شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
والكلمة إلى أكرم زعيتر!
أصبح القول ذا سعة حين فتح الباب على مصراعيه، فإذا الأستاذ ((أكرم زعيتر)) يحمد ذلك لي، كأنما أنا أعطيته الفرصة ليعلن وفاءه لمن أنا كثير الوفاء لهم، فالعظيم من قومي لا أراه مزدوج السلوك، وإن عابه خصومه بذلك، وإنما أراه تحت قهر الظروف تترواح المسالك بين يديه.. فإجحاف - أيما إجحاف - وعقوق أيما عقوق، إننا ما زلنا نتجرع هذا السباب على المنابر.. كأنما كل زعيم مضى قد خان القضية، وكأنما كل زعيم أتى قد صان القضية!
من هنا.. لا أريد للأستاذ ((أكرم زعيتر)) أن تأخذه الظنون بي، فلست من الغوغاء.
* * *
مقدمة لا بد منها.. لا أعتذر بها، بل إني العاذر لغيري، فالوضع هو أني أريد أن أجري هذا الحوار مع الأستاذ ((أكرم زعيتر)).. أدفع به ما يظنه قارئ أني أنحرف، أو أتنكر، فلهذا سأوضح للأستاذ أكرم بعض النقاط، وأعده أني لن أعود إلى ما نحن فيه، ويعني ذلك أني سأغلق الباب وأحكم الرتاج، وإليك ما يلي:
أولاً: إن حديث مصطفى النحاس باشا إلى سماحة مفتي فلسطين السيد أمين الحسيني، لم أخترعه ولم أفترعه، فكل ما في الأمر رواية لخبر تحدث به إلينا وفي جمع من الأخوان الفلسطيني الغزاوي الطليعة ((عز الدين الشوا)) ولا أشك أنك تعرفه، فالتخطئة تعود إليه، ولا أحسبه مخطئاً أو يتقول، ولعلّي أرجو من الأستاذ أكرم أن يسأل ((عادل الشوا)) أخا عز الدين عن ذلك، فلا بد أن يكون لدى ((عادل)) علم بهذا الخبر.
ثانياً: وحمدت لنفسي، وأنا أعرف صداقتك للوفد وصلتك الوثيقة بالنحاس باشا، أن أتحت لك الفرصة تدافع عن رفعته في هذه الغمرة التي أحاطت بفؤاد سراج الدين.
ثالثاً: وأثنيت على العظيم ((سعد زغلول)) لأنه أراد أن يجعل ((شاميين)) أعضاء في البرلمان، وهنا أقف قليلاً مع منقبة لسعد لا أذكرها، ولا أتنكر لها، ولكني أذكرك وأذكر التاريخ أن ذلك روح مصر، فمصر جعلت الأئمة من الحجاز وأبناء العترة في قمة تاريخها، وعلى الذروة من عاطفتها، ومصر لا تنكر أنها مدينة للشام، كما الشام مدان لها.. من صلاح الدين وقطز والحلبي قاتل كليبر، والفتى جول جمال، كل هؤلاء من الشام تمصروا، فما قالت لهم مصر: لستم مني، وإن بدأ يقولها الانعزاليون!!
ولا أنسى سلطان العلماء العز بن عبد السلام.. نشأ شاميًّا، ونال المجد مصريًّا. ومصر.. جعلت المغاربة غذاء لوجدانها.. حتى أنها لم تبخل على تونسي أن يكون شيخ أزهرها، أنت تعرفه هو ((الخضر حسين))، فعمل ((سعد)) وإن شكرته له، إنما هو عمل مصر في كل تاريخها المسلم العربي!
رابعاً: وكل الرجاء أن ندع الأموات وأن نحمي الحياة من بعض الذين يريدون قتل الحياة، ولا أنسى أن هناك مصادفة أذكرك بها، فإذا ما ذكرنا ((سعد زغلول)) يرحمه الله، لا يفوتنا أن نذكر أخاه ((فتحي زغلول))، كما أننا إذا ذكرناه لا يفوتنا أن نذكر أخاك ((عادل زعيتر)) ففتحي وعادل، بما ترجما لنا من الكتاب الجيد.. صاغوا به لنا الذهب الإبريز من لغة أهل باريز!
خامساً: وأثنيت على ((بهي الدين بركات)) أقام حفلة للشاميين يكرمهم بها، ثم وضعت من هذا الثناء حين قلت: إنه كرمهم باسم الوفد!
إن ((بهي الدين بركات)) قام بذلك بنوازعه، وبأخلاقه الكريمة، فلو لم يكن شديد الرغبة.. عظيم الحفاوة بكل عربي، لما كان مسخراً من الوفد يقيم هذا الحفل. لماذا لم يقم به غيره.. أما كان الأولى لعمق التكريم أن يقوم بذلك رئيس الوفد بنفسه؟!
إن ((بهي الدين بركات)) رجل أخلاق.. حتى أن ثورة 23 يوليو قد دعمت نفسها حين اختارته أحد الأوصياء على العرش!
وهل نسيت يا أستاذ أكرم - وأنت الفلسطيني الأردني - زورة بهي الدين بركات إلى عمان، وكيف اتضحت عواطفه يوم زار الرجل العظيم الذي كان هناك، ومات هناك وهو: الحسين بن علي يرحمه الله؟!
عواطف كريمة لا علاقة لها بترجيح السياسة، وإنما برجحان الإنسان في وجدان الإنسان!
سادساً: والبرقية عن زلزال نابلس.. هل سبقتها، أو أتت بعدها برقيات من سعد عن وعد بلفور وقضية فلسطين؟!
أطرح هذا السؤال، لأجد الجواب منك، فلعلّه قد فعل ولم أعلم!
سابعاً: وعروبة الوفد.. أعلنت عنها رحلة ((مكرم)) إلى دمشق، تحدياً للأحرار الدستوريين، لأن الشام بجرحها الدامي وجرح فلسطين.. قد أصبحت في وجدان العرب، فمن حصافة السياسي أن يتقرب إلى العروبة بزورة للشام، وإلا، وقد أمسكت زعامة الوفد بكل الخيوط سلطاناً على الشعب المصري وسلطانها في تولي الحكم، فماذا فعل الوفد في حل الأزمة التي قادها الملك فؤاد ضد المملكة العربية السعودية؟!
إلى أواسط الثلاثينات، من أواسط العشرينات، أي نحو عشر سنوات، كانت القطيعة من مصر إلى المملكة العربية السعودية، وسعد رئيس وزراء، والنحاس رئيس وزراء، ولعلّك على يقين أن الذي أطاح بهذه الأزمة، وأبعدها ليس الوفد، ولا أي حزب في مصر، وإنما الذي أسقطها من تاريخ الأمة العربية، وأعطى مصر حسن العلاقة مع المملكة العربية السعودية، هو ذلك الواحد: ((علي باشا ماهر)) في وزارة المائة يوم.. كأنما عرف تاريخ أمته، وعرف قيمة المملكة العربية السعودية، فإذا هو يحيط نفسه بالذين يعرفون المملكة العربية السعودية، وفي مقدمتهم: عبد الرحمن باشا عزام.
إن ((علي ماهر)) له هذا الموقف، فما أشد وفاءنا له.. إضافة إلى موقف قبل.. يوم تنازل عن كرسي مصر في الأزمة التي أثارها الأمير اليمني، فإذا هو يدعو الأمير ((فيصل بن عبد العزيز)) رئيس الوفد السعودي في ذلك المؤتمر بلندن إلى أن يأخذ مكان مصر!
تلك حصافة السياسة، ووجدان السياسي، فمن الوفاء أن لا ننساها له. ولا أريد أن أذكر كيف تصرف الملك فيصل بعطاء الوفاء. فذلك في صفحات التاريخ!
وأخيراً - وليس آخراً - أرجو، وأنت تعيش التاريخ، أن أكون وأنت من الذين لا يجرهم الولع بالثناء، ولا المسيرة مع البغضاء إلى مواقف لا نحمدها وإن تمت الغواية لنا بهذا الإغراء.. نعطي للقراء بعض ما يشتهون، أو بعض ما يرفضون!!
* * *
ـ صور
أنكر بعض العرب التعاون الاستراتيجي بين الولايات المتحدة وإسرائيل، وكانت حجتهم: أن الولايات المتحدة أصبحت هي التي تمارس الاعتداء مباشرة على العرب!
ولست بصدد مناقشة هذا الرأي، لكن هذا ((الوضوح)) في سياسة الولايات المتحدة.. لربما يعطينا ((الوضوح)) في سياسة الاتحاد السوفياتي، فقد سئمنا الانتظار، فإما أن تكون المواجهة من الاتحاد السوفياتي عملاً.. لا بتصنيع الأصدقاء.. تكون به الحرب الساخنة ينجلي بها الموقف، وإما أن لا تكون فيعرف العرب أنهم الضحايا بين الصداقتين!
هذا الوضوح أحالته إسرائيل إلى وضوح أكثر، فلم تنكر هذا التعاون الاستراتيجي، فقد جاءت الألفاظ الإسرائيلية تؤيده، ولكنها تنكرت له فزيفته، ما دامت تصر على الاعتراض لبيع أمريكا السلاح إلى المملكة العربية السعودية..
فإذا كان التعاون الاستراتيجي قد بدأ تنفيذه فلماذا تعترض على خطة استراتيجية للولايات المتحدة؟!
كأنما هي تملي على الولايات المتحدة الخط الاستراتيجي الذي لن يكون غير ما تريده إسرائيل: مستودعات للذخيرة، بل وتمتن إسرائيل بأنها ستعطي الولايات المتحدة الحماية الجوية بغطاء جوي للأسطول السادس.. كأنما الأسطول السادس، في سياحة للبحر الأبيض.. لا غطاء أمريكي له!!
إن اعتراض إسرائيل على صفقة طائرات الأواكس.. فيه كل التنكر لهذا التعاون الاستراتيجي.. حتى أن وزير الخارجية ((إسكندر هيج)) يهرول من واشنطن إلى نيويورك يترضى مناحيم بيجن.
إن سفور الولايات المتحدة بهذا العدوان المباشر.. ينبغي أن يحمل أصدقاء الاتحاد السوفياتي على أن يرفع البراقع ليتضح سفوره، وإلا فالرواية لم، ولن تتم فصولها.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :701  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 896 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج