شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
التاريخ دراية لا رواية
وأجمل الحب تزينه الرحمة
بعضهم يقول عن الأديب السعودي محمد حسين زيدان، أنه مفكر لا أديب، وبعضهم يقول إنه موسوعة تمشي على قدم واحدة، هو رجل متواضع، لا يدعي شيئاً من ذلك، يحب القراءة وبصوت عالٍ كي تأخذ الأذن غذاءها من الجرس، وهو إلى جانب ذلك، أديب وكاتب وله خواطره ومحاضراته في تدوين التاريخ.
مندوبة الوطن العربي التقته في هذا الحوار
في مقدمة كتابه (تمر وجمر) يقول الأديب السعودي محمد حسين زيدان (إن التمرة، والجمل والحصان والسيف والجمرة) كانت جميعها مادة الحضارة العربية، وعزة الصحراء وأداة.. الإنسان فيما سجله من بطولات وأمجاد، أو مصائب ومآسٍ كانت جميعها بمثابة مَثَل وأمثولة الأجيال العربية.
وزيدان نشأ وعاش في مكة المكرمة، وتلقى دروسه في النحو، والفقه، والحديث، والتاريخ في المسجد النبوي، وكانت المساجد في ذلك العصر بمثابة جامعات يتخرج منها المرء بأرضية غنية ثقافية وعلمية، وعلى الرغم من إنتاجه الأدبي المتواصل (تمر وجمر) وهي مجموعة خواطر، بوازع من التحرك في الوجدان، و (سيرة بطل) وهي باقة عطرة من سير صحابة رسول الله، الذين أضاءوا وجه التاريخ أمثال (مصعب بن عمير وسعد بن معاذ، وأنس بن مالك وحمزة بن عبد المطلب، وخالد بن الوليد وغيرهم) وكتابه (محاضرات) عن التاريخ والثقافة الذي ضمنه بحثاً عن المنهج المثالي لكتابة التاريخ القديم والحديث.
هو أيضاً صحفي، عمل لفترة رئيساً لتحرير جريدتي (البلاد) و (الندوة) السعوديتين: ثم تفرغ نهائياً للكتابة في الصحف والمجلات العربية، وتنوّعت كتاباته في الأدب والاجتماع والسياسة والاقتصاد، وهو اليوم يشغل منصب رئيس تحرير (الدارة) وهي مجلة ثقافية (أكاديمية علمية توثيقية).
ـ الوعي التاريخي:
أما السمة البارزة لاهتماماته فهي دراسة التاريخ، والتعمق في قراءة رواياته المتعددة.. ومقارنتها واستنباط الصحيح منها.. وهو في مجموعة آرائه أو استقرائه، يطرح حواراً والحوار - كما يقول - يحل الصواب، والنقيض معاً، للتوصل إلى طريقة مثمرة في تدوين التاريخ، تعتمد التحليل والتعليل كمنهج أساسي، ومن مجرد سرد أدبي إلى تحقيق علمي، لتقديم الدور الحضاري العربي والإسلامي للعالم وبيان استمراريته وقيمته الرفيعة. سألته، ما هو المنهج المثالي لكتابة التاريخ في رأيك؟
لقد تميز هذا القرن الذي نعيش نهايته، بيقظة الوعي التاريخي، وتصاعد مستواه وملاحقة التطورات في حياتنا نحن البشر،تلك التطورات السريعة، التي شلت كل جوانب الفكر والعمل. وقد صاحب هذا الوعي التاريخي تقدم في أساليب البحث والاستقراء والتحليل كما واكبته اتجاهات جديدة في تحليل الأحداث والظواهر الطبيعية والإنسانية، اتسع - في رأيي - مجال علم التاريخ حتى أصبح اليوم يشمل كل مظاهر الحياة يربط ماضيها بحاضرها، ويتتبع مسارها.. ويستخلص الحقائق حتى يستوعب فهم الماضي والحاضر فهماً شاملاً وجامعاً.
