شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
أدب
الشاعر والناثر!
ـ الشاعر:
ومات ((الشاعر)) الذي استطاع أن يكون: شاعر الشباب في عصر شوقي!
ومات ((الناثر)) الذي يصوغ الكلمة.. يعبر بها عن السياسة في أسلوب مجنح، كأنما هو قد انتزع إلى عصره أسلوب ((سهل بن هارون)) و ((ابن الزيات)) و ((ابن العميد))!.
الشاعر كان: أحمد رامي.. عاش البؤس فلم يرهقه، وإنما هو أرهق البؤس بترف الوجدان. استعصى على المرض. نال من ومضة الجمال فاستحال الجمال إلى جلال.. ذلك أن الوجه تعبير ظاهري، أما الوجدان فهو التعبير الحقيقي.
شاعر الشباب: ما نال هذا اللقب لأنه تزعم جيلاً من الشباب يدخل في زمرة ((أبولو))، وإنما ناله يستأهله لأنه عبر عن أماني الشباب في أغاني الشباب، فأثرته ((أم كلثوم)) ذيوعاً، وأثراها شيوعاً.
أحمد رامي: لم يتبطر لأنه أزاح الكدر، فكثير من إعلان البطر تعبير عن الكدر! فإذا هو المتواضع - تواضع الكبرياء - ليس فيه اتضاع الأدنياء.
وتلاقينا في فندق ((كارلتون)) بالقاهرة، وكان حاضراً هذا اللقاء لفيف من الأصدقاء، ومنهم: ياسين طه، وأحمد فتحي يرحمه الله. وجرى الحديث عن مصر، فإذا بي أقول له: ما من أمة أراد أن يبطش بها الزمن بالمغيرين من الإنسان والمتغيرين من الأبناء.. إلا ومصر قد بطشت به!
فإذا دموع عينيه تنساب.. شاعرة من فؤاد شاعر.
ـ الناثر:
أما ((الناثر)) الفحل.. فحولة التزاوج بين العقل الراجح والعاطفة الراسخة..
عرفناه حين كان عقلاً وعاطفة مع جمال عبد الناصر، فحين أرادوه عاطفة دون عقل ذهب قعيدة البيت، يكفيه ما ناله.. ما استأهله من إكبار العالم كله له: سياسياً واضح الهدف. مصرياً اتضحت به أهداف مصر. عربياً ما عق ولا انشق!
هو من جيل ثروت رغم أنف الشتائم للسابقين، ولا أقول من جيل لطفي السيد.
و ((ثروت)) هو بطل استقلال مصر.. لا يسأل عن الغوغاء، فأعطى مصر التاج والعرض والسفارات والوزارات في تصريح 28 فبراير 1922، وكل ما جاء بعده حتى معاهدة 36 كان نموذجاً مكبراً من تصريح 28 فبراير!
قلت ((ثروت))، لأن وزراء الخارجية في مصر الذين يعتد بهم التاريخ ستة: عبد الخالق ثروت، واصف غالي، حافظ عفيفي، عبد الحميد بدوي، محمود فوزي، إسماعيل فهمي.
من هنا.. كان محمود فوزي عظيماً حين كان مثل هؤلاء، أو حينما كان هؤلاء مثله!
الناثر ((محمود فوزي)) لا زلت مغتاظاً منه، فقد أغاظني وأنا شديد الحب له.. حينما انتزع مني الإعجاب به أكثر.. ذلك يوم خطب في مجلس الأمة المصري، وكان رئيسه أنور السادات، يحمل على شاه إيران - الإمبراطور الثاني في الشرق الأوسط بمقياس الفجيعة به أو منه كما هي الفجيعة من إمبراطور إسرائيل!
وقف محمود فوزي، كأنما هو عبر عن أسلوبه الثائر بهذه العبارة المجنحة.. يسمعها أنور السادات:
ـ ((لقد شاه وجه الشاه))!!.
ما انتزعها من كانت قبله، وإنما هو قد انتزعها من كلمة النبي عليه الصلاة والسلام - رسول الوحدة والتوحيد - يوم قالها في حنين في وجه هوازن: (شاهت الوجوه).. كأنما محمود فوزي قد شبع من التراث، فأثرى لسانه باللغة، واغتنى وجدانه بالحب، وارتفع عقله بالثقافة.
خسارة.. أن يعيش الرجال يقدمون كل خير لأمتهم، ثم يقتل الرجال في حياتهم عقوقاً لما قدموا من هذا الخير!!.
إن محمود فوزي مات وهو حي، ومن عظمته أن يعيش وهو ميت!.
علي حمد اللَّه
ومضت أيام كنت في غيبة عن بلدي. ومضت أيام كنت فيها أعيش في بلدي.. فلم أسمع خبر موت الصديق الذي أعزني بصداقته حيناً من دهري في المدينة المنورة.
ولم أسمع الخبر إلا قبل يومين من الصديق السيد ياسين طه.. فحين سمعت الخبر منه عاتبته إذ لم يخبرني.. لأني أعرف مدى صداقة أهل السيد لهذا الفقيد.. ما تقدموا بها إليه أولاً.. وإنما هو الذي تقدم بمواقف الشهم كأنه العزوة لهم كما كان العزوة لي..
هذا الصديق كان شهماً ما أبعده عن النذالة.. بذل مالاً كثيراً حملته الشهامة عليه.. وبذل عزماً كبيراً دفاعاً عن الصديق.. كأنه شيخ القبيلة لا يطيق أن يأكل مع نسائه.. فإذا عز رفيق يتناول الغداء معه أو العشاء.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :653  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 822 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

يت الفنانين التشكيليين بجدة

الذي لعب دوراً في خارطة العمل الإبداعي، وشجع كثيراً من المواهب الفنية.