شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
لا حضارة لليهود
كلمتان كثيراً ما تلوكها الألسنة.. هما الحب والحضارة.
فالحب كلمة شاعت وذاعت حتى أصبح وكأني أراها سقيمة تعاني ليس من مرض في ذاتها، ولكن من هؤلاء المرضى، ومرضهم ليس منها - يتذرعون بها ليس في مغازلة الحبيب، وإنما في ممارسة كل الانحرافات - فالمذاهب الهدامة يدعي أصحابها أنها الحب للشعوب والطغيان المدمر يرسل كلمة الحب وسيلة لمن يتعامل معه من الذين يجرمون بالخيانة - يمارسون خدمة للطغاة باسم الحب وهكذا انحدرت كلمة الحب الغالية والعالية إلى الحضيض فهل أقول؟
(كم من جرائم) ترتكب باسمك أيها الحب؟
والحضارة انحدرت كالحب ينطق بها من يعرف ومن لا يعرف ويدعيها الذين لا حضارة لهم - فباسم الحضارة كان الاستعمار - يدعون أنه للتحضير والتمدين، وباسم الحضارة الزائفة والمكذوبة تهدم الحضارة العتيدة والعميقة.
ولقد تكلم زعماء العالم العربي وتبعهم آخرون يقولون إن إسرائيل تغزو بحضارتها الحضارة العربية وهم بذلك يعطون إسرائيل القيمة الحضارية كأن اليهود شعب حضاري، وهذه أكذوبة روجتها اليهودية والصهيونية وتجرعها رجال في الغرب إما مجاملة لليهود وإما خوفاً منهم أو تدجيلاً على العرب، وكل هذا واقع في هؤلاء الرجال الذين جرعوا بعض مثقفينا هذه الأكذوبة.
إن اليهود وتمثلهم إسرائيل في طغيانها واحتلالها لأرض عربية ليس لهم أي حضارة قامت في التاريخ.
إن الحضارة كيان - مجتمع، واليهود ليس لهم كيان، ولا يعيشون في مجتمع خاص بهم - إنهم المشردون تجدهم في كل الشعوب - يعيشون على حضارة هذه الشعوب، وحتى ما بناه ملك داود وسليمان عليه السلام من الهيكل وما إليه لم يكن من صنع اليهود بأيديهم وإنما هم صناع من شعوب أخرى خدموا ملك داود وسليمان عليهما السلام - حتى إذا ورث الشعب اليهودي ذلك، بعثر هذا البناء الحضاري لأنهم وأعني اليهود أصحاب وجدان حضاري - إنهم مجتمع صحاري جاءوا إلى مصر على العير - أعني الجمال، وخرجوا منها يركبون العير أعني الحمار، والمجتمع الحماري ما كان ولن يكون حضارياً - مثلهم مثل الغجر والنور والصلب والغز يعيشون على هامش المجتمعات الحضارية.
فطغيان إسرائيل في الأرض العربية في فلسطين أرض الأنبياء التي عاشت المسيحية في الغرب على حضارة الشرق بهؤلاء الذين بشروا بها في الغرب فالزي الحضاري في الكنائس والبناء فيها والطعام المعد في الأعياد مثل من أمثلة حضارة الأرض العربية والإنسان العربي.
وحين اعترفت الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي ومن إليهم بدولة إسرائيل - كتبت مقالاً أشرح فيه أن الذين صوتوا لتأسيس هذه الدولة أو الذين اعترفوا بعضهم قد تناسى حضارته تحقيقاً لمطامعه وبعضهم لا حضارة له لأنهم من الدول الحديثة - أما الذين لم يصوتوا ولم يعترفوا كالهند واليونان وإسبانيا ولحقت بعدهم الصين حتى الآن كانوا دولاً في شعوب حضارية لم يسقطوا من أنفسهم الاعتراف والتقدير لحضارة العرب وأسقطوا في عملهم المضاد لوجود إسرائيل الاعتراف بها والتصويت لها لأنها ليست ممثلة لأي حضارة، وقد قرأ الأستاذ محمد التابعي يرحمه الله هذا المقال حين زار محمد سرور الصبان يرحمه الله فقال: ((إن هذا الكاتب قد جعلني أنكر على نفسي ألا أتصور هذه النقطة - فلا حضارة لليهود)).
والكلام ليس تحاملاً على ما هو واقع من ادعاء الحضارة لليهود وأن تحايل بعضهم أن بعضنا قد مارس التحامل في الأفكار على الذين يزعمون أن لليهود حضارة - فحين نتحامل لسنا من الحمق أن نمارس التحايل أو الحملة على ما هو حق - فالذين يعتقدون أن لليهود حضارة يريدون بها الحرب على حضارتنا - إنما هم قلدوا غيرهم أو تقلدوا الدفاع عن فكرة خاطئة أو عن إنسان قال مثل ذلك أحسب أن فيه إعطاء الحق لشعب حضاري أن يفرض حضارته.
فالاعتداء من أي أحد مهما كبر مقامه أو قدس غيرنا قيمته لا ينبغي لنا إلا أن نقول كلمة الحق الذي نعتقده دفاعاً عن أمتنا عن حضارتنا عن أخلاقنا.
إن الحرب بين العرب وإسرائيل دفاع عن السلام.. عن السلام.. عن الأرض.. وفوق ذلك عن الدين وعن الحضارة.. وعن الحياة، فالقول بأنها حرب حضارة ضد حضارة - دعوة تسترخي عضل الشعوب وتخرب وجدان الشعوب - إن هذه الحرب الانتصار فيها يحدد مستقبل الأمة العربية كلها.. بل وأكثر من ذلك مستقبل الإسلام في أي مكان.
فإسرائيل اليهودية الصهيونية صليبية في ثوب جديد - توسعية تريد أن تحقق أحلام الاستعمار الجديد.
لا حضارة لليهود لأن الحضارة كيان وليس لليهود كيان فهم شعب مشرد صنع التخريب واحترف التدمير في كل كيان أضافه.
ولعلّي قد قلت في نداء كان في حلم صادق أقول ابشروا أيها المسلمون إنه لا ملك لإسرائيل فدعوة سليمان عليه السلام ((وهب لي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي)) هي دعاء له - متعه الله بالملك العظيم وهي دعاء على إسرائيل بالذات لا يكون لها ملك، وقد تحقق هذا الدعاء عليهم - فبعد سليمان لم يكن لهم ملك، وإنما كان لهم التشريد. ولئن سألني بعضهم عن العباقرة من اليهود كنيوتن وانشتاين وابن النفيس وإميل لوفيج واستفان دي فيج، وحتى ابن السموأل.. لئن سألني أحد عن هؤلاء وهم يهود حضاريون كيف أنكر عليهم الحضارة؟
والإجابة قد كتبتها من قبل في المقال الذي قرأه التابعي هكذا. إن نيوتن لم يكن في ثبت الحضارة اليهودية، وإنما هو في ثبت الحضارة الإنجليزية، واينشتاين لم يكن في ثبت اليهود حضارياً، وإنما في ثبت ألمانيا وفي حضانة الولايات المتحدة، وإميل لوفيج وستيفان دي فيج حضارة نمساوية.
أما السموأل شاعرنا صاحب الأبلق في تيماء فهو من شعراء العرب في ثبت الحضارة العربية، وابن النفيس مكتشف الدورة الدموية هو في ثبت الحضارة العربية نشآ في تلك المواطن - كتبا بلغاتها اجترتهما شعوبها أذاعا ما صنعا - فليس من الحق الادعاء بأنهما من حضارة اليهود وإن كانا يدينان باليهودية.
وأخيراً فإن الحضارة طبيعية في الشعوب ذات الكيان أما ما هو موجود عند إسرائيل الآن فتمدن لم تصنعه فهو استعارة من مدينة الغرب. وفرق كبير بين الحضارة الطبع والمدنية المصنوعة.
وأخيراً فالحضارة زمان وكيان وإنسان بإيحاء الوجدان.. واليهود ليس لهم كيان وليس فيهم وجدان الإنسان.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :798  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 806 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة الدكتورة عزيزة بنت عبد العزيز المانع

الأكاديمية والكاتبة والصحافية والأديبة المعروفة.