فهارس الكتب عناوين الكتب محتويات الكتب أسماء المؤلفين الكل          البحث   

مكتبة الاثنينية
أبو خلدون ساطع الحصري وجمال الدين الأفغاني وما زلت أحمل على الذين ينبشون قبور الموتى، حتى أصبح رجال الفكر والدعاة وكثير من العلماء والشعراء مضغة بين أشداق أغيلمة، أو هدفاً لفحيح الأفاعي من هؤلاء المغرضين: طرقيون بين فترة وأخرى ينبشون قبر جمال الدين الأفغاني، وطورانيون أو شعوبيون ينبشون قبر ساطع الحصري.. إن هؤلاء تقدموا إلى ما أسلفوا، فكذبة كبرى أن نعلم عن دخائلهم، وصدق لا غبار عليه إن عرفناهم من خلال ما كتبوا وما ألفوا، وبما كانوا عليه يطردون من بلد إلى بلد.. كانوا حرباً على الاستعمار، نصبوا أنفسهم للتوعية، فجمال الدين الأفغاني كانت الكنانة (مصر) تراه باعث النهضة فيها، فهو لم يكن سادن ضريح، ولا إمعة مع سلطان وإنما كان هو السلطان على نفسه، ولكن، جامع المتناقضات، أبو الهدى الصيادي، الطرقي، سلط عليه المأجورين، يسبونه لأنه وهابي، مع أنه داعية الجامعة الإسلامية، يدعو لأن تكون نقية من الخرافة والبدع. فعجيب أن يكون أبو الهدى الصيادي، أحد الذين أفسدوا الدولة العثمانية بالشعبذة والطرقية، شاهداً حكماً على جمال الدين. وساطع الحصري، هو على نقيض جمال الدين، لأنه أستاذ القومية العربية ومعلمها، لقبوه (أبو خلدون) لأنه ناقض المؤرخ الأستاذ الأول في علم الاجتماع عبد الرحمن بن خلدون.. ساطع الحصري وجمال الدين نقيضان، ولكن الفكر الحر في أي بلد عربي لم يتخذ من ذلك سبة على واحد منهما، لأن القيم في كل عربي أن يكون مسلماً، ولا قيمة من غير ذلك. بلغني أن أحد نباشي القبور خرج علينا يتهم ساطع الحصري بأنه (من يهود الدونما) أي أن أجداده من يهود الأندلس، فروا من محاكم التفتيش والقتل، فآواهم السلطان سليمان القانوني، يوم كان السيد الوحيد في البحر الأبيض وعلى البلقان كله، حتى وصل بجيشه إلى فيينا، يطلق إمبراطور فرنسا من أَسر النمساويين، إكراماً لحبيبته الفرنسية. إن يهود الدونما، لا ساطع الحصري ولا جمال الدين الأفغاني، ولا مؤتمر باريس، ولا الذين شنقوا في عاليه، هم الذين أسقطوا الخلافة، فالذين ثاروا على السلطان عبد الحميد أتراك، حين تسلطوا أصبحوا قوميين تحت شعار الطورانية، وفيهم من يهود الدونما كثيرون.. لا أريد أن اصدق بعض ما سمعنا من أن مدحت وجاويدهما من يهود الدونما، ولكن الكاتب الكبير حسين جاهد يالدشين كان من يهود الدونما، فالسلطان سليمان هو المسؤول الأول عن ترسيخ قدم اليهود في الدولة العثمانية، تستروا بالإسلام حتى كادوا الكيد الكبير للإسلام، ولعلّي أكون مع هذا، أصدق أن ساطع الحصري من يهود الدونما، بل أفرض أكثر من ذلك، فأزعم أنه يهودي لم يظهر الإسلام، لأقول، بعد، لا داعي لأن ننظر إلى دخيلته، وإنما ننظر إلى أصله وفصله وما كتب عن القومية، وكيف ناضل عنها؟ فكراً يحاور فكراً؟ ما سل سيفاً، وما دعا إلى ثورة، وإنما جابه الشعوبية بالقومية. ليكن يهوديًّا، ينبغي أن ننظر إلى عمله، إن كان خيراً فأنعم وأكرم، وإن كان شراً فلتكن الحملة على الشر، إن الصحابي الجليل عبد الله بن سلام كان حبراً لليهود، آمناً بصدق إسلامه لأن رسول الله صدقه ومخيريق اليهودي الذي ذهب يقاتل عن الإسلام في أحد، فقتل، رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: مخيريق خير يهود، يعني أنه تقدم عبد الله بن سلام. فعمل ساطع الحصري ينفي عنه العداوة للعرب، فلو كان من يهود الدونما لما كان قوميًّا عربيًّا. إن ساطع الحصري شامي من حلب الشهباء، لا نصدق فيه إلا الكيالين والجابريين.. نشأ طفلاً في صنعاء، فأبوه كان قاضيها، واستترك لسانه في اسطنبول، وشمخ بعروبته في العراق، وتشامخت الكنانة تكرمه حين وصل إليها لا يحمل تأشيرة دخول، كانت التأشيرة عند ضباط المطار قوله جمال عبد الناصر، فإذا هذه التأشيرة كانت التأهيل به، إن ساطع الحصري ليس كأبي الهدى الصيادي، ولا يوسف النبهاني، اللذين كال كل منهما الشتائم على شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب، وعلى آل سعود، حيث قال: (إن ثورة محمد بن عبد الوهاب وآل سعود في نجد، أنقذت الدولة العثمانية من ثورة في الشام كانت تدبر ضدها، فقد اجتمع في عكا اليوسف حاكم دمشق وبشير الشهابي حاكم لبنان، والجزار حاكم عكا، اجتمعوا يتآمرون يقودون ثورة ضد الخلافة العثمانية، وبينما هم مؤتمرون سمعوا أن قبائل عربية من نجد وصلت إلى حدود الشام، فهرع كل واحد يعود إلى مكانه خوفاً على مكانتهم فلم ينجحوا في هذه المؤامرة.. إن ساطع الحصري ينظر إلى آل سعود وإلى شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب على أن نهضتهم هذه نهضة قومية عربية، فهو كمؤرخ للقومية لم يجف السعوديين وعقيدتهم السلفية، وإنما نظر إليها نظرة قومية.. فساطع الحصري يكذب عليه من يدعي أنه من يهود الدونما، وما أكثر ما كذبوا على جمال الدين الأفغاني.
طباعة تعليق  القراءات :771  التعليقات :0
صفحة 920 من 1092

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان

هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع
	تسجيلات كاملة
	مقتطفات لتسجيلات مختارة
	لا أؤيد
النتائج