صور |
تشاجر قرد وغزال... فالقرد أراد أن يأكل فصاً من لوز، رماه إليه الطفل أحمد، وسبق إليها الغزال الأليف فأكلها. فهمهم القرد وأخذ ((ينذر)) يقفز، يدور. يريد أن يلطم الغزال لكنه يخاف الطفل أن يحرمه لوزة أخرى. |
ودنا القرد من الغزال يقول له... نحن الآن عشراء... فلماذا لا يكون بيننا تعايش سلمي... تأكل البرسيم بدلاً عن الحنظل وأكل اللوز والحمص بدلاً من الموز... آه. أنت وجدت البرسيم وهو خير من الحنظل. أما أنا فضاع الموز عليّ. وأي شيء أحسن من الموز؟!. |
وجزع الغزال ونظر إلى الطاقة... يفتش عن ((الفاغية)) أخت أحمد... فقد كانت تحب الغزال وتكره القرد على العكس من أخيها أحمد يلعب مع القرد... يريدها أن تناصره. فإنه يخشى عربدة القرد ويخشى جور الطفل. |
ونزلت الفاغية تسأل؟ وحنت على الغزال.. فضحك القرد وضاحك الطفل، ثم قال: شايف الفاغية تحب الغزال... ((إن الطيور على أشكالها تقع)). |
فأمسك أحمد عصا وضرب القرد. يقول له: هل أنا قرد وقعت على شبيه؟. أتشتمني... وتتغزل في أختي.. أما قرد. فصرخ القرد يبكي فقالت الفاغية: افصلوا بينهما هذا في حظيرة وذاك في حظيرة. |
ورضي الغزال بالانفصال... أما القرد فقال: أنا لست وحشاً انفرادياً... أنا حيوان اجتماعي أعيش قطعاناً، لا أنفصل. فأحسن من الفصل أن تجنبني الفاغية كما تحب الغزال.. وليآكل الغزال كل اللوز... فما دمت قد فقدت الموز فلا يهم أن أفقد اللوز... بس أريد الفاغية أن ترعاني كما ترعى الغزال. |
فقالت الفاغية: يا دمك!.. هو اللي فاضل.... أحب القرود!!. |
* * * |
* وفي شيء من الحزن على أطفال دفنوا تحت أنقاض جبل من الفحم، وكانسانيين تشارك الشعب البريطاني في أحزانه على المفقودين تحت أنقاض دفنوا على مقاعد الدرس، وأمهاتهم سكَبْن الدمع، وآباء تعتصر الحيرة والحسرة. |
الحزن عميق في قلوب الآباء والأمهات ولكن السخرية تأتي من هؤلاء الذين يقولون: كيف انهار الجبل؟ الأرض رخوة؟ تحته ينبوع ماء تحرك به، فساء ليهلك!. كل هذا افتراض الخبراء يولعون بتعيين الأسباب تعليلاً وتخرصاً!. فهل هذا يرد غله، يشفي من حسرة وألم. |
الحقيقة أن العلم قد خان الذين بنوا المدرسة قرب كوم من الفحم يفرض انهياره، فهم لا يخطئون أنفسهم على ما سلف، ويبحثون عن الحقيقة فيما غاب عنهم. |
سخرية الخبراء من الناس، تجعلهم في كثير من الأحيان موضع السخرية من الآخرين بهذه التعليلات والافتراضات. |
العلم قناة أنبتها الزمن، وضعت منها التجربة درع وقاية، ولكن الكوارث الطبيعية بأسبابها وأفعالها ودمارها لا تخضع للعلم، فهي الستارة لم يركبه انسان في قناة علم، ولكنه ركبه الخالق في سنن الطبيعة خلق جبالها وأنهارها وسكونها وزلزالها. |
ومهما تحوط العلم، أو تكهنت الخبرة، فالعمل يفعل هذه السنن يأتي رغم كل تحوط لو أن كارثة حدثت كهذه في بلد جهل، ولكن ماذا يقولون في بلد لا مجال فيه للعلم، فقالوا اهمال، كله يسير على نهج الخبرة، ويزعم أنه أمد الدنيا بالخبراء. |
ما أضعف الإنسان: |
ميتة راعي الضأن في ضأنه |
كميتة جالونيس في طبه |
عزاء لشعب لم تجدنه كلمة |
رثاء... حتى في الذي صنعته |
|
أيد من أيدي أبناءه بناة الإمبراطورية ودهاقنة الاستعمار. |
عزاء للإنسان في فقيده |
* * * |
* ودخل إلى مكتبه يريد أن يخلو... إما إلى القلم والقرطاس، وإما إلى الكتاب... |
وفتح الباب... فوجد على المكتب مشهداً من تمثيلية رائعة كان المؤلف، والمخرج، والممثل، والمشاهد، طفل لم يبلغ العاشرة بعد... لبس ثوب أبيه الفضفاض والعباءة، والغترة، والعقال، ولم ينس الحذاء والشراب... أراد أن يكون بلباس الرجل كاملاً... وجلس على المكتب يمثل لنفسه، ويشاهد نفسه... ليست هي عملية جنون منه، ولكنها عملية توزيع المشاعر... |
ورأى أبوه هذا المنظر... فصفق له لتتم الرواية فصولاً، فمن طبيعة المسرح والتمثيل أن يكون هناك تصفيق، وكما هو مطلب الممثل أيضاً... يقابله بانحناءة فيها الاعتلاء - ولو بإرسال الشكر - !. سواء كان بهزة الرأس، أو اللثم بأطراف الأصابع!... مشهد مضحك لأنه من عمل الأطفال... |
كان الإضحاك عميقاً ليس هو من عمل الطفل، ولكنه من تقبل الأب لهذا الإضحاك.... مشهد تتجسد فيه أعمال الأطفال من تجسد الآمال في الخيال... أسطرا على ورق، أو على صورة كهذا المشهد!. |
ولكن ما يبكي الرجال... هو أن ألبس - وأنا الرجل - الثوب الفضفاض لا أقدر على السير به لأداء ما يراد عمله. |
تمثيلية الطفل مضحكة، وعمل الرجل على صورة من عمل هذا الطفل فيه ما يبكي!. |
إن الذين يلبسون أثواب غيرهم لا يستطيعون أن يسيروا بها الحياة، ومن أعجبهم المشي في أسواق الحياة!. |
فالذي يلبس ثوب الشتاء في الصيف، أو ثوب الصيف في الشتاء... يسمونه الصفيق.. أما الذي يلبس الأثواب الفضفاضة.. لم تفصل عليه فأحسبني أسميه الرقيع... |
* * * |
* وما أكثر الأحاديث تجري بين صديقين... يتقابلان في صدق الأحاسيس، وقد يفترقان في سلوك... ما أكثر هذه الأحاديث... فمنها ما هو التافه يمر دون أن يترك أثراً في نفسيهما، ومنا الواخز في سخرية... الجارح في نكتة، فلا يمر إلا وهو الشيء... الشيء قد فقده كل منهما ليجده أحدنا مجال فكرة.... عرض تفكير... موضوع تعليق.... لا يقدر أن يكتمه عن قارئه... عن ناسه، لأن احساسه بهؤلاء الناس يعمق الوخزة في وجدانه... تشرق به النكتة الجارحة لتجعل منه ناشراً لذلك، منتشراً به... ومنها الصادق في إيمان، أو المكذب لباطل فيأخذه الواحد منا فكرة في كلمات... كل العيب فيها، ومنها أنها لا تلقى عند الآخرين ما تلقاه في نفسين.. شغلهما المراد والمال، والتوقع!. |
شيء مطمئن إلى حد بعيد، وهو في الوقت نفسه المحير إلى حد أبعد.. المطمئن أخذ ما يشتهي، ما يليق.. والحائر لا يقدر أن يطرح مالا يريد... لأنه عما يليق!. |
وقلت له: لقد اطمأننت إلى النهاية... لقد انتهيت.. فأنا قانع بما أنا فيه.. لما أنا له.. لما هو لي! وقال: هذا صعب.. صعب.. كيف تطيق؟ النهاية موت لحياة نعيشها، ولو كنت تمشي على الأرض! وقلت له: إن الدمار في هذا كما تتصور أن أستنيم إلى النهاية في كل ما أعيش له.. إن النهاية لي على صورتين.. فهي في الأول بداية للثانية... نهاية في ما أطلب، أو أشتهي، وهي البداية لما أعطى... لما ينفع! وقال: هذه نهاية الأشياء.. يعيشون للناس اباء... لأن البداية لهم أبناء تقتضي رد الجميل. |
* * * |
* لو بغير الماء حلقي شرق كنت كالغصان بالماء اغتصاري ولم يكن حلقي شرقاً بكل ما كتبه الأستاذ ((عبد الله عريف))، فقد ابتلعته أمس حينما اجتمعتا سوياً... صبه في برشامة، وأسمعني اياه في حوار شهده الأساتذة: أحمد قنديل، عبد الله خياط، حسين شبكشي، محمد حسن أصفهاني. |
كل ما شرقت به كان نوعاً من التخمة بهذا الثناء والاطراء، والاغراء يكيله لي كيلاً الصديق القديم... كأنما هو - وقد نبش دفتره القديم - وجدني رصيداً صالحاً... يصلح غطاء لعملة يريد أن يتسوق بها أمس! لقد تحيرت... لا بما ذكره عن النظام والديمقراطية، والشعبية، والمشائية، وإستقراطية الرؤساء.. كل هذا قد يقال وله مجال أي مجال، وليس فيه من الحيرة شيء، هي وجهة نظر أبداها؟!. هل هو تخطيط أجر فيه إلى مشكلة؟ فعهدي كصديق مخطط كبير! أم هي دوافع أخرى قد لمستها.. أثارت الحماسة فيه ليدفعني عنها بهذه العواطف التي ساقها نحوي.، أو نحو هذه الفضائل الإنسانية؟!. |
أغلب الظن أني قد لمست جوانب غائبة أحب أن يدافع عنها، ولو اندفع في كيل هذا الثناء.. يلبسني إياه في ظاهر ما أراد... فهدى ((بالصديق)) أنه كبريطانيا. |
|