  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 927 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

صاحبة السمو الملكي الأميرة لولوة الفيصل بن عبد العزيز

نائبة رئيس مجلس مؤسسي ومجلس أمناء جامعة عفت، متحدثة رئيسية عن الجامعة، كما يشرف الحفل صاحب السمو الملكي الأمير عمرو الفيصل