شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
يَا أمي!
ولا أدري كيف وضعتني الوحدة على الوسادة ساعة أن أرحت رأسي أنطق الكلمة التي لم أنطق بها وأنا طفل.. (يا أمي)..
لقد كنت طفلاً، ماتت أمي ولم أقل لها (يا أماه)، لأنني لم أعرف معنى الأم وإن كنت حظيت بحنان الأمومة، لم أقل (يا أماه) في طفولتي الخضراء وفي شبابي النضر وفي كهولتي، فكيف أقولها اليوم في شيخوختي؟!
وامتلكني حزن كأنما الشيخ قد عاد طفلاً جديداً، فالشيخوخة كما قلنا من قبل طفولة مستجدة، أتحدث إلى المخدة وأنا لم أكن قد تحدثت إلى أمي؟
كانت طفولتي خرساء لا عن مرض وإنما لأن أمي ماتت ولم تقل لي (تاتى تاتى خطي العتبة)، أعجزني أن أمشي مبكراً المرض.. الملاريا.. ذات الجنب، حتى إذا مشيت كانت هذه الأمراض التي تواكبت وسيلة لأن أطلب الصحة. قاومت البعوض تجنبت لفحات البرد، أرتاح إلى الكي وإلى كل وصفات العطارين، فإذا الأمراض أعراض، وإذا الأعراض تكوّنت بها مقاومة.
لم أقل (يا أمي) الكلمة التي يفرح بها الطفل وتفرح بها الأم. ونحن من جيل لا نعرف كلمة (ماما) إنما نعرف (يا أماه).. (يا أمي).. (يا أم). أما هذه الأيام فأطفالنا قد استعجموا، لا يقولون إلا (ماما).
وكلمة الأب (يا أبي) قد قلتها آلاف المرات، لكني اليوم وإن استعذبت أن أقولها فقد أمضّني الكرب إن لم أقل (يا أماه).
وكلمة (يا حبيبتي) لم أجرؤ أن أقولها لواحدة أو لأي أحد بل كنت أقول (يا عزيزتي).. (يا سيدتي).. (يا غاليتي).. (يا فاغيتي) كأنما كلمة الحبية قد سلبتني إياها كلمة (يا أماه) التي حرمتها.
ولست جازعاً من هذا السلب، فالأم هي الحب، فكأنما هي حين ضاعت مني أضاعت اسمها الثاني (الحب).. اسمها الثاني (الحبيبة).
وانتصبت أبتعد عن المخدة.. أطرد الفكرة الحزينة.. أنادي إحدى بناتي (تعالي يا أماه) فالبنت أم أبيها، وفي شمائل رسول الله صلَّى الله عليه وسلم ذكروا أنه كان ينادي ابنته فاطمة الزهراء بقوله الكريم وعاطفة الأبوة الراحمة (يا أم أبيها) كما كان يقول صلَّى الله عليه وسلم لحاضنته سيدتي أم أيمن (يا أماه).
وأخيراً.. لا تنكروا عليّ استعمال المخدة بدل الوسادة فهي مستند الخد. وفي أسبانيا ورث الأسبان هذا الاسم (مهدة) أي مخدة.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :784  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 772 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج