شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
وقالها طليحة.. فصدقها خالد
أو تظنون بي الظنون.. تحسبونني أترك قومي العرب جزراً لهؤلاء الأعاجم؟!
هذه الكلمة قالها طليحة الأسدي.. أسلم ثم ارتد وادعى النبوة، فإذا الهداية بعد أن هزم تقوده بسلسلة إلى الجنة.. فارساً في القادسية، لا يقطع سعد أمراً دون مشورته، ثم يسير إلى فتح الفتوح ((نهاوند)) يسبر الطريق تحت قيادة ابن عمه النعمان بن مقرن كلاهما من عالية نجد أعتلت بهما العالية، وحين ظنوا به الظنون لأنه تغيب طويلاً أن يأتي بخبر الطريق فحين عاد رائد القوم، وسمع بهذه الظنون قال: ((أوتحسبون أنني أترك قومي العرب جزراً لهؤلاء الأعاجم))؟!
هكذا قالها الفارس كأنما هو، وبالفتح العظيم قد مزق ملك ((جمشيت)) و((أنوشروان)) ليلتئم ملك الإسلام في إيران، لتحظى حضارة الإسلام بالرجال الذين تناولوا العلم الملقب بالثريا فما أشد ما أنكر عرب الجاهلية سلطان فارس وما أشد حب العرب في الإسلام للمسلم في فارس ولكن ومن المحزن أن نقول لكن.. إلا أن الواقع يأبى علينا أن نستكين لظلم رجال في فارس ((إيران)) فهم فوق أن ظلموا أنفسهم بالحب انقلب إلى بغضاء لم تعد أن توقد النار الوثنية، وإنما عادت نار الحقد على العرب الذين حملوا إلى إيران الإسلام. فلئن كانت هدية فارس ابن سينا والفارابي وأبو حنيفة وابن المقفع والجاحظ وأبو نواس ومهيار فإنما الصحيح هو أن هداية الإسلام وسلطان اللغة العربية، وانفتاح الوجدان المسلم، إشراقة العقل بكل ذلك ما كان كله إلا هدية العرب لفارس.
ـ حين أستعرض ذلك فاخراً غير ناكر، شاكراً غير كافر فإني حين ذلك أصرح ((واشقوة الإسلام ببعض من يدعيه)) أتحبون أسرة عربية وتصبون البغضاء على كل العرب؟ ليس ذلك من التشيع في شيء وإنما هو الشعوبية بكل شيء.
ـ إن البحرين جارة كلها سلم لكم، كما كانت كلها سبيل الإسلام إليكم، أفتتآمرون عليها؟! تسخرون أغيلمة صعاليك، كأنما صداقتكم مع أبناء السبي ((اليهود)) هذه التي أقول ما طرأت جديدة، فالإمبراطور كان صديق يهود اختفت في حومة الثورة وذر قرنها في حمأة الثأر.
ـ هل تعلمتم من أبناء السبي، أو من إليهم أو من هم معكم من الذين قد بلغوا من الحطة التي تبرأ منها طليحة الأسدي؟!
ـ وكشفت دولة البحرين جريمة التآمر، فإذا الملك خالد بن عبد العزيز يمسك بعمق التاريخ وحمية العربي ونصرة المسلم لأخيه، فإذا هو يقول ليفعل ما قال ((أنا لست أقل من طليحة)) فلن أترك قومي العرب لهؤلاء الأعاجم وإذا أخوه الأمير فهد ولي عهده يصافح النجدة كأنما هما طليحة الأسدي والنعمان بن مقرن، وإذا هما يكلفان وزير الداخلية أخاهما نايف بن عبد العزيز، يصل إلى البحرين، يقول ((إن كل الكيان الكبير المملكة العربية السعودية، جيشاً وحرساً شيباً وشبانا، قوة وثروة كلها معدة تدافع عن نفسها لأن البحرين هي نفسها لأن كل الخليج هو ذاتها)).
ـ ولم ينفع تكذيب إيران، فمقترف الجريمة لا يترفع عن الكذب.
ـ إن الملك خالد بن عبد العزيز قد وطن نفسه أن يكون معتزاً بشرف المسؤولية، وتكليف الحماية، والحفاظ على الذات أن يكون المصدق لكلمة طليحة، لا يترك قومه العرب جزراً لهؤلاء الأعاجم.. كأن الأسياف المسلطة استعرضت بها شماريخ اليمامة قد ابيضت تبرق على شماريخ السراة وحزون تهامة.
يقول شاعرهم:
إن تتهمي فتهامة وطني
أو تنجدي يكن الهوى نجد
- فصون الوحدة للكيان الكبير هي في تمام الاتحاد مع كل شعوب الكيان الأكبر.. كيان العرب جميعاً.
ومع الرئيس فرانسوا ميتران
أيها الرئيس إن أول بلد تزوره في العالم العربي ((المملكة العربية السعودية)) تلك قيمة نرحب بها.. وإن جاءت وفاء تحيي بها أول رئيس دولة عربية زار فرنسا وهو الملك خالد.
فالترحيب بك كان في تلك الخطوات الكريمة التي قابلت فيها الملك خالد بن عبد العزيز.
إن زيارة الملك خالد تحمل التحية مرتين: مرة حيا بها الشعب الفرنسي.. يسقط بها الأراجيف التي أحاطت.. تزرع الشكوك في موقف جديد تنهجه فرنسا.. تغير موقفها من العالم العربي.
والمرة الثانية هي التحية لك انتحرت بها كل الأراجيف حولك كأنما الملك خالد وكأنما ولي عهده سمو الأمير فهد قد أعلنا للدنيا كلها أن موقف فرنسا لم يتغير.. بل وفي ظلال هاتين الزيارتين التأكيد على أن مواقف فرنسا مع العالم العربي لن تتغير.
وها أنت تعطي هذا التأكيد حقه من الصدق.. تنمو به الصداقة، فالشعب العربي السعودي.. بل والشعوب العربية لا تطلب من أصدقائها الانحياز إليها ضد إسرائيل، وإنما تطلب من الأصدقاء جميعاً ومنك بالذات أن تنحازوا إلى مصالح شعوبكم.. تسقطون عواطف ((جيمولية)) التي خاض بها حرباً ضد العرب حليفاً لإسرائيل.. وتتسع صدوركم لما اتسعت به الكلمة كتبها ((ليون بلو)) حيث التفت إلى الشرق يوم اغتالوا غاندي فكتب الرثاء كلمة مجنحة ((اليوم انتحرت الأرض)) لفتة من زعيم اشتراكي احتفظ بها الشرق علامة على أن التوأم على التوأم. وها أنت مثل ((ليون بلو)) بل وأكثر إيجابية منه تلوي عنق كلمة شاعر الإمبراطورية البريطانية ((كيبلانك)) الشرق شرق.. والغرب غرب ولن يلتقي التوأمان فأنت اليوم تلتفت إلى الشرق مرة أخرى تزور المملكة العربية السعودية مشرق النور للإنسانية.. فباريس مدينة النور تنورت حين كانت الواسطة تأخذ عمر ((البرنات)) الحضارة الوسيط.. حضارة العرب المسلمة.. المسلمة.. فنحن العرب الأمة الوسيط، توسطنا ونحن وسط الأرض.. إن أعطي الإنسانية ما أخذناه من حضارة الصين.. سكراً بلورناه.. فقد كان في الصين مازال سائلاً وقرطاساً كتبنا عليه الحضارة.. وتوسطنا الأرض فأخذنا حضارة الهند، فالرقم الحسابي اليوم هندياً استعرب كما أنكم عبر الأندلس أخذتم الرقم الحسابي العربي عربياً تغرب.. وتوسطنا الأرض فأعطيناكم حضارة الإغريق والرومان.. فالفلسفة والقانون عطاؤنا لكم.. فلو لم نكن أمة الوسيط لما كنتم الأمة الواسطة. تلك علاقة التاريخ في أعماق التاريخ.
أيها الرئيس!!
حين أسقطت المخافة من أول لحظة اقتعدت فيها عرش الجمهورية أعطيت الطمأنينة ليس للعرب وحدهم وإنما لحلفائك وشركائك في الغرب كله وحتى الولايات المتحدة، فقد كان ظنهم أن الاشتراكين ينحازون إلى الشيوعية مع أن الصدق مع التاريخ يثبت أنكم كحزب اشتراكي ومعكم حزب العمال ومعكم الرأسان في الاشتراكية الدولية كرايسكي وبرانت لم تقدموا المذهب على الوطن.. فعندكم أنتم الاشتراكيين الاشتراكية في خدمة الوطن على العكس من الشيوعية تلغي الوطنية والقومية للإغراء بالشيوعية.
من هنا.. كنتم أشد قوة تحجزون اليسار الماركسي من أن يستغول في غرب أوروبا.. بهذا كله لم نجد غضاضة في أن نكون أصدقاء.. والصداقة التي نريدها ليست عاطفة.. شاعرة.. وإنما هي عقل يتحرك لحماية الشعوب.. شعوبنا وشعوبكم.. من الفوضى والطغيان والعدوان وتسخير الإنسان آلة تحرق عواطفه وينتحر عقله.
أيها الرئيس!!
لا بد من أنك اطلعت على المبادئ الثمانية التي أذاعها على الدنيا كلها صديقاً وخصيماً صاحب حق أو حليف عدوان أن هذه المبادئ قد وضعت إطار كامب ديفيد في وضعه المتأزم الذي لا ينفرج إلا بأن تمارس أنت وأصدقاؤك.. تقول للولايات المتحدة إن إطار كامب ديفيد ولعبة الحكم الذاتي ينبغي أن لا تكون سرمدية السياسة الأمريكية، فسمو الأمير فهد قد وضع البديل.. تلك إيجابية من سموه وخسارة أن تقابل بالسلبية من الولايات المتحدة الأمريكية التي تزعم أنها تريد السلام وجريمة أن ترفض هذه المبادئ ترسيخاً لرغبة الاتحاد السوفيتي الذي لا يريد إلا أن يكون الوضع في الشرق الأوسط على حاله.. لا سلم ولا حرب.. سلاح مكدس ويد معطلة.
أيها الرئيس!!
إن العرب اليوم وفي مقدمتهم المملكة العربية السعودية قد ملكوا الرشد حين يلتفتون إلى التعامل مع الأصدقاء ولا يلتفتون إلى ما تقدم من هؤلاء الأصدقاء من الاستعمار وما إليهم..
إن فرنسا كان ماضي العرب معها أنهم حاقدون عليها لأنها استعمرت الشمال الإفريقي والشام وتآمرت بتحقيق وعد بلفور حين انساقت وراء نقض العهود بمعاهدة ((سايكس بيكو)) كل ذلك كان في وجدان العرب من قبل.. أزاحوه الآن جانباً كما أزحتم أنتم أحقادكم على البريطانيين الذين هزموا لويس الخامس عشر وسجنوا نابليون في الجزيرة النائية غرب أفريقيا في ظلمات الأطلسي وحين حرضوا على حرق ((جان دارك)) تناسيتم ذلك فكنتم أصدقاء السلام في الحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية.
وتناسيتم أيضاً أحقادكم على الألمان التي زرعتها حرب السبعين وهزيمة الحرب الأولى والثانية فإذا فرنسا وألمانيا مركز الثقل في السياسة الأوروبية.. كذلك نحن نتناسى لأن تعمير الحاضر وصنع السلام ورد الطغيان بناء للمستقبل.. وأنتم كنتم أول الصديق لشعب الولايات المتحدة.. ولعلّ الولايات الآن تثوب إلى رشدها فلا تكون أول دولة أوروبية تتناسى الصداقة وتحاذر من الخصومة.
أيها الرئيس!!
إن المملكة العربية السعودية لم تبخل بصداقتها لكم في أيام المحنة.. وهي ترحب بصداقتكم الآن..
ولك التحية أخيراً.
صور:
ـ وكثير منا لم يعرف أن أول قنصل لفرنسا أيام الدولة العثمانية بجدة كان الضابط الصغير فأصبح الجنرال الكبير ((كاترو)).
ـ ومن الصور الطريفة ما ترجمه أديب إسحق عن نابليون بونابرت قال أديب إسحق:
قالوا لنابليون ذات عشية.
إذا كان يرقب في السماء الأنجم
هل بعد حكم الأرض من أمنية
قال أرقب كيف أفتتح السماء
وترجم أديب اسحق كلمة نابليون (فتش عن المرأة)
فقال:
إذا رأيت أموراً منها الفؤاد تفتت
فتش عليها تجدها من النساء تأتت
- وتحدث النمر كلمنصو قال:
كنت في حديقة أستروح ومررت بجانب سيدة ومعها ابنتها سألت الابنة أمها تشير إلي: من هذا؟ فقالت الأم: هذا النمر كلمنصو منقذ فرنسا. فقالت الابنة: مثل جان دارك فقالت الأم.. نعم.. فإذا البنت تقول لماذا لم يحرقوه؟ يعلق كلمنصور بعد ذلك فيقول.. وهأنذا أنتظر الإحراق.
ـ وكان نابليون يراقب الصحيفة وأخبارها فجاءه المحرر يطلعه على خبر، فإذا فيه لقد انتصر الإمبراطور على أعدائه بشرذمة من الجنود فصرخ الإمبراطور احذف هذا الإمبراطور لا يحتاج إلى مجد. أكتب لقد هزم الإمبراطور أعداءه بجيش جرار لا قبل به.. ذلك أن الإمبراطور يحتاج إلى الهيبة فالمجد لبسه.
من شاعر الربابة إلى الإذاعة
هكذا العربي.. لم تتغير حماسته نحو الأبطال، ولا يعني أن يكون البطل من صناع تاريخه، فقد أصبح ((البطل)) في مشاعر العربي اليوم هو هادم تاريخه!
أيام شاعر الربابة.. كانت الحماسة تغمر مشاعر العربي لأبطال الملاحم في تاريخنا.
شاعر الربابة هو المخرج، والممثل، أما المسرح فهو المقهى.. بفلوس قليلة يدخل العربي إلى المسرح، فريق مع أبي زيد الهلالي، والآخرون مع ذياب بن غانم، وفريق مع ((خليفة الزناتي)).. حتى يصبح فريق مع ((خليفة الزناتي)).. حتى يصبح المسرح حلبة صراع بين زغابة، وزناته وهلال!
ولعلّ في تمثيلية أخرى عن ((عنترة))، أو ((ذات الهمة))، أو غيرهما تتوزع الحماسة كما توزعت في ملحمة بني هلال.
* * *
كان ذلك حياة في وجدان العرب، ولكن شاعر الربابة قد انتهى، وكاتب القصة اليوم ليس عربياً.. يكتبها كل برلمان في الديمقراطيات أيام الانتخابات. كل العالم العربي اليوم يسمر أذنه على المذياع.. بعضهم يريد أن يبقى ((بيجن)) ومنهم: ياسر عرفات. وبعضهم يريد ((بيريز))، كما كان العرب من قبل.. أي الحرب العامة الأولى: منهم من أنصار حزب المحافظين، وفريق يعلن آماله في حل القضية على حزب العمال، كما هو الشأن في فرنسا: الراديكاليون، اليساريون.. إلى الديجوليين، والاشتراكيين، فحين نجح حزب العمال برئاسة ((رمساي مكدونالد)) في العشرينات.. فرح كثير من الزعماء العرب لأن تغييراً في السياسة البريطانية سيحدث، وتفاءل الذين تستعمرهم فرنسا بأن أي خطوة إيجابية من حزب العمال ستتبعها خطوة إيجابية من فرنسا.. حتى إن سعد زغلول يرحمه الله، كان لديه هذا التفاؤل بحزب العمال، فذهب يفاوض.. حتى إذا عاد قال: (خسرنا المعاهدة وكسبنا صداقة الإنجليز)!.. وخصوم سعد يتهمونه بأنه لم يخسر صداقة الإنجليز في يوم ما!
هكذا العرب.. مع شاعر الربابة كانوا يفتشون عن بطلهم، أما الآن فينتظرون بأسلوب التفاؤل، أو على طريقة (القعدية) من الخوارج أن يأتيهم الإنصاف والعدل من إحدى الإمبراطوريتين!.
* * *
والكلمة قالها فعالها
وتحدث صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن عبد العزيز فإذا حديثه موجه إلى الدنيا كلها.. كأنما هو قد قال لجميع الأطراف معتدياً ومعتدى عليه للعدو ومتربصاً بعدوان وعميلاً يركب كاهله المعتدون فكل هذه الأطراف غربية وشرقية عربية ويهودية أسمعها بكلمته ما يعنيه تحرك المملكة العربية السعودية تصنع به سلاماً وترد به عدواناً كأنما التصدي فيها هو مقابلة للتحدي.
إن حديث الأمير فهد قد جاء في حينه حين تحركت الكلمات على بعض الأفواه تطري موقف المملكة العربية السعودية والذي وقفته متصدية لعدوان إسرائيل على بيروت على العمارات والأمهات والأطفال ورغيف العيش والشجرة والحانوت عربدة عن غطرسة تتظاهر بها إسرائيل تستعرض عضلات القوة التي لم يصنعها يهودي وإنما أمدها بذلك أمريكي يمارس ازدواج الصداقة فهو صديق لليهود حين يمد إسرائيل بكل القوة الطاغية ويضع صداقة العرب على الهامش حتى تم للاتحاد السوفياتي أن يضع أقدامه وأسطوله تحيط بالمصالح الأمريكية وتحط من قدر الغرب كله فالموقف السعودي قد أعطى تحركاً للسلام يتقدم به، فرغم أنف إسرائيل قد اعترفت ضمناً بمنظمة التحرير تبادلتا إطلاق النار ثم أطاع كل منهما النصيحة في وقف إطلاق النار.
إن المملكة العربية السعودية لا تتوارى خلف البرقع ولا تتستر، فهي تعلن صداقتها للولايات المتحدة صابرة تتصبر لعلّ عقلاً أمريكياً في وزن عقلية مورغانتو وهنري فورد وفورت برايت، يعرف مساوئ اليهود يقول كما قال أولئك ما لكم ولهؤلاء المهجرين من الشرق.
إن المملكة العربية السعودية حين تصبر على مضض نحو هذه الصداقة فهي تطبق المثل العربي (صديقك من صدقك، لا من صدقك) ويعني ذلك أنها تقبل على الصديق إن أحسن وترفض أي عمل يشين موقفها من هذه الصداقة، أما إسرائيل - بل - وكل اليهود فإنهم ينحرفون عن هذا المثل فهم لا يصدقون مع الصديق ولا يصادقون فإنهم كما تقول العامة ((كل يوم يريدون معروفاً جديداً)) حتى إنهم قد أسقطوا هيبة الولايات المتحدة.
ومرة أخرى فإن المملكة العربية السعودية طبقت المثل العربي في تعريف الصداقة والصديق فإنها تسير مع المثل الإفرنسي (صادق صديق صديقك ولا تعادِ عدوه فهذا من شأن كلبه وخادمه)، فالمملكة العربية السعودية ليست تابعاً ولا مستقطباً فهي تصادق الولايات المتحدة ولن تعادي أعداءها.
أما إسرائيل، أما اليهود فقد عكسوا مسيرتهم نحو هذا المثل الإفرنسي فهم لا يصادقون صديق الولايات المتحدة مع أنهم يدّعون أنهم أصدقاؤها وهم لا يعادون أعداءها، فلو برز عقل أمريكي كعقلية الجنرال ايزنهاور لقال لشعبه.. إن هؤلاء الإسرائيليين يطغون بسلاحكم فهم أصدقاء بهذا العدوان للاتحاد السوفياتي لأن كل طغيان من إسرائيل على العراق أو على لبنان أو كل عدوان سبق هو الذي مهد للاتحاد السوفياتي أن ينغص العيش على المائدة في البيت الأبيض.
إن سمو الأمير فهد لم يكن إلا رائداً لم يكذب قومه فهو حين أعلن المبادئ الثمانية وضع مجلس الأمن وهيئة الأمم والجامعة العربية والسوق المشتركة ومنظمة التحرير أمام الوضوح يتضح به الطريق الذي ينبغي أن يسلكه الجميع إيجاب لا يتخفى وراء كامب ديفيد وإيجاب لا يخشى أي إمبراطورية ما زالت تستفيد من هذا الحريق شرق السويس كأنما هذه المبادئ الثمانية منطلق ثوري ينبغي على العرب - وهم كل الثائرين - وعلى الغرب وهم كل الموتورين أن يعلنوا بصراحة ترحيبهم بهذه المبادئ، فأي تحفظ عليها من أي جهة لم يكن إلا عطاءً سخياً لإسرائيل ومعذرة تطير بجناحين إلى البيت الأبيض.
إن إطار كامب ديفيد لم يكن مطلباً عربياً وإنما كان إملاءً أمريكياً من إملاء يهودي، فالحكم الذاتي ترسيخ للاستعمار اليهودي، فكل يوم تخرج إسرائيل على الدنيا ومداد توقيع مناحيم بيجن لم يجف على ما جاء في إطار كامب ديفيد قد أعلن ضم القدس العربية المسلمة، وهو اليوم ينقل الوزارات إلى القدس ويزرع المستعمرات، فقد استحال إطار كامب ديفيد طريقاً ممهداً لعربدة إسرائيل، أما سلامة مصر فلم تكن إلا سلامة لإسرائيل، فلقد جربت إسرائيل شن الحرب على مصر واحتلت سيناء مرتين فأجلاها في المرة الأولى الجنرال الكبير ايزنهاور وأجلاها في المرة الثانية النصر في العبور.
* * *
وقال أحدهم: لقد وفقت المملكة العربية السعودية في وقف إطلاق النار فلماذا لم يعلن ذلك في وقته؟ فكان الجواب هو ما قاله يوماً ما رئيس وزراء حينذاك الدكتور عبد العزيز حجازي: ليتنا نمارس وقار الصمت كما تمارسه المملكة العربية السعودية، فلو لم تعلن بعض الألسنة هذا الموقف في واشنطن لما أعلنته المملكة العربية السعودية لأنها فيما تصنع من مناصرة إخوانها لا تبيح لنفسها الفخار بما صنعت، فأي كلمة فاخرة ينطقها بلسان ناصر أخاه إنما تحمل التجريح لهذا الموقف وإن لم يتأذ من ناصره، فالفخار بذلك منّ واستعلاء وابن عبد العزيز لا يحب أن يحمد بما لم يفعل ولا يفخر بما فعل، وقد وجدت أن إعلان ذلك ضرورة لتوضح بعض التأويلات التي قد تفهم من خلفيات الأغلال في العاصمة الأمريكية فحين أعلن الأمير فهد ذلك أوضح موقفه وموقف الولايات المتحدة التي استجابت لنصح الصديق لصديقه، كما أوضح أن منظمة التحرير وقد استجابت لنصحه قد أعلنت للدنيا كلها أنها تتصرف كحكومة مسؤولة وكثورة عاقلة وكجهاد مقدس.
ولست أتهم أن إعلان هذا الموقف قبل أن تعلنه المملكة وقبل أن يضع الأمير فهد النقاط على الحروف أن ذلك تملّقٌ للولايات المتحدة بإطراء الصداقة السعودية أو أنه المجاراة للسعودية.. وفي يقيني أنها حملة مصطنعة على الولايات المتحدة، فمن خلفيات هذا الإعلان أن من أعلنه يقول للولايات المتحدة لولا إطار كامب ديفيد لكنت الحري السباق قبل السعودية في أن أسعى لوقف إطلاق النار.. لكن إطار كامب ديفيد قد حرمني ذلك كأنما هو العتاب للرئيس ريجان، أو المن أو ما إلى ذلك.
فالدعوة الملحة هو أن تسير الأمة العربية تحتضن هذه المبادئ تطلب السلام على أساسها وتخوض الحرب لتأسيسها.. فإذا ما أنصف العرب أنفسهم وتوحدوا في هذا الموقف تجد السوق الأوروبية المشتركة متنفساً من ضيق كامب ديفيد وتجد الولايات المتحدة وسيلة بها تضغط على إسرائيل ويجد الاتحاد السوفياتي أن من الإبقاء على نفوذه أن يكون مع هذه المبادئ ليصدق مع منظمة التحرير ومع أصدقائه.
وحين ذكرت إيزنهاور فإني أعجب من الجنرال ألكسندر هيج.. ألا يكون على مستوى إيزنهاور.
مبادرة أَمْ.. مناورة؟
بعد خطوة أو خطوتين من احتلال الاتحاد السوفياتي للأفغان، وإبان بوادر الوضع المتأزم في إيران، وما يذاع عن ما هو متوقع للخليج.. سواء عن مطامع الاتحاد السوفيتي، أو ما يذاع عن موقف دول أوروبا الغربية والولايات المتحدة من العزم على توزيع القوة سريعة الانتشار للدفاع عن الخليج، فأمام هذا الواقع، أو هو من إيحاءاته.. دعا الاتحاد السوفياتي، وبلسان الرئيس بريجنيف وحين زيارته للهند، إلى عقد مؤتمر لمناقشة القضية الفلسطينية تحضره جميع الأطراف المعنية، ومن بينهم: منظمة التحرير!
فهل هذه الدعوة من الرئيس بريجنيف مبادرة تتعانق مع تصديق الواقع لها، أو تستجيب لها الأطراف المعنية، بما فيها منظمة التحرير.. بما فيه إسرائيل، أم هي مناورة كعامل مخدر تتصرف به العواطف، أو تتحول به منابر ((هايد بارك)) العالمية عما صنع الاتحاد السوفياتي في الأفغان؟! فأغلب الظن أنها ليست مبادرة، فلا الواقع يؤيدها.. لأنها ليست في قوة مؤتمر جنيف الذي أزمن مرضه، إذا كانت به بقية من حياة، أو الذي أصبح في الهالكين.
ولعلّي أطرح سؤالاً أنتزعه من واقع الأطراف المعنية: فهل كان الأطراف عرباً وإسرائيليين، وكذلك الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة.. مجمعون على أن يكون هذا المؤتمر؟!
أكاد أشك في أن هناك إجماعاً، بل إن اليقين يعطي المعلق أن يقول كلمة يحدد فيها أن هذا المؤتمر مناورة لا مبادرة، فهو لن يعقد، وما استجابت له كل الأطراف. صمت مطبق من أقاليم صديقة الاتحاد السوفيتي، ومن منظمة التحرير، ومن إسرائيل والولايات المتحدة.
غير أن بعض هؤلاء الأطراف، وقد زار كل منهم موسكو، أذاعوا التحييد لعقد مثل هذا المؤتمر في بيان مشترك أذيع من موسكو، ولكن طرفاً آخر قد زار موسكو بعد هؤلاء ولم نسمع أنه شارك في تحبيذ هذه الدعوة لعقد المؤتمر.. ذلكم هو الرئيس الشاذلي بن جديد، فبعد أن أذيع ما وافق عليه المحبذون، وتلاهم في الزيارة: الشاذلي بن جديد، فلم يكن مع أولئك المحبذين.
فهل هذا الصمت من الأقاليم الصديقة للاتحاد السوفياتي ومنظمة التحرير.. وضع قد خطط له لجس النبض؟ فإذا ما كان هناك إجماع للترحيب به كانوا مع المرحبين، وإن لم يكن أصبحوا من غير المتورطين!
ولعلّ صمت الشاذلي بن جديد يحتمل أن يكون رفضاً منه، أو أن يكون إشارة لتحديد موقفه مع الذين لم يرحبوا به.. بينما هم في موقف واحد معه.
* * *
إن هذا المؤتمر مستحيل أن يعقد، فأول ما يتطلب له أن يتم التفاهم على من يكون حاضراً فيه، فلا إسرائيل ستحضره إذا ما حضرته منظمة التحرير، ولا منظمة التحرير ستحضره إذا ما حضرته إسرائيل.. بينما هذا المؤتمر هو لمناقشة الوضع بين إسرائيل والعرب عامة، وبين إسرائيل ومنظمة التحرير خاصة.. فأصبحت الدعوة لهذا المؤتمر غير ذات موضوع، لأن طرفي الخصام والحرب والنزاع لن يكونا على مائدة واحدة، وإنما الدعوة إليه هي استهلاك ليس محلياً في الاتحاد السوفياتي، وإنما هو ((حلولي)) في العالم العربي.. يتلقى هذه التصريحات، كأنما هي تعبير عن ردود الفعل منه، فالبعض حين قبلها.. قبل رد الفعل، والذين صمتوا، أو الذين يرفضون تأخروا عن الفعل.. فالفعل مع هذا المؤتمر أو ضده ينبغي أن يكون إجماعياً إذا كان العرب أمة واحدة، وإذا كانت القضية قضية أمة واحدة!
* * *
وقالها سعد للقصاب والشهبندر
وقرأت التعليق المهذب.. كتبه صديقنا الأستاذ ((أكرم زعيتر)) في مقاله الأسبوعي الذي نشر يوم الجمعة 21 - أغسطس - يوم حريق المقدس.
وقد أتحفني بثناء أحمده له، وإن بطّنه بنقد لا أتحرج منه، بل إن حمدي له أكبر من ثنائه عليّ.. لأنه فتح الباب على مصراعيه.. أدخل منه لتأكيد هذه الكلمة التي قالها سعد زغلول، فترة معينة من تاريخ مصر.. أيام جهادنا ضد الاستعمار الإنجليزي، وهي - ومن تاريخ مصر - لم تكن ولن تكون كلمة تنغلق بها مصر على نفسها، معزولة عن الأمة العربية.
إن ((سعد)) لم يقل هذه الكلمة عفواً، أو إحماضة يتفكه بها مع عبد الرحمن باشا عزام، فأنا لم أسمعها من ((عزام باشا)) وقد تشرفت بلقائه كثيراً في الطائف وجدة، وعلمت منه الكثير، ولكني لم أسمع هذه الكلمة منه، ولم يكن فيما تحدثت به إليه، أو بما حدثني به يرحمه الله داعٍ لبحث هذه الكلمة - قالها سعد -
وحين ذكرت ذلك.. أنسبه لسعد زغلول - يرحمه الله - صفر زائد صفر يساوي صفراً، ويعني بها جاداً لا مازحاً: إن مصر في ذلك الوقت كانت صفراً.. جردها الاستعمار من قوة، وأن العرب أصبحوا صفراً. هذا ما يعنيه سعد، ولكن.. ممن سمعتها، وهو.. لمن قالها؟!
ففي شهر رجب من عام 1346هـ وصل إلى المدينة المنورة الزعيم السوري الشيخ ((كامل القصاب))، ومعه صديقه: مراد بك الاختيار، فكامل القصاب كان يومها مديراً للمعارف في المملكة العربية السعودية.. وصل إلى المدينة يتفقد مدرستها، ومراد الاختيار ضابط مدفعية سوري معروف. وفي بيت الشيخ ((عبد القادر شلبي)) الطرابلسي اللبناني.. كنا جلوساً نسمع القصاب يتكلم، وسوريا في تلك الأيام مشغولة (بالقضية!) فقال:
ـ ذهبت أنا والدكتور عبد الرحمن الشهبندر، فاستقبلنا سعد زغلول، وتحدثنا إليه، نعرض عليه أنه ينبغي لثورة 19 أن لا تخبو، فلا تموت بالمفاوضات، ولدينا المدد لك من السلاح تمسك به الثورة المصرية، فرد علينا سعد بكل الصراحة والصرامة: لا نريدها ثورة مسلحة.. إن ما تعرضونه لن يفعل شيئاً، فصفر زائد صفر يساوي صفراً!!
ولعلّ هذه الرواية عن القصاب قد رواها الشهبندر لأعضاء حزبه، فلا أستبعد أن كثيراً من تلامذة القصاب والشهبندر يزكون شهادتي هذه!
أما العفوية التي تقول عنها، فسعد أبعد ما يكون عنه، فالزعامة تسترخص حين توصف بهذه العفوية.
أما مزاحه مع ((أبي عوف)) عبد الرحمن عزام، فلم يقصد بها المزاح، وإن جاءت في قالب المزاح.. بل لا أحسبني إلا أني على اليقين من أن عبد الرحمن عزام - العربي صليبه.. صاحب العزوة، هو و ((حمد باشا الباسل)) العربي صليبه، قد ألحا على سعد أن لا يقول هذه الكلمة!!.. فأصبح وهو في شموخ زعامته، يرفه عن هذين العربيين بهذه الصورة التي رويت عن عزام باشا.
وبعيد أن أصدق أن ((عزام باشا)) لم يسمع العتب من صديقه عبد الرحمن الشهبندر، ولكنه حين رواها - كما ذكر الأستاذ أكرم - أحب أن يثبت عروبة مصر، كما كان ذلك حبه وهواه وعمله وجهاده.. فأنكر على سعد إنكارها.. يخفف من وقعها على أهل الشام!
إن التاريخ أكبر الفجائع فيه أننا أغرقناه بالثناء وبالمعاذير، حتى أصبح من يرتكب الجريمة والخطأ يرضى لنفسه ذلك، لأنه سيجد من يسترضيه من المؤرخين!!
إن ((سعد زغلول)) أقول فيه الكلمة التي قالها ((ابن تيمية)) شيخ الإسلام، وهو ينتقد ابن حزم..
ـ قال ابن تيمية: (وأبو محمد كبير عندنا، ولكن الحق أكبر منه) وكذلك أقول عن سعد - بقية الناس من فصحاء الكلمة، وصناع المجنحات - أقول: وسعد كبير عندنا، ولكن الحق والتاريخ أكبر منه!
ولعلّي لا أظلم ((سعداً)) حين أذكر كلمة للعقاد - المفتون بزعامة سعد - في كتابه: سعد زغلول.. أبان فيها الفرق بين زعامة العزوة والقبيلة.. زعامة الصعيد، وبين زعامة العاصمة، أو الوجه البحري كله، قال العقاد في كتابه ذاك، أروي ذلك بمعناه فإني لم أحفظ النص:
ـ قال: حين اجتمع الأربعة الزعماء في مالطا يوم نفاهم الإنجليز وهم: سعد زغلول، حمد الباسل، محمد محمود، إسماعيل صدقي، قال سعد: نفينا، فماتت الثورة في مصر، ووافقه إسماعيل صدقي على ذلك، فإذا شموخ العربي الصليبة زعيم الصعيد ((محمد باشا محمود)) يقول: ((لئن لم تثر القاهرة فستثور أسيوط))!.
فإذا - ولد علي - العربي الصليبة.. يشمخ بأنفه فيقول:
ـ لئن لم تثر القاهرة، فستثور الفيوم! ذلكم ((حمد الباسل)).
وفعلاً، كانت الثورة في أسيوط، وكانت الثورة في الفيوم، لم ينكرها العقاد واعترف بها ((فكري أباظة)) في: الضاحك الباكي!
إن محمد محمود، وحمد الباسل، وعبد الرحمن عزام، بعزوة سلين، وأولاده علي، والهوارة، والأشراف، والحميدات، والحميريين في المنيا وفي الجيزة هم الأكثرون.. هم عروبة مصر!!
فالصحيح أن سعداً قالها.. يرفض العون من الدمشقيين، فالمعذرة له، ليست بقولة المزاح، وإنما كان ذلك إملاء الظروف.. حتمت على زعيم الثورة أن لا يشعر الإنجليز بتكتل العرب حوله، فذلك يسلط الإنجليز أكثر، فأحب لمصر أن تنفرد بجهادها في المفاوضات.. فالمعذرة هي في الخضوع لضغط الظروف، لا للمزاح، ولا حتى للاعتذار من عبد الرحمن عزام!!
* * *
وأريد أن أزيد على الأستاذ ((أكرم زعيتر)) بأن الوفد المصري لم يحفل بالعالم العربي ولا يعرف عنه شيئاً، لقد فقد هذه المعرفة حينما انفصل عنه عبد الرحمن باشا عزام، وحمد باشا الباسل.. حتى إن المؤتمر الوفدي، وقد أريد منه أن يتكلم عن العرب، لم يجدوا غير العقاد يتكلم عن ذلك، ومع احترامي لأستاذنا العقاد.. كان يعرف القومية العربية.. أما حين اشتعلت وتكوّنت الحكومات العربية، واشتعلت الثورة في سوريا وفي فلسطين، فإن العقاد لم يكن يعنى بذلك!
ولعلّي أذكر الأستاذ ((أكرم)) بما تحدث به أمين الحسيني - مفتي فلسطين - وما شافهني به ((عز الدين الشوا)) في أوتيل مكة بأجياد.. لقد ذهب أمين الحسيني، ومعه وفد من فلسطين، ومنهم عز الدين الشوا، إلى لندن يفاوضون من أجل قضية فلسطين، وكان من المصادفات أن الوفد المصري برئاسة النحاس باشا، المكوّن من الوفد ومن أعضاء الجبهة، كانوا في الوقت نفسه في لندن يفاوضون الإنجليز في مجريات (معاهدة الشرف والاستقلال - معاهدة 36) فاجتمع النحاس باشا مع السيد أمين الحسيني، فقال له:
ـ (يا سماحة المفتي.. ما تحل المشكلة مع اليهود.. يا أخي عاملوهم كما عاملنا الأقباط) يحسب أن اليهود أقلية كالأقباط، وأنهم من أهل فلسطين، كالأقباط من أهل مصر!!
أفيدل ذلك على معرفة النحاس بقضية فلسطين، أم الأمر غير ذلك؟!
* * *
ـ وأذكر الأستاذ ((أكرم)) أيضاً بموقف إسماعيل صدقي رئيس الوزراء حين ذاك.. ينفذ أوامر الملك فؤاد، وبموقف الوفد المصري برئاسة النحاس ضد المؤتمر الإسلامي الذي انعقد في القدس، وحتى الأزهر بقيادة ((الأحمدي الظواهري)).. كلهم كانوا ضد المؤتمر الإسلامي في القدس، ولم يحضره من مصر إلا ((عبد الرحمن باشا عزام)) فرداً مستقلاً.. لم يسأل عن غضب السراي، وإسماعيل صدقي الذي سلط عليه ((سليمان فوزي)) صاحب الكشكول.. يشغب عليه وهو يخطب في المسجد الأقصى، فإذا العربي الصليبة - ابن عم عبد الرحمن عزام - مثقال باشا الفائز، شيخ بني صخر يسل سيفه يريد أن يدرك سليمان فوزي لعرقبه حماة لعزام، ولم يحضره - أيضاً - من مصر إلا ((محمد علي علوبة باشا)) ممثلاً للأحرار الدستوريين.
فهل بعد ذلك - يا صديقي أكرم - لا نؤكد أن ((جمال عبد الناصر)) هو الذي لوى عنق التاريخ، فقال لمصر: أنت عربية، مادة في الدستور!!
 
طباعة

تعليق

 القراءات :911  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 819 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور عبد الكريم محمود الخطيب

له أكثر من ثلاثين مؤلفاً، في التاريخ والأدب والقصة.