الاثنينية ::المكتبة

مكتبة الاثنينية

القيصر نقفور من أولاد ((جفنة))

القيصر الرومي إمبراطور بيزنطة لا بد لي قبل أن أكتب السبب الذي دعاني لذكره - وهو نقفور هكذا اسمه في تاريخنا - أن أذكر التعريف به والشر الذي كان منه.

فقد تحدث إلي من احترمه معلماً لي في كثير مما عرفت الدكتور معروف الدواليبي عن هذا الإمبراطور، فلا ترك حديث الدكتور معروف أكتبه بعد التعريف.

فالقيصر نقفور كان حرباً على الإسلام يريد أن يعيد سلطانه على الشام بل وحتى على العراق، فشن الحرب على بغداد ولكن كان فيها الخليفة ميمون النقيبة هارون الرشيد، فجهز الجيش يكيل الضربات لنقفور يحصره في أرض الروم، لا يتجاوز بأي خطوة منه نحو الشام نحو العراق، فقد حفظنا هذا البيت:

نقض العهد الذي أعطاكه نقفور

فعليه دائرة البوار تدور

كان نصرانيًّا يحارب الإسلام وكان عربيًّا يرد المذمة على العرب ولعلّه كان يجد نصيراً من العرب الذين كانوا نصارى أبقت عليهم أمية، ففي عهد عبد الملك بقيت تغلب وكثير من غسان وبهراء وكلب على نصرانيتها حتى أن شاعر تغلب الأخطل يهجو الأنصار ولكن جريراً والفرزدق كانوا من تميم سلوا سيف قسوتهم على الأخطل.

إن نقفور، كما علمت من أستاذنا الدكتور الدواليبي وبما علم من بحثه الدؤوب عربي صليبة جدّه جبلة بن الأيهم من أولاد ((جفنة)) ملوك الشام غسانيين أزديين قحطانيين، ارتد جدّه جبلة عن الإسلام في عهد عمر بن الخطاب لأنه ما أراد أن يخضع لعدالة الإسلام فهرب ينتصر لاجئاً إلى هرقل فوجد الملجأ نصرانيًّا عند نصارى تابعاً عند سيد فإذا هو الجد للقيصر نقفور.

فقد وجد الدكتور الدواليبي الخبر عن عروبة نقفور فيما كتبه المسعودي المؤرخ الواسع الاطلاع فقد اتسع للمسعودي بما يحفظ من اللغات أن يعرف الخبايا في الزوايا.

ذكر المسعودي أن أحدهم في مجلس نقفور أخذ يهيب العرب بما كان يطلق عليهم ((ساروقين)) سواء بالقاف أو الكاف. فقد كان هذا الاسم يطلق على العرب عند الإغريق، ويعني ذلك أنهم السراق أو السارقون فانتفضت العروبة في عرق نقفور فقال:

ـ ليس هم السراق ولا السارقين وإنما هذا الاسم أطلق عليهم نبذهم به اليهود ((بنو إسرائيل))، ومعناه أنهم عبيد سارة زوج أبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام.

فاليهود أنكروا على إسماعيل لأن أمه غير عبرانية فهي جارية ((عبدة)) قنًّا للسيدة سارة فإسماعيل كان في نظرهم القنّ فأجروا الاسم على بني العرب جميعاً، أي ((قنّ سارة)) وبالإضافة الأعجمية انقلب هكذا ((سارة قنّ)).

إن غضبة نقفور أعطت الصواب للتاريخ نصر القومية العربية وحارب الإسلام وهكذا التاريخ يعيد نفسه، فكم من عربي اليوم يرفع رأسه بالقومية ويسل سيفه على الإسلام.

لقد كان نقفور إمبراطوراً مسؤولاً عن إمبراطورية هي روما الشرقية ملزم بالدفاع عنها وعن عقيدتها النصرانية، ولكن ما شأن عربي صعلوك أن يفاخر بالعربية وينشق على الإسلام.

ـ قسم الزوجة!

إن قَسْمَ الزوجة ما دامت في العصمة واجب على الزوج وحق لها فإحالتها إلى التقاعد كلمة غريبة لا ينبغي أن يكتبها كاتب، لقد تلفن إلى أكثر من واحد يستغربون كيف جرأ ((ابن بنيان)) أن يكتب هذا.

أيها الابن حاسن البنيان..

إن كنت من ولد بخيت بن بنيان وأبوك بخيت من بنيان وجدك ناصر بن بنيان أقول لك بلغة حرب بلهجة مسروح بلسان اللهبة: ((واعيباه))!

هل ترضى لجدة من جداتك أن تحال إلى التقاعد وهي في عصمة زوجها، فرض الإسلام لها قًسْمّها أو إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان!

إن الفقه ينبغي أن يترك لأهله.

إن الزوجة في العصمة لها حقها، وأشرح لك الدليل برهاناً ساطعاً من سنة رسول الله، فلتعلم أن أم المؤمنين زوج رسول الله تزوجها بعد السيدة خديجة وهي سيدتي سودة بنت زمعة علت بها السن وكان له زوجات غيرها كما تعرف، فما حرمها قَسْمَهَا أي الليلة التي يبيت عندها وإنما هي جاءت تسأله قالت:

يا رسول الله.. بلغني أنك تريد تطليقي - وما قالت تحيلني إلى التقاعد! - فأرجو أن تبقيني في عصمتك وأنزل عن قِسْمي لعائشة لأني أحب أن ابعث زوجاً لك يوم القيامة، فما طلقها وبقيت في عصمته ولكنها تنازلت عن حظها تريد رضا زوجها ليكون قسمها إضافة إلى قسم عائشة.. رضي الله عن سودة ورضي الله عن عائشة.

إن رسول الله صلَّى الله عليه وسلم لم يبخسها حقها وإنما هي تنازلت فإحالة الزوجة إلى التقاعد معناه الهجر، معناه الإعضال وما كان هذا من فقه الإسلام، الهجر أيام محددة والزوج لا يصح أن يأتي بالنشوز، فإن غضب هجر أياماً، وعليه الواجب أن لا يمتد الهجر.

إن أي كاتب ينبغي أن لا يجعل الأمهات مجالاً لكلمات سوقية فالأم ليست موظفة وإنما هي شريكة.

فلا تجزع يا ابن أخي إنك لا تعرف مكان أهلك عندي ولو أنصفت نفسك وكنت شجاعاً لأعلنت جرأتك تنادي بتعدد الزوجات كما جرؤه أنا على ذلك يوم تلفزت عن الأمهات المؤمنات.

ـ صورة:

والشيء بالشيء يذكر ينبغي لنا أن نضيف معلومة يعرفها الكثيرون ونريد أن يعرفها الأقلون فأولاد ((جفنة)) هم الذين مدحهم حسان بن ثابت رضي الله عنه حيث قال:

للَّه درّ عصابة نادمتهم

يوماً بجلق في الزمان الأول

أولاد جفنة حول قبر أبيهمو

قبر ابن مارية الزعيم المفضل

إلى أن قال هذا الشطر الحبيب:

بردى يصفق

بالرحيق السَلْسِل

وجلق من أسماء دمشق كما جيرون.

* * *

ألقيت محاضرة في أواسط الخمسينات وفي جماعة المحاضرات التي أسسناها في المدينة عن التعليم في المدينة المنورة، وانتقدت أن يكون التعليم بقصد التتريك، فأثار المستتركون عليّ ضجة، وبينما أنا خارج من المسجد قابلني رجل فقال:

كيف تسب الأتراك؟

قلت:

لم أسبّهم وإنما أرّخت لمرحلة.

قال:

((أنت ما تعرف أن جدتي تركية))!

قلت:

بل أعرف أن محمد الفاتح كان من الأبطال الفاتحين.