شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
طيبة.. رحلة في الزمان والمكان (33)
والذكريات ليست إلا جغرفة للأرض، أرض المدينة كما أنها مشاهد تاريخية، ليس منها أن تكون مذكرات شخصية، فلن أقحم نفسي متحدثاً عن شخصي وإنما هو الحديث عن المدينة المنورة في عهد الدولة العثمانية العهد الحميدي والعهد الرشادي ثم عهد الأشراف ثم العهد لهذا الكيان الكبير المملكة العربية السعودية، فالذكريات تاريخ من التاريخ عن الأحوال والاتصال والانفصال والرجال وكيف ابتليت بمن حولها وكيف طاب لبعض أهلها أن يعيشوا الفصام بلا خصام ما أشد قربهم لبعض حين لا تكون المادة جراية أو صدقة وما أقوى فصامه حين تكون المادة أحباباً يتقاربون وبالعنعنات كثيراً ما يتباعدون.. أكتب هذه الذكريات فيها (( الأنا )) وإنما كلها الـ (( نحن )) .
ترافعت في قضية بمكة فطارت الجنيهات
الأربعة إلى المدينة
اتهمني أحدهم بأنني أشعلت الحرب العظمى
والتعلق في وطن الولادة والنشأة والصبا والحب، شديد القوة، بل وقوي الشدة، يشدني إلى البقاء فيه. لأن في ذلك الإِبقاء على الغوالي، وهي القليلة مادياً والكثيرة معنوياً، فالمادة لم تركبني لأكون لبنة في جدار، وإنما هي المعاني هي التي رُكبت على النفس، تحكمني بلجام يقول لي، بل يفعل بي ((إياك أن تبرح السيح والعقيق وحوش خميس)) ولكنها أحوال استجدت فاستبدت، دعتني إلى أن أكون في مكة المكرمة، أسكنها وما أحلى السكن فيها وما أطيب السكينة بها، فلئن كنت مدينياً مالكي المذهب، فإني أعترف بأن مكة بيت الله، لها الفضل كما للمدينة ذلك الفضل، هما المكتان أبعد عن نفسي أن أفاضل بينهما، حرم الله ومسجد رسول الله، فالجلال لله عز علاه والصلاة والسلام على رسول الله.
ووصلت مكة، أحج مرة ثانية، كانت النية للحج، وكان بعض النية لدنيا أصيبها، ذلك أن صديق الوالد ثم الصديق لي، ذلك المكي الذي تمدين، حسن موسى، قال لي: الشيخ عباس قطان يذكرك بخير ولديه رغبة أن تعمل لديه سكرتيراً، وأديت الحج ولم أتصل بالشيخ عباس قطان والسبب هو أني ذهبت لزيارة الصديق حينذاك الشيخ محمد سرور الصبان أيام كان في زهو المنصب.. وبراعة الذكاء، وفي مكتب شركة الصادرات في أول القشاشية وفي اتجاه المدارس، وكأنه جزء من بيت باناجة الذي كان على المسعى، زرت محمد سرور الصبان بعد عصر يوم لا أذكره، ولم يكن هناك إلا بعض من راجعه ليرجع بنعم، محمد سرور قل أن يقول ((لا)) مع أني أعرف وهو يعرف أن كلمة نعم لا يطيقها إلا الرجال، أما كلمة ((لا)) فإنها التخلص من تبعة الكلمة ((نعم))، ولا أدري هل هو الذي طلب إبراهيم السليمان العقيل رئيس الديوان أم هو الذي طلبه، فكل ما أدريه أن الحديث بينهما عبر التلفنة كان عن عباس قطان، فاتضح لي أنهما على خلاف معه، يشتد إبراهيم السليمان وذلك أسلوبه ويسترخي عنه محمد سرور وتلك أساليبه، فلم أذهب إلى عباس قطان، فمالي أدخل معركة بين هؤلاء، فالتابع قد يناله ما تناثر من رشاش الخلاف أكثر ما ينال المتبوع.
ورجعت إلى المدينة وكان ذلك في حجة 1355 هجرية، رجعت إلى المدينة، وإلى دار الأيتام فصحوت على مجلة الرسالة والمجلات الأخرى، ولأني أحب القراءة بالأذن أذوق جرس الكلمة الشاعرة وجدت زميلي وصديقي الأستاذ حسن إسماعيل أدعوه أن يقرأ مقالات الرافعي والزيات ودريني خشبة، وعجبت كيف أن طه حسين وصديقه الأول الزيات، كيف لا يكون كاتباً في الرسالة، وحين قرأت المساكين والسحاب الأحمر وأوراق الورد فأعجزني الرافعي أن أستشف أن أفهم لأن القراءة كانت بالبصر وحين قرأت الرافعي بالأذن كانت قراءة البصيرة، فإذا بي أرتفع بالرافعي وإن كان مصطفى لطفي المنفلوطي قد رفعني بعذوبة الجرس إلى مكان حبب إلي أسلوب الرافعي والزيات، وعقل أحمد أمين والعقاد، وترف طه حسين فيما كتب بعد أن تراجع عن أسلوب التشكيك.
كانت تلك السنون قد نمت بها حرقة الموهبة، وهبة الاحتراف ومات الرافعي برحمة الله، فكتبت مقالاً في جريدة المدينة يوم كنت لها حين كنت فيها وحين حرمت أن أكون بها، كتبت المقال رثاء للرافعي فإذا أنا أجد هذا المقال قد نشره أحمد الزيات في مجلة الرسالة، فرحت فرحاً أطربني وكأني قد نلت وسام الشرف، مقال أكتبه في جريدة المدينة ينشر في مجلة الرسالة نقلاً عنها تلك والله فرحة وإكبار، لا أبخل على نفسي إذا ما قلت إني قد استأهلته.
وفي جمادى الأولى سنة 1358 دعاني للإفطار حسن موسى، فول وسمن ولبن زبادي وتميس، كأنه أراد أن يدهن فمي لأتداهن مع مطلبه، قال ((الشيخ حامد عبد المنان وقد عرفك في المدينة يوم زار دار الأيتام كما عرف عنك الكثير من ثنائي عليك يريدك أن تكون سكرتيراً لمشايخ الجاوة)) وأبت الظروف التي لم أعد أطيقها، لا من قلة المادة وإنما من ربكة المعاني، كان الراتب 35 ريالاً، لا أضيق به ولكن الترتيب الذي جرى كان فيه بعض التعذيب، فالأمر كما قال الحارث بن عباد:
لم أكن من جناتها علم اللَّه
وإني بحرها اليوم صال
هذا البيت من قصيدة مطلعها: كل شيء مصيره للزوال: - غير ربي وصالح الأعمال.
ولكنها لم تكن حرب البسوس وإنما كانت حرب ((البُسوس)) بضم الباء يعني القطط بلغة أهل نجد، يجمعون كلمة ((البس)) على ((بُسوس)) لا على ((بسَاس)) أول ما سمعت هذا الجمع من أستاذي وشيخي صالح بن عثيمين يوم دخلنا الإِذاعة، وبالمصادفة تلاقينا مع الأخ باشميل الذي كان الرقيب على ما نذيع أنا والشيخ صالح، قال له الشيخ صالح وهو يعرفه ((يا وليدي إن كان بسوسكم في حضرموت يأكلون الحشائش، فبسوسنا يأكلون الخشاش)) لأن باشميل قد أذاع حديثاً فقال ((دخلت امرأة النار في هرة، لا هي تركتها تأكل من حشائش الأرض ولا هي أطعمتها)) غلط لا يقول كلمة الخشاش فقال كلمة الحشائش، وتحت ضغط تلك الظروف أهدرت فيها المعاني، ركبت ناقتي السيارة وإلى مكة.. أصبحت سكرتيراً لمشايخ الجاوة، وركنت إلى الراحة، وكنت في حماية الشيخ حامد عبد المنان والكثير من مشايخ الجاوة، انتصر على بعض الذين تلسنوا ((يعني الشيخ حامد ما التقى مكاوي يصير سكرتير له جايب لنا هذا من المدينة؟!)) أسمع ذلك وأقول، في المدينة أصبح عبد الرحمن مفتي الصديقي من أعيانها وزوجاً لعين أعيانها وأسعد مفتي من أعيانها وحسن موسى كذلك وغيرهم كثيرون ما قلنا لهم ((إيش جابكم))؟
وانتهى ذلك بالصبر، كان المعاش خمسة جنيهات ذهباً لم أتسلمه على هذه الصورة إلا بأشهر قليلة لأن الحرب العامة قد ثارت بعد قدومي إلى مكة بشهر ولم تأت إلا باخرة واحدة تحمل الحجاج الجاويين، فليس في وسع الشيخ حامد أن يبقي هذا المعاش فأصبح جنيهين، 52 ريالاً.. وهي لا تكفي ثم وجدت بعض الضيق أو هي المضايقة من الصديق ابن الشيخ حامد صدقة عبد المنان، فقد جاءني وهو يضحك ((تعال يا أستاذ صديقك عبد الله عريف وقد شكوتك له ولأحمد قنديل فقالوا خليه يرجع المدينة وعين الأخ أحمد قنديل بداله فقال: ثالث لا أسميه أو عين عبد الله عريف))، قال لي صدقة ذلك فقلت ((نصحوك لأنك طلبت ذلك، أبشرك سيصدر القرار بعد أيام أنتقل فيه إلى وزارة المالية، صنعه لي محمد سرور صبان وأنت حر أن تعين أحدهما)).. فقال ((مفاجأة تعرف يا أستاذ لا يصلح واحد منهم لنا، بعدك ما راح نعين أحد، إذا وصل الحجاج حين تنتهي الحرب يفرجها الله ولا حاجة إلى سكرتير أنا سأكون ذلك)).
وصدر قرار تعييني مساعداً لرئيس قسم الأوراق خلفاً للسيد حسن كتبي ومع السيد محمد حسن فقي، ولكي تتم الذكريات فإني حين وصلت مكة في جمادى الثانية سنة 1358هـ، صعدنا إلى الطائف وقد استأجر لي الشيخ حامد بيتاً قاعتين بمنافعهما بمائة ريال من عبد العزيز بن نافع، أصبح ابنه عبد الله نافع ولدي من الرضاعة وهو الآن في جدة، نزلت مع صدقة عبد المنان وتركني أجلس في دكان مصطفى رهبيني وذهب يتسوق فإذا الشيخ محمد كاشف عرفته في المدينة لأن أخاه علي كاشف كان ضابطاً كبيراً في جيش الأشراف، رجل له وقار واحترام علاقته وثيقة بعمر فيروز والد ماجد فيروز جد هاني فيروز، وتكلم الكاشف يتلسن على طريقته المحببة وقال أهو إش نسوي لمحمد علي زينل أسس مدرسة الفلاح وخلى الأولاد يتركوا صنعة الوالد، أصبحوا أفندية وطردونا من الساحة ونحن الأفندية، كان يا حبة عيني ولد النجار نجار وولد الحجار حجار وولد الطباخ طباخ.. والآن كل هؤلاء الأولاد أفندية فقال الرهبيني ((يرحم الله محمد علي زينل خلانا نشوف الأدباتية)) وأكلت هذه ((الرزعة)) من محمد كاشف يرحمه الله وقد كان ذا لسان ما ترك أحداً ولكنه كان يُطاق ولا يطيق، فمرة سمعت منه بعد أن أصبحنا أصحاب، فقال (شايف العجيبة هذه ((الباقر)) يعني جد محمد باقر كان شيعياً يجمع كعك السطوح ناشف، وهو يعني الغائط، يسحقه يحطه في علبة مفضضة ويزور أحمد هزازي ومحمد علي لاري حين يجتمعان يطلب الشاهي، هاتوا الشاهي تذوقوا العنبر ويخرج العلبة الفضية بقدر حُق الكبريت ويأتون بالشامي ويذر كعك السطوح باعتباره عنبر ويشرب محمد لاري ويشرب أحمد هزازي هذا الشاي المعنبر بكعك السطوح، ونضحك ونترحم على كل هؤلاء حتى محمد كاشف.
أحوال ومآل
وقد وجدت رعاية من الشيخ حامد عبد المنان، لأني أجدت عملاً واستجاد المشايخ معاملتي، طردت كثيراً من المشاكل، ولعلّ الظروف القاسية ساعدتني على ذلك، فانقطع الحجيج من الجاويين، واشتعلت الحرب العامة الثانية واضحكوا لهذا الشرف بهذه التهمة، فقد توسط الشيخ حامد عبد المنان لدى وزير المالية آنذاك عبد الله بن سليمان حيث طلب قرضاً لمشايخ الجاوة، يوزع عليهم بنسب مختلفة، وقمت بتوزيع القرض تحت إشراف الشيخ، وجاء أحد المشايخ من بيت كبير فقلت له ((هذا القرض ليس لك خاصاً، فابن عمك طلب أن يقسم بينك وبينه)) فغضب وقال ((أهو أنت اللي جبت المصيبة هذه سببت في إشعال الحرب))، وضحكت فلو كنت قد جننت لفرحت بهذه التهمة، وقلت له ((يعني أنا أوحيت لهتلر وموسيليني وتشمبرلين ولافال وستالين، أن يشعلوا هذه الحرب، إذاً أنا طاغية الزمان أعظم من جنكيزخان)). سخرت من هذا وناديت الشيخ حامد ليصرفه بلطف وليصدر أمره إليه، فقد كان هذا المتهم لي من جماعة الزايرجي وأبي معشر الفلكي وشموس الأنوار، فهو من الذين قالوا: إن هتلر بحساب الجُمّل، يعني حساب أبو معشر هو خالد بن الوليد.. واضحكوا من ذلك كله.. وأنشد قول المعري.
ولما رأيت الجهل في الناس فاشياً
تجاهلت حتى ظن أني جاهل
فيا موت زر إن الحياة ذميمة
ويا نفس جدي إن دهرك هازل
والتبعة على المعري لوصفه للدهر، فالزمن لا شأن له، فالله هو الفعال لما يريد.
وموضوع آخر في الباخرة الأولى والأخيرة وصلت تلفن نقيب الوكلاء لمشايخ جاوة، الشيخ محمد نور جخدار، وكان ذا مكانة وذا إمكان، تلفن للشيخ حامد عبد المنان يقول: أربعة حجاج، قضى السؤال عن الشيخ ((شيخ منا)) يعني من شيخك؟
فنطقوا ((أحمد مقلان)) ثم أبرزوا كرتاً باسم محمد مقلان فلن يسلموا للشيخة ميمونة مقلان، لأن أحمد ولدها حسب النطق، أم لمحمد مقلان أخوها حسب الكرت؟ وبالمصادفة كانت هيئة الأمناء مجتمعة فأخبرهم الشيخ حامد بذلك فأجمعوا على تطبيق النظام، سؤال الابن لأمه، سؤال الصبي لعمه، فأشار الشيخ حامد للجخدار أرسلهم نضعهم أمانة عندنا حتى نصدر القرار وفي الوقت نفسه صدر قرار الأمناء وحسب النظام بأنهم حجاج يسلمون للشيخة ميمونة مقلان، لا للشيخ محمد مقلان، ووصل الحجاج ليبقوا أمانة حتى يصدر أمر النيابة لتنفيذ القرار حسب النظام، إذ لا عبرة بالكرت قبل النطق أو بعد النطق، فالعبرة بالنطق.
وأحالت النيابة القرار إلى هيئة التمييز، يرأسها الشيخ محمد لبني يرحمه الله، فصادقت هيئة التمييز القرار لأنه حسب النظام، ورفع للنيابة فأحالته لمجلس الشورى وصدر القرار من مجلس الشورى خلافاً للقرار، والحجة أن الحجاج الجاويين لا يفرقون بين اسم أحمد ومحمد، فهم أرادوا بالنطق والكرت أيَّد ذلك.
لقد كان هذا افتراضاً وإلا فخبرة محمد نور جخدار وأمانة فطنة إلى اسم أحمد لا اسم محمد، وجاء قرار مجلس الشورى من النيابة للعلم به ولأنه في نطاق التنفيذ.
وكرب الشيخ حامد وقال: فين السواق خليني أوصل لعبد الحميد خطيب وعلي كتبي، ليكتبا الرد على القرار، فقلت له: تمهل، هما عضوان في مجلس الشورى وافقا على هذا القرار أنا أكتب لك قراراً يرجع به مجلس الشورى للنظام، بس يدك على الكيس تعطيني أربعة جنيهات أجرة هذا القرار أسدد بها دين، قيمة مشلح أبو شهر، فقد أكرمني صاحب الدين الشيخ عبد الله بن عمرو، رئيس هيئة الأمر بالمعروف بالمدينة، فليس يمنعني من السفر وأمهلني ثقة منه أن أرد المبلغ ولو أقساطاً يرحمه الله، ولك علي شرط إذا أخفق القرار وأصر مجلس الشورى على الأول أحسم الأربعة جنيهات من راتبي كل شهر اخصم جنيه، وأسرع الشيