شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
تاريخ وذكريات
وجاعت الحرة
ـ وجاعت الحرة فلم تؤكل بثدييها. وذابت ملابسها فلم يؤكل عرضها. فقد أمسكت بمغزلها ومنسجها تغزل الصوف وتنسج على القماش ما يحلو به فإذا هي تعيش الكفاف ((تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها))..
وليست الحرة هذه واحدة من الأمهات وإنما كان واحداً من الآباء.. فقد كان في بلد عربي حين كانت بلده تخوض أزمة مع هذا البلد.. ما كان ينوي الإقامة غريباً عن بلده فظرف من القرف وظروف العلاج قد وضعته هناك فإذا هو في يم من الأيام وقد يعرفونه من مخالطة بعض الصحفيين. وحين ألقى خطاباً في حفل كبير بين الأكرمين من الرجال بينما هو كذلك جاءه رجل له قدر يستطيع أن يتكلم باسم السلطان في بلده: قال أنت تقيم هنا الآن وتريد أن تطول إقامتك ونحن نعرف قدرك سنعطيك مبلغاً من المال يكفي لإعاشتك أنت وأسرتك.
فقال الرجل: هل أنا أجير عمالة أم هو ثمن مبادئ؟
فقال المتكلم بلسان السلطان ((من ده على ده))..
فأجاب: إن كان المال أجر عمالة فإني أرفض ذلك وإن كان ثمناً للمبادئ فأنا أشد رفضاً له.. فإن المبادئ لا تستأجر ولا تشترى.
وتخوف أن يبقى فإذا هو يعود لبلده. فلم يكن مرحلاً منه ولم يكن عاقاً له. ولا أدري كيف من يظن به العقوق لبلده. لترابه. لأهله. أن يظن به الوفاء لبلد آخر وأهل آخرين..
كان الرجل المستأجر الذي رفض هو كاتب هذه السطور.
وعدت إلى بلدي فإذا صديق امتلأ كرشه بما أطعمته وجبته بما أسعفته.. يعرض علي أن أمارس مهنة خسيسة. عرفت بعدها لو أني أطعته لكتب تقريراً إلى طرف آخر يضعني فيه موضع الجاني والخسيس.
لكن الإغاثة جاءتني من الصديق الذي ملاك أخلاقه الاستقامة محمد عمر توفيق فإذا هو يشد أزري يرشحني مديراً لتحرير جريدة البلاد في معية الشيخ حسن عبد الحي قزاز أيام كان رئيساً لتحريرها. فرضيت واستفقت من الوحشة وإن وجدت بعض الاستيحاش من الذين أنكروا علي أن أكون أجيراً أو هم تنكروا لحسن قزاز أن أكون معه فلقيت منه ما يشرح الصدر وتطمئن إليه النفس.
وبعدها. وجرت أمور وأمور وأستشهد بقول الحارث بن عباد:
لم أكن من جناتها علم اللَّه
وإني بحرها اليوم صال
كل شيء مصيره لزوال
غير ربي وصالح الأعمال
* * *
وتحدث إلي الأستاذ فؤاد شاكر يرحمه الله قال ما كنت أعلم أنك هكذا. فلقد سألت الشيخ محمد سرور الصبان يرحمه الله وهو في مصر. فقلت له: كيف يقبل الزيدان أن يكون أجيراً عند حسن قزاز وعنده رصيد خمسة ملايين ريال.
فأجابه الشيخ محمد سرور تغمده الله برحمته يقول له:
((أسكت زيدان ما يعرف يسرق يومه عيده فلا تصدق ما يقال))..
وحكاية الخمسة ملايين ريال أشاعوا أني أملكها في أكثر من متحدث. وفرحت بذلك على حد قوله ((لأن أكون الرجل المحسود. خير أن أكون الرجل المشفق عليه. فعلى أقل تقدير أنك تكون بهذه الإشاعة محترماً. والرجال في حاجة إلى الاحترام وليسوا في حاجة إلى الحب))..
فلقد أسلم الرجال أو الرحال الحنفي ثم ارتد يتبع مسيلمة وقتل زيد بن الخطاب أخا عمر ثم عاد إلى الإسلام. والإسلام يجب ما قبله. فإذا هو في حضرة عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال له عمر أبو حفص الفاروق عبقري هذه الأمة: إني لا أحبك فقد قتلت أخي زيداً.
فقال الرجال: وهل ينقص ذلك من حرمتي أو عطائي شيئاً فقال عمر باسم الإسلام: لا..
فقال الرجال: إنما تبكي على الحب النساء..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :721  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 821 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الأعمال الكاملة للأديب الأستاذ عزيز ضياء

[الجزء الخامس - حياتي مع الجوع والحب والحرب: 2005]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج