الأجيال |
سؤال توجه به الابن لأبيه: رأيتك لا تلازم عملك هذه الأيام!! لا تبكر كما كنت!! هل تغير شيء في العمل؟!. |
وأجابه أبوه: لم يتغير شيء.. لقد سرنا من نجاح إلى نجاح... لكني أريد الراحة.. أريد التغيير بك، لك أريد أن تباشر عملك... تديره... فلئن ترثني حياً أتمتع بالمتعة أراها عليك خير من أن ترث متاعاً فيه من الحسرة عليّ أكثر من المتعة به. |
أريدك أن تجدد بأسلوبك الجامعي... تواكب عصرك فقال الابن: وهذا ما أرجوه... غير أني سمعت أنك تركت العمل في يد فلان صديقك... وقد ساء أن يغطي ما أسرت فيه بالخضوع إليك و((الدحلبة)) معك. يرضيك بالطواعية حتى لو قلت له: البغل في الإبريق.. لقال لك: لقد رأيت أذنيه... خدرك خدعك.. فلا أريد أن أتسلم العمل إلا بعد فحص أعرف مدى ما أدير.. ومدى ما أنا مسؤول عنه، أتحرك به. |
فقال أبوه: أتعيب عملي؟! إن هذا الفلان مخلص. |
فقال الابن: سترى إخلاصه.. سترى الثمن الذي اقتنص مقابل التذلل الذي افترشت أعصابه فيها... وافترست عزته بها.. |
ورأى الأب كل شيء.. فعرف مقدار الفساد... ولم ينفعه جزعه، غير أن الابن ذهب إلى بعيد ليكتب في أول مذكراته كأنما يخاطب أباه. |
(رقم ((1))) إن هذا المستذل لك لم يصلح لنفسه فكيف يصلح لك؟!. |
إن الرجل لنفسه أولاً ثم لك ثانياً ولا ينفعك ما يبدو منه ولن ينفعه ما يناله منك!!. |
(رقم ((2))) هكذا بعض الناس يحبون كلمة (أنا) يضعونها فوق المصلحة. يهدرون بها المسؤولية، لأن فيها الدغدغة والترقيص لعواطف ((الأنا)). |
كبرياء مكبوت... أو آثار عقد تنفس بادعاء التفوق... ولو على الامعات!.. |
* وكتب إليه ابنه يخبره عن حاله ثم يزيد بما أسره حتى جعل الفرحة تطغى على الخبر، وعلى أشياء كثيرة... أخبره أن زملاءه قد سمعوا لأبيه كما سمعوا عنه فسرهم ذلك.. |
إن الفرحة ليست بثناء الابن، وليست بتقدير الزملاء، ولكنها بالتقارب الفكري بين ابن وأبيه... بين جيلين... جيل الآباء، وجيل الأبناء... التقارب يقضي على الفصام... الفصام موجود، فلا ينبغي أن نتجاهله، فالضرر منه يعود على جيل الآباء لأنهم قد ينتهون قبل أن يحسوا به. |
وجيل الأبناء يكبر إحساسهم به، ولا ينتهون منه إلا ليرتطموا بالحائط الفاصل بين الجبلين، وهو الفصام... لعلكم قرأتم الكلمة... قالها الفرجيني في أحد الأفلام المعروضة عليكم في التلفاز: |
ـ إن أبناءنا يكبرون بآمالهم، ونحن رغم كبرنا في السن نصغر عن هذه الآمال!. |
من هنا - ولهذه الكلمة بالذات - ينبغي أن ينزل الآباء إلى تحت قليلاً ليطلع الأبناء إلى فوق... فنحن لا نريد إلا فوق، ولكن هذا الفوق لا يتحقق بالرفع باليد، وإنما بالارتفاع عن الشرر، والضغط و((الشخط، والمخط)). |
هم يعيشون المدرسة التي لم نعشها، والجامعة التي لم ندرس فيها، وشاهدوا حياة لم نشهدها ويعني هذا شعورهم بمشاعر لم نعطها لهم.. فهل نرفضها... أم نأخذ بعضها، أم نعطهم بعض ما عندنا؟. |
لكل شيخ طريقة.. فليتخذ الأشياخ من الآباء طريقاً وسطاً لئلا يكون الفصام!. |
|