شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
من المؤامرة إلى المغامرة
ما هي المؤامرة.. ومتى بدأت، وكيف حققت أغراضها؟ وأين هي المغامرة، وكيف ستكون؟
أطرح هذا السؤال.. أستقرئ تاريخاً. فالمؤامرة صنعها بالتخطيط غضب الرضا أو رضا الغضب.. صنعها الحلفاء أيام الحرب العالمية الثانية ضد تسليح مصر حين أعلنوا غضبهم من فرحة الرضا بموقف مصر حين أعلن زعماؤها كلهم: (تجنيب مصر ويلات الحرب). إلا زعيم واحد، هو الدكتور أحمد ماهر أصر على أن تدخل مصر الحرب وما كان يقصد العون للإنجليز، فلعلّ مصر تعرف أن (أحمد ماهر) تعرض لحكم الإعدام من الإنجليز في حادث السردار. كل زعماء مصر جنبوا مصر ويلات الحرب: موقف فيه إنقاذ مصر في ما ظهر لهم.. بينما هو قد جرد مصر من القوة، ومن الموقف المطالب بالحق. وفي الجانب الآخر سلح الحلفاء شرذمة من اليهود زعموا أنها دخلت الحرب معهم، فإذا مصر التي حرموها من التسلح قد خاضت حرب 48 ضد إسرائيل التي أمسكت بالسلاح عوناً من الحلفاء.
لقد كان مخططاً رهيباً أن تحرم مصر من السلاح، وأن يمسك اليهودي السلاح، فهل أجد أن التاريخ يسجل هذه الغفلة، أو هذا التغافل.. نفذت به مؤامرة الحلفاء على العرب جميعاً؟
وهناك في العراق.. حين بدأت الثورة ضد الإنجليز بزعامة رشيد عالي الكيلاني. ظن كل الأصدقاء للإنجليز أنها ثورة ما كان ينبغي أن تكون تشغل الإنجليز عن حرب المحور بينما المؤامرة والمخطط الرهيب قد أعلن غضبة الرضا عن ثورة العراق ليُجْهز على القوة العراقية، لأنها لو بقيت لتغير الوضع عام 48.
إن الرضا عن ثورة العراق، وما صنعه الإنجليز في العراق هو الذي وضع العراق في الموضع المعروف سنة 48، فلماذا؟
لأن الذي أجهز على ثورة العراق هو (الجنرال غلوب) بجنود عرب، وإن الذي فتح لـ (غلوب) أن يجهز على ثورة العراق هو الموقف الأردني المضطر لذلك انتصاراً للعرض الهاشمي، فالعراق سنة 48 ومعروف موقفه من أسبابه أن لا يكون للأردن شأن في فلسطين، فمصر خاضت الحرب بسلاح فاسد، والعراق وقف أمام الحرب بقوة لم تتقدم، وأن تتأخر، والبقية معروفة.
كل ذلك كان نتيجة المؤامرة التي أعطت للحلفاء ولإسرائيل أن يقطفوا ثمارها في انتصار اليهود، وتأسيس دولة إسرائيل سنة 48.
فلو أن مصر التي أعلنت شعار (تجنيب مصر ويلات الحرب) سارت مع أحمد ماهر، فأعلنت الحرب مع الحلفاء، لأجبروا الحلفاء أن يعطوهم السلاح، كما أعطوا اليهود، كما أعطوا الهنود. إن مصر لم تتجنب ويلات الحرب.. فكذبة كبرى أن يقال ذلك، فلقد كانت في الميدان.. تضرب بالطائرات وبدلاً من أن يكون المصري جندياً.. كان الألوف من المصريين عمالاً وراء الخطوط وفي داخل الخطوط.. فالأرض ما تجنبت ويلات الحرب، وأرزاق مصر كانت مدد الحرب وسماء مصر تحلق فوقها الطائرات.. حتى وصلت الحرب إلى حدود مصر في العلمين.. كل الزعماء قالوا: لا حرب، وزعيم واحد قال: لا بد من الدخول في الحرب وحتى الرئيس محمد أنور السادات، ولم يكن ايامها زعيماً، ولم يكن ذا شأن.. كان أحد المصفقين لعدم دخول مصر الحرب.. بل أعلن ولاءه للمحور ولألمانيا بالذات، وما قصة فراره هو وحسين ذو الفقار صبري، وخضوعه لزعامة عزيز علي المصري بالشيء الخفي حتى إنه أعلن أيام رئاسته الحالية، وقبل مدة، الحملة على أحمد ماهر.. لأن أحمد ماهر أراد أن يورط مصر في دخول الحرب.
وانتهت المؤامرة بخسران العرب والكسب لإسرائيل.
فأين هي المغامرة الآن؟..
إنها في هذا الخبر - نسب إلى الرئيس محمد أنور السادات - بأنه لا يمانع في أن تكون مصر عضواً في حلف الأطلسي.
أليست هذه مغامرة.. تخرج بها مصر من دول عدم الانحياز وتفتح الطريق لأصدقاء الاتحاد السوفيتي من العرب أن ينضموا إلى حلف وارسو؟
فلعلّ بوادر التحركات من بعض أصدقاء الاتحاد السوفيتي - إن لم تطلب الانضمام لحلف وارسو الآن - فقد أعلنت تخوفها من انضمام مصر لحلف الأطلسي.. لتصبح المغامرة أشد من المقامرة ولعلّ فيها الإحراج - كل الإحراج لبعض أصدقاء الولايات المتحدة، ولست مع الذين اعتذروا بأن الرئيس محمد أنور السادات قد أراد إحراج إسرائيل التي لن تدخل حلف الأطلسي، ولن تعطي تسهيلات لجيش الولايات المتحدة.
لقد اعتذروا بذلك، وفاتهم أن إسرائيل لن تغضب الاتحاد السوفيتي بالانضمام إلى حلف الأطلسي، فهي الآن كما هي قبل في أحضان الاتحاد السوفيتي وإن كانت ما زالت تغرف من ترسانة وثروات الولايات المتحدة.. هي تريد الأمن بالاتحاد السوفيتي، وهي أمينة من غضب الولايات المتحدة لأن الكونجرس معها ويعتذر لها بأن ضمان الأمن السوفيتي لإسرائيل هو بقاء على حياتها التي تضمن بقاءها الولايات المتحدة.
ـ صورة:
أليس من الملاحظ أن الهجوم على أي أرض.. على أي شعب.. من أي دولة عظمى أصبح طليقاً لا يردع؟
بينما الدفاع، حتى لو هوجمت دولة عظمى، لا تستطيع أن تواجه هذا الهجوم بالدفاع حتى عن أراضيها، فالهجوم طليق والدفاع مقيد.
لقد غزا الاتحاد السوفيتي الأفغان، فالدولة العظمى وحلفاؤها الذين يرون الخطر ماثلاً على مصالحهم لم يستطيعوا التحرك بالدفاع عن هذه المصالح.. حتى أن منع القمح الذي حسبوه من عدة الدفاع أصبح مباحاً للاتحاد السوفيتي.
ولو هاجم الاتحاد السوفيتي بولندا أو أي دولة من دول حلف الأطلسي، فإن الدفاع معطل تحال القضية إلى هيئة الأمم المتحدة، إلى مجلس الأمن.. إلى المفاوضات فالنتيجة.. إن قوة الردع أطلقت الهجوم وقيدت الدفاع لتعود الدنيا كلها غابة الظفر والناب.
ـ صورة:
ولعلّي أضيف حلية تزخرف (المؤامرة والمقامرة) بالنسبة لقيمة مصر، فقد حارب بهذه القيمة ونستون تشرشل.. حين أعلن صرخته يهدد موسوليني بالذات، فقال: لئن ضربت القاهرة أو أثينا، فسأضرب روما ضرباً مركزاً.
كان بهذه الكلمة محارباً وحضارياً في الوقت نفسه.. هدد بضرب حضارة روما وهو من المقدسين لها إذا ما ضرب تراث الإسلام والفراعين واليونانيين.
لقد أسقطوا بالمؤامرة أن لا تحمل مصر السلاح، فإذا هم يتخذون من قيمة مصر السلاح.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :736  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 852 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج