شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
إسرائيل والولايات المتحدة
قال أحد الأشياخ: هل أرجفت بك الأخبار؟ وأي أخبار هذه؟.
لم نعد بعد ما لقينا نبالي
بسهام رمى العدا أم نبال
جاء شقيق عارضاً رمحه
إن بني عمك فيهم رماح
قال: اسمع: إنها حرب البترول.
قلت إن كل كلمة قالوها ارجافا يكمن فيها منطق التحرك نحو السلام!
قال: أي سلام؟.
قلت: اقرأ هذه المعادلة.
تصلب إسرائيل يعني الحرب - فيهب العرب بحرب شاملة يخوضها كل العرب. حرب السلاح وحرب البترول. فيأتي من هذا الباب دخول الولايات المتحدة الأمريكية لا محالة تحاب مع إسرائيل بأسلوب أو بآخر. حتى يتناول منابع البترول، ويستلزم ذلك ما يصنعه العرب في حماية ثرواتهم وأرضهم فينتج من ذلك تدمير الصناعة وجوع الغرب كله - والحصيلة أن الولايات المتحدة تتحمل المسؤولية لا إسرائيل.
كل هذه السلسلة من المحصلات - حلقة تبعها حلقة تضعها سياسة الولايات المتحدة أمام إسرائيل ضاغطين بها عليها حتى يمكن للولايات المتحدة أن تفي بالضمان.
أليس كذلك؟.
قال الشيخ: هذا منطق معقول لكنه مغرق في الخيال والتفاؤل.
قلت: هي فكرة عرضت لها لعلي لم أشطح في الخيال والتفاؤل. فلست من أصحاب الشطحات. وإن بعض ما يقوله الساسة أقرب ما يكون إلى لغة المجانين أو لغة الشياطين.
فالشيطنة جنون بعقل مجرم.
* * *
* منعت الولايات المتحدة تصدير الطائرات من طراز ((اف 15/ اف 16)) تعاقب بذلك إسرائيل على عدوانها وطغيانها!.
وقلنا حينذاك: إنها فترة مؤقتة، يمتص العرب غضبهم على إسرائيل وباحتجاجهم على الولايات المتحدة. حتى إذا انقضت فترة الامتصاص صدّروا الطائرات!.
أحسبني لا أقول إلا صدقاً: إن اليهودية العالمية في الولايات المتحدة هي التي أعطت الفرصة للإدارة الأمريكية أن تمارس المنع حتى تنقضي فترة الامتصاص، فلا الإدارة الأمريكية منعت، ولا إسرائيل غضبت، ولكن اليهودية العالمية تعرف أن غضب العرب قصير المدى، كما يعبرون عنه الآن: أصحاب نفس قصير.
هل يصدق هذا الظن.. ذكرته من قبل بأنه قد كتب على العرب بطغيان اليهود، أن يكونوا العامل الأول في تبصير العالم بخدع اليهود وصلفهم وعدوانهم؟!.
نعم... بدأ يصدق هذا الظن، حين أخذت أوروبا تتحرك، لا تعلن أنها ضد إسرائيل، وإنما أعلنت الضيق بها ومنها. ذلك لم يكن أيام وعد بلفور. ذلك لم يكن أمام الحملة على النازية. ذلك لم يكن أيام الصرخة في الدفاع عن السامية، وحتى الولايات المتحدة المخدرة أو المسخرة باليهود ولليهود قد ارتفعت ألسنة تعلن الضيق حين بدأت أسلحة الاتحاد السوفياتي تلعب دورها غرب الهملايا، وفي المحيط الهندي، وشرق أفريقيا، وغرب أفريقيا.
من هنا.. ارتفع صوت يهودي زعيم.. لعله الثالوث المقدس في كهنوت اليهود، بعد هرتزل ووايزمن.. ذلكم ((ناحوم غولدمان)) أعلن سخطه على اليهود في أمريكا.. يضغطون على الولايات المتحدة، ولم يكن ذلك منه عقوقاً لليهودية وإنما خوفاً عليها، فحين يفقد اليهود عطف غرب أوروبا، وعاطفة الولايات المتحدة فإن ذلك لن ينفعهم بعده تعاطف الاتحاد السوفياتي.
لا أدري أيشعر المستر ترومان بهول ما صنع أم أن ضميره قد تبلد من كثرة ما استخذى! قد يكون ذلك إذا كان من الناس!! ولعله لم يتبلد له ضمير.. لأنه ليس فيه من يقظة الإحساس فهو كالنازيين الذين حاربهم.. لقد حارب النازية لأنها تقتل الناس.. وحاكم النازيين لأنهم عذبوا الناس وتولى كِبَر الكارثة في هيروشيما لينقذ من اليابان أرض الناس. ولن نسأله عن كل هذا الآن... ولكن سؤالنا نستوحيه من ((بيت صفافة)) في فلسطين.
نوجه إليه هذا السؤال: هل العرب كانوا نازيين؟! هل كانوا أعداء أمريكا... هل هم حلفاء اليابان؟
سيجيب مرغماً.. لا.. لأنهم في الحقيقة - ولا ينكر هذا أحد - لم يكونوا لأي سبب يستاهلون ما صنعه ترومان معهم. ولكنه سيجيب: لقد فعلت مع النازيين واليابان لينتصر بلدي. وفعلت ما فعلت معكم معاشر العرب لينتصر أصدقائي أعداؤكم التقليديين التاريخيين.. اليهود، لأنهم أطعموني اللقمة.. أفلست ((كتاجر منفاتورة)) قماش فحملوني بالدعاية والعون إلى عرش البيت الأبيض. فكيف لا أجزيهم بما قدموا، والإجابة منا تقول.. لا.. هذه لغة الذين تشتريهم العصابات.. وجدوك مضطراً فألقوا عليك معونتهم حبالة صيد.. ثم خدروك لتسمع لهم ما يملون عليك. لتجعل الولايات المتحدة في لحظة الطيعة المهينة تخضع بلسانك وباعترافك لهذه العصابة.
تعال وقف معنا على الحد في ((بيت صفافة)) لترى الأسلاك الشائكة.. تفصل بين الإبن وأبيه.. بين الزوج والزوجة فلعل صدمة المأساة توقظك من خدر.. نوموك عليه لتصحو فيستيقظ لك ضمير.. تعيش أيامك الأخيرة في عذابه ليكون اعترافك بالجريمة أمام الله.. ثم أمام التاريخ لا على كرسي قبالة قسيس!!.
لو كنا نعرف الحقد لحملنا هذا الحقد وبأي وسيلة أن نحرق قلوب صانعي الجريمة التي صنعت بكل ما يدمر هذه القلوب من تفريق الأبناء.. وتشتيت الآباء وحرمان الأمهات.. إن الذين يرون ما صنع ((ترومان)) لتصنع إسرائيل ما هو أفظع يسألون لماذا لم تكن كالطيار الذي ألقى القنبلة على هيروشيما؟! ذلك إنسان جُنّ من يقظة ضمير.. أما أنت فلم تعد بعد من الناس!! ولقد بل ريقي مثل ضربه أمريكي من الجنوب في ((أكلوهاما)) قال: نحن الأمريكان لا ننسى ثلاثة أحداث:
1 - زلزال سان فرنسيسكو.
2 - حريق شيكاغو.
3 - خسارة ترومان في المانيفاتو، يعني لولا خسارته لما التقطه اليهود مساعداً للرئيس ليكون بعد الرئيس.
* * *
* إن التاريخ العربي لم يعط الجنرال ((ايزنهاور)) حقه.. لا كنصير للعرب، وإنما كنصير للشعب الأمريكي حين أنقذ هيبة الولايات المتحدة، فرسخ لها قيمة في العالم العربي يوم كان الوحيد وحده.. لا يسأل عن رأي ((دالاس)) فيستعرض عضلات القوة للولايات المتحدة ضد الإمبراطوريتين - بريطانيا وفرنسا - وضد اليهود.. يأمرهم أن ينسحبوا من بورسعيد ومن سيناء، فأسقط الإمبراطوريتين كأنما انتزع العرق الألماني عواطفه ليكمل الإجهاز على الإمبراطوريتين الذي بدأه هتلر!.
إن هذا العمل من ((ايزنهاور)) كان أمريكياً بحتاً لمجد أمريكا وعظمتها، ولم يكن خوفاً من تهديد ((بولكانين)) لأنه قد صنع ذلك حين أسقط أصوات اليهود من اعتباره فلم يلجأ إليهم حينما رشح نفسه، وفي عزمه أنه لن يلجأ إليهم لو أعيد ترشيحه، فمدة الرئاستين له لم تكن من صنع اليهود.
من هنا، وقد عرف اليهود مدى الخسارة التي تلحق بهم إذا ما تكرر وجود شخص كأيزنهاور، فشمروا عن رؤوس أموالهم وتلفازهم وصحفهم يطبخون الرجل الجديد.. يصنعونه ليكون الرئيس.. لا من طراز ايزنهاور وروزفلت، وإنما من طراز ترومان وأمثاله!.
إن العرب ينبغي أن يعرفوا أن أمريكيا واحداً كأيزنهاور هو الذي يستطيع أن يطفىء الحريق شرق السويس، وينقذ الغريق غرب السويس.. أما الذين من صنع اليهود فقد أحرقوا وأغرقوا!!.
* * *
* ناحوم جولدمان: من دهاقنة اليهود.. يلبس ثوب ((هرتزل)) و((ايزمان)) وحتى ((بن جوريون)) و((مناحيم بيجن)).. يدعو في هذه الأيام إلى اعطاء الفلسطينيين حقهم. ويتبرع بأنه مستعد لمقابلة ياسر عرفات!.
ذلك شأنه، ولكن... ما هو رد الفعل أمام هذا الخبر من العرب؟!.
إن بعض العرب أذاعه بأسلوب الترحيب، وبعضهم لم يحفل به.. شأنهم في كل أمر، لكني سيء الظن بكل تصريح يهودي، فأزعم صادقاً أن ((ناحوم جولدمان)) أراد أن يخفف الضغط عن مناحيم بيجين لا أن يصبه عليه، لأنه كما يريد، يحاول صرف أصحاب القضية إلى أمل، مع أنه لا أمل يأتي عن طريق أي يهودي!.
إنها عملية استرضاء يسترخي بها أعصاب المناوئين لمناحيم بيجن. أسلوب يهودي، ولا غير ذلك!.
ومن ناحية أخرى... أصر على أن لا أقول: الصهيونية، أو الصهاينة، وإنما أقول اليهود. إن المادة الأولى في السياسة العربية، ومن قانونها غير المكتوب أنها لا تذكر كلمة اليهود تجنباً للاتهام بأن ذلك تعصب ديني.. مع أنهم قد جندوا أكثرية من غير اليهود، فكل يهودي صهيوني، وليس كل صهيوني يهودياً، فجندوا هذه الأكثرية ضدهم، ولو قالوا: اليهود، لحصروا حربهم ضد من هم أقل من الصهيونية.
إن اليهود في الولايات المتحدة وفي دول أوروبا.. لا يبلغون الكثرة التي تبلغها الصهيونية، فعند بعض من يعتقونها يزعمون أنها أيديولوجية، مع أنها عند أكثرهم عملية مستأجرة، فأكثر الصهيونيين مستأجرون لليهود... بتخدير العواطف، أو بدفع المال! قولوا: اليهود. فهم العدو التاريخي.. من فجر التاريخ، إلى دهر التاريخ.
* * *
* شاب تعلم في الولايات المتحدة يحب شعبه. له أصدقاء كثيرون. كان إذا انتقد أحدهم أمامه الولايات المتحدة أخذ يدافع عنها بحماسة شديدة!.
ولكنه بالأمس، وحين قرأ تبرير الرئيس ريجان لضرب المفاعل الذري في بغداد، وحين سمع تصريح السيناتور ادوارد كيندي.. صرخ يقول:
ليذهب العرب إلى الاتحاد السوفياتي، ما دام الأمر قد وصل إلى هذا الحد! وخسرت الموقف في أن أحاوره... أرده إلى شيء من الصبر. فما استطعت! فكيف أرده، وقد غضب لأمته؟!.
كيف أرده، وهذا الطغيان مسلط على أهله وأرضه ومسجده؟!
سكت، وما سكت هو فلا زال يعيش حماسته الغاضبة إلى الآن.
* * *
* أنكر بعض العرب التعاون الاستراتيجي بين الولايات المتحدة وإسرائيل، وكانت حجتهم: أن الولايات المتحدة أصبحت هي التي تمارس الاعتداء مباشرة على العرب!.
ولست بصدد مناقشة هذا الرأي، لكن هذا ((الوضوح)) في سياسة الولايات المتحدة.. لربما يعطينا ((الوضوح)) في سياسة الاتحاد السوفياتي، فقد سئمنا الانتظار، فإما أن تكون المواجهة من الاتحاد السوفياتي عملاً.. لا بتصنيع الأصدقاء.. تكون به الحرب الساخنة ينجلي بها الموقف، وإما أن لا تكون فيعرف العرب أنهم الضحايا بين الصداقتين!.
هذا الوضوح أحالته إسرائيل إلى وضوح أكثر، فلم تنكر هذا التعاون الاستراتيجي، فقد جاءت الألفاظ الإسرائيلية تؤيده، ولكنها تنكرت له فزيفته، ما دامت تصر على هذا الاعتراض لبيع أمريكا السلاح إلى المملكة العربية السعودية.
فإذا كان التعاون الاستراتيجي قد بدأ تنفيذه فلماذا تعترض على خطة استراتيجية للولايات المتحدة؟!.
كأنما هي تملي على الولايات المتحدة الخط الاستراتيجي الذي لن يكون غير ما تريده إسرائيل: مستودعات للذخيرة، بل وتمتن إسرائيل بأنها ستعطي الولايات المتحدة الحماية الجوية بغطاء جوي للأسطول السادس... كأنما الأسطول السادس، في سياحة للبحر الأبيض. لا غطاء أمريكي له!!
إن اعتراض إسرائيل على صفقة طائرات الأواكس... فيه كل التنكر لهذا التعاون الاستراتيجي.. حتى أن وزير الخارجية الأمريكي ((الكسندر هيج)) يهرول من واشنطن إلى نيويورك يترضى مناحيم بيجن.
إن سفور الولايات المتحدة بهذا العدوان المباشر.. ينبغي أن يحمل أصدقاء الاتحاد السوفياتي على أن يرفع البراقع ليتضح سفوره. وإلا فالرواية لن ولن تتم فصولها.
* وصورة ثانية توضح المخطط اليهودي، فقد نشر مصدر إيراني كان مسؤولاً كبيراً في إيران أن إسرائيل أمدت إيران بالسلاح وبقطع الغيار في الوقت الذي كانت فيه أزمة الرهائن الأمريكيين في أوج تصاعدها وسمعت اليهودية هذا التصريح، فبدأت تخطط لابتلاعه، فإذا تلفاز أمريكي يصدق هذا الخبر: إسرائيل باعت السلاح وقطع الغيار لإيران. وظن الذين يخاصمون الإدارة الأمريكية إنها ستفعل شيئاً ضد هذه المجافاة من إسرائيل، فلاذا ابتلاع الخبر يتم، وسوء الظن من الإدارة الأمريكية لا يتم حين انتهى الأمر بتكذيب الخبر رسمياً لا يؤثر على ارسال الطائرات، بل إنه يرسخ علاقة إسرائيل. لأن هناك.. من زعم للإدارة الأمريكية إن إمداد إيران بالسلاح وقطع الغيار إبقاء على قوة السلاح الأمريكي في إيران، وإقصاء للسلاح الروسي أن يكون في إيران، وهذا عطاء من إسرائيل للولايات المتحدة، فالعبرة في سياسة الإمبراطوريات هي إسقاط التأثر بالوقت لاستمرار التأثير بالزمن!!
* أهو التوقيت المحدد تحدث فيه أحداث وأحداث؟ أم هو التهديد المسترسل لا يبالي باتفاق ثنائي بين مصر وسوريا؟.
بعض ذلك قد كان، وليس عجباً أن يكون كله!. التوقيت في حماقة إسرائيل في هجوم على الأردن صادف اليوم الأول الذي وصل فيه أيوب خان إلى الأردن. بل لعله في الساعة التي يستقبله فيها عاهل الأردن.
لماذا؟
أهو الإحراج؟ كأنما هو وضع أيوب خان أمام الأمر الواقع من إسرائيل. لئن كان ذلك فأهلاً به. نقولها باسم أيوب خان.
إن إسرائيل - وقد أقدمت على ذلك - أعطت لأيوب خان اليقين كل اليقين ليحارب هو معنا إسرائيل ليكون وجدان الباكستان معنا وسلاحها معنا.
إن الباكستان لم تعترف بإسرائيل لا عن دعوة في بيان مشترك ولا عن إرضاء للعرب، ولكنها عن حرب الروح المسلمة في الباكستان تحارب عن الإسلام. لم يكن ذلك جديداً عليهم، بل هو العريق فيهم كل العراقة.
إن فعلة إسرائيل حملت التحية الأردنية لأيوب خان. تحية الرائحة الزكية لدم الشهيد.. قد زاره أيوب خان.
والأسطول السادس لماذا تحرك؟ لماذا توقف؟ علم ذلك عند غيري!.
والاتفاق الثنائي ما صنع؟.
* * *
* والكلمة التي قالها ((تشرشل)) وهو يصبر نفسه قبل غيره.. ويصابر شعبه، حتى يغرس في أعصابه... وفي أماني قومه معنى جديداً وخطاً واضحاً ألزمت به الحرب ويكسب النصر.
هذه الكلمة كانت مرعبة لأفئدة الذين تشبعوا بالعداوة للشيوعية ومأواها ((روسيا)) فالشعب البريطاني كان أدنى ما يكون إلى التغافل عن النازية لو تمهلت النازية قليلاً في مطامعها، وكان أبعد ما يكون عن التقارب إلى الشيوعية، لأنه يخشاها أن تنسل إلى شعوب يستعمرها.. أو أن تحتل عقولاً في بريطانيا وما إليها!.
لكن الحرب مع النازية قد جاءت عملاً مفاجئاً للعدة الحربية في بريطانيا. والأعداد النفسي لها، ثم جاءت المحالفة مع الشيوعية مفاجئة ألزمت بها ضرورة.. أقلها إشغال ألمانيا في ميدانين وأجلها استغلال الزمن حتى تأتي السحابة من وراء الأطلسي.. طلبها ((بول رينو)) في كلمة شعرية.. ولكن منها تشرشل حينما سخرها بهذا التحالف مع الشيوعية.
فالذين وراء المحيط قد لبوا الاستجابة لخطة تشرشل لأمرين اثنين: إنقاذ أوروبا مع النازية. وحجز الشيوعية بقوة أمريكية.
هذه الكلمة قالها تشرشل هي في سبيل بريطانيا محالف الشيطان.. ينزع من قلب شعبه الكراهية المستمرة إلى وفاق مؤقت.. ويسقي الجرعة للولايات المتحدة لتطاوع الاتفاق الدائم مع بريطانيا.. ولتعزز التوقيت المنحصر في زمن معين يبقى فيه هذا الاتفاق مع روسيا إلى اللحظة التي تهزم فيها ألمانيا.
فلم يكن تشرشل متحامقاً ولا هو الأحمق.. وإنما أراد أن يقضي على كل تحامق يزعزع النصر من الداخل أو يؤخر النصرة تأتي من وراء الأطلسي.
وحال الحرب اليوم أشبه ما يكون بحال بريطانيا.
* * *
* في أيام مقبلة يعقد مؤتمران في الشرق الأقصى، وفي الهند.. وليس الغريب أن يعقد المؤتمران، وتختلف الغاية، وإنما الغرابة أن يتم انعقادهما في وقت واحد تقريباً، ولغاية تكاد تكون الواحدة... كل الفرق في المظهر، وإعلان السلوك!.
الأول مؤتمر يحضره الرئيس جونسون.. يعني الولايات المتحدة. وأصدقاءها.. الظاهر منه، والحافز له حرب فيتنام وما إليها، والباطن فيه، والوازع منه هو مواجهة الصين الشعبية بخطط أعدت، ونفذ أكثرها.. ينقصها التلاؤم والتنسيق، والإقرار الجماعي.. يعني شكلية المظهر.. ليتم بالصورة المعلنة باسم المؤتمرين!.
والثاني مؤتمر ينعقد في دلهي.. في الهند.. يضم الثلاثة: يوغوسلافيا، ومصر، والهند.. ظاهره التخطيط لدول الحياد وعدم الانحياز في شكلية الدعوة إلى السلام، وباطنه مواكبة مؤتمر مانيلا بالمشاركة في وضع حل لمشكلة فيتنام.. أي أنه أمريكي الغاية.. روسي الموافقة، وضد الصين الشعبية!.. هكذا أغلب الظن.. كأنما الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي يعملان في خطين متوازيين ضد الصين الشعبية، ولحل مشكلة فيتنام.. هكذا نظن، والظن أن أخطأ في تلمس الحقيقة كلها فإن الصواب فيه، أو منه هو الالتفاف حولها نبشاً واظهاراً فلعل في ذلك ما يصيب كبد الحقيقة... والأيام بيننا!.
الأيام بيننا... فإن حرب فيتنام قد استنفدت أغراضها.
* * *
* أخبار روديسيا غطت وأخفت أخبار فيتنام في العالم كله، وهي تكاد تلهي عن أخبار الشرق الأوسط وما فيه. بل إنها أنست الانقلابات الأفريقية وأسبابها والنتائج المترتبة عليها!.
أهي صناعة الدعاية.. تعطي الأذن طعماً تصيدها به لتصدها عن الأخبار الحساسة والملامسة يتلهى كل شعب عن خبره الخاص به بالخبر عن روديسيا؟.
قد يكون وقد لا يكون.. غير أن الخبر عن روديسيا أصبح مشكلة ذهنية للسامعين.. لأن بعض الساسة يقول إذا لم تحل مشكلة روديسيا في هيئة الأمم فإن مستقبل هذه الهيئة معرض للخطر!. لنصدق ذلك، ولكن ألا نسأل: هل مشكلة روديسيا أكثر تعقيداً من مشكلة فلسطين وفيتنام، وكوريا والمجر، وما إلى ذلك؟.
كل هذه لم تعرض هيئة الأمم إلى الخطر. أحسب هذا السياسي أراد أن يفزع الناس بما لا يفزع.. هي صناعة الدعاية أيضاً!.
مشكلة روديسيا.. أنا من أشد السامعين فرحاً باشتداد الأزمة فيها.. كل ما زادت الأزمة تعقيداً.. كل ما أملت انفتاح النفس الأفريقية على رؤية الخطر يحسون به.. ليحسوا بما لم يصدقوه عنا من مشكلة إسرائيل.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :921  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 742 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

زمن لصباح القلب

[( شعر ): 1998]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج