شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
نيكاراجوا.. وإسرائيل..
ولكي تتضح لي الصور الكثيرة من الأخبار أو بالأولى ما وراء الأخبار أجد نفسي مشدوداً إلى أن أسمع إذاعة واشنطن - صوت أمريكا - أو إذاعة مونت كارلو..
ولست بذلك مجافياً الإعلام العربي وإنما أنا بكل ذلك لا أرتاح إلى إذاعة لندن..
فالإعلام العربي لا تجده يتلفز لنا أو يذيع علينا إلا ما توظفه وكالات الأنباء.. أما أمريكا فهي إن وظفت الأخبار للهدف الأمريكي فقد تجد فيها ما يدعوك إلى أن تعرف ما وراء ذلك.. حتى إذا ما عرفت وجدت الفرصة لأن تتبصر ما وراء الأخبار.. ولتعرف مدى التناقض الذي يحترفهم ويغترفون منه:
بسطت هذه المقدمة لأصل إلى ما يلي:
1 ـ إن إذاعة ((واشنطن)) تشتد حملاتها على ((نيكاراجوا))، إنها شيوعية تمارس الطغيان على الشعب، تسلط الإرهاب على رجال الكنيسة، تغتال.. كل هذا يصفون به الواقع في ((نيكاراجوا)) ويضعون أنفسهم في موقف المنقذ للإنسان عملاً بمبادىء الشعب الأمريكي (إن من حق الإنسان أن يعيش حراً على أرضه لا يضام في حق ولا يسام بظلم).
2 ـ وأنا كسامع لما تقدم أكاد أكون النصير للولايات المتحدة.. ولكن سرعان ما أرفض أن أكون ذلك لا رغبة في الوفاق ((مع نيكاراجوا)) ولكنه هو الرفض لهذا التناقض في سياسة الولايات المتحدة.
إنه ازدواجية في السلوك.. فالولايات المتحدة التي تحارب الطغيان في ((نيكاراجوا)) ما زالت نصيراً لإسرائيل.. كأنما ((تل أبيب)) هي(( نيويورك)) الجديدة..
إن الحرب على الطغيان كمبدأ ينبغي أن يشمل كل الطغاة..
إن ((نيكاراجوا)) أرض واحدة ملك لشعبها، فإن طغى فريق من الشعب بقيادة زعيم فما هو إلا نزاع الشعب مع نفسه وعلى أرضه.
3 ـ أما طغيان إسرائيل فما وجدت إلا على أرض لا تملكها.. وكانت قمة الطغيان في وعد بلفور وهو في اعتراف الذين اعترفوا بها، وهو في طغيان العون لإسرائيل.. فالعون للطغاة طغيان ما أشد مرارته..
4 ـ إن إسرائيل - أعني اليهود - يتسلطون بكل الشراسة على الشعب الفلسطيني وأرضه ومقدساته.. إغلاق الجامعات لم تفعله ((نيكاراجوا)).. قتل النساء والأطفال في صبرا وشاتيلا وفي عين الحلوة لم تفعله ((نيكاراجوا)).. ولكن الانفعال الأمريكي ينكر على((نيكاراجوا)).. والفعل الأمريكي يؤيده الطغيان الذي هو أشد من طغيان ((نيكاراجوا)).
5 ـ وحتى إذاعة صوت أمريكا بدأت تنحرف عن النطق بالعربية إلى النطق بالعبرانية.. فقد أصبحت السين شيناً ينطق بها عربي موظف في إذاعة واشنطن.. فمن المضحك حقًّا أن أسمع لساناً عربياً ينطق اسم (سيرلانكا) تسمعه ينطقها (شيرلانكا).. أليس هذا مسخاً لا ينال من السين العربية شيئاً وإنما ينال من السمعة الأمريكية كل شيء.
6 ـ وفي خبر أخبرني به صديق لعلّه سمعه من صوت أمريكا أو من مونت كارلو ولم أسمع أن إعلاماً عربيًّا قد أذاعه.. فما هو هذا الخبر؟
إنه خبر يترجم لنا الفرنجي ترجمة صادقة كما ترجمه شاعرنا ((رشيد سليم الخوري)).
لأمر يلاقيك الفرنجي باسماً
فزد حذراً ما زاد ذئب تودداً
تراه صحيح الود وهو سقيمه
كما تكسب الحمى الخدود تورداً
فهذا الخبر هو أن ((جيسكار دستان)) رئيس جمهورية فرنسا السابق قد اتهم نفسه حين عق ((الديجولية)) أنه زار إسرائيل، ويظهر أنهم احتفلوا به أكثر مما احتفلوا بالرئيس ((ميتران)) أو يظهر أنهم اشتروه.. يعدونه بأنهم سيمنحونه رئاسة الجمهورية في المرة القادمة..
لقد قال هذا الفرنجي أنه قد أخطأ في حق إسرائيل.. ما كان يعرف أنها هكذا.. فحين زارها وجد أنها تستأهل أن يكون لها ومعها..
أليس هذا اتهاماً قد وضع نفسه موضع ادعاء الجهل.. وحقارة أن أصبح عميلاً لليهود؟
وأخيراً.. لماذا لم نسمع ذلك من الإعلام العربي؟
الجواب لأن وكالات الأنباء قد وظفتنا نمجد الموقف في السلفادور أمريكياً.. ونغضب من الموقف في نيكاراجوا غضباً أمريكياً.. ويخفون عنا أخبار اليهود طغياناً صبه على العرب كل الذين يتبرأون من الظلم بينما هم الذين سلطوا الظلم حيث شاؤوا وبما شاؤوا.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :610  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 888 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ الدكتور عبد الله بن أحمد الفيفي

الشاعر والأديب والناقد, عضو مجلس الشورى، الأستاذ بجامعة الملك سعود، له أكثر من 14 مؤلفاً في الشعر والنقد والأدب.