تليفزيون |
خرجت بعد عصر أمس - كالعادة - في طريق المدينة فلم أجد منفذاً أصل به إلى بعيد.. كانت السيارات قادمة من أبحر... تسير على خط الأسفلت بخطين يصدان الخارج من جدة... الطالع إلى آخر، أو ما قبلها.. لم يكن هذا اعتراضاً مني فطبيعة السائق أن يسبق ليصل. |
وكل سائق أيضاً لا يحب أن يترك الفرصة لغيره... لم تكمل الفسحة، ورجعنا، وبشق الأنفس عدنا، وليس هذا أول خبر. الخبر كان أمنية تمنيت لو أن التلفزيون قد وقف على هذا الطريق يصور السيارات العائدة بركابها بعد فرحة ونزهة في أبحر وفي الخَبْت... يستنشقون رائحة الماء والتراب... تمنيت لو أن التليفريون يعرض لنا شريطاً.. لم تكن أول سيارة أمام وزارة الخارجية، وآخر سيارة على الأسفلت عند الكراع... ألوف من السيارات تسطع الأنوار.. الخطوط تتعدد والمرح يزغرد لو أخذت صورة لرأى الناس كم هي أفراحهم في أثقال البيت، والعمل والسماع لكلمة تمام.. لتعليق مغتاب.. لم أكمل رحلتي، ولكن الكمال في نفسي كان في سروري بأهلي وأبناء بلدي وجدوا لحظات من فرح.. أدعو التليفريون أن يعرض لنا هذه الشرائط مصورة... ناطقة بالأمل والبهجة!. |
* * * |
* فكر واربح، أو عشرون سؤالاً من البرامج الناجحة في التلفاز يبذل فيهما عمر الخطيب وماجد الشبلي جهداً مشكوراً، يزيدان ثقافة فيهما ولهما ولنا نحن السامعين والمتسابقين!. |
شيء لا ينكر. غير أن النكر أن يأتي من الارتفاع بالأسئلة عن المتسابقين أحياناً والانخفاض بسؤال يصادف طرحه على متسابق جيد ومثقف. فيغبط الناظر، ويربك المتسابق. |
بعض المتسابقين يبعث الفرحة في الذين يعرفون القيمة للثقافة والمثقف مما لمسه ماجد الشبل لمسا خفيفاً في أحد الحلقات.. |
هذا المتسابق كسعيد باوزير في برنامج فكر واربح أشاع الفرحة في وجداني كمثقف فالتحية له تحمل الإشارة إلى الأستاذ عمر الخطيب بأن يرتفع به عن سؤال ((الهعخع)) جعله ينطق به مكرراً في صور فأعجزه. |
إن هذا المثقف لا يطلب منه لوك اللسان يلفظ وحشي ينفر وبعض المتسابقين خير لهم ألا يستعرضوا صورهم في التلفاز قبل التزود بالمعرفة. وهي يسيرة بالمطالعة. إن استعراض الصورة لا يقضي على الكسوف من الجهل المطبق. |
حرام أن يضيع وقت في معالجة متسابق لا يعرف ((ما طحاها)). |
وحبذا لو أعدت حلقات لنوادي الكرة. كل الأسئلة فيها عن الكرة. |
وحلقات للصحفيين. كل الأسئلة عن الصحافة، وأخرى لغيرهم توضع الأسئلة. |
* * * |
* صور.. كاسية عارية.. ملآنة من القاع فارغة لا ترزح تحت أثقال من ذروة تهبط عليها. إذا ما ارتج في رأس الجبل. فأسقط فهراً على قد الرأس... يتخضب الدم... كأنه ينضح من الورم المنفلج بكسب من الأقدار.... |
وشاهدت الفيلم ليلة الأمس. كان من حلقات المسلسل. الفرجيني، ولم يأخذني تكالب الناس على الضعيف، وأضحكني عهر المحامي... محامي الادعاء... جلبوه بأجر كبير. كان يمثل مسرحية التهريج المروج للباطل.. لقد أبدع المخرج في الصورة التي أعطاها لمحامي الادعاء... يظهر أنه مجمور من المحامين أمثال هذا المختال الفخور. |
أخذني منظر صديقها. محامياً. كان مدفوعاً بقوة الحب، وخذلان الرشوة. وطغيان الجمهور لكنه صب نفسه في قالب جديد فارتفع بالاعتراف على كل ذلك. |
كل هذا لا شيء... |
لقد كان الشيء في هذه الكلمة... من الصعب أن يصفح الإنسان عن نفسه!!. |
نعم. ونعم.. صعب أن تعفو عن نفسك.. فتغفر لها أخطاءها.. قد تغالط. أو تنسى. أو تتناسى أو تكابر. وهذا غير الصفح. |
فإن كانت نفسك أخطأت عليك فلست عاذرها إلا تسلية أما أن تصفح فلا. ولا. إن الندامة عقاب... إن الطرد كرب لا عفو. |
وإن هي نفسك أخطأت على غيرك.. فعذاب أكبر فلست شاكرها. وما أنت عاذرها. بل أنت المكروب. هذا هو وخز الضمير. لا تقل لي: مات الضمير عند الناس... الضمير باق... يمتر بالمكابرة.. والتناسي والأعذار. |
إن الحكم بموت الضمير معناه القضاء على إنسانية الإنسان. فكروا فيها.. صعب أن يصفح الإنسان عن نفسه!!. |
هذه هي كل الحلقة، ولا شيء غيرها وكلمة واحدة هي الظلم!. |
* هل هذه الأفلام التي تعرض على الشاشة في السينما أو التلفاز لا مغزى لها، لا فائدة منها؟!. |
أحسب أن الإهدار للمال، والزمن، والجهد، والحياة. لم يبلغ بعد بالإنسان - كل الإنسان - في دنياه هذا المبلغ من التفاهة، والسرف. |
هي ذات مغزى، وهدف إن لم يصلح لفئة من الناس... فإنه يصلح لفئات... فليس كلها مردود، مرفوض، وليس جهلها مقبول يهضم. |
فالكلام - هنا - عن واقع المقبول عندنا... أو المعروض - بالفعل - في تلفازنا.. مما شهدناه. |
فبالأمس القريب عرض فيلم من حلقات ((بن كيسى)).. أخذتني وشدتني إليهما قوة التعبير في صورة صامتة جامدة لا تتحرك.. حتى لو لم ترمش عيناها لحسبتها صورة من هذه الصور الرائعة لفنان كبير مثل ((ليوناردو دافينشي))... علقوها حلية في الفيلم... رمشت عيناها، وتحركت يدها تحت الركام من الهموم، والأزمة والكرب... ترى التعبير عنها في صمت عن الألم بأكثر مما يعبر به الصراخ!.. وتحرك كل ذلك العين، والنفس، واليد والتعبير بشيء رقيق.. رقيق كان تعبيراً بالكلمة الحلوة.. بالحنان.. بالمشاركة في الألم من رجل عجوز جلس بجانبها... نسي أثقال السنين، وتحرك بهذا الألم في جارته.. جلس بجانبها ينتظر دوره... فإذا الحنان يتقدم به خطوة إليها، وإذا الحنان يخطو بها. |
* * * |
* الأستاذة (أمينة الصاوي) كنا نسمع عنها كاتبة تكتب القصة. والتمثيلية، سمعنا عنها الكثير حتى بعض المسلسلات التي أذيعت لها، جاءت تحمل إلينا فكرتين: |
الأولى: أن تعمل على إبراز ما حملته من قصص وتمثيليات ألفها رجال منا، نعرفهم ولا يعرفونهم، تريد أن تبرز ذلك متلفزاً، أو مذاعاً. |
الثانية: أن تتأقلم في محيطنا المسلم، وبيئتنا لأنها تريد حياة.. |
|