شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
تجارة السلاح.. بلطجة
وانتهى عصر القراصنة.. عصر السلب بالقوة، واستعمال القوة للسلب والقتل، حتى الاستعمار القديم كان القراصنة هم الرواد.. يعطلون التجارة في البحر ويسرقون الإنسان يبيعونه عبداً.
من كان يفعل ذلك؟
كانت تفعله الشعوب الأوروبية؟
وانتهى عصر الاستعمار للشعوب الآسيوية والإفريقية، فإذا ما رستْ سفن القراصنة على الجزر.. عرضوا الخرز الملون، والأقمشة الملونة، يضحكون بها على شعوب الجزر ليأنس شعب الجزيرة.. كأنما الخرز والثياب شباك الصياد، سلاح الحرب الباردة في يد القراصنة. وانتهى عصر الاستعمار القديم الذي تجدد باسم: تنمية الحضارة في الشعوب، أو تمدين الشعوب. ذلك الاستعمار الذي اغتنت به أوروبا كلها. يملكون أرض الشعوب بصكوك، أملاك التاج تاج الإمبراطورية. إلى آخر ما هنالك من أساليب البلطجة.. فإذا أوروبا التي استغولت تستعمر آسيا وإفريقيا أصابها الجشع والتكالب باسم المنافسة بالحربين المدمرتين، كأنما هو العقاب.. فكل ما كسبوه من نزح الثروات خسروه بل كانت الخسارة أكبر من دماء الملايين التي قتلتها أوروبي يقتل أخاه.. حتى جرت المنافسة والتناحر إلى أن دمر (هتلر).. الإمبراطوريتين فـ (هتلر) الذي هزم في ألمانيا.. هو الذي انتصر في حقيقة التاريخ. أزال بالنصر الذي حازه ما حاق به من الهزيمة كبطل، لأن الهزيمة له كانت تحمل خلفياتها الهزيمة للإمبراطوريتين. كما نشأت بعد: الصورة المذهلة.. أحاقت بغرب أوروبا اليوم، فهي تعيش الخوف من الاتحاد السوفياتي الذي هو من صناعة (هتلر) أيضاً.. كما أنها تعيش الكرب تلو الكرب من تأرجح العلاقة بينها وبين الولايات المتحدة.
فهذه الصورة من تلك المراحل جعلت غرب أوروبا وشرقها والولايات المتحدة تمارس التعويض عن الهزيمة لترفض الخوف من الاتحاد السوفياتي.. فأخذت أن تستبدل الخرز الملون والأقمشة الملونة بشيء اسمه: السلاح المتطور، فقد أصبح الإعلان عن هذه الأسلحة (موضة) ذات موديلات تستحلب بها ثروات الشعوب التي ما غلبت على أمرها بطغيان إسرائيل وبالصراع على الحدود، وباشتعال الإقليمية إلا بما فعله غرب أوروبا وما استأنفت فعله الولايات المتحدة بعد.
يبيعون هذا العام سلاحاً متطوراً: (ميج كذا وعشرين) و 0اف كذا وستة عشر) صواريخ سام صواريخ هوك.. إلى آخر ما هنالك، حتى إذا اشترى باذل المال سلاحاً متطوراً بالأمس، فإنه - وقد منع عن استعماله أو حتى عجز أن يخوض حرباً لخلاص وطنه - تغريه إعلانات السلاح المتطور الجديد لأن يشتريه مرة أخرى.. كأنما كل ما اشتراه بالأمس لم يعد سلاحاً متطوراً مع أنه ما اشتراه إلا لأنه كذلك.
إن الإعلان عن تطور الأسلحة يحمل الإغراء والتخويف. والإغراء ولع بالجديد، والتخويف من أن تعطى إسرائيل سلاحاً أكثر تطوراً من السلاح الذي عند من اشتراه للحرب ضد إسرائيل.
أفليست هذه بلطجة.. تطور بها أسلوب القراصنة؟.
فإلى متى تصبح أوروبا الغربية والولايات المتحدة مصدر تخويف للإنسان بهذه الإعلانات عن تطور الأسلحة وضخامتها..؟
إن جزءاً مما تمتلكه أي دولة أوروبية - سواء كان ما يملكه حلف وارسو أو ما يملكه حلف الأطلسي كافٍ لتدمير كل منهما الآخر، فالكثرة في السلاح المهلك أشبه ما تكون بعارضة أزياء تغري بصورتها كتمثال ليشتري ما يعرض في المتجر الذي يريد الاقتناء ويحرم من الاستعمال. إن كل هذه الإعلانات عن قوة التدمير في الأسلحة لا تقصد منه الولايات المتحدة تخويف الاتحاد السوفياتي، كما أن الاتحاد السوفياتي لا يقصد منه تخويف الولايات المتحدة وإنما هو التعامل بينهما كمنافسة تجارية.. فلو لم يكن هذا الأسلوب لما استطاعت كل منهما أن تبيع السلاح المتطور.
هكذا.. السياسة أصبحت بلطجة، وتجارة السلاح أصبحت بلطجة.. وما زالت الشعوب.. المظلومة تخضع نفسها مضطرة لهذا الأسلوب.
إن أوروبا ومن إليها.. لا ننكر عليها أنها ارتقت بالإنسان في سلم المدنية والعطاء من كل ما هو مترف، من كل ما هو الميراث لحضارة قادمة.. لكن أوروبا ومن إليها لا تنكر على نفسها أنها أمسكت بهلاك الإنسان من بداية عصر الاستعمار إلى بداية عصر البلطجة، كأنما هذه الازدواجية في أوروبا - وإن جرّت الخوف على آسيا وإفريقيا - فإنها ستجعل من أوروبا وهي اللقمة الأولى.. يلتهمها السلام المتطور الذي يصنعونه للتجارة، ليصبح بعد هو صانع الهلكة لهم.
لكن.. لماذا تخضع الشعوب لإغراء الإعلانات؟..
إن ما نملكه من السلاح الآن، لو ملك الزعماء أن يخوضوا الحرب به، لكسبوا النصر. ذلك أن قوة السلاح في يد إسرائيل - تنقصها القوة البشرية - أما السلاح في يد العرب، إلى أي صورة كان، فإنه الأقوى من سلاح إسرائيل.. إذا ما جندت القوة البشرية لا تخاف الموت حتى تكسب الحياة..
إن إسرائيل لا تستطيع أن تحارب في عدة جبهات، كما قالوا ذلك عن ألمانيا، ولكن جبهات المواجهة لإسرائيل - التي تبعثرت بالفرقة - هي السلاح القوي في يد إسرائيل.
صور:
قال لي: إذا ابتعدت عن طريق ما تكره أو من تكره، استراح بالك. ولكن.. حذار أن يكون هذا الابتعاد خدعة، فالكسب - كل الكسب - أن تصر على الابتعاد عن ما تكره ومن تكره، وتفرض عليه أن لا يكسب منك غرة.. ثغرة يدخل عليك بها.
وإن ابتعد عنك من تحب، أو ما تحب.. فتلك خسارة ينبغي لك أن تحاول الاقتراب، لأن.. للإنسان وللأرض وللتراث يعطيك القوة لأن تنصره على من ابتعد كارهاً لك أو من بعد وأنت كاره له.
ألم تكن اليد العليا عطاء وعوناً مجالاً لفسوق الكلمة!
فلم تعد الأوضاع العربية تطيق الجحود.. حتى أن بعضهم يتبرأ من فضيلة أن يكون أخي.. أن أكون أخاه، إلى رذيلة فسوق القلم، تحطم وشائج القربى. إن كثيراً من حرب السلاح بين عربي وآخر قد اندملت جراحها، ولكن فسوق الكلمة هو الحرب التي لا تلتئم جراحها!
ـ إسرائيل - وعلى لسان وزير خارجيتها - قال: إنه لا خلاف بينا وبين الولايات المتحدة من أجل بيع السلاح للعرب.
إنه بهذه الكلمة قد أوضح أن كل الضجة التي تثيرها إسرائيل حين تعلن الولايات المتحدة عن بيع صفقة من الأسلحة لدولة عربية وتأخذ إسرائيل بالصراخ والاحتجاج فإن ذلك يعني أن كل ما تثيره إسرائيل ما هو إلا إعلان رديف يتمسك من يشتري السلاح بإتمام الصفقة، كأنما تدعو العرب بهذا اللجاج إلى أن يشتروا الأسلحة.
بلطجة في الإعلان!!
 
طباعة

تعليق

 القراءات :635  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 835 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

محمد عبد الصمد فدا

[سابق عصره: 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج