شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الفن ملكة.. والتوحيد امتلاك
قبل أن يعرف غيرنا الأندية والحفلات، أو المؤتمرات كنا نعرف الأسواق التي يرسل الفنان فيها فنه، ليجد شكراناً وثناءً.. ليجد مجداً على صورة من تقدير الشعر والفن. عرف غيرنا الحلقات لمهارات الديكة أو مصارعة الثيران.. وعرفنا الفن شعراً، ومثلاً رائعاً، وحكمة مشهورة، وقولاً مأثوراً.. كل ذلك صقل اللسان وأشرق به البيان.
فالأسواق ما هي إلا مؤتمرات لا تصدر فيها قرارات. ولا تعقد بتآمر.. وإنما هي الكلمة وقتها تسير راكضة إلى ميدانها.. ينقلها الرواة فتصقل الألسنة لتكون امتلاكاً لأصحاب الملكات بعد.
فالفن على أي صورة وبأي تصور ملكة.. موهبة.. استعداد.. يكبر ويزهو ويزدهر بالامتلاك فكراً، وإعداداً، وعدة، وبامتلاك الآخرين له.
فالفن ملكة يصبح امتلاكاً لمقتنيه لحافظه.. لمقتديه.
الفن الملكة حين يمتلك القوة من ذاته، والقوة المكتسبة من كل الذوات المحيطة به يجد في ذلك امتلاكه.
إنه الملكة التي تمتلك نفسها والقوة المحركة لها.. وإنه الملكة التي يقتلها امتلاك غيرها لها في الأسواق العربية في الإيحاءات التي تكتنفها بدافع تسير بحوافز ذاتها. بنوازع الجاهلية كانت ملكات الفنانين المكايدة لكل ذلك. أو بدافع المكايدة لغير ذلك.
إن الفن الملكة يسير على هواه، فالنابغة الذبياني حكم لم يرسم خطاً لشاعر.. يعني أنه تجنب الامتلاك بالتوجيه، وملك نفسه أن يكون شاكراً بالثناء والإطراء. ولا يعني هذا إلا أنهم في الجاهلية كانوا خيراً منا الآن في عدم الحجر على الملكات، فجاء فن اسمه (ديوان العرب) اسمه (موسوعة اللغة) اسمه (البيان).
أما اليوم، فتعقد المؤتمرات على صورة من التآمر.. كل الفنانين ناثرين وشاعرين يعطونك الصورة، تتخيل فيها أنهم في مهارشة الديكة.
إن الحصيلة في (عكاظ) التي تقررت كعيون الشعر ليس فيها من مهارشة الديكة ولكن فيها شيء من صولة الفارس، ونبالة الكريم. وفضائل الأخلاق.
فليقل الشاعر هناك هجاء لكن الحكم وذوق الرواة، ومطلب الجماعة لا يعطيه التفوق وإنما يعطيه الوضع لصورة صورها الفنان لا أكثر ولا أقل.. كم من مؤتمر عقد.. كانت الشتائم فيه من مستوى الفرد وعلى مستوى الأمة.
اقرأوا ما صدر.. لا تجدوا إلا ثلباً لشعب عربي من شاعر عربي وناثر أو خطيب.. كان الهجاء في الأسواق على مستوى الأفراد ضد الأفراد، ولكنه في هذه الأيام وفي أكثر من مؤتمر كان ثلباً أممياً.. كان الشاعر قد أمم بالتوجيه - أو بعبارة أخرى - قد صار شعوبياً يثلب شعباً من أمته.
إن التشيع لشعب من شعوبك ضد شعب آخر من هذه الشعوب لا تميز الخطأ من الصواب ما هو إلا الشعوبية الجديدة في هذه الأمة. كل البلاء من التوجيه الملقن.. كل البلاء من التوجيه المداجي - أعني أن بعضهم يوجه نفسه مداجاة لوجهة يعلمها - يترضى بها فريقاً اليوم يأتي بعد ذلك يتوب بين يدي شعب أكبر السفهاء عليه.
لكي تنجح المؤتمرات الأدبية ينبغي أن يكون لها سوق واحدة.. في مدينة لا تخضع لتوجيه، ويصدر ميثاق شرف من سلطان كل دولة أن لا تعذب قائل الكلمة الفن إذا ما خالفت وجهة نظرها.
لا ينمو الأدب بالتوجيه.. لأن التوجيه امتلاك وتسخير..
الفن لا يسخر..
الفن فكر.. كل فنان يفكر وليس كل مفكر فناناً.
فزعم الزاعمين أن الفنان لا فكر له يخرج الشاعر من زمرة المفكرين.. يطرد الأدب من ميدان الفكر.
حينما يكون الشاعر فناناً لا يكون مقلداً.. وحتى راسم الطبيعة ذاقت ملكاته الجمال فعبر عن هذا الذوق بفكر ملأ وجدانه.. احتوى مداركه فقسر على أن يمسك الريشة ليعطي الثورة التي ملكها بالملكة.. وليس هذا بالتقليد وإنما هو ألصق بالتخليد.
ليكن صاحبنا شاعراً أو فناناً بدون فكر ليكون بهذا قد أخرج نفسه ليضعها في حاجة إلى رعاية مالكي الإشفاق..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :598  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 849 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج