شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الفاروق عمر بن الخطاب(3)
وكان عمر رضي الله عنه، إذا بعث عاملاً له على مدينة كتب ماله. وقد قاسم غير واحد منهم ماله إذا عزله. منهم سعد بن أبي وقاص وأبو هريرة، وكان يستعمل رجلاً من أصحاب رسول الله عليه السلام. مثل عمرو بن العاص.. ومعاوية بن أبي سفيان والمغيرة بن شعبة. ويدع من هو أفضل منهم عثمان وعلي وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف ونظراءهم لقوة أولئك على العمل والبصر به، ولإشراف عمر عليهم وهيبتهم له، وقيل له: مالك لا تولي الأكابر من أصحاب رسول الله، عليه السلام، فقال: أكره أن أدنسهم بالعمل.
واتخذ عمر دار الرقيق، وقال بعضهم الدقيق، فجعل فيها الدقيق والسويق والتمر والزبيب وما يحتاج إليه يعين به المنقطع والضيف ينزل بمعسكره، ووضع عمر في طريق السبل ما بين مكة والمدينة ما يصلح من ينقطع به ويحمل من ماء إلى ماء وهدم عمر مسجد رسول الله، صلَّى الله عليه وسلم، وزاد فيه وأدخل دار العباس بن عبد المطلب فيما زاد، ووسعه وبناه لما كثر الناس بالمدينة، وهو أخرج اليهود من الحجاز وأجلاهم من جزيرة العرب إلى الشام. وأخرج أهل نجران وأنزلهم ناحية الكوفة. وكان عمر خرج إلى الجابية في صفر سنة ست عشرة فأقام بها عشرين ليلة يقصد الصلاة، وحضر فتح بيت المقدس، وقسم الغنائم بالجابية، وخرج بعد ذلك في جمادى الأولى سنة سبع عشرة يريد الشام فبلغ سرغ فبلغه أن الطاعون قد اشتعل بالشام فرجع من سرغ، فكلمه أبو عبيدة بن الجراح وقال: أتفر من قدر الله؟! قال: نعم، إلى قدر الله.
وفي خلافته كان طاعون عمواس في سنة ثماني عشرة، وفي هذه السنة كان أول عام الرمادة، أصاب الناس محل وجدب ومجاعة تسعة أشهر، واستعمل عمر على الحج بالناس أول سنة استخلف، وهي سنة ثلاث عشرة، عبد الرحمن بن عوف فحج بالناس تلك السنة ثم لم يزل عمر بن الخطاب يحج بالناس في كل سنة خلافته كلها فحج بهم عشر سنين ولاء، وحج بأزواج النبي عليه السلام في آخر حجة حجها بالناس سنة ثلاث وعشرين، واعتمر عمر في خلافته ثلاث مرات، عمرة في رجب سنة سبع عشرة. وعمرة في رجب سنة إحدى وعشرين وعمرة في رجب سنة اثنتين وعشرين وهو آخر المقام إلى موضعه اليوم كان ملصقاً بالبيت.
ـ عن الحسن أن عمر بن الخطاب مصر الأمصار: المدينة والبصرة والكوفة والبحرين ومصر والشام والجزيرة.
ـ وعن الحسن أن عمر قال: هان شيء أصلح به قوماً أن أبدلهم أميراً مكان أمير.
ـ عن محمد بن سيرين قال: قال عمر بن الخطاب: لأعزلن خالد بن الوليد والمثني مثنى بني شيبان حتى يعلما أن الله إنما كان ينصر عباده وليس إياهما كان ينصر.
ـ عن عبد الله بن إبراهيم قال: أول من ألقى الحصي في مسجد رسول الله صلَّى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب، وكان الناس إذا رفعوا رؤوسهم من السجود نفضوا أيديهم فأمر عمر بالحصي فجيء به من العقيق، فبسط في مسجد النبي صلَّى الله عليه وسلم.
ـ عن عبد الرحمن بن عجلان أن عمر بن الخطاب مر بقوم يرتمون فقال أحدهم: أسيت، فقال عمر: سوء اللحن أسوأ من سوء الرمي.
ـ عن نافع قال: قال عمر: لا يسألني الله عن ركوب المسلمين البحر أبداً.
ـ عن زيد بن أسلم قال: كتب عمر بن الخطاب إلى عمرو بن العاص يسأله عن ركوب البحر، قال فكتب عمرو إليه يقول: دود على عود فإن انكسر العود هلك الدود. قال فكره عمر أن يحملهم على البحر، قال هشام ابن سعد وقال سعيد بن أبي هلال: فأمسك عمر عن ركوب البحر.
ـ عن عبد الله بن بريدة الأسلمي قال: بينا عمر بن الخطاب يعس ذات ليلة إذا امرأة تقول:
هل من سبيل إلى خمر فأشربها؟
أم هل سبيل إلى نصر بن حجاج؟
هو من أحسن الناس شعراً وأصبحهم وجهاً، فأمره عمر أن يطم شعره ففعل. فخرجت جبهته فازداد حسناً، فأمره عمر أن يعتم ففعل. فازداد حسناً، فقال عمر: لا والذي نفسي بيده لا تجامعني بأرض أنا بها فآمر له بما يصلحه وسيره إلى البصرة.
ـ وعن ابن بريدة الأسلمي قال: خرج عمر بن الخطاب يعس ذات ليلة فإذا هو بنسوة يتحدثن. فإذا هن يقلن: أي أهل المدينة أصبح؟! فقالت امرأة منهن: أبو ذئب فلما أصبح سأل عنه فإذا هو من بني سليم، فلما نظر إليه عمر إذا هو من أجمل الناس فقال له عمر: أنت والله ذئبهن، مرتين أو ثلاثاً. والذي نفسي بيده لا تجامعني بأرض أنا بها! قال: فإن كان لا بد من مسيرتي فسيرني حيث سيرت ابن عمي معين نصر بن حجاج السلمي فأمر له بما يصلحه وسيره إلى البصرة.
ـ عن محمد أن بريداً قدم على عمر فنثر كنانته فبدرت صحيفة فأخذها فقرأها فإذا فيها.
ألا أبلغ أبا حفص رسولا
فدى لك من أخي ثقة إزاري
قلائصنا، هداك اللَّه أنا
شغلنا عنكمُ زمن الحصار
فما قلص وجدن معقلات
قفا سلع بمختلف البحار
قلائص من بني سعد بن بكر
وأسلم أو جهينة أو غفار
يعقلنهن جعدة من سليم
معيداً يبتغي سقط العذار
فقال: ادعو إليّ جعدة من سليم، قال فدعوا به فجلد مائة معقولاً فنهاه أن يدخل على امرأة مغيبة.
ـ عن سعيد بن المسيب قال: كان عمر بن الخطاب يحب الصلاة في كبد الليل يعني وسط الليل.
ـ عن محمد بن سيرين قال: كان عمر بن الخطاب قد اعتراه نسيان في الصلاة فجعل رجلاً خلفه يلقنه، فإذا أومأ إليه أن يسجد أو يقوم فعل.
ـ عن الزهري قال: قال عمر بن الخطاب في العام الذي طعن فيه: أيها الناس إني أكلمكم بالكلام فمن حفظه فليحدث به حيث انتهت به راحلته، ومن لم يحفظه فأحرج بالله على امرئ أن يقول عليّ ما لم أقل.
ـ وعن الزهري قال: أراد عمر أن يكتب السنن. فاستخار الله شهراً ثم أصبح وقد عزم له فقال: ذكرت قوماً كتبوا كتاباً فأقبلوا عليه وتركوا كتاب الله.
ـ قال: عن راشد بن سعد أن عمر بن الخطاب أتى بمال فجعل يقسمه بين الناس فازدحموا عليه، فأقبل سعد بن أبي وقاص يزاحم الناس حتى خلص إليه فعلاه عمر بالدرة وقال: إنك أقبلت لا تهاب سلطان الله في الأرض فأحببت أن أعلمك أن سلطان الله لن يهابك.
ـ قال: عن عكرمة أن حجّاماً كان يقص عمر بن الخطاب وكان رجلاً مهيباً، فتنحنح عمر فأحدث الحجام، فأمر له عمر بأربعين درهماً، والحجام هو سعيد بن الهيلم.
ـ وعن سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب أنه قال في ولايته: من ولي هذا الأمر بعدي فليعلم أن سيريده عنه القريب والبعيد، وأيم الله ما كنت إلا أقاتل الناس عن نفسي قتالاً.
ـ عن معمر بن محمد عن أبيه محمد بن زيد قال: اجتمع علي وعثمان وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد، وكان أجرأهم على عمر عبد الرحمن بن عوف، فقالوا: يا عبد الرحمن لو كلمت أمير المؤمنين للناس فإنه يأتي الرجل طالب الحاجة فتمنعه هيبتك أن يكلمك في حاجة حتى يرجع ولم يكلمك، قال: يا عبد الرحمن أنشدك الله أعلي وعثمان وطلحة والزبير وسعد أمروك بهذا؟ فقال: اللَّهم نعم. قال: يا عبد الرحمن والله لقد لنت للناس حتى خشيت الله في اللين ثم اشتددت عليهم حتى خشيت الله في الشدة فأين المخرج؟ فقام عبد الرحمن يبكي.. يجر رداءه يقول بيده: أف لهم بعدك، أف لهم بعدك!
ـ عن ابن عباس قال: كان عمر بن الخطاب كلما صلَّى صلاة جلس للناس، فما كانت له حاجة نظر فيها فصلى صلوات لا يجلس فيها، فأتيت الباب فقلت: يا يرفا، فخرج علينا يرفا، فقلت، أبأمير المؤمنين شكوى؟ قال: لا. فبينا أنا كذلك إذ جاء عثمان فدخل يرفا ثم خرج علينا فقال: قم يا ابن عفان، قم يا ابن عباس، فدخلنا على عمر وبين يديه صبر من مال، على كل صبرة منها كتف، فقال: إني نظرت فلم أجد بالمدينة أكثر عشيرة منكما، خذا هذا المال فاقسماه بين الناس، فإن فضل فضل فردا، فأما عثمان فجثا وأما أنا فجئت لركبتي فقلت: وإن كان نقصاناً رددت علينا!؟ فقال: شنشنة من أخشن، قال سفيان: يعني حجراً من جبل، أما كان هذا عند الله إذ محمد صلَّى الله عليه وسلم وأصحابه يأكلون القد؟! قلت بلى ولو فتح عليه لصنع غير الذي تصنع. قال! وما كان يصنع؟! قلت إذا لأكل وأطعمنا، قال: فرأيته نشج حتى اختلفت أضلاعه وقال: لوددت أني خرجت منه كفافاً منه لا علي ولا لي.
ـ عن سعيد بن المسيب قال: أصيب بعير من المال زعم يحيى بن سعيد من الفيء فنحره عمر وأرسل إلى أزواج النبي منه ووضع ما بقي فدعا عليه من المسلمين وفيهم يومئذ العباس بن عبد المطلب. فقال العباس: يا أمير المؤمنين لو صنعت لنا كل يوم مثل هذا فأكلنا عندك وتحدثنا، فقال عمر: لا أعود لمثلها إنه مضى صاحبان لي (يعني النبي صلَّى الله عليه وسلم وأبا بكر) عملا عملاً وسلكا طريقاً وإني إن عملت بغير عملهما سلك بي طريق غير طريقهما.
ـ قال: عن زيد بن أسلم قال: إن عمر بن الخطاب خرج فقعد على المنبر فتاب الناس إليه حتى سمع به أهل العالية فنزلوا فعلمهم حتى ما بقي وجه إلا علمهم، ثم أتى أهله وقال: قد سمعتم ما نهيت عنه وإني لا أعرف أن أحداً منكم يأتي شيئاً مما نهيت عنه إلا ضاعفت له العذاب ضعفين، أو كما قال.
ـ عن سالم بن عبد الله قال: كان عمر إذا أراد أن ينهى الناس عن شيء تقدم إلى أهله فقال: لا أعلمن أحداً وقع في شيء مما نهيت عنه إلا أضعفت له العقوبة.
ـ عن عروة قال: كان عمر إذا أتاه الخصمان برك على ركبتيه وقال: اللَّهم أعنّي عليهما، فإن كل واحد منهما يريدني عن ديني.
ـ عن محمد بن سيرين قال: قال عمر بن الخطاب: ما بقي فيَّ شيء من أمر الجاهلية إلا أني لست أبالي إلى أي الناس نكحت وأيهم أنكحت.
ـ عن أبي العاص الثقفي قال: كنت قاعداً مع عمر بن الخطاب فأتاه رجل فسلم عليه فقال له عمر: بينك وبين أهل نجران قرابة؟ قال الرجل: لا، قال عمر: بلى، قال الرجل: لا، قال عمر: بلى والله، أنشد الله كل رجل من المسلمين يعلم أن بين هذا وبين أهل نجران قرابة لما تكلم، فقال رجل من القوم: يا أمير المؤمنين بلى بينه وبين أهل نجران قرابة من قبل كذا وكذا، فقال له عمر: مه فإنا نقفو الآثار.
ـ عن زياد بن حدير قال: رأيت عمر أكثر الناس صياماً وأكثرهم سواكاً.
ـ أخبرنا زهير بن معاوية قال: قال عمر بن الخطاب: لو كنت أطيق مع الخليفي لأذنت.
ـ عن يحيى بن أبي جعدة قال: قال عمر بن الخطاب: لولا أن أسير في سبيل الله أو أضع جبيني لله في التراب أو أجالس قوماً يلتقطون طيب القول كما يلتقط طيب الثمر لأحببت أن أكون قد لحقت بالله.
ـ أخبرنا عمر بن سليمان بن أبي حثمة عن أبيه قال: قالت الشفاء ابنة عبد الله، ورأت فتياناً يقصدون في المشي ويتكلمون رويداً فقالت: ما هذا؟ فقالوا: نسّاك، فقالت: كان والله عمر إذا تكلم أسمع وإذا مشى أسرع وإذا ضرب أوجع، وهو الناسك حقاً.
ـ عن المسور بن مخرمة قال: كنا نلزم عمر بن الخطاب نتعلم منه الورع.
ـ عن يحيى بن سعيد قال: قال عمر: ما أبالي إذا اختصم إلي رجلان لأيهما كان الحق.
ـ عن أنس بن مالك عن النبي صلَّى الله عليه وسلم، قال: أشد أمّتي في أمر الله عمر.
ـ عن العلاء بن أبي عائشة أن عمر بن الخطاب دعا بحلاق فحلقه بموسى، يعني جسده، فاستشرف له الناس فقال: أيها الناس، إن هذا ليس من السنة ولكن النورة من النعيم فكرهتها.
ـ عن قتادة قال: كان الخلفاء لا يتنورون، أبو بكر وعمر وعثمان.
ـ عن عمر بن عبد العزيز أنه قال رأيت النبي، صلَّى الله عليه وسلم في المنام وأبو بكر عن يمينه وعمر عن شماله فقال لي: يا عمر إن وليت من أمر الناس شيئاً فخذ بسيرة هذين.
ـ عن سالم قال: كان عمر بن الخطاب وعبد الله بن عمر لا يعرف فيهما البر حتى يقولا أو يفعلا، قال قلت يا أبا بكر ما تعني بذلك؟ قال: لم يكونا مؤنثين ولا متماوتين.
ـ عن عبيد الله بن عتبة بن مسعود قال: كان البر لا يعرف في عمر ولا في ابنه حتى يقولا أو يفعلا.
ـ قال معن: إن عمر بن الخطاب كان يسير ببعض طريق مكة، وقال عبد الله بن مسلمة عن عمه أنه كان مع عمر بن الخطاب في سفر فلما كان قريباً من الروحاء سمع صوت راعٍ في جبل فعدل إليه فلما دنا منه صاح: يا راعي الغنم فأجابه الراعي فقال: يا راعيها، فقال عمر: إني قد مررت بمكان هو أخصب من مكانك وإن كل راع مسؤول عن رعيته. ثم عدل صدور الركاب.
ـ عن أبي الحتيكة قال: سئل عمر عن شيء فقال: لولا إني أكره أن أزيد في الحديث أو أنتقص منه لحدثتكم به.
ـ عن أنس بن مالك قال: سمعت عمر بن الخطاب يوماً وخرجت معه حتى دخل حائطاً فسمعته يقول وبيني وبينه جدار وهو في جوف الحائط: عمر بن الخطاب أمير المؤمنين بخ والله بني الخطاب لتتقين الله أو ليعذبنك.
ـ عن سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب أنه كان يقول: إن الناس لم يزالوا مستقيمين ما استقامت لهم أيمتهم وهداتهم.
ـ عن الحسن قال: قال عمر بن الخطاب: الرعية مؤدية إلى الإمام ما أدى الإمام إلى الله فإذا رتع الإمام رتعوا.
ـ عن زيد بن أسلم قال: أخبرني أسلم أبي أن عبد الله بن عمر قال: يا أسلم أخبرني عن عمر، قال: فأخبرته عن بعض شأنه فقال عبد الله: ما رأيت أحداً قط بعد رسول الله صلَّى الله عليه وسلم من حين قبض كان أجد ولا أجود حتى انتهى من عمر.
ـ عن عاصم قال: سمعت أبا عثمان النهدي يقول: والذي لو شاء أن تنطق قناتي نطقت لو كان عمر بن الخطاب ميزاناً ما كان فيه ميط شعرة.
ـ أخبرنا أبو عمير الحارث بن عمير عن رجل أن عمر بن الخطاب رقي المنبر وجمع الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس لقد رأيتني وما لي من أكل يأكله الناس إلا أن لي خالات من بني مخزوم فكنت أستعذب لهن الماء فيقبضن لي القبضات من الزبيب. قال ثم نزل عن المنبر فقيل له: ما أردت إلى هذا يا أمير المؤمنين؟ إني وجدت في نفسي شيئاً فأردت أن أطأطئ منها.
ـ قال سفيان بن عيينه: قال عمر بن الخطاب: أحب الناس إلي من رفع إليَّ عيوبي.
ـ عن أنس بن مالك أن الهرمزان رأى عمر مضطجعاً في مسجد رسول الله صلَّى الله عليه وسلم فقال: هذا والله الملك الهنيء.
ـ عن زيد بن أسلم قال: رأيت عمر بن الخطاب يأخذ بأذن الفرس ويأخذ بيده الأخرى أذنه ثم ينزوي على متن الفرس.
ـ عن عطاء قال: كان عمر بن الخطاب يأمر عماله أن يوافقوه بالموسم فإذا اجتمعوا قال: أيها الناس إني لم أبعث عمالي عليكم ليصيبوا من أبشاركم ولا من أموالكم، إنما بعثتهم ليحجزوا بينكم وليقسموا فيئكم بينكم. فمن فعل به غير ذلك فليقم، فما قام أحد إلا رجل واحد قام فقال: يا أمير المؤمنين إن عاملك فلاناً ضربني مائة سوط قال: فيم ضربته؟! قم فاقتنص منه، فقام عمرو بن العاص فقال: يا أمير المؤمنين إنك إن فعلت هذا يكثر عليك ويكون سنة يأخذ بها من بعدك، فقال: أنا لا أقيد وقد رأيت رسول الله يقيد من نفسه، قال: فدعنا فلنرضه، قال: دونكم فأرضوه. فافتدى منه بمائتي دينار كل سوط بدينار.
ـ عن أبي سعيد مولى أبي أسيد قال: كان عمر بن الخطاب يعس المسجد بعد العشاء فلا يرى فيه أحداً إلا أخرجه إلا رجلاً قائماً يصلي.. فمر بنفر من أصحاب رسول الله صلَّى الله عليه وسلم، فيهم أبي بن كعب فقال: من هؤلاء؟! قال أبي: نفر من أهلك يا أمير المؤمنين. قال: ما خلفكم بعد الصلاة؟! قال: جلسنا نذكر الله، قال فجلس معهم ثم قال لأدناهم إليه.. خذ، قال فدعا فاستقرأهم رجلاً رجلاً يدعون حتى انتهى إلي وأنا إلى جنبه فقال: هات: فحصرت وأخذني من الرعدة أفكل حتى جعل يجد مس ذلك مني، ولو أن تقول اللَّهم اغفر لنا، اللَّهم ارحمنا، قال ثم أخذ عمر فما كان في القوم أكثر دمعة ولا أشد بكاء منه ثم قال: أيها الآن فتفرقوا.
ـ عن الزهري قال: كان عمر بن الخطاب يجلس متربعاً ويستلقي على ظهره ويرفع إحدى رجليه على الأخرى.
ـ وعن الزهري قال: قال عمر بن الخطاب إذا أطال أحدكم الجلوس في المسجد فلا عليه أن يضع جنبه فإنه أجدر أن لا يمل جلوسه.
ـ وعن محمد بن سيرين قال: قتل عمر ولم يجمع القرآن.
ـ عن جبير بن الحويرث بن نقيد أن عمر بن الخطاب استشار المسلمين في تدوين الديوان فقال له علي بن أبي طالب: تقسم كل سنة ما اجتمع إليك من مال ولا تمسك منه شيئاً، وقال عثمان بن عفان: أرى مالاً كثيراً يسمع الناس وإن لم يحصوا حتى تعرف من أخذ ممن لم يأخذ، خشيت أن ينتشر الأمر، فقال له الوليد بن هشام بن المغيرة: يا أمير المؤمنين قد جئت الشام فرأيت ملوكها قد دونوا ديواناً وجندوا جنوداً، فأخذ بقوله فدعا عقيل بن أبي طالب ومخرمة بن نوفل وجبير بن مطعم وكانوا من نساب قريش فقال: اكتبوا على منازلهم، فكتبوا فبدأوا ببني هاشم ثم أتبعوه أبا بكر وقومه، ثم عمر وقومه على الخلافة، فلما نظر إليه عمر قال: وددت والله أنه هكذا ولكن ابدأوا بقرابة النبي صلَّى الله عليه وسلم، الأقرب فالأقرب حتى تضعوا عمر حيث وضعه الله.
ـ عن زيد بن أسلم قال: رأيت عمر بن الخطاب حين عرض عليه الكتاب، وبنو تميم على أثر بني هاشم، وبنو عدي على أثر بني تيم فأسمعه يقول: ضعوا عمر موضعه وابدأوا بالأقرب فالأقرب من رسول الله صلَّى الله عليه وسلم، فجاءت بنو عدي إلى عمر فقالوا: أنت خليفة رسول الله صلَّى الله عليه وسلم، أو خليفة أبي بكر وأبو بكر خليفة رسول الله، عليه السلام، قالوا: وذاك فلو جعلت نفسك حيث جعلك هؤلاء القوم، قال: بخ بخ عدي.. عدي أردتم الأكل على ظهري لأن أذهب حسناتي لكم، لا والله حتى تأتيكم الدعوة وأن أطبق عليكم الدفتر، يعني ولو أن تكتبوا آخر الناس، إن لي صاحبين سلكا طريقاً فإن خالفتهما خولف بي، والله ما أدركنا الفضل في الدنيا ولا ما نرجو من الآخرة من ثواب الله على ما عملنا إلا بمحمد صلَّى الله عليه وسلم، فهو شرفنا وقومه أشرف العرب ثم الأقرب فالأقرب، إن العرب شرفت برسول الله، ولو أن بعضنا يلقاه إلى آباء كثيرة وما بيننا وبين أن نلقاه إلى نسبه ثم لا نفاقه إلى آدم إلا أباء يسيرة مع ذلك، والله لئن جاءت الأعاجم بالأعمال وجئنا بغير عمل فهم أولى بمحمد منا يوم القيامة، فلا ينظر رجل إلى القرابة ويعمل لما عند الله، فإن من قصر به عمله لا يسرع به نسبه.
ـ قالوا: لما أجمع عمر بن الخطاب على تدوين الديوان وذلك في المحرم من سنة عشرين بدأ ببني هاشم في الدعوة، ثم الأقرب فالأقرب برسول الله صلَّى الله عليه وسلم. فكان القوم إذا استووا في القرابة برسول الله صلَّى الله عليه وسلم، قدم أهل السابقة حتى انتهى إلى الأنصار فقالوا: بمن نبدأ؟ فقال عمر: ابدأوا برهط سعد بن معاذ الأشهلي ثم الأقرب فالأقرب بسعد بن معاذ، وفرض عمر لأهل الديوان ففضل أهل السوابق والمشاهد في الفرائض، وكان أبو بكر الصديق قد سوى بين الناس في القسم فقيل لعمر في ذلك فقال: لا أجعل من قاتل رسول الله صلَّى الله عليه وسلم كمن قاتل معه.. فبدأ بمن شهد بدراً من المهاجرين والأنصار ففرض لكل رجل منهم خمسة آلاف درهم في كل سنة، حليفهم ومولاهم معهم بالسواء وفرض لمن كان له إسلام كإسلام أهل بدر من مهاجرة الحبشة ومن شهد أحداً أربعة آلاف درهم لكل رجل منهم، وفرض لأبناء البدريين ألفين ألفين إلا حسناً وحسيناً فإنه ألحقهما بفريضة أبيهما لقرابتهما برسول الله صلَّى الله عليه وسلم، ففرض لكل واحد منهما خمسة آلاف درهم، وفرض للعباس بن عبد المطلب خمسة آلاف درهم لقرابته برسول الله صلَّى الله عليه وسلم.
ـ قال: وقد روى بعضهم أنه فرض له سبعة آلاف درهم، وقال سائرهم: لم يفضل أحداً على أهل بدر إلا أزواج النبي صلَّى الله عليه وسلم، فإنه فرض لكل امرأة منهن إثني عشر ألف درهم، جويرية بنت الحارث وصفية بنت حيي فيهن، هذا المجتمع عليه، وفرض لمن هاجر قبل الفتح لكل رجل ثلاثة آلاف درهم، وفرض لمسلمي الفتح لكل رجل منهم ألفين وفرض لغلمان أحداث من أبناء المهاجرين والأنصار كفرائض مسلمي الفتح، وفرض لعمر بن أبي سلمة أربعة آلاف درهم فقال محمد بن عبد الله بن جحش: لِمَ تفضل عمر علينا فقد هاجر آباؤنا وشهدوا؟ فقال عمر: أفضله لمكانه من النبي صلَّى الله عليه وسلم، فليأت الذي يستعتب بأم مثل أم سلمة أعتبه، وفرض لأسامة بن زيد أربعة آلاف درهم فقال عبد الله بن عمر: فرضت لي ثلاثة آلاف وفرضت لأسامة في أربعة آلاف وقد شهدت ما لم يشهد أسامة، فقال عمر: زدته لأنه كان أحب إلى رسول الله عليه السلام منك وكان أبوه أحب إلى رسول الله عليه السلام من أبيك. ثم فرض للناس على منازلهم وقراءتهم للقرآن وجهادهم، ثم جعل من بقي من الناس باباً واحداً فألحق من جاءهم من المسلمين بالمدينة في خمسة وعشرين ديناراً لكل رجل، وفرض للمحررين معهم، وفرض لأهل اليمن وقيس وبالشام والعراق لكل رجل ألفين إلى ألف إلى تسعمائة إلى خمسمائة إلى ثلاثمائة لم ينقص أحداً من ثلاثمائة. وقال: لئن كثر المال لأفرضن لكل رجل أربعة آلاف درهم، ألف لسفره وألف لسلاحه وألف يخلفها لأهله وألف لفرسه وبغله، وفرض لنساء مهاجرات، فرض لصفية بنت عبد المطلب ستة آلاف درهم، ولأسماء ابنة عميس ألف درهم، ولأم كلثوم بنت عقبة ألف درهم، ولأم عبد الله بن مسعود ألف درهم، وقد روي أنه فرض للنساء المهاجرات ثلاثة آلاف درهم لكل واحدة، وأمر عمر فكتب له عيال أهل العوالي فكان يجري عليهم القوت، ثم كان عثمان فوسَّع عليهم في القوت والكسوة، وكان عمر يفرض للمنفوس مائة درهم فإذا ترعرع بلغ به مائتي درهم، فإذا بلغ زاده، وكان إذا أتى باللقيط فرض له مائة درهم وفرض له رزقاً يأخذه وليه كل شهر ما يصلحه، ثم ينقله من سنة إلى سنة، وكان يوصي بهم خيراً ويجعل رضاعهم ونفقتهم من بيت المال.
ـ عن حزام بن هشام الكعبي عن أبيه قال: رأيت عمر بن الخطاب يحمل ديوان خزاعة حتى ينزل قديداً فتأتيه بقديد فلا يغيب عنه امرأة بكر ولا ثيب فيعطيهن في أيديهن ثم يروح فينزل عسفان فيفعل مثل ذلك أيضاً حتى توفي.
ـ عن محمد بن زيد قال: كان ديوان حمير على عهد عمر على حده.
ـ عن جهم بن أبي جهم قال: قدم خالد بن عرفطة العذري على عمر فسأله عما وراءه فقال: يا أمير المؤمنين تركت من ورائي يسألون الله أن يزيد في عمرك من أعمارهم ما وطئ أحد القادسية إلا عطاؤه ألفان أو خمس عشرة مائة.. وما من مولود يولد إلا ألحق على مائة وجريبين كل شهر ذكراً كان أو أنثى وما يبلغ لنا ذكر إلا ألحق على خمسمائة أو ستمائة، فإذا خرج هذا لأهل بيت منهم من يأكل الطعام، فما ظنك به؟! فإنه لينفقه في ما ينبغي وفي ما لا ينبغي، قال عمر: فالله المستعان إنما هو حقهم أعطوه وأنا سعيد بأدائه إليهم منهم بأخذه، فلا تحمدني عليه فإنه لو كان من مال الخطاب ما أعطيتموه ولكني قد علمت أن فيه فضلاً ولا ينبغي أن أحبسه عنهم، فلو أنه إذا خرج عطاء أحد هؤلاء العريب ابتاع منه غنماً فجعلها بسوادهم ثم إذا خرج العطاء الثانية ابتاع الرأس فجعله فيها فإني، ويحك يا خالد بن عرفطة، أخاف عليكم أن يليكم بعدي ولاة لا يعد العطاء في زمانهم مالاً، فإن بقي أحد منهم أو أحد من ولده كان لهم شيء قد اعتقدوه فيتكئون عليه، فإن نصيحتي لك وأنت عندي جالس كنصيحتي لمن هو بأقصى ثغر من ثغور المسلمين وذلك لما طوقني الله من أمرهم، قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلم، من مات غاشاً لرعيته لم يرح رائحة الجنة.
ـ عن الحسن قال: كتب عمر إلى حذيفة أن أعط الناس أعطيتهم وأرزاقهم، فكتبت إليه: إني قد فعلت وبقي شيء كثير، فكتب إليه عمر أنه فيؤهم الذي أفاء الله عليهم، ليس هو لعمر ولا لآل عمر، إقسمه بينهم.
ـ عن السائب بن يزيد قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: والذي لا إله إلا هو، ثلاثاً، ما من الناس أحد إلا له في هذا المال حق أُعطِيه أو مُنعه، وما أحد بأحق به من أحد إلا عبد مملوك، وما أنا فيه إلا كأحدهم ولكنَّا على منازلنا من كتاب الله وقسمنا من رسول الله صلَّى الله عليه وسلم فالرجل وبلاؤه في الإسلام، والرجل وقدمه في الإسلام، والرجل وغناؤه في الإسلام، والرجل وحاجته، والله لئن بقيت ليأتين الراعي بجبل صنعاء حظه من هذا المال وهو مكانه، قال إسماعيل بن محمد: فذكرت ذلك لأبي فعزف الحديث.
ـ عن مالك بن أوس بن الحدثان قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: ما على الأرض مسلم لا يملكون رقبته إلا له في هذا الفيء حق أُعطيه أو مُنِعه، ولئن عشت ليأتين الراعي باليمن حقه قبل أن يحمر وجهه، يعني في طلبه.
ـ عن أبي هريرة أنه قدم على عمر من البحرين، قال أبو هريرة: فلقيته في صلاة العشاء الآخرة فسلمت عليه فسألني عن الناس، ثم قال لي: ماذا جئت به؟ قلت: جئت بخمسمائة ألف درهم، قال: ماذا تقول؟ قلت: مائة ألف، مائة ألف، مائة ألف، حتى عددت خمساً قال: إنك ناعس فارجع إلى أهلك فنم فإذا أصبحت فاتني، فقال أبو هريرة: فعدوت إليه، فقال: ماذا جئت به؟ قلت: جئت بخمسمائة ألف درهم قال عمر: أطيب؟ قلت: نعم لا أعلم إلا ذلك. فقال للناس: إنه قد قدم علينا مال كثير فإن شئتم أن نعد لكم عدداً وإن شئتم أن نكيله لكم كيلاً، فقال له الرجل: يا أمير المؤمنين إني قد رأيت هؤلاء الأعاجم يدونون ديواناً يعطون الناس عليه، قال: فدون الديوان وفرض للمهاجرين الأولين في خمسة آلاف خمسة آلاف، وللأنصار في أربعة آلاف أربعة آلاف ولأزواج النبي عليه السلام، في اثني عشر ألفاً.
ـ عن برزة بنت رافع قالت: لما خرج العطاء أرسل عمر إلى زينب بنت جحش بالذي لها، فلما دخل عليها قالت: غفر الله لعمر! غيري من أخواتي كان أقوى على قسم هذا مني، فقالوا هذا كله لك، قالت: سبحان الله ‍! واستترت منه بثوب، قالت صبوه واطرحوه عليه ثوباً، ثم قالت لي: أدخلي يدك فاقبضي منه قبضة فاذهبي بها إلى بني فلان وبني فلان، من أهل رحمها وأيتامها فقسمته حتى بقية تحت الثوب فقالت لها برزة بنت رافع: غفر الله لك يا أم المؤمنين! والله لقد كان لنا في هذا حق.. فقالت: فلكم ما تحت الثوب.. قالت: فكشفنا الثوب فوجدنا خمسة وثمانين درهماً، ثم رفعت يدها إلى السماء فقالت: اللَّهم لا يدركني عطاء لعمر بعد عامي هذا فماتت.
ـ عن أبي عمر قال: قدمت رفقة من التجار فنزلوا المصلّى فقال عمر لعبد الرحمن بن عوف هل لك أن تحرسهم الليلة من السرق؟ فباتا يحرسانهم ويصليان ما كتب الله لهما فسمع عمر بكاء صبي فتوجه نحوه فقال لأمه: اتقي الله وأحسني إلى صبيك، ثم عاد إلى مكانه، فلما كان آخر الليل سمع بكاءه فأتى أمه فقال: ويحك، إني لأراك أم سوء، مالي أرى ابنك لا يقر منذ الليلة؟! قالت: يا عبد الله قد أبرمتني منذ الليلة، إني أريغه عن الفطام فيأبى قال: ولم؟ قالت: لأن عمر لا يفرض إلا للفطم، قال: وكم له: قالت! كذا وكذا شهر، قال: ويحك لا تعجليه! فصلى الفجر وما يستبين الناس قراءته من غلبة البكاء، فلما سلم قال: يا بؤسنا لعمر كم قتل من أولاد المسلمين! ثم أمر منادياً فنادى ألا لا تعجلوا صبيانكم عن الفطام فإنَّا نفرض لكل مولود في الإسلام. وكتب بذلك إلى الآفاق.. أنا نفرض لكل مولود في الإسلام.
ـ عن جعفر بن محمد عن أبيه قال استشارهم عمر في العطاء بمن يبدأ فقالوا: ابدأ بنفسك. قال فبدأ بالأقارب من رسول الله صلَّى الله عليه وسلم قبل قومه.
ـ عن زيد بن أسلم عن أبيه قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: والله لئن بقيت إلى هذا العام المقبل لألحقن آخر الناس بأولهم ولأجعلنهم رجلاً واحداً.
ـ وعن زيد بن أسلم عن أبيه أنه سمع عمر بن الخطاب قال: لئن بقيت إلى الحول لألحقن أسفل الناس بأعلاهم.
ـ عن عمر قال: لئن عشت حتى يكثر المال لأجعلن عطاء الرجل المسلم ثلاثة آلاف، ألف لكراعه وسلاحه، وألف نفقة له، وألف نفقة لأهله.
ـ عن الحسن قال: قال عمر بن الخطاب: لو قد علمت نصيبي من هذا الأمر لأتى الراعي بسروات حمير نصيبه وهو لا يعرق جبينه فيه.
ـ عن عمرو قال: قسم عمر بن الخطاب بين أهل مكة مرة عشرة عشرة فأعطى رجلاً فقيل: يا أمير المؤمنين إنه مملوك، قال: ردوه، ردوه، ثم قال: دعوه.
ـ عن عبد الله بن عبيد بن عمير قال، قال عمر: إني لأرجو أن أكيل لهم المال بالصاع.
ـ عن يحيى بن سعيد أن عمر بن الخطاب كان يحمل في العام الواحد على أربعين ألف بعير، يحمل الرجل إلى الشام على بعير ويحمل الرجلين إِلى العراق على بعير، فجاءه رجل من أهل العراق قال: احملني وسحيماً فقال عمر: أنشدك الله أسحيم زق؟ قال نعم.
ـ عن عائشة قالت: كان عمر بن الخطاب يرسل إلينا بأخطائنا حتى من الرؤوس والأكارع.
ـ عن عبد الله بن عمير قال: قال عمر بن الخطاب لأزيدنهم ما زاد المال، لأعدنه لهم عداً، فإن أعياني لأكيلنه لهم كيلاً، فإن أعياني حثوته بغير حساب.
ـ أخبرنا الحسن قال: كتب عمر بن الخطاب إلى أبي موسى: أما بعد فأعلم يوماً في السنة لا يبقى في بيت المال درهم حتى يكتسح اكتساحاً حتى يعلم الله أني قد أديت إلى كل ذي حق حقه، قال الحسن: فأخذ صفوها وترك كدرها حتى ألحقه الله بصاحبيه.
ـ قال ابن عباس: دعاني عمر بن الخطاب فأتيته فإذا بين يديه نطع عليه الذهب منثور حثا، قال: يقول ابن عباس، أخبرنا زهير، هل تدري ما حثا؟ قال قلت: لا، قال: التبر، قال: هلم فاقسم هذا بين قومك، فالله أعلم حيث زوى هذا عن نبيه عليه السلام، وعن أبي بكر فأعطيته لخير أعطيته أو لشر، قال فأكببت عليه أقسم وأزيل، قال فسمعت البكاء، قال فإذا صوت عمر يبكي ويقول في بكائه: كلا والذي نفسي بيده ما حبسه عن نبيه عليه السلام وعن أبي بكر إرادة الشر لهما وأعطاه عمر إرادة الخير له.
ـ عن محمد بن سيرين أن صهراً لعمر بن الخطاب قدم على عمر فعرض له أن يعطيه من بيت المال فانتهره عمر وقال: أردت ألقى الله ملكاً خائناً، فلما كان بعد ذلك أعطاه من صلب ما له عشرة آلاف درهم.
ـ عن سالم أبي عبد الله قال: فرض عمر بن الخطاب للناس حتى لم يدع أحداً من الناس إلا فرض له حتى بقيت بقية لا عشائر لهم ولا موالي ففرض لهم ما بين المائتين وخمسين إلى ثلاثمائة.
ـ عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب فرض لأهل بدر من المهاجرين من قريش والعرب والموالي خمسة آلاف. خمسة آلاف وللأنصار ومواليهم أربعة آلاف، أربعة آلاف.
ـ عن مصعب بن سعد أن عمر أول من فرض الأعطية، فرض لأهل بدر والمهاجرين والأنصار ستة آلاف ستة آلاف. وفرض لأزواج النبي عليه السلام، ففضل عليهن عائشة، فرض لها في اثني عشر ألفاً ولسائرهن عشرة آلاف عشرة آلاف غير جويرية وصفية فرض لهما في ستة آلاف ستة آلاف، وفرض لمهاجرات الأول: أسماء بنت عميس وأسماء بنت أبي بكر وأم عبد، أم عبد الله بن مسعود ألفاً ألفاً.
ـ روي عن حارثة بن مضرب قال: قال عمر: لئن عشت لأجعلن عطاء المسلمين ثلاثة آلاف.
ـ قال عمر: لئن عشت لأجعلن عطاء سفلة الناس ألفين.
ـ عن عبد الله بن عمير قال: قال عمر بن الخطاب: والله لأزيدن الناس ما زاد المال، لأعدن لهم عداً فإن أعياني كثرته لأحثون لهم حثواً بغير حساب، هو مالهم يأخذونه.
ـ عن حارثة بن مضر أن عمر أمر بجريب من طعام فعجن ثم خبز ثم ثرد، ثم دعا عليه ثلاثين رجلاً فأكلوا منه، ثم فعل في العشاء مثل ذلك، ثم قال، يكفي الرجل جريبان كل شهر، فرزق الناس جريبين كل شهر، المرأة والرجل والمملوك جريبان كل شهر.
ـ عن ابن المسيب عن عمر أنه قال: أيما عامل لي ظلم أحداً فبلغتني مظلمته فلم أغيرها فأنا ظلمته.
ـ عن الزهري عن عمر قال: إني لأتحرج أن أستعمل الرجل وأنا أجد أقوى منه.
ـ عن يحيى بن عبد الرحمن ابن حاطب عن أبيه عن عمر قال: لو مات جمل ضياعاً على شط الفرات لخشيت أن يسألني الله عنه.
ـ عن أبي وجزة عن أبيه قال: كان عمر بن الخطاب يحمي النقيع لخيل المسلمين ويحمي الربذة والشرف لإبل الصدقة، يحمل على ثلاثين ألف بعير في سبيل الله كل سنة.
ـ عن زيد بن شريك الغزاري قال: علقت عمر بن الخطاب يحمل على ثلاثين ألف بعير كل حول في سبيل الله، وعلى ثلاثمائة فرس، وكانت الخيل ترعى في النقيع.
ـ عن السائب بن زيد قال: رأيت خيلاً عند عمر بن الخطاب رحمه الله موسومة في أفخاذها: حبيس في سبيل الله.
ـ وعن السائب أيضاً قال: رأيت عمر بن الخطاب السنة يصلح أداة الإبل التي يحمل عليها في سبيل الله برادعها وأقتابها، فإذا حمل الرجل على البعير جعل معه أداته.
ـ عن عبد الله بن المزني عن أبيه عن جده أن عمر بن الخطاب استأذنه أهل الطريق يبنون ما بين مكة والمدينة فأذن لهم وقال: ابن السبيل أحق بالماء والظل.
ـ عن أبي عثمان النهدي عن عمر بن الخطاب أنه كان يغزي الأعزب عن ذي الحليلة، ويغزي الفارس عن القاعد.
ـ عن خارجة بن كعب عن أبيه عن عمر بن الخطاب أنه كان يعقب بين الغزاة وينهى أن تحمل الذرية إلى الثغور.
ـ عن سفيان بن أبي العوجاء قال: قال عمر بن الخطاب: والله ما أدري أخليفة أنا أم ملك، فإن كنت ملكاً فهذا أمر عظيم، قال قائل: يا أمير المؤمنين إن بينهما فرقاً، قال ما هو؟! قال الخليفة لا يأخذ إلا حقاً ولا يضعه إلا في حق، فأنت بحمد الله كذلك.
ـ عن ابن عمر أن عمر أمر عماله فكتبوا أموالهم، منهم سعد بن أبي وقاص، فشاطرهم عمر أموالهم فأخذ نصفاً وأعطاهم نصفاً.
ـ عن الشعبي أن عمر كان إذا استعمل عاملاً كتب ماله.
ـ عن أمامة بن سهل بن حنيف عن أبيه قال: مكث عمر زماناً لا يأكل من المال شيئاً حتى دخلت عليه في خصائصه، وأرسل إلى أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فاستشارهم فقال: قد شغلت نفسي في هذا الأمر، فما يصلح لي منه، فقال عثمان بن عفان: كل وأطعم، قال: وقال ذلك سعيد بن يزيد بن عمرو بن نفيل، وقال لعلي: ما تقول أنت في ذلك؟ قال: غداء وعشاء، قال: فأخذ عمر بذلك.
ـ عن سعيد بن المسيب أن عمر استشار أصحاب النبي صلَّى الله عليه وسلم: فقال والله لأطوقنكم من ذلك طوق الحمامة، ما يصلح لي من هذا المال؟ فقال علي: غداء وعشاء. قال: صدقت.
ـ عن ابن عمر قال: كان عمر يقوت نفسه وأهله ويكتسي الحلة في الصيف، ولربما خرق الإزار حتى يرقعه فما يبدل مكانه حتى يأتي الإبان وما من عام يكثر فيه المال إلا كسوته فيما أرى أدنى من العام الماضي فكلمته في ذلك حفصة فقال: إنما أكتسي من مال المسلمين وهذا يبلغني.
ـ حدثني موسى بن محمد بن إبراهيم عن أبيه قال: كان عمر بن الخطاب يستنفق كل يوم درهمين له ولعياله وأنه أنفق في حجته ثمانين ومائة درهم.
ـ عن ابن الزبير قال: أنفق عمر ثمانين ومائة درهم فقال: لقد أسرفنا في هذا المال.
ـ عن ابن عمر أن عمر أنفق في حجته ستة عشر ديناراً فقال: يا عبد الله بن عمر أسرفنا في هذا المال، قال: وهذا مثل الأول على صرف اثني عشر درهماً بدينار.
ـ عن عائشة قالت: لما ولي عمر أكل هو وأهله من المال واحترف في مال نفسه.
ـ عن ابن عمر قال: أهدى أبو موسى الأشعري لامرأة عمر عاتكة بنت زيد بن عمر بن نفيل طنفسة أراها تكون ذراعاً وشبراً فدخل عليها عمر فرآها فقال: أنّى لك هذه؟ فقالت: أهداها لي أبو موسى الأشعري، فأخذها عمر فضرب بها رأسها حتى فغص رأسها ثم قال: علي بأبي موسى الأشعري وأتعبوه. قال فأتى به قد أتعب وهو يقول: لا تعجل علي يا أمير المؤمنين، فقال عمر: ما يحملك على أن تهدي لنسائي، ثم أخذها عمر فضرب بها فوق رأسه وقال: خذها فلا حاجة لنا فيها.
ـ عن زيد بن أسلم عن أبيه قال.. قال لي عمر: يا أسلم أمسك على الباب ولا تأخذن من أحد شيئاً، قال: فرأى علي يوماً ثوباً جديداً فقال: من أين لك هذا؟! قلت: كسانيه عبيد الله بن عمر، فقال: أما عبيد الله فخذه منه، وأما غيره فلا تأخذن منه شيئاً، قال أسلم: فجاء الزبير وأنا على الباب فسألني أن يدخل فقلت: أمير المؤمنين مشغول ساعة. فرفع يده فضرب خلف أذني ضربة صيحتني، قال فدخلت على عمر فقال: مالك؟ فقلت: ضربني الزبير، وأخبرته خبره، قال فجعل عمر يقول: الزبير والله أرى، ثم قال أدخله، فأدخلته على عمر فقال عمر: لم ضربت هذا الغلام؟ فقال الزبير: زعم أنه سيمنعنا من الدخول عليك، فقال عمر: هل ردك عن بابي قط؟ قال: لا، قال عمر: فإن قال لك اصبر ساعة فإن أمير المؤمنين مشغول لم تعذرني، إنه والله إنما يدمي السبع للسباع فتأكله.
ـ عن زيد بن أسلم عن أبيه قال: جاء بلال يريد أن يستأذن على عمر فقلت: إنه نائم، فقال: يا أسلم كيف تجدون عمر؟! فقلت: خير الناس إلا أنه إذا غضب فهو أمر عظيم.. فقال بلال: لو كنت عنده إذا غضب قرأت عليه القرآن حتى يذهب غضبه.
ـ عن عبد الله بن عون بن مالك الدار عن أبيه عن جده قال: صاح علي عمر يوماً وعلاني بالدرة. فقلت أذكرك بالله، قال فطرحها وقال: لقد ذكرتني عظيماً.
ـ عن ابن عمر قال: ما رأيت عمر غضب قط فذكر الله عنده أو خوف أو قرأ عنده إنسان آية من القرآن إلا وقف عما كان يريد.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1043  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 798 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة بديعة كشغري

الأديبة والكاتبة والشاعرة.