شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
النفس البشرية
* عجيب أمر الوجدان في إنسان محس!.
كلما ارتفع إحساسه زاد ألمه.. هو يعيش مشكلته... أحزانه... تبعاته... يفهم الأسباب. وينكر الوسائل... كل ما يتمناه أن يكون واقعه غير هذا... لأنه لا يريد أن يعيش المشكلة، والأحزان ليتفرغ للتبعات!.
لم يشك لأحد، ولم يتبرم لأن كبرياءه يمنعه... هو يخشى الإشفاق أكثر من خشيته للشماته... فالشماتة صراحة واضحة قد يستطيع رفضها أو تجنبها، أو حتى هضمها... أما الإشفاق فشماتة مقنعة فيها إذلال من مواجهة لا يستطيع لها رداً... لأنها باسم الصداقة!.
لديه القدرة على الصمت الوقور. ولديه السعة في الكلمة المترفة وفيه المناعة في الضحكة المسيطرة على مظهره أمام الأصدقاء، أو من قارب ادعاء الصداقة.. ليست المشكلة أن يكون لك أعداء فقد يكون مع هذا قوة عضل عقلي، ونفسي، أو حتى سلوكي... لكن المشكلة أن يكون لك أصدقاء.. لا تعرف كيف ترضي بهجة اللقاء في وجوههم حينما يقابلون الحسرة على وجه صديق... بالإنكسار المتوقع اللئيم!.
هو كل هذا فيه... ولكني رأيته ساعة أن أخبرته بما آلمه من حال صديق عزيز عنده غال عليه... سمع الخبر.. فَأَنَّ، واكفهر، وحزن، ثم صرخ: لا أطيق كل هذا... ما كان لحسابي تحملته، أما ما هو لحسابه فلا أستطيع!.
وحملته بالحديث.. أنقله إلى أمتع ما يكون من القصة ((إياها)).. اقرأ، ويقرأ... أو أسمع له ما يكتب.. فإذا القصة نفسها الممتعة أمس.. هي القصة نفسها المكدرة اليوم..
عجيب أمر هذا الوجدان.. يألم لغيره أكثر مما يألم لنفسه.. إنه إنسان يعيش حياته في قصة، أو هو قصة من حياة... الإمتاع فيها حيناً يصبح موضوع القصة خبر مضى وكان!!.
وحدثني صديق كان يعالجه الدكتور البارع أنور المفتي رحمه الله... قال: وكشف عَلَيَّ الدكتور أنور، فقال لي: أنت تحتاج إلى انفعالات... لا بد أن تجزع، وتفرح، وتغتاظ، وتغضب... إن الركود إبقاء لدم الإنسان وأعصابه في حالة جمود فذهول فتبلد...
إن مرضك لا بد له من الإنفعال. وسمع صديق آخر فقال: كنت أعالج بنتاً لي في ((فيينا)) وكشف عليها الطبيب فإذا هو يضربها بشدة على فخذها فأبكاها... وسكنها يرضيها بشيء من ((الدحلسة)) فهي طفلة، فلما سكنت ضربها مرة أخرى... ضربة حارة، ثم سكنها... وقال: إلبسي ثيابك... خذوا بنتكم فقد شفيت..
وعجبنا منه.. ولكنها كما تقول: الانفعالات... الانفعالات... واستمعت إليهما ثم قلت لهما: ها أنتم ترون الطب الحديث قد فعل ذلك وصنع الانفعال!.. ولعلكم لم تسمعوا ما طوته كتبكم ((الصفراء)) كما تسمونها...
فقد تحدثوا أن الطبيب العربي المسلم في بغداد واسمه المشهور به ((القطيعي)) قد صنع مثل هذا الطبيب في فيينا...
جاءوا به إلى شاب أبوه ثري عجز عن مداواته من همدة يسكن فيها عن الحركة والنطق. فقال الطبيب هاتوا رجلاً جلداً قوياً ومعه عصا... فسألوه: ماذا تصنع بها؟.
قال: أضربه بها.. أترك الرجل يجلده!.. فرضي أبوه بهذه الوصفة... وضربه الرجل عشر ضربات فتحرك المريض... ثم قرعه بعشر أخر، فجس نبضه، فبان السرور على وجه الطبيب، ثم قال: اضربه عشراً أخرى وضربه، فصحا الشاب يطلب الطعام، ولا يكاد يذكر أنه ضرب هذا الضرب الشديد...
لقد شفي بالانفعالات...
إياكم أن تناموا دون انفعالات بالنهار!...
* * *
* حوار في غفوة من نعاس، ليس في السبات، وإنما هو الامنة! ((حلم في يقظة، أو هو يقظة من حلم)).
ولم يكد يغمض عينيه حتى رآها، وقد أخذت تدير أرقام التلفون. تريد أن تتلفن له. تناديه تسمع صوته!.
وسألت نفسها:
أي شيء هو لي؟.
وقالت النفس: ليست المشكلة في أنه لك، فهو على أي صورة لا يكون المشكلة إذا كان لك. عند ذلك يكون الامتلاك!.
إن المشكلة في السؤال ينعكس من سؤالك، وهو... هو أي شيء فيه أنت تكونين... فعندها إن لم يكن الامتلاك فيكون إشغال لمكان ولو على طريقة الحكر في الوقف. لا على طريق الاحتكار بالتوقيف!.
وارتاحت إلى غير المنظور، وإلى غير المنتظر. إلى المقدور ثم تنفست ((كتنفس الظبي الغرير)) وقالت: لا هو لي، ولا أنا له بالمعنى الذي تعارف عليه أصحاب ((الأنا)).
كل منا للواحد المثنى فيه إذا ما طرحنا المقدرة على الامتلاك، والكفاءة في التملك من عدم التكافؤ في الإرادة.
عدم التكافؤ في الإرادة شيء لا إرادي تنعدم به الرغبة في تحقيق الرغبة. وإن كان المطلب هو عز الطلب!.
الإرادة قيمة في شيء تعتزمه. لشيء تخطط له. لكن هذا الذي هو فيه، أهو لي، أو هو منا نحن الاثنين لم يكن.
* * *
* سؤال أفلا تعرفه؟! صفه لي!! وعدد الأسماء..
وأجبت: أنت تعرفه، فقد قرأت له، أو سمعت عنه فلا أحسبك تريد زيادة في ذلك أنت خبير.
تريد أن تعرف من هم؟ من خلال التجربة والممارسة. خذ جوابك.
1 - هذا كبيرهم الذي علمهم السحر (فنفذوا من السير على تعاليمه كما يخرج السهم من الرمية) لأنه إذا ما رأى الفتى الغريق يرمي على رأسه حجراً ليطمئن على غرقه وليمشي بعدها صامتاً يضحك.
2 - إذا رأى الفتى الغريق لا يلقي عليه الحجر وإنما يسرع بعيداً يقول: أنا مالي إن كان له عمر يعيش.
3 - يرى الفتى الغريق فيقول: مسكين يا ناس لا يغرق... يرتفع صراخه فإن نجا قال: أنا أنقذته جمعت الناس وإن غرق قال: أهي ((كتبه)) ونصيب.
أما الرابع والخامس فيخلع كل منهما ثوبه لينقذ الفتى من الغرق... منع بالإجابة وعرف من هم فهم تعرفهم؟!.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :707  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 747 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج