شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الجولان يتهم سهل البقاع
حين تتراكم النكسات واحدة بعد الأخرى نتيجة لتراكم الهزائم.. يجتر الإنسان انتحار الوقت، يلتمس المعاذير، يجري وراء القوة التي لا يباح له استعمالها.. يبيح لنفسه أن يعلن الشجاعة - شجاعة الصابرين - بينما الخوف هو اليقين في وجدان المتبعثرين.. لكن انتحار الوقت لا ينتحر به الزمن، فلئن أضاع الإنسان العربي الوقت، فإن الأرض لا يؤثر فيها ضياع الوقت لأن الزمن معها.. لأن اللغة وحدتها.. لأن المصير واحد، فما يصيب الهضبة في الجولان.. تصرخ من مصابه شماريخ السراة (الحجاز) وتلال النجود والقمم على الأطلس والأوراس، والفن والتاريخ مكتوب في عظمة الذين صنعوا للزمن حياة وللتاريخ وتاريخ الحياة.. في الأثر الذي نسيه الوقت واحتفظ به الزمان.
فالأرض لا تتغير.. لا تعرف أن تتمذهب، ولا تستورد الفكر.. لأن الوفاء منها حفيظ على الفكر العربي، كما هي قد حفظت لسانها وتقاليدها وأعرافها من أن تتغير.. تبلور كل ما لديها بالتطور، فلن تخضع لغيبة التاريخ، فإن في كل ذرة من ترابها صحوة التاريخ.. فإن لم يتكلم إنسان (الجولان) بلغة الصاروخ، ولسان المدفع.. فإن.. (الجولان) قد صرخ يتهم البقاع، فالهضبة يعيش بها السهل، وحامية السهل تسأل البقاع أعني سهل البقاع - فقالت هضبة الجولان:
ـ أيها السهل، وأنت جزء مني وأنا جزء لك، قد استبشرت يوم أن نصبت الصواريخ على أرضك صفقت لها تدافع عني، وحين قهرت صواريخك طائرات الاستكشاف اليهودية زغردت أبشر نفسي بقرب الخلاص، وحين رفعت إسرائيل صرخات الشياطين تطلب من الولايات المتحدة أن تكون الوسيط يطلب من دمشق أن تزيل صواريخها.. كأنما الدفاع عن الأرض من هجمات إسرائيل لا يرضي الولايات المتحدة بينما أسلحة الهجوم في يد إسرائيل لا تسعى الولايات المتحدة لكبح جماحها. بل هي تسعى لأن تزيد قوة الطغيان قوة تلو الأخرى، فسلاح الدفاع ينبغي أن يزول، وسلاح الهجوم في يد اليهود يجب أن يبقى.
وأرسلت الولايات المتحدة رجلاً أعراقه من أعراقك - أيها السهل - تأمرك، لا يحمل إلا الولاء للعلم الأمريكي، على العكس من اليهودي المتأمرك يحمل الولاء لإسرائيل قبل الولاء للعلم الأمريكي. وكل ما سعء إليه هذا املندوب (فيليب حبيب) ليس وقف القتال في لبنان، بل هو أن تزول الصواريخ من سهل البقاع.
من هنا تتهم هضبة الجولان سهل البقاع بأنه الوسيلة التي اغتنمتها إسرائيل فرصة ضمت بها الجولان.. عجزت أن تحطم الصواريخ، وعجز (فيليب حبيب) أن يرغم دمشق، فالتفتت إسرائيل تنتقم بضم الجولان.. أفليس الاتهام قائماً على أن هذه الزوبعة التي أثارتها الولايات المتحدة ضد أصدقائها الأعزاء الإسرائيليين مناورة؟!
تتظاهر الولايات المتحدة بأنها لا تعلم عن خطة إسرائيل.. حتى إنها جمدت معاهدة التعاون العسكري الذي يتخففون، فلا يقولون العسكري وإنما يقولون الاستراتيجي.
وحين جمدت هذا التعاون - كأسلوب مؤدب مع إسرائيل - أعلن مناحيم بيغن إلغاء هذا التعاون براعة في المناورة، مع أنها كذبة في التاريخ.. لأن هذا الاتفاق سيعود.. وقد بدأت طوالع العودة له في الكلمات الرقيقة التي أرسلها الجنرال (اسكندر هيج) وزير خارجية الولايات المتحدة: (إن الخلاف لا يؤثر على الصداقة فكثيراً ما يختلف أعز الأصدقاء). انتهت هضبة الجولان إلى أن تقرر بعبارة صريحة.. صارخة في أذن العرب: لا تفرحوا بالموقف الأمريكي.. فإسرائيل لن تضيع صداقة الولايات المتحدة بل هي تملي على الولايات المتحدة - بالكلمات الوقحة التي أسمعها بيغن للسفير الأمريكي - أن تعلن الصداقة المتحدة لإسرائيل.. فقد كان السفير الأمريكي وهو يسمع إهانات بيغن لا يهتز غضباً منها بل هو الفرح بها، لأنه يهودي يحمل الولاء لمناحيم بيغن، أكثر مما يحمل الولاء لرونالد ريغان.
فضم الجولان هو الانتقام من الصواريخ على سهل البقاع، ولئن قيل إن الولايات المتحدة. قد صوتت على القرار.. يطلب مجلس الأمن من إسرائيل أن ترجع عن هذا القانون، فذلك ليس بشيء.. فإن الولايات المتحدة هي التي صاغت القرار 242، وإن تقدمت به بريطانيا ثم وقعته الولايات المتحدة ولم تصنع الولايات المتحدة أي تحرك لتنفيذه، فتوقيع أي قرار من الولايات المتحدة وضد إسرائيل مفوض فيه أن لا يتم له تنفيذ، فالتوقيع حبر على ورق. ومعذرة إلى وزير الخارجية (اسكندر هيج) فلعلّه يعرف - إن لم تكن من الأصدقاء الأعزاء فإن صداقة العرب صداقة الأوفياء.. لم يأخذوا من أمريكا أي عطاء، وأي قطعة من السلاح يدفع ثمنها قبل شحنها.. بينما الأصدقاء الأعزاء يمنح لهم السلاح ضد الأصدقاء الأوفياء بلا ثمن..
ـ زياد أبو عين:
أيها الفتى العربي: قرأت التاريخ، فامتلأت نفسك بأن تلب النجاة لدى الشعب الأمريكي إن التاريخ قد مضى يوم كان الشعب الأمريكي يملك حماية اللاجئين الفارين من العذاب لأن الشعب الأمريكي برواده القدامى لجأ إلى الأرض الجديدة فراراً من العذاب، فأعلن ثورة على ضريبة الشاي ويطلب الحرية.
كل ذلك ذهب بسبب سلطان اليهود على هذا الشعب، فما أكثر ما تفتح أبواب الهجرة لليهود، وما أكثر أن يحرم لاجئ من الحماية.
خدعك التاريخ، فإذا الطغمة من اليهود يفرضون سلطانهم على القضاء فلا تسلم لإسرائيل بمنطق الساسة، وإنما سلموك بحكم القضاء، إنهم لم يهدروا قيمتك وإما أهدروا قيمة القضاء الأمريكي.. فلعلّ قاضياً من أبناء الرواد أصحاب القبعات العالية والياقات المنشأة يداري وجهه منك خجلاً، لأنه لم يعد قادراً على أن يحمي المعذبين!
ـ زياد: أرادوا لك الموت، وما علموا أنهم كتبوا بك ولك الحياة.. في دموع الأمهات، وحنان الأرض.
الموت تعلمت صناعته فقتلت الذين احتلوا أرضك، وحين تقتل ستحيا روحك في حوصلة طير أخضر، لأنك شهيد، فالعار مركب الأشرار، ومطية الطغاة.
لا تجزع.. لأنك حياة حين تموت، ولأنك الموت لحياة الذين كفروا بالحرية وإغاثة المعذبين يوم تقتل لن يكون إلا يوم زينة، تتزين بك فلسطين الأرض وإن لبس السواد بعض إنسان الأرض.
ـ نزار قباني:
أخي في العروبة نزار قباني: لئن اختلفنا في الوسائل، فإننا لم ولن نختلف في اعتناق السخرية من كل الوسائل التي ينتحر فيها الوقت.
نزار.. كم دمعة أرسلتها من عينيك حين تسعرت جمرات الحزن في وجدانك.. تبكي على أبنائك؟
لقد بكيت من أجل لبنان كثيراً، ولا أزال الجبل والأرض التي تعيش أشجاره وتنمو أعشابها بدموع الباكين على لبنانه (أخنوع): لبنان.. جنة الله في أرضه.. بكيت، فإذا لبنان يأبى إلا أن يبكيك من فعل بنان.. لعلّه تشيع للخميني، أو لعلّ إيرانيين قتلتهم الشعوبية وسخرهم الطغيان لأن يغتالوا الدمع في عينيك.. تتحجر محاجرك كأنهم أرادوا أن يحرموا لبنان من بكائك.
قتلوا (بلقيس) وهي ليست من بنات سبأ.. ولا من أمهات صنعاء، وإنما هي من بنات بابل ما غمدان، ما بابل، ما الأهرام، ما حجر ثمود، ما البتراء، إلا الأرض التي أنبتت (بلقيس) بلقيس الملكة في سبى.. بلقيس الملكة على وجدانك كأنما بلقيس تعلمت من هاروت وماروت أن تحصنك برقي، هي السحر الحلال في شعرك.
أنت يا نزار - تعيش الموت الآن، لأن حياة الحياة من نور بلقيس، قد أخفتوها الآن، لكن (بلقيس) مع بلسم الزمان ستجعل منك في حياة جديدة نزاراً يطغى على الطغيان.. يقول لأهل فارس الذين تناول العلم منهم رجال أمسكوا بالعلم المعلق بالثريا.. تقول لهم عزائي أيها الفرس حين مات في وجدانكم الفردوسي والخيام وأبو نواس حسرتي عليكم تعيشون في فوضى النسيان.. زرعه في وجدانكم شعوبي قد مسخ التشيع الحب، فأحاله إلى بغضاء فأول الكافرين بالبغضاء الأئمة الذين تشيعوا لهم، فجعفر الصادق أول ما أسقط.. أسقط البغضاء.. لكن ابن سبأ اليهودي قد باض وفرخ في وجدانكم الآن.
وكأنما بقية من أبناء السبي اليهودي لا زالوا فيكم يؤثرون.. أتحسبون أنكم قتلتم الحب في فؤادي..؟ فلئن كان نوراً بالأمس فقد اصبح ناراً اليوم.
ـ نزار، لك العزاء في هذه البابلية، كأنما بعلبك قد مدت يدها إلى بابل فأغرفت غرفة من بردى: (تصفق كالرحيق السلسل) تمتزج بدجلة، لتكون أنت عنوان العناق بين الشام والعراق..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :708  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 853 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج