شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحَنين
وأحبها وأحبته، وكنت الخلي وكان هو الشجي، أسمع حنينه أنيناً، وأسمع حبها غضباً، ومن أجله لا من أجل ذاتها، تغضب إن حرمت منه، وأمسح دموعه إن حرم منها، فإذا أنا الخلي أصبحت شجياً.
ـ قلت له مرة: ما أحسن أن أتصرف في هذا المثل (ويل للشجي من الخلي) لأني أصبحت تحت ضغط الحب.. حبها له وحبه لها.. لست خلياً بل كنت الشجي، أشقى بشقوتهما وأنعم إذا أراهما يلتقيان، لا بدافع الحب يعلنه كل منهما وإنما بدوافع أخرى يتخذان منها الوسيلة للقاء. فاصبح المثل هكذا: (ويل للخلي من الشجي).
فشقوتي مثالية، وشقوتها أصبحت أمثولة، سجلت نفسها في نفسيهما.
وكان الاقتراب لا يحسب بعدد الاغتراب، فإذا وسيلة العيش تغترب به وبها، غربة زاد المسافر فيها الحنين والذكريات والغضب!
وابتعدت عنه وما ابتعدت عنها، فلا زالت فيه (أنا هي) فهي حياة له دونها. واقتربت فكان الاقتراب بلسماً هدأ فيه الحنين وبقي الغضب فيها لأن الاقتراب كان معايشة بالتراسل، والأنثى تريد المعايشة بالالتصاق.
ومرت سنون تكفيهما الثقة بالحب، ولكن وسيلة العيش كثيراً ما تكدر قيم الحياة وتؤثر على تقييم الحب، فالإنسان مهما استعصى على المؤثرات فإنه في لحظة وبمؤثر تافه يستتفه أن يعيش في الماضي ليركبه حاضر يزول، وقد ركب الحاضر حبهما، أعني الوسيلة التافهة، فإذا الحنين يذوب فيه، وإذا الغضب فيها يغضب على الغضب الذي كان، فاستحالت الابتسامة إلى قهقهة، كأن القطيعة جنون لم يشعر به كل منهما.
عادت، وكما كنت أظن أن الحنين سيعود، وإن الغضب سيصبح طريق الرضى، فوجدته قد استجاب لحنينه، وما أحسبها إلا وقد استجابت لأنينها.
فهل عودة الحنين شعلة من الحب؟ وهل عودة الأنين برهان على حب جديد؟!
كل ذلك خيالات الخلي، أصبح شجياً يحس بهما وإن لم يعرفا أنه معهما في القطيعة والوصال ولا يغضب، لأنه يثق بالحب. فالحب لا يموت بأي مؤثر، وقد ينقلب انصرافاً من الذكر، ولكنه لا ينقلب في الأنثى أبداً حتى لو أصبح حقداً وحتى لو حاول الانتقام، فحقد الحبيبة أو انتقامها جديد لذاتها من الحب القديم له الذي لا يزال جديداً فيها.
فالعاشق هو (أنا) والعاشقة هي (أنت وأنا). لأن الأمومة سلطان قاهر سلاحه الحب وطرفاه الحبيب والحبيبة. أما العاشق فليس لديه سلاح إلا استعراض حبها له يجتر بإعلان حبه لها، فالأبوة ليست سلطاناً قاهراً كالأمومة.
ورأيته يفتش عن الوسائل وما أكثرها في يدها لا في يده، ليس عن عجز فيها يرغب، ولكن عن القوة فيها تستحوذ على ما ترغب.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :703  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 777 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الأعمال الشعرية الكاملة وأعمال نثرية

[للشاعر والأديب الكبير أحمد بن إبراهيم الغزاوي: 2000]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج