شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الملك عبد العزيز كان يحمل صفات الزعامة وكان تكسوه هيبة هامات العرب
وأعطاهم الأمن في الصحراء أن لا تتجاوز على من كان على الخليج وحين استعمرت فرنسا سوريا لم يثر عليها ثائرة وإن كان قد أوى في حدوده مع الشام الكثير من الثوار، ذلك أنه لا يبدأ عداء، له شيمة تدعوه لأن لا يضام عربي لجأ إليه، كما فعل ذلك مع رشيد على الكيلاني.. والشيء الذي لم يعرفه كثير من الناس أنه كان ضد ثورة الحسين بن علي علناً وكما كان معه إعلاناً فاكتسب تهنئة الدولة العثمانية لأنه لم يباشر العون لثورة الحسين واكتسب طمأنينة الإنجليز لأنه لم يثر على ثورة الحسين ثائرة وجاءه من ذلك كسب آخر على صورتين، فالصورة الأولى التي حجزت القبائل عن الغارات في نجد هي أن (( نجد )) كانت مربعة وإذا ربعت القبائل استقرت في هجرها ونجوعها والصورة الثانية هي أنه أباح لقبائل نجد فجل حرب وجل عتيبة ومن إليهم أعانوا ثورة الحسين وفدوا عليه فكثرت العطايا لهم فأغتنوا ووجدوا الفرصة سانحة من كثرة السلاح تركه فخري باشا والسلاح الإنجليزي في يد الأشراف فاقتنوا السلاح حتى عشقوا (( أم خمس )) وهي من أنواع البنادق.
واقتنوا الذخيرة فلقد كثرت العطايا لهم من صناديق الذخيرة فإذا قبائل نجد التي ربعت واخضرت واقتنت السلاح والمال جند مطيع تحت راية عبد العزيز وأكبر عون لعبد العزيز لثورة الحسين أنه حجز بالرشيد أن يكون مدداً لفخري باشا؛ لأنه خاف على إمارته فلا يتجاوز حدودها ليعين فخري باشا.
عبقرية الموهوب عبد العزيز والتوقيت حالفه التوفيق.
ولكن ماذا كان موقف القوى العظمى المؤثرة في العالم في ذاك الوقت ومواقف الدول المجاورة؟
ـ سبق أن قلت موقف الإنجليز وموقف فرنسا.. فلم تأت ثائرة عليه من العراق تقلق راحته ولم تكن عليه مثله من سوريا.. أما اليمن بقيادة الإمام يحيى فقد انتهت المشاكل معه لطول المدى والصبر من عبد العزيز وبمعاهدة الطائف.. ولم تبق إلا مصر.. فقد كان الملك فؤاد على جفوة له كما كان جافياً لثورة الحسين فما كان هناك اعتراف ولكن رجالاً في مصر لم يعبأوا بموقف السراي فإذا هم الأصدقاء الذين دأبوا على العمل ليكون الوفاق بين مصر وبين عبد العزيز..
أما الشمال الإفريقي فكان بعيداً وتحت الاستعمار الفرنسي ورغم كل هذا فإن عبد العزيز كان ذا عاطفة مسلمة قد دعته حين حانت الفرصة أن يكون لتونس وللجزائر وللمغرب ولسوريا ولكل العرب، ولقد قال لمحمد نجيب وجمال عبد الناصر حين زاره في الطائف قبل وفاته يرحمه الله ((أنا لا يهمني أن يحكم مصر فاروق أو أنتم.. إنما تهمني مصر)).
كان لجلالة المغفور له الملك عبد العزيز رأي ثاقب.. وكلمة قيلت تخص مشكلة العرب الأولى ((فلسطين)) ما هو هذا الرأي وهل عمل به ولماذا؟
ـ كان رأي جلالته أن لا تكون حرب حكومات وجيوشاً نظامية أن تكون حرباً شعبية يخوضها الفلسطيني والسوري والأردني والمصري والسعودي والمغربي لأن الحكومات في رأيه ستكون خاضعة لضغط الحكومات، أما الحرب الشعبية فمواطنون يحاربون عن وطن، وقد قال مرة هذا الرأي للملك عبد الله بن الحسين، يرحمه الله، فأجابه الملك عبد الله إن هذه حرب ولدى العدو ألغام وأسلحة ليست للشعوب التي ستقاتل فقال الملك عبد العزيز الألغام تربط الجمال وندفعها تنفجر بها الألغام فإذا الجيش الشعبي يجد الطريق مفتوحاً وإذا العدو يؤخذ بغرة الاعتماد على الألغام.. وفعلاً فإن الجيش السعودي في حرب 1948م قد أقدم على الهجوم يهاجم قرية فحسب حساباً للألغام ربط بعض الكلاب ودفعها نحو الألغام فتفجرت الألغام واحتل الجيش السعودي تلك القرية.
رحم الله جلالة المغفور له الملك عبد العزيز ذلك الرجل الفذ العملاق الذي وحد لنا كل هذا الكيان الكبير بقوة العزيمة الصادقة والإيمان الكبير وجعل لهذا البلد المقدس الكريم مكانة عالية بين أمم العالم شتى استحقت على مر التاريخ وبجهود أبنائه الغر الميامين المظفرين كل تقدير وحب واحترام..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :718  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 908 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ الدكتور سليمان بن عبد الرحمن الذييب

المتخصص في دراسة النقوش النبطية والآرامية، له 20 مؤلفاً في الآثار السعودية، 24 كتابا مترجماً، و7 مؤلفات بالانجليزية.