الأوضاع في عالمنا اليوم تحتم أن يكون الإنسان كله مجالاً للبحث التاريخي، أضيفي إلى ذلك، أن كل ما يشهده العالم من تطور وتقدم وطغيان.. أصبح موضوع التاريخ، كما أن لكل مذهب من اليمين إلى اليسار آثاراً ظاهرة على حركة تدوين التاريخ، فمثلاً التاريخ القديم، كما دونه الطبري، وابن عساكر وابن كثير وغيرهم كان عبارة عن استقراء وجمع لقد دونوا روايات موجهة بناءة وفتح أمام المتطلعين والدارسين والمؤرخين طريقاً للنقد، أما المستشرقون فقد أضافوا مفاهيم جديدة إلى تدوين التاريخ تتلخص بألا نتقبل تلك الروايات إلا معللة بأسبابها ونتائجها، أما مسؤولية المؤرخين المعاصرين فهي تدوين التاريخ تحليلاً وتعليلاً، باستقراء وفقه وتسجيل المناقب والتبعات، فالتاريخ الحديث لا يحتاج اليوم إلى رواية، وإنما هو في أمس الحاجة إلى الدراية، والاستكناه والنقد والتبسيط.
ـ ما هي العيوب التي يقع فيها المؤرخون في تدوين التاريخ؟
لقد تحدثت من خلال أحاديثي المكتوبة والمسموعة عن عيوب التستر في تدوين التاريخ القديم، كالإفراط في المدح والإفراط في القومية التي سببت الشعوبية. ثمة كثير من التناقضات في تدوين التاريخ، لأن الانفراد بتاريخ شعب هو جزء من الشعوب العربية يعني ادعاء التفوق على الشعوب الأخرى التي لها التراث ذاته، فمثلاً التاريخ القديم يفخر بأمجاد بني أمية الذين دام حكمهم مدة تسعين عاماً لكن بني أمية في الواقع عرقلوا مسيرة الإسلام كوحدة، بالإفراط في القومية. والموجة الهلالية هي التي طبعت أرضنا العربية في مصر، وفي ليبيا وفي شمال إفريقيا بالطابع العربي عرقاً ولغة.. ولا شك في أن الكتب دوّنت الروايات التاريخية، وكانت غاية المؤرخين في الماضي، جمال الأسلوب ورقة اللفظ لكن الصورة اختفت اليوم، وأصبح رائد المؤرخ : تحقيق الجانب العلمي لتدوين التاريخ من دون أن يعير اهتماماً كبيراً للشكليات وجمال اللفظ ومهمة الجامعات اليوم في تدريس مادة التاريخ، هي اتباع طريق التمحيص والتدقيق، وليس قبول الروايات وسردها.
ـ عقل وعاطفة:
ـ إذن كيف يمكن للمؤرخ أن يؤرخ في رأيك..؟
بعقل وعاطفة، التاريخ إن كان عاطفة أصبح تدوينها ذاتياً، كالماء، لا طعم له ولا لون أما إذا كان متجمداً فهو أشبه بالصخر، التاريخ يجب أن يدون بإنصاف لمن تحب ولمن تكره وهذا الإنصاف لن يتحقق إلا بمواكبة العقل والعاطفة بالتوازن بينهما.
ـ كيف العمل لتشجيع اقتناء الموسوعات التاريخية والعلمية التي تقدم لذهن القارئ وجبة مبسطة ودسمة، ولترغيب الناس بقراءتها؟
ثمة ملاحظة مهمة، يجب إبداؤها في نشر الموسوعات التاريخية منها أو العسكرية أو غيرها وتتلخص بترجمة الموسوعات الأجنبية المكتوبة باللغة الإنكليزية أو الفرنسية، نصاً حرفياً من دون التأكد من صحة الحقائق الواردة فيها، فمثلاً لقد قرأت في إحدى الموسوعات الصادرة عن أحد البلدان العربية، ولا داعٍي لذكر الاسم - إن المدينة المنورة يحدها جبلان، أحدهما جبل (أُحد) والثاني جبل (عير) لكن صاحب الموسوعة نسي أن ثمة جبلاً ثالثاً يقع في أقصى الغرب يدعى (الجماء) وهو الغنم الذي لا قرون له، والذي تغنى به الشاعر الأموي سعيد بن العاص:
القصر في النخل والجماء بينهما
أشهى من القلب من أبواب جيرونا
هذا الإسقاط في رأيي خطأ فاحش للتاريخ، وثمة موسوعة مصرية نقلت كلمة (العثم) وهو شجر العرعر، سجلتها في الموسوعة العربية (بالإثم) هذا لا يجوز.. لكنني لا أنكر أن ثمة موضوعات عربية قيّمة، تطرح الفائدة بأسلوب مبسط، تستقي معلوماتها من الموسوعات الأجنبية وتقدمها بروح عربية، بعد التأكد من صحة معلوماتها، وعلى الآباء أن يدركوا وحدهم أهمية اقتناء مثل تلك الموسوعات، وإلزام أبنائهم بقراءتها على أن تسهم المدرسة في تعزيز أهميتها. الأستاذ الجامعي اليوم يقرأ كتاباً واحداً يستند إليه في إلقاء محاضرته، وعندما ينتهي منها يلملم أوراقه، ولا يقرأ جديداً وهذا هو عين الخطأ.
ـ وأين الرواية التاريخية. هل إنها مفقودة. أم أنها في أزمة..؟
الأديب فنان يصوّر عواطف الشعوب ومطالبها بالحرف كالمصور الذي يصوّر إحساساته بالكاميرا، والفن عطاء ذاتي لا يستجيب للأوامر، كذلك الرواية التاريخية، هي عمل أديب ومفكر يكتب بحرية، ويفكر بحرية. لكن هذه الحرية وللأسف مفقودة عالمياً، وليس في عالمنا العربي فحسب، وإذا ما توفرت تلك الرواية فإنها تجد سلطاناً يمنعها ويعتقلها لأن المؤرخ أو كاتب الرواية التاريخية أو الشاعر، أو الأديب لكي يكتب عليه أن يستشعر الحرية في نفسه، لكي يفرز حرفاً حراً صادقاً. وبصراحة أقول إن كاتب اليوم لا يعيش في سلام مع نفسه هو لا يجد نفسه، إما بسبب هيمنة السلطان على الرأي، أو فرض سلطان المعدة على صاحبها.
ـ سلطان المعدة:
هزني من يدي وأضاف. هل فهمت ما أقصد بسلطان المعدة؟ إنه سلطان الحبيب لقد مات هذا السلطان منذ أمد.
ـ لكن ما هو تصورك لخلق مناخ ديمقراطي يمكن أن يسهم فيه الفنان. والشاعر والمواطن على السواء؟..
يا ستنا، اضطراب العالم العربي وصراعاته مع نفسه ومع العالم ولهثان المواطن وراء أمور حياته اليومية، ولدت عند الأديب والفنان عقدة الهروب من الواقع، هؤلاء الناس لهم تميزهم وخصوصيتهم المرهفة، فكيف نطالبهم بأن يتألق الخيال داخل نفوسهم؟ لا يمكن ما لم تستشعر نفسه الطمأنينة.. وهذا لن يتحقق إلا بإبعاد السيف المسلّط على الخيال والواقع معاً، حينما سيقف الأديب صامداً محكمة النقد العربي.
ـ يقال إن الأديب السعودي متأثر وإلى حد بعيد بالأدب المصري وبأدب لبنان المهجري ما هو تقويمك لهذه النظرة، ولمسيرة الأدب السعودي حالياً..؟
أنا أولاً، لا أنفي المؤثرات، شرط أن تتبلور وتتكثف لتفرز أدباً سعودياً خالصاً ليس إلا وفي اعتقادي أن هذا الأدب يمر في مرحلة تطور وعطاء والدليل على ذلك هذه الوفرة التي نلمحها في نتاج الكتاب والشعراء، وفي شتى فنون الأدب، والملاحظ أن قراءة هذا الأدب تمر بغفوة كبيرة، إنه لا يقرأ إلا في نطاق ضيق، ومن قبل قلة من أبناء القطر العربي نفسه، المشارقة مثلاً لا يقرأون للمغاربة، والعكس صحيح، وثمة ادعاءات تفوق في الإنتاج الأدبي لمعظم الأقطار العربية، والمصريون هم أقسى الجميع في هذه الناحية، فقراءتهم لأدب الغرب أكثر من قراءتهم لأدب المشرق.. عندما جاء الدكتور محمد حسين هيكل إلى المدينة المنورة رحبنا به، لكننا قلنا له، نحن معجبون بك، ونحبك. لكن عندما كتبت حياة محمد، أحببناك أكثر، فأجاب بالحرف الواحد، لقد تعلمنا في الغرب، وهبت علينا رياحه الثقافية، فكانت كالرمال على حجر الصلب، ولما رجعنا إلى الوطن، وقرأنا التراث كانت تلك القراءة بمثابة الريح العاتية التي أزالت تلك الرمال من فوق الحجر الصلب، وبقيت قلوبنا الحجر الصلب في مكانه. وقد ردد هذا المعنى الدكتور زكي نجيب عندما زار الكويت فقال: كنت أرى تقليد الأدباء لأبناء الغرب، لكنني عندما قرأت التراث، وجدت أن المثقف هو الذي يقتني تراثه ويستوعب التراث الآخر ليؤلف بينهما، فالتراث هو بمثابة النبع الصافي لحضارة أي أمة من الأمم..
ـ تقصير بالجملة:
لكن.. كيف يمكننا أن نطوع هذا التراث ونتمثله في لغة الحياة المعاصرة؟
الواقع أن المؤلف والأديب مقصران والجامعات مقصرةٌ في تقديم مادة التراث، ومن ثم إسقاطها على حياتنا المعاصرة. ليس ضرورياً أن نقدم هذا التراث بأسانيده (حدثنا وحدثنا فلان)، لا حاجة لذكر هذه التفاصيل، لأن قارئنا اليوم ملوم، يأكله التلفزيون والسينما، وآخر الصرعات (الفيديو) علينا أن نقدم له طعماً شهياً بوجبات خفيفة، يتوفر فيها المبنى الجيد، والشكل الحسن، من دون القضاء على الأصل أو منازعاته، وما يزال التراث (إمبراطورية) مترامية الأطراف، وهو ليس في حاجة إلى إمبراطور قد تكون حاجته إلى فنان يجيد عزفه بمهارة في قلوب الناس.
ـ يقال يا شيخنا زيدان، إن الشعر هو ديوان العرب..
(ولم يدعني أتم سؤالي، بل قال معترضاً).. يجب أن نعرف الملابسات التي قيلت فيها هذه العبارة، لقد قيلت بالفعل، ومن قبل الفقيه عبد الله بن عباس، وفي حادثة من أطرف الحوادث، عندما كان جالساً في ديوان ابن الأزرق زعيم الخوارج. فجاءه رجل يسأله عن قصيدة عمر بن أبي ربيعة الرائية (أنت غادٍ فمبكر) فجلس ابن العباس يرويها ويشرحها، فالتفت ناحية ابن الأزرق وقال له: أسألك في الفقه والدين فتخوض في الشعر؟ فأجاب ابن العباس كلمته المشهورة: إن الشعر ديوان العرب، وكيف تعرفون الفقه والدين، إن لم تعرفوا ديوان العرب.
وصمت لحظات وأضاف، لا يمكن للشعر أن يأخذ مكانته ودوره ما لم يفتح له أبواب الحرية. لقد وصل شعر المتنبي، في حلب أو العراق إلى الأندلس، وكذلك الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني، وغيرهما. كانت الناس تصفق للكلمة الحلوة وتتذوقها، أما اليوم فدعيني من الناس.
ـ كمفكر، ومثقف.. كيف ينفتح الأديب السعودي على الثقافة المعاصرة؟
أبناؤنا اليوم يتمتعون بمؤهلات كافية، فهم يجيدون قراءة الأدب بلغتين، هما بمثابة دعامتين، تراثه وأدب الغرب، وهو إلى جانب ذلك يقرأ المتناقضات، لأنه بمعرفته للسلبيات تتضح أمامه الإيجابيات.
لسان السلطة:
ـ كصحفي وزميل.. ما هي مميزات الصحافة الناجحة في رأيك؟
أن تلتزم الصدق مع نفسها، والصدق مع قرائها. لا تجور وإن عادت، ولا تذعن أمام المغريات. الصحفي عندما يكون مأجوراً لفعل عليه العفا، - وللأسف - فإن معظم الصحف العربية اليوم هي لسان حال السلطة، وهي في النتيجة لا تخدع إلا نفسها، فالصحافة - وكما اتفق على تسميتها - هي مملكة لا سلطان عليها إلا حرية الكلمة.
ـ في حياتك الأدبية والصحفية. من هم الأدباء الذين ارتبطت معهم بصداقة؟
كانت تربطني صداقات متينة - ولله الحمد مع معظم أدباء المشرق والمغرب العربي، ومع كل الأدباء المحليين، بعضهم انتقل إلى رحاب الله، وبعضهم ما زالت أواصر المودة والمحبة معه قائمة. أذكر منهم حسين سرحان، حمزة شحاته، وحسن الفقي، ومحمد حسن عواد وعرفت هيكل، والجواهري وبدوي الجبل.
ـ قصة مع عمر:
ـ ثم توقف وأضاف، وعرفت الشاعر عمر أبو ريشة، ولي معه حكاية طريفة لكن ليست للنشر ثم أشار بيده وقال: أغلقي هذه الآلة (آلة التسجيل) (فأذعنت فانبرى بظرف يرويها)، وفي أثناء حفل التكريم الذي أقيم لشاعرنا الأمير عبد الله الفيصل، وحضرها أدباء من البلدان العربية كافة، بمن فيهم شاعر الشام عمر أبو ريشة، ألقيت كلمة ارتجالية قلت فيها: التاريخ يعيد نفسه. لقد كان شاعر الجزيرة العربية يذهب إلى السلطان في دمشق، جرير، والفرزدق والأخطل وكثير و.. وعندما أصبح السلطان في هذه الجزيرة.. جاءت دمشق بشاعرها عمر أبي ريشة تقاضينا ذلك، فأصبحت مقايضة، فارتسم الحزن على وجه الشاعر أبي ريشة ثم انفرجت أساريره وغرق في الضحك واعتبرها دعابة.
ـ وذكرياتك عن الشاعر الجواهري؟
أذكر أنني التقيته في مؤتمر تونس. وهو شاعر على جانب كبير من الظرف والرقة وحسن الحديث وقد اقتربت منه وناديته (أبا فرات) ثم قلت شعراً:
تمرون الديار ولم تعوجو
كلامكمُ على إذن حرام
فتقدم مني بوجه باش، ثم سألته عن حال آل كاشف الغطاء، وهم أخواله. منهم الإمام.. محمد حسين كاشف الغطاء، فالتفت ناحيتي وقال: لقد ذكرتني يا رجل بالنجف، وبرائحة الشيخ والقيصوم. ثم ذكر الشاعر عروة بن أذينه، وأنشد قصيدته التي مطلعها:
إن التي زعمت فؤادك ملها
خلقت هواك كما خلقت هوى لها
بيضاء، باكرها النعيم فصاغها
بلياقة، فأدقها، وأجلها
ذكر هذا البيت. ثم دمعت عيناه، وقال بصوت أجش (شوها الإنسان العربي) بشروال والله أكبر شاعر متشرد في باريس لا يقرض مثله.
ـ والمرأة يا شيخ زيدان..؟ أين هي من حياتك..؟
أجاب بابتسامة مرهفة، لا تسأليني عنها، بل اسألي قيود الوراثة. المرأة قديسة وهي أم. والأمومة قداسة.
ـ هل كنت تدعو لها ومن خلال كتاباتك السابقة إلى تعليمها وتحريرها؟
بعفوية ساخنة أجاب.. يا ستنا جوى ما يتناسب، حالي كحال لطفي السيد، والذي شارك الشيخ محمد عبده في الدعوة لرفع الحجاب، حين سئل في إحدى الجلسات، لماذا لم تسفر عائلتك بعد..؟ فأجاب، أنا سفوري بعقلي، حجابي بعاطفتي.
أنا يا سيدتي، أؤمن بالمرأة، لأنها تعرف كيف تحتضن الحب الذي تزيّنه الرحمة، ويحصنه الود والتسامح، إنها الخير وكفى.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :824  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 863 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج