شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
استرخاء موسكو وتوتر واشنطن
ـ لعلّي أستعير فهماً من إجابة طرحها جمال عبد الناصر يرحمه الله حين سأله سعيد فريحه لماذا أنت تحمل على الغرب بهذه الصورة؟.
فقال جمال: لقد فاتهم أني تعمدت إثارتهم.
من هذا أفهم ما أطرحه عن الاسترخاء الذي كثيراً ما تلجأ إليه موسكو.. تخطو خطوة عدوان تلوح ببعض القوة، فإذا الغرب كله متوتر الأعصاب ، ترسل التصريحات تلو التصريحات، وتعقد المؤتمرات لمجابهة ما خطت به موسكو بأسلوب مشوب بالاسترخاء، مغلف بالتحدي.
إن الاسترخاء نتيجة تفكير عميق، وإعداد موجه، أما التوتر فصورة من التصدي لم تكمل له العدة، أو أنه مجرد كلام لا ينفعل به الاستعداد البالغ القوة كالامتلاك والمعطلة عن الاستعمال احترازاً من أن تكون المجابهة ساخنة. فاسترخاء موسكو يسخن الحرب الباردة وتوتر الغرب - والولايات المتحدة بالذات - يبقي الحرب الباردة في موقف الذي يقبل كل تحرك من الاتحاد السوفيتي دون مواجهة ودون مجابهة.
ـ حصار برلين في أعقاب الحرب العالمية الثانية: فعل الاتحاد السوفييتي على صورة مسترخية وتوتر الولايات المتحدة انفعال ساخن، كأنما الولايات المتحدة أرادت أن تلقي درساً على موسكو بينما الدرس الصحيح هو ما فعلته موسكو: بنت السور وعزلت ألمانيا الشرقية، كأنما هو قد ابتدأ الفاصل الذي تقرر فيه شطر أوروبا إلى شطرين.
وكان من ذلك الشطر (بولندا) ألقوها في أحضان الاتحاد السوفيتي فأي معنى لهذا التوتر الآن ضد الاتحاد السوفيتي، ويفتعلون الظنون بأنه سيحتل بولندا.
إنها في أحضانه.. تحت سلطانه، لا يحاربها الآن بسلاح، وإنما كل حربه أن تنشطر بولندا إلى شطرين، فيتهالك الشطران، وأن يسلط عليها التقتير الاقتصادي.
ـ والمثل الآخر: كان التوتر بالغ الشدة في حرب فيتنام - مارستها الولايات المتحدة - وينتصر الشعب الفيتنامي بالعون من الاتحاد السوفيتي، وعلى طريقة مسترخية، فإذا الولايات التي أرادت أن تقصي الشيوعية عن فيتنام تنسحب من فيتنام بخسارة بمعارضة الشعب الأمريكي..
حتى قالوا إن الشعب الأمريكي يعيش عقدة فيتنام.
والطريقة المسترخية من الاتحاد السوفيتي جعلته اليوم يحتل فيتنام كلها، ولم يخسر شيئاً بل كسب الأرض والإنسان والمذهب.
ـ والمثل الثالث: في ترك الحرب الأفغانية يشنها الاتحاد السوفياتي يطول بها الزمان على طريقة من استرخاء القوة المعتمدة، كما هو عمل الاتحاد السوفياتي مع الحبشة ضد إريتريا مع أنجولا ضد جنوب إفريقيا، قد خطط بالاسترخاء أن يمتد زمن الهلاك للشعب الأفغاني والأرتيري والأنجولي وإفريقيا الجنوبية.
لقد بسط نفوذه على هذين الأرضين، ولا يريد أن يوصف بألفاظ التمجيد. ولا يهمه شيء من ألفاظ التنديد.. المهم هو هلاك الإنسان، والأهم هو أن يضع الغرب كله، والولايات المتحدة في حالة عصبية من التوتر.. يزرع الخوف في شعوب أوروبا وفي شعوب صديقة الولايات المتحدة.
والأنكى من ذلك أن أصدقاء الاتحاد السوفياتي أو عملاءه لديهم شعور يسقط عنهم الخوف، فهم كزعماء لا يخافون على حياة الشعوب، ولا على تقاليد الشعوب ولا على تراث الشعوب فهذا الوضع قد أعطى الاتحاد السوفياتي وأصدقاءه أن لا يبالوا بما يصنعه التوتر في الغرب، فقد يطفح الكيل، وتكون الكارثة.. حتى أن موسكو قد أذاعت خبراً تتهم خبيراً أمريكياً بأنه عرض عليها أن لا تكون حرباً نووية.. تتجه من واشنطن إلى موسكو، أو تتجه من موسكو إلى واشنطن.. فإن أريدت الحرب النووية أن تشتعل، فلتكن داخل شعوب أوروبا، كأنما هلاك أوروبا هو الحل الوحيد في طلب هذا الخبير، أو هو في اتهام الاتحاد السوفياتي.. هو الحل الوحيد لأزمة التوتر وفاعلية الاسترخاء. ولعلّ هذا الخبر كذبة أو لعلّه اقتراح مجنون.
ـ صور:
بعضنا صفق لسلطان الاشتراكية في أثينا، حتى قال واحد من هذا البعض أن أثينا ما زالت أثينا.
وبعضنا لم يصفق لهذا التحول في اليونان، فمنظمة التحرير قد اعترفت بها الاشتراكية اليونانية كأنما هذا كله هو مجد اليونان في صداقتها بالعرب.. مع أن اليونان وإسبانيا والهند كشعوب عريقة الحضارة أبت أن تتنكر للأمة العربية، فلم تعترف بإسرائيل، ولم تصوّت في هيئة الأمم لصالح إسرائيل، فاعتراف الاشتراكية بالمنظمة مظاهرة.. تريد الاشتراكية أن تكسب بها عاطفة عربية.
وبعض الذين صفقوا أيضاً لهذه الاشتراكية.. توقعوا أن يكون حرمان حلف الأطلسي من بقاء اليونان عضواً فيه.. يلزم الولايات المتحدة أن تمد تركيا ومصر والآخرين بالمدد الأكثر والأقوى.. تعويضاً عن خسارتهم في اليونان.
لكن الامتحان هو لموقف إسرائيل، فهل ستعطي إسرائيل للولايات المتحدة مكاناً للقواعد التي ستسحب من اليونان، أم إنها لن تعطي ذلك..؟
فأنا على يقين أن هذا الموقف سيفتح الأعين الأمريكية على ما ستفعله إسرائيل.
وأنا على يقين - مرة أخرى - أن إسرائيل لن تمنح شبراً من الأرض لقاعدة أمريكية.. لا لأنها تخشى الاتحاد السوفياتي أو حلف وارسو، ولكن لأنها لا تريد أن تفقد العون الخفي من الاتحاد السوفياتي لها، ولأنها تخشى أن القواعد لحلف الأطلسي، أو لجيش مستقل عن هذا الحلف للولايات المتحدة.. يحملها أن لا تخطو خطوة عدوان إلا بالإذن من الجيش المرابط فيها، ويعني ذلك أن الامتناع عن الإذن لها بأن تفعل حاجزاً لها، أو أن إعطاء الأذن معناه أن الولايات المتحدة أو حلف الأطلسي متورط في هذا العدوان من إسرائيل بالعون المباشر، وإن كانت وما زالت تناصر عدوان إسرائيل بطرق غير مباشرة.
ـ لقد جاء اغتيال أنور السادات في وقت توحد فيه (يوماه) يوم عبوره في السادس من أكتوبر العاشر من رمضان - ويوم رحلته إلى القدس في الثامن من ذي الحجة.
فكيف اقترن يوم مجده بيوم جلب السخط عليه؟
عجيب.. أن يقترن يوم السادس من أكتوبر - يوم العبور - مع يوم الرحلة إلى القدس. فكيف تمت المفارقة - المقارنة؟ للتاريخ كتب ذلك، ولا لشيء آخر..
ـ دعا الرئيس محمد حسني مبارك وسائل الإعلام المصرية أن تكف عن أسلوب المهاترات والسباب. يريد أن يستريح، بل ويريد أن يعلن أن الحرب الكلامية ضد مصر أو من مصر والحرب الساخنة بتحريك الجيوش من مصر أو ضدها، ما هو إلا عطاء لإسرائيل إن لم تماطل في الانسحاب من بقية سيناء، فإنها ستماطل حتماً في بقية المفاوضات التي لا أريد أن أسميها، فكل عربي ينبغي أن يرفض (حكاية) الحكم الذاتي.
لقد فسر (شامير) ذلك حين قال، والمفاوضون المصريون في تل أبيب:
ليس الحكم الذاتي هو في تقرير المصير لألف ومائتي فلسطيني، فليست الضفة الغربية وغزة موطناً للفلسطينيين، فإن وطنهم في شرق الأردن.
إن هذا الموقف من إسرائيل هو الذي دفع حسني مبارك أن يستصرخ العرب والمصريين أن يسكتوا عن السباب ليسكتوا عن رفع الحرب، فأي حرب تشن على مصر معناها: شل قوة مصر أن تفرض ما تريد على إسرائيل.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :977  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 831 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور زاهي حواس

وزير الآثار المصري الأسبق الذي ألف 741 مقالة علمية باللغات المختلفة عن الآثار المصرية بالإضافة إلى تأليف ثلاثين كتاباً عن آثار مصر واكتشافاته الأثرية بالعديد من اللغات.