شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
إسرائيل كوبا البنتاغون!
خبران أذاعتهما وكالات الأنباء، فالأول يقول إن إسرائيل ستمد إمبراطورية الصين بالأسلحة المتطورة والتي تحتاجها هذه الإمبراطورية، أما الآخر فيحتوي على أن الولايات المتحدة وإسرائيل قد اتفقتا على استراتيجية موحدة لمقاومة الاتحاد السوفياتي.
أفلا يصح لنا أن نعلق على هذين الخبرين، من ناحية أن إسرائيل قد أصبحت - كما هو واضح - تمثل دور كوبا في أمريكا الوسطى وضد الولايات المتحدة، لتكون كوبا الأمريكية مقابل كوبا الروسية؟
إن إسرائيل قد احتضنتها الولايات المتحدة، وأخذنا نحن العرب نقول.. اليهودية تفرض إرادتها على أمريكا، الصهيونية هي التي ترسم السياسة الأمريكية.
كأنما نحن نبرئ الولايات المتحدة أو نعتذر عنها، ونشن الحملة على إسرائيل حيناً والصهيونية حيناً آخر.
لكن هذين الخبرين قد أوضحا أننا كنا على خطأ. فاليهودية أو الصهيونية أو إسرائيل أصبحت بصورة أو بأخرى تحت سيطرة الإدارة الأمريكية، وتحت نفوذ الكونجرس والبنتاغون.
* * *
إن الأمر واضح، فقد أرادت الإدارة الأمريكية أن تتحاشى العتب من تايوان، وأن تبتعد عن إغضاب الاتحاد السوفياتي أكثر، فأمرت إسرائيل أن تمد الصين بالأسلحة المتطورة. وأريد أن أطرح سؤالاً.. هل لدى إسرائيل قوة وكفاءة ومال يعطيها أن تصنع ما يكفي الصين من الأسلحة؟
إن جيش الصين ملايين، ومساحة الصين ملايين، وهموم الصين مع الاتحاد السوفياتي في احتلال منغوليا وتهديدها من الشمال، وما تفعله فيتنام، كل هذا يحتاج إلى أسلحة قوية وكثيرة. فإسرائيل قد تصنع القليل كغطاء للعملية، ولكن الكم الكثير والكيف المتطور يأتي إلى إسرائيل من ترسانة البنتاغون، تبعثه إسرائيل إلى الصين، وذلك يمنح الولايات المتحدة الخروج من عتم تايوان، وحجب الاتحاد السوفياتي عن أن يكون موضوع تسليح الصين كما تسليح أوروبا الغربية.
ثم إن إسرائيل كوبا البنتاجون تمارس فيما حولها ومن حولها، وبقوة الولايات المتحدة وبإذنها ورضاها وحمايتها، الممارسة نفسها التي تثير بها كوبا الروسية الفتن في أمريكا الوسطى، مما سبب الصداع والحرج كل الحرج للولايات المتحدة، فهي تخوض في أمريكا الوسطى حرباً غير معلنة تؤكد اليمين وتحارب اليسار.
وهكذا إسرائيل.. تثير المشكلات في الشرق الأوسط، تعتدي على العراق، وما كان ذلك إلا بقوة الولايات المتحدة بل وإذنها، وتفعل الأفاعيل في فلسطين، وفي لبنان، وتعين إيران، وتحترف القرصنة حول سواحل لبنان.
* * *
إن هذا كله هو عمل كوبا الثانية.
وهناك صراع بين كوبا البنتاغون وكوبا الكرملين في القارة الأفريقية، فجنوب أفريقيا أيضاً كوبا أمريكية، وكوبا الروسية تفعل الأفاعيل في القارة الإفريقية رغم بعد المسافة بينهما وبين أفريقيا شرقاً وغرباً، فالإمبرطوريتان بينهما حرب ساخنة على طريقة غير مباشرة منهما، بين كوبا أمريكا الوسطى وكوبا الشرق الأوسط.
والاتفاق السري استراتيجيًّا هو تكريس السلطان الأمريكي على إسرائيل.
إن إسرائيل قد رضخت لهذا الاتفاق السري مع أنها حريصة على ألا تظهر بمظهر العدو للاتحاد السوفياتي.
ولكن.. هل رفضت إسرائيل أن تكون ضمن حلف الأطلسي، تماشياً لغضب الكرملين؟
نعم، إنها ترفض ذلك، وإن رضيت بهذا الاتفاق السري. ظاهره أنه ضد الاتحاد السوفياتي، وباطنه أنه الحرب على أصدقاء الاتحاد السوفياتي.. يعني أن كوبا البنتاغون تستحوذ على القوة، سلاحاً ورأياً ونفوذاً، ضد من حولها وما حولها من العرب.
فالوضع الآن أن نترك الحملة على اليهود، فقد أصبحوا آلة مسخرة فرحوا بها لأنهم يستطيعون أن ينفذوا أحقادهم ضد العرب.
إن الولايات المتحدة لن تكسب من ذلك إلا إذا أرادت إسقاط الصداقة وبسط النفوذ بدعوى الحماية من طغيان إسرائيل المسلّط على العرب تسلطاً أمريكياً غير مباشر.
ولعلّ في جنوب الهند وفي سريلانكا التي ينطقون سينها شيناً الآن، حبًّا في لهجة اليهود، سيكون الوضع فيها على أنها كوبا أمريكية أخرى، لمراقبة القارة الهندية كقاعدة أمريكية، لا تكون باسم أمريكي، وإنما باسم إسرائيلي.
فسريلانكا رأت من صالحها أن تستعين بإسرائيل، وأن تعترف بها، وإن أعطت للولايات المتحدة ملاذاً للأسطول ومنطقة نفوذه ورقابة على القارة الهندية. ذلك أن كوريا الجنوبية لم تعد تصلح أن تكون كوبا أمريكية، ولا تايوان أيضاً. فسياسة الولايات المتحدة هي أن تكون صديقة الصين كما هي صديقة لتايوان.
وهكذا أصبحت كوبا الروسية المثل المحتذى لدى الولايات المتحدة!
إن إسرائيل قد تخسر عطف الاتحاد السوفياتي، يمنع الهجرة إليها، ولقد أصبح العربي في وضع يتمنى خراب الصداقة بين موسكو وتل أبيب. فروسيا التي قطعت علاقاتها مع إسرائيل من يوم 5 يونيو 1967 ما كانت وبهذا التصرف إلا الحريصة على صورتين.. خداع العرب بأنها معهم، قطعت علاقاتها مع إسرائيل، وإعطاء إسرائيل الراحة كل الراحة لأن الاتحاد السوفياتي لم يعد طرفاً يكلف نفسه حين توجد له سفارة في تل أبيب بالعمل لصالح العرب. فالعرب تجرعوا الخدعة، وإسرائيل ربحت الألوف من المهجرين.
إن الإمبراطوريتين قد اقتسمتا بسط سلطانهما على الدنيا كلها، استقطاباً واستعماراً واحتلالاً وتخويفاً وإرهاباً.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :552  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 890 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

عبدالعزيز الرفاعي - صور ومواقف

[الجزء الأول: من المهد إلى اللحد: 1996]

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء الخامس - لقاءات صحفية مع مؤسس الاثنينية: 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج