أقرأ الورقة من الخلف |
الكلمة ينطق بها إنسان، على أي مستوى وفي أي موضوع، لها منطوق تحدده الألفاظ كما أن لها مفهوماً على طريقة اللازم والملزوم، تتحدد بالإشارة الناطقة ومضة على الشفاه حركة بأي عضل في الوجه، أو أن ذلك قد يكون بعد.. حين لا يعطى المنطوق أي معنى لواقع الكلمة، وإنما العطاء هو للمفهوم.. فمن ذلك مثلاً: |
إن عبارة طرد الخبراء السوفيت، وما استملحت كملة (طرد) وإنما العبارة المهذبة أن يقال الاستغناء أو الإخراج لهؤلاء الخبراء. |
إن هذا الاستغناء عن الخبراء السوفيت في مصر كان فيه الفخار - أسبغه الرئيس أنور السادات يرحمه الله على تصرفه، ولعلّ الواقع كان يعطيه ذلك.. غير أن قراءة الخبر من خلف الورقة كمفهوم، قد اتضح به أن الاتحاد السوفيتي بناء قوي.. إمبراطورية كبرى، لم تهتز لذلك وإنما هي ابتزت به، فقد قالت للذين تستقطبهم: انظروا كيف خرج الخبراء بهذا العدد الوفير من مصر بكلمة واحدة دون أن يكون لذلك رد فعل إمبراطوري، ويعني ذلك أن أي خبير يوجد لدى دولة صديقة لا يعتبر جندي احتلال، فكما فعلت مصر يمكن للدولة الصديقة التي لديها خبراء أن تخرجهم منها حين تريد!.. |
وهكذا ابتزت إمبراطورية الكرملين، وبعد إخراج هؤلاء الخبراء من مصر، موقف لدى من يعدون أصدقاء لديها، فكثر الخبراء في أكثر من إقليم صديق للاتحاد السوفيتي. فالإمبراطورية الكبرى تدخل من باب الصداقة، ولن تخرج من أي باب آخر، لأن (الصداقة) لدى الإمبراطوريات اسم مهذب عوضاً عن (العملاء) فإعلان الصداقة خدعة، وتسخير الصداقة هو استثمار الخدعة.. فلو تحرك الصديق عن العمالة لكان مصيره مصير (حفيظ الله) وقد قلنا من قبل: إن الإمبراطوريات تقتل العملاء إذا رفضوا أن يكونوا أصدقاء، وتغتال الأصدقاء إذا رفضوا أن يكونوا عملاء.. |
ـ ومنطوق آخر: فالواقع في ما صنعه وزير خارجية الولايات المتحدة الأسبق (دالاس) هو حرمان مصر من بناء السد العالي وإذلالها. أما المفهوم من هذا المنطوق، فهو أن تتحرك العداوة في مصر. تتعامل مع الاتحاد السوفيتي ليمكن الولايات المتحدة، ولو على المدى البعيد، أن تنال من مصر معاهدة السلام مع إسرائيل، والمسيرة على إطار كامب ديفيد وليمكن بعد للولايات المتحدة أن تجري في سماء مصر مناورة (النجم الساطع). |
إن ضغط (دالاس) ومن بعده، وإن أعطى إمبراطورية الكرملين مناطق نفوذ، فإنه قد أعطى الولايات المتحدة ما تريد، وذلك: سلامة إسرائيل من مصر وشل الأمة العربية حين تباعدت مصر عن أمتها العربية، أو حين ابتعدت الحكومات العربية عن مصر. |
ـ ومنطوق ثالث: وهو موقف إسرائيل من القوة المتعددة الأجناس.. ترفض أن تشترك بريطانيا وفرنسا وهولندا وإيطاليا في هذه القوة التي سترابط في سيناء. |
إن المنطوق يعني أنها لا تثق بدول أوروبا الغربية، بينما المفهوم أنها تماطل بوجود هذه القوة، مع أن وجودها كان في صالحها لا في صالح مصر.. تريد بهذه المماطلة أن لا تجلو عن بقية سيناء، فهي قد أعلنت تخوفها من تحول الرئيس (محمد حسني مبارك) عن موقف أنور السادات معها، فهناك منطوق سخيف وخبيث فقد قالوا في إسرائيل أن إطلاق بعض المسجونين المصريين من كتّاب وساسة، تخشى إسرائيل أن يكون خطوة في هذا التحول. |
غير أن المفهوم الصحيح، هو أنها لا تخشى خطى التحول ولا تتوقعه الآن، ولكنها تريد إفساد الأوضاع في مصر، فليبق السجناء، وليسجن زعماء.. لتشغل الرئاسة المصرية بهذا الخلل في داخلها، تستمرئه إسرائيل لفرض بعض ما تريد! |
وبقيت الكلمة للولايات المتحدة.. هل تخضع لرغبة إسرائيل، أم أن التزامها كدولة ثالثة موقعة على إطار كامب ديفيد يدعوها لأن ترفض أي اعتراض من إسرائيل؟! |
ـ صور: |
بعد مؤتمر فاس.. أتوقع أن يكتب تاريخ تصنعه الشعوب العربية ويتصانع معه الذين يشعرون بأن الحريق الذي أشتعل في فلسطين قد أصبحت شرارته تحوم حول سماء الشعوب العربية كلها. |
ـ قال أحدهم: لئن لبس الرئيس أنور السادات يرحمه الله حيناً أو بعض حين صلف (أحمد باشا عبد الغفار) ومن إليه، فإن الأمل أن يلبس الرئيس محمد حسني مبارك شرف (عبد العزيز باشا فهمي) يلتزم بهذا الشرف، ولا يصاب بالقرف الذي يدعوه أن يقول (إن معدتي لا تهضم عثمان أحمد عثمان)، (إن إطار كامب ديفيد ثوب فضفاض) (حنانيك يا بيغن).. كلمات حفظت عن عبد العزيز باشا فهمي، الرجل النظيف، عن سعد زغلول وعن الدستور وعن حسن نشأت، قلبناها على الصورة التي تقدمت. |
|