شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
تفريغ الأرض والأحلاف
الإمبراطورية الغازية تمارس اليوم تصرفاً جديداً، كأنما هي عدلت عن إحراق الأرض إلى إحراق الشعوب. سواء صبت عليهم الأسلحة الكيميائية، أو كل المهلكات، أو أنها تحرق أفئدتهم لتفريغ الأرض منهم.
لقد مارست إمبراطورية البيت الأبيض حربها في فيتنام، فأحرقت الزرع والضرع، ولم يلجأ الفيتنامي إلى أن تفرغ أرضه منه، ولكن إمبراطورية الكرملين - هي في حاجة إلى الزرع والضرع - أجبرت الفيتناميين أن يفروا من أرضهم لأنها تكسب من وراء ذلك أموراً ثلاثة:
ـ أولاً: حين تفرغ الأرض من سكانها تستطيع فرض إرادتها على البقية الباقية.
ـ ثانياً: تكسب الذهب الذي يشتري الفيتنامي الهارب من أرضه سلامة الخروج بما يدفعه من الذهب.. يدخل في الجيب الأيمن للحكومة الشيوعية في فيتنام ليدخل في الجيب الأيسر قيمة ما يسمونه السلاح.. يدخل في جيب الاتحاد السوفيتي.
ـ ثالثاً: حينما تفرغ الأرض من إنسانها يتوفر الزرع والضرع أرزاً بآلاف الأطنان. ولبناً ولحوماً.. يستهلكها الاتحاد السوفيتي.
فالأمر في تفريغ الأرض من سكانها انتزاع، ليس للأرض وحدها بل لاستعباد إنسانها، والنزح من خيرات تلك الأرض الولود للزرع والضرع.
ولم يكن ذلك خط إمبراطورية الكرملين في فيتنام وحدها.. بل هو تخطيطها في القرن الإفريقي.. تفرغ الأرض من سكانها لا لتنتصر إثيوبيا وإنما ليبتلع الاتحاد السوفيتي كل الخيرات وليضع أصدقاء الولايات المتحدة أمام الخوف، فالخوف سلاح الاستعمار الجديد والخائفون يصبحون وكأنهم الحمر المستنفرة فرت من قسورة.
وفي الأفغان.. لا يباح الاتحاد السوفيتي أن يجهز بقوة مدمرة يحتل بها كل الأفغان، فكل همه الآن: مطاولة المجاهدين، لا ليعطيهم الفرصة، وإنما هو يوقت لمزيد من الهاربين من طغيانه. يكسب فراغ الأرض من سكانها.
إن تفريغ الأرض هو قمة الطغيان، ولكن العجيب أن تقف دول كثيرة مخدرة بعواطف تساعد الاتحاد السوفيتي على تفريغ الأرض.. يؤسسون المؤسسات باسم المعونة للاجئين.. تفتح كل دولة أبوابها تستقبل كل هؤلاء الفارين من طغيان صب عليهم فليس عندي إحصاء للملايين التي فرت فوجدت دولاً في الشرق الأقصى وفي المغرب وفي أمريكا تستقبلهم. تصنع للحنان لكنه في الواقع من صناعة العون للطغيان، فلو رفضت هذه الدول استقبال اللاجئين لكبر الخزي على الاتحاد السوفيتي، ولأصبح هؤلاء الذين لا يجدون ملجأ قوة ولو بالتشغيب على طغيان الاتحاد السوفيتي.
ولا أدري كيف يصطنعون هذه العواطف وهم يمارسون الذبح بالقطارة وبالجرعات على شعوب أرضخوها للمجاعة ولطغيان إسرائيل سواء في إفريقيا أو في غرب آسيا وما إلى ذلك أنه حين يستقبلون اللاجئين يمنحون الفرصة لأن يستغوي الاتحاد السوفيتي.
إن الاتحاد السوفيتي صادق في كذبه علانية لا يمارس تمريغ العواطف، بينما أولئك كاذبون في صدقهم لأنهم يمرغون أنفسهم تحت غبار العواطف.
وكوبا.. أليس من العون لها أن تستقبل الولايات المتحدة ألوف الهاربين من كوبا..؟ وكيف اتسعت سفارة بيرو لأن تسع الألوف؟.
كذبة سوداء مارسها كاسترو ليفرغ الأرض من هذه الألوف.. يستريح منها ومن شعبها إذا صدقنا أنها تمارس الشغب ضده.. فلماذا لا نفترض أنهم معلمون من كاسترو.. يمهد لهم الفرار ليكونوا في فلوريدا قريباً من كوبا.. يشغبون على الولايات المتحدة، ولا أدري هل أصف ذلك بالغفلة أم هي خطة بعيدة المدى تتعامل فيها بعد مع كوبا.. إما بتسليح هؤلاء اللاجئين، أو باتخاذهم حجة تمارس بها ضغطاً أو حرباً على كوبا.
ذلك حسن ظن، مع أن كل التصرفات تحمل على سوء الظن.
الأحلاف:
وأثبتت الأيام أن الأحلاف كذبة كبرى، فالحلف لدول الشرق الأقصى أصبح كلاماً لا عملاً ففيتنام وكمبوديا تعيشان الهلاك، حلف الشرق الأقصى يتناوم بلا حراك.
وفي شرقنا الأوسط اهتزت الدنيا العربية ضد حلف بغداد، ثم خرجت بغداد من الحلف، وأقاموا بعده الحلف المركزي بين إيران وباكستان وتركيا وأسقطت إيران هذا الحلف، وخاضت الحرب القائمة الآن.. سواء الحرب المسلحة بينها وبين العراق، أو الحرب الأقسى بينها وبين الولايات المتحدة فإذا هذا الحلف الذي سقط وكان ينبغي أن لا يسقط بسقوطه التزامه الجوار الدعامة الأولى لتأسيس الحلف. لكن الجوار قد تجنب التزامه، فتركيا أكثر تعاطفاً مع العراق والباكستان تركت الانحياز لأي من الطرفين، يعني ذلك أن الحلف المركزي كان ألعوبة استعمارية وليس حاجة لتلك الدول التي انتظمت في ذلك الحلف، وأخشى ما أخشاه أن نفاجأ بأن حلف الأطلسي سيكون مصيره مثل مصير الحلف المركزي. أما حلف وارسو فبعيد أن يسقط إلا إذا أسقطته الشعوب0، فقد بدا المنجل عاجزاً عن جث الجذور، فهو لا يستطيع إلا أن يقطع الفروع والأوراق، فالأحلاف كذبة سوداء.
العلم والشيوعية:
كم خدعنا بأن الحرية قاتلة الشيوعية.. لأن الحرية التي يزعمونها الآن لم تكن حرية الشعوب وإنما حرية السياسة يستقطبون الشعوب باسمها كاذبين بالتعامل على أساسها، فأصبحت لا تعطي أي مقاومة للشيوعية، لأن الحرية عند هؤلاء بلغت حد الفوضى، فالأمر كما قلت من قبل هو في الواقع: حرية الفوضى وفوضى الحرية.
ولكن العلم هو القاتل للشيوعية، فقبل القرن العشرين كان الإنسان مسيراً بفكر الأديب.. والفيلسوف، فانتشر الإلحاد وانتصرت الشيوعية، ولكننا في أواخر القرن العشرين الآن قد بدأ العلم يتحرك لمعرفة حقائق الوجود، وحقيقة الإيجاد، والاطلاع على الأسرار التي أودعها الله في هذا الكون. فالعلم يكتشف كل يوم عجائب تعطي الإنسان سمو التفكير، وبراعة التفكر ويعني ذلك أن العلم هو مانع الحرية، وعندما يصبح العلم متحرراً، والعالم غير مقيد فإن أفكار الفلاسفة وترهات المهرطقين تصبح بعيدة عن أن تفرض سلطانها.
أفليس أن هؤلاء الذين يسمونهم _المنشقين) على الشيوعية - سواء في الاتحاد السوفيتي و غيرها - هم العلماء؟
فالجهل مطية للطغيان، والعلم هو الحرية حرباً على الطغيان. انتظروا ما سيفعله العلم والعلماء فهل أنتظر من الأمة العربية أن لا تتآخى بفكر الفيلسوف والأديب لتستقطب التفكير العلمي حينما تخرج الجامعات علماءها؟
ـ صورة:
يحسبون أن من البراعة تغيير المسميات واللعب بالأسماء.. ليخففوا من وقع الاسم الصحيح، فالحرب بين إيران والعراق يسمونها: النزاع. أو يكذبون للتشغيب فيسمونها: حرب الخليج، ويسمون المجاهدين (المتمردين) والمعارضين: (المنشقين) ويسمون الهزيمة: نكسة. ويسمون الموت: قتلاً. ويسمون الزلازل: هزة.
وهكذا.. سخّروا اللغة العربية بهذه المترادفات كأنهم يسخرون منها.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :677  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 857 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء الأول - مقالات الأدباء والكتاب في الصحافة المحلية والعربية (1): 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج