شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
العَايقة أم حجل
ونشأ طفلاً في حجر أبيه، وفي ليلة من الليالي رأى الدموع في عيني والده تنهمل صامتة لا تتكلم، فأزاح الطفل وقال: (الحمد لله) وسجد شاكراً لله، فعجب الطفل من صنع أبيه، وانعقد في نفسه أن يسأله يوماً ما عن الدموع والحمد والسجدة، حتى إذا كبر قليلاً سمع أباه يغني أغنية صعيدية:
يامه يا الفجل
غبغب غطى الرجل
والعايقة أم حجل..
عما تتمخطر فيه
فاغتنم الفتى الفرصة يسأل والده عن الدموع والحمد والسجدة والعايقة أم حجل، فقال أبوه:
إنها هي.. ولم يسمها!
كنت في البلد - يقول الأب - ولما أبلغ السابعة عشرة من عمري، فأحببتها وأحبتني، وكانت حلوة، فاجترأت وأطاعت، وأمكنتني من نفسها حتى كدت أقطف الثمرة، فذكرت الله وابتعدت عنها.. رفضت الحرام، فقالت وهي لا زالت في نشوة الغريزة: (مالك؟ جبان.. اخص عليك).
قلت: بل أنا شجاع، قتلت الشهوة واحترمت التقوى. وخرجت ولم أعد إليها، لكنها لا زالت حبي. وقبل أن أهاجر إلى المدينة زفت إلى عريسها فزغردت أمها وخالتها، وكل الذين رأوا بياض الوجه عرفوا أنها لا زالت بكراً يحمد لها عريسها عفتها، فعرفت من أنا حينذاك! وجاءت إلى البيت تسأل عني فقالت:
ـ شكراً شكراً.. عرفت لك الشجاعة يوم أقصيتني عن الحرام، وتمتعت ليلة العرس بسعادة الشرف، وشرف السعادة. كان ذلك عطاءك.
فدمعت عيناي، فقالت: أتبكي؟!
قلت: أرسل دمعة الشكر تحية لك أسجل فيها بقاء حبي العفيف الطاهر، ورحلت فلا زلت أذكرها كلما نسيت هموم الغربة، وكلما استأنست بوطني الجديد، فالأرض التي أملك، والولد وأنت وأخواتك رابطة ربطتني أن أنسى كل شيء هناك، ولكن تلح عليّ الذكرى فأراها تمشي أمامي في الغيطان، كأنها هي التي علمتني درساً ألقنه لك لتكون في وضع لا يشين.
فالندامة يا بني حسرة تأكل القلب، وإن كان فيها بعض التطهير من الذنب!
أستغفر الله وأتوب إليه.
من هنا لم تكن للفتى إلا النظرة الأولى، ويقول بعدها: (ما شاء الله تبارك الله أحسن الخالقين)..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :719  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 776 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور معراج نواب مرزا

المؤرخ والجغرافي والباحث التراثي المعروف.