شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
يالطا.. الدعابة والحملة والإثارة!
في التصفية النهائية لتركة الحرب العالمية الثانية تقاسم الحليفان (( روزفلت )) و (( ستالين )) الغنيمة، كأنما الدنيا كلها أصبحت السلب، فأخذ كل منهما حصته، وكان أول القسمة التي لم يستطع مهندس النصر (( ونستون تشرشل )) رئيس وزراء بريطانيا أن يعارضها وإن كان غير راضٍ عنها، هي تقسيم أوروبا إلى شطرين، فإنه رغم شعوره بالنصر أصبح يشعر بالهزيمة، فاليقين لديه أن بريطانيا وفرنسا أول الأمر، والولايات المتحدة آخر الأمر قد وضعوا في المكان الذي ما كان (( تشرشل )) يريده، وما كان يتوقع من الرئيس (( روزفلت )) أن يوافق على تحقيق المطالب التي فرضها (( ستالين )) .. فكانت معاهدة يالطا التي وقعها الزعماء الثلاثة (( ستالين )) .. (( روزفلت )) ، (( تشرشل )) ، الذين أحبوا أن يخرجوا بالسلام خروجاً يستريح به الإنسان، فإذا هم لم يحققوا السلامة لأي شعب من شعوب الأرض، كأنما الحرب العالمية الثانية لما تنته بعد.
والسؤال.. كيف رضي ((روزفلت)) بهزيمة الرأي لـ ((تشرشل)) وانتصار المطلب لـ ((ستالين)) وذلك أن روزفلت ينتمي إلى الحزب الديمقراطي أي أنه كان ((ليبرالياً))، لا مانع لديه أن يتحرر من بعض القيود، ليخرج على الدنيا بشيء جديد، سواء كان ذلك خضوعاً للتطور أو إخضاعاً للتغيير. ولعلّ ((روزفلت))، وبمشاعر الشعب الأمريكي أحب أن يتنزع المخلب والظفر والناب من الشعوب الأوروبية، يكفي أنه أنقذهم من النازية، فلا داعي لوجود إمبراطوريات في أوروبا تكلف الولايات المتحدة حرباً ثالثة.
أو بمعنى آخر.. إن من سياسة الولايات المتحدة وضع أوروبا في المكان الذي لا يستغني عن حراسة الولايات المتحدة.
إن معاهدة يالطا كانت كسباً للاتحاد السوفياتي، فلئن كان ((ستالين)) قد حاز النصر على ((هتلر)) بقوة الحلفاء، أو بقوة الولايات المتحدة وحدها، فإنه قد استحوذ على النصر إلى أمد بعيد، فكل يوم تضاف له قيمة من قيم النصر، وضع نصف أوروبا تحت سيادته وجعل آسيا في حيازة الخوف منه، وأعطته الولايات المتحدة نصراً كبيراً في أفريقيا التي كان الأمل لشعوبها أن تجد العون من الولايات المتحدة.
كل هذا عطاء معاهدة يالطا.. فلماذا بدأ الرئيس ((ريجان)) الكلام عنها في طليعة أسلوبه حين بدأ الحملة الانتخابية؟
إن الإجابة تحتاج إلى هذا التوضيح.. هكذا..
أولاً: لقد أخذوا على الرئيس ((ريجان)) يعيبون عليه الدعابة أو المزحة التي أرسلها عبر الإذاعة، كأنما هو بذلك قد خرج على النص، فالأمر كما تقول العامة ((الصنعة تحكم)) ولا أحسب أن كفاءة الرئيس ((ريجان)) حين أرسل هذه الدعابة يعلن تدمير الاتحاد السوفياتي، وأنه أصدر أمره بالقصف خلال دقائق لا مزحة بل هي الجد كل الجد من الرئيس ((ريجان)) ليشبع الشعب الأمريكي بمنطق القوة، كأنما أراد أن يقول لشعب الولايات المتحدة.. لديكم القوة لأن تفعلوا ذلك، ولدي الكفاءة لأقول ذلك. فالمطلوب منكم أن أكون الرئيس المنتخب.
فالذين قالوا إن هذه الدعابة تؤثر على الناخبين لا يعطون أصواتهم لـ ((ريجان)) أعتقد أنهم على خطأ، بل كان فيها من الدعاية ما يجعل الناخبين لا يحجبون أصواتهم عنه.
ثانياً: إن الدعاية التي لا يتسع لها الجد ولا ينتظم بها العمل هي ما أرسل من كلام عن معاهدة يالطا، كأنما هو أصبح قاضياً في محكمة العدل، يقرأ النص ويستخرج منه الحكم بأن معاهدة يالطا لم تسمح نصوصها بهذا الواقع في أوروبا وهذا يعني استحواذ الاتحاد السوفياتي على نصفها.. بل إن نصفها المقرب جداً للولايات المتحدة من قبل، وللاتحاد السوفياتي الآن، هو النصف الألماني.
أين كانت النصوص يوم سور برلين، أين كانت النصوص طيلة الأعوام التي مضت؟
فالنصوص أصبحت حبراً على ورق! فالتداول قد أعطى كل منهما الحق للاتحاد السوفياتي أن يكون له هذا الوضع في أوروبا.
زمن طويل ماتت فيه النصوص أفليست هذه دعابة؟!
هل في إمكان الولايات المتحدة أن تطرح نصوص ((يالطا)) للمفاوضات، أو أن ترفع شكواها إلى محكمة العدل الدولية؟
فأيما طلب يستحيل أخذه من العبث والدعابة أن يكون الوسيلة الأولى في الدعاية للانتخابات.
ثالثاً: ولكن ألا يظن أن ذكر معاهدة يالطا مظهر للحملة على الديمقراطيين؟ كأنما هو يضع أمام ((وولتر مونديل)) ما يزعم أنه خطأ تورط فيه الرئيس ((روزفلت)) الديمقراطي.
ويعني ذلك أنه يقول لـ ((مونديل)).. لقد أخطأتم أيها الديمقراطيون حين وضعتم أوروبا تحت استحواذ الاتحاد السوفياتي، فلا تصلحون لتولي الرئاسة.
إنها حملة دعائية على الديمقراطيين.
ولقد سبق لخصوم الديمقراطيين أن على العالم العربي، وإنما بما هو واقع على شعبه، زعيم واحد فرض سلطانه على الشعب رأيته يتنهد، قلت:
إنك الآن تعيش ناعماً في ((جنيف)) فلماذا تتنهد؟
ـ قال: لماذا لم أستطع العيش في بلدي وأنا من أصحاب الرأي؟
ـ قلت: لعلّك قد خرجت على الطاعة.
ـ قال: تلك حجتهم عليهم يريدون أن يكون شعبهم شعب طاعة، لا شعب رأي!
ـ قلت: كأنك تعطيني هذا التعريف.. الولاء طاعة.. والإخلاص رأي.. فالزعيم الذي يعطي شعبه فرصة إبداء الرأي يعطي نفسه قيمة الصدق للولاء والإخلاص بالرأي!
ونهضت أودعه.. فقال إلى أين؟!.. قلت: إلى بلدي.. أعتنق الطاعة وأعانق الرأي.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1054  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 895 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء العاشر - شهادات الضيوف والمحبين: 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج