شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
ما زال الصراع عبشمياً.. هاشمياً
كأنما أيام العرب في الجاهلية الأولى قد أبقت رواسبها في أعصاب العرب جميعاً، فلعلّهم ورثوا من الحرب القبلية أن لا تموت هذه الحرب بينهم، فلقد بقيت حية تثور ثائرتها كل حين فلم تسكن هذه الثائرة إلا في سنوات تعد على الأصابع في حياة رسول الله صلَّى الله عليه وسلم، ثم في حياة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما.
وكأنما تلك الأيام في الحروب القبلية - البسوس وداحس والغبراء والفجار - هي التي تحقق الكلمة. التاريخ يعيد نفسه، فقد استحالت تلك الأيام على صورة من الصراع بين العبشمي والهاشمي والعباسي والعلوي.. فقد أقصى تأثير الدين المجمع، وبقي المؤثر هو الحماسة للعصبية والتذرع بالإقليمية. والتحرك بالمذهبية. ذلك يفسر كلمة: التاريخ يعيد نفسه، وليس معناه أن تكون الأحداث على صورة واحدة، وإنما هي الأسباب والوسائل والنتائج بعدها - هي التي على الصورة الواحدة: شلل في المسيرة، تفتيت للوحدة، صراع يرهق الشعوب، والكاسب فيه أعداؤنا.
والسؤال أطرحه: هل التوتر بين دمشق وبغداد، وبين دمشق وعمان، وبين الجزائر والمغرب إلا صورة الصراع العبشمي والهاشمي تشعله الإقليمية.. تقدح الزناد للحرب المذهبية كأنما نعيش اليوم مع ثورات الخوارج وشهوات العملاء، ولقد كان الأمل حين سقط الاستعمار أن تكون الشعوب العربية الأمة الواحدة في عواطفها لصيانة وحدة أرضها لمحاربة أعدائها. ولكن.. ما زال العدو الإسرائيلي يصنع باسمه كحرب عليه هذا التوتر الإقليمي بين العرب جميعاً كأنما إزاحة إسرائيل لم تكن الوسيلة إليها إلا أن يكون العربي حرباً على نفسه، ومن الغريب أن تكون هذه الحرب ضد إسرائيل.
منطق غير مفهوم: فمحاربة العدو تقتضي أن يتحد المحاربون، ولكنهم اليوم يعلنون الحرب ضد إسرائيل كلاماً، ويصنعون النصر عليه فعلاً منهم بالانفعال ضد أنفسهم، وهو في النتيجة رد فعل ضد إسرائيل وإنما هو الافتعال لتفعل به إسرائيل كل طغيانها.
وطرح عليَّ صديق سؤالاً: هل هذا التوتر بين دمشق وبغداد من صنع دمشق..؟
ـ قلت: لا أدري.. كل ما أدريه أن دمشق هي أول من أنهض القومية العربية حتى لقد استأثرت بها دون غيرها، وجعلت همها الدعوة للوحدة العربية، كان (ساطع الحصري) قد عاشت دمشق تحت تأثيره، فمن الغريب أن تنقلب العبشمية في دمشق إلى الهاشمية وأن تنقلب بغداد العباسية، فالعلوية إلى عبشمية، كما الغريب أن تنقلب عمان الهاشمية في نظر دمشق العلوية إلى عبشمية.
رجعية إلى أيام العرب الأولى تمارسها التقدمية.
وطرح سؤال آخر، فقال: هل تريد من دمشق أن تفتح الجبهة الثالثة على حدودها ضد الأردن؟
ـ قلت: لئن كان التخطيط دمشقياً بحتاً فإني لا أتصور أن يغامر الجيش الدمشقي بفتح هذه الجبهة الثالثة: جبهة الجولان، والجبهة في لبنان، ثم الجبهة ضد الأردن.. فما أعرفه عن أي قائد في جيش لا يغامر هذه المغامرة، فسوريا كإسرائيل - كما قالوا ذلك في ألمانيا - لا تستطيع أن تحارب في جبهتين، فضلاً عن إيجاد جبهة ثالثة، فقد أفترض أن هذا مستحيل إذا كان التخطيط سورياً بحتاً. وحتى لو ضمنت سوريا أن لا تتحرك إسرائيل مستغلة للموقف لا دفاعاً عن الأردن فإن الجبهة الثالثة قد تحرم من تأييد فريق من الجيش السوري يبقى في مواجهة إسرائيل في الجولان استعداداً للدفاع ضد إسرائيل، كما أنه يحرم المدد من الجيش المرابط في لبنان.
إن إسرائيل الفرحة.. تهاجم سوريا لو أرادت، أو تشغل الجبهتين بمرابطة الجيش السوري فيهما.. أما لو كانت هذه المغامرة من تخطيط مفروض على دمشق فلا بد أن يكون المبرر له هو ضماناً من الذين يفرضونه أن لا تتحرك إسرائيل ضدهم ويمكنهم أن يفرغوا الجبهتين من الجيش مقابل الانتصار على الأردن.
افتراض ليس بالبعيد أن يكون، لكن بقي حساب المكسب والخسارة، فلا سوريا ستكسب من هذه الحرب ضد الأردن، ولا الأردن لو انتصر يكسب منها - فالخسارة واقعة على الطرفين، وهي أكثر ما تقع على نسف القضية الفلسطينية نسفاً كاملاً، فلئن قالوا إن الحرب بين بغداد وطهران قد عرقلت القضية الفلسطينية، فالحرب بين دمشق وعمان لن تكون عرقلة فحسب بل القضاء الكامل على فلسطين وعلى آمال الأمة العربية.. والليالي من الزمان حبالى، وأيام العرب في الجاهلية وبعد عهد الخلفاء مليئة بهذه الخلافات التي مزقت وأخرت، فلولا ذلك التمزيق لما كانت إسرائيل.
الإعلام
وحمدت للإعلام العربي أنه لم يعبأ بما نشرته محطة لندن عن المعركة الشديدة بين بعض الوفود العربية ومندوب الولايات المتحدة في لجنة حقوق الإنسان. فإذاعة لندن نشرت هذا الخبر كأنها تشغب على الولايات المتحدة وأعطته التفصيل الكامل..
قالت: لقد وقعت مشادة حادة بين بعض الوفود العربية وبين مندوب الولايات المتحدة في لجنة حقوق الإنسان المنعقدة في سويسرا. فقد قال المندوب الأمريكي مؤكداً العلاقة السرمدية بين الولايات المتحدة وإسرائيل، كأنه الزواج الكاثوليكي، فغضب العرب وتلاحوا وما كانت تقصد إذاعة لندن التشغيب على الولايات المتحدة من العرب جرعة ترتفع بها البغاضة وأن تجرع أصدقاء الولايات المتحدة من العرب جرعة تغص بها الصداقة، فهي أرادت أن تدق إسفيناً في العلاقات الأمريكية العربية تزيد أحقاد الخصوم، وتحرج صبر الأصدقاء، فإذاعة لندن إذاعة يهودية صهيونية.. تحدث الرجفة في أعصاب العرب.
حمدت للإعلام العربي أنه لم يحفل بهذا الخبر لأن الاحتفال به يصبح الأمر بالنسبة للعربي كموقف العصفور أمام صياد العصافير، فقد أخذ الصياد بقطع رقاب العصافير، فحين هبت ريح دمعت عيناه من التراب قذفت به الريح، فإذا عصفور مسكين يقول لصاحبه: انظر إلى حزنه علينا.. إنه يبكي. فقال عصفور حصيف: لا تنظر إلى دموع عينيه وانظر إلى فعل يديه. فينبغي للعربي أن لا يحفل بالتصرفات المحمومة، وإنما ينبغي أن يعمد أمام الفعال المذمومة فلم يعد القول من أي أمريكي موضوعاً يؤبه به.. لأن الفعل أقسى وأقسى.. فالعبرة بما تفعله الولايات المتحدة.. لا بما يقوله رجالها.
مؤتمر عدم الانحياز
قد ينشر هذا المقال في اليوم الذي تنشر فيه قرارات مؤتمر عدم الانحياز، فلا ينبغي لأي معلّق أن يسبق الأحداث، ولكن تعليقي ينصب على ما حدث: لقد طالب بعض الأعضاء بتعليق عضوية مصر في مؤتمر عدم الانحياز لأنها تدور في فلك إطار كامب ديفيد مع أنه من الحق أن يكون التعليق: لأنها لم تعد دولة غير منحازة، فقد انحازت بكل قوتها إلى الولايات المتحدة.
فإذا صح هذا عن السبب في تعليق عضوية مصر، فلماذا لا يطلب بعض أعضاء المؤتمر من طرف آخر تعليق عضوية كوبا وهي مائة في المائة منحازة إلى الاتحاد السوفياتي؟
لا أقول هذا دفاعاً عن مصر. ولكنه الدفاع عن مبدأ عدم الانحياز.
ثم الأدهى والأمر أن يقابل أعضاء المؤتمر مندوب الأفغان بالأحضان دولة لم تعترف بها أكثرية من أعضاء المؤتمر. حكومة مستعمرة للاتحاد السوفيتي تقتل شعبها. باعته رخيصاً إلى إمبراطورية الكرملين، فكيف يستقبل؟ حتى لو قال وبكل العجرفة: إنه لا يعارض في حضور الأمين العام للأمم المتحدة، فهل هو الخضوع لنفوذ السوفيات أم هو التجني على مبدأ عدم الانحياز؟ كلام غير مفهوم في عرف المبادئ. وإنه لمعلوم في التعارف مع الطغيان.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :701  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 858 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الجمعية النسائية الخيرية الأولى بجدة

أول جمعية سجلت بوزارة الشئون الاجتماعية، ظلت تعمل لأكثر من نصف قرن في العمل الخيري التطوعي،في مجالات رعاية الطفولة والأمومة، والرعاية الصحية، وتأهيل المرأة وغيرها من أوجه الخير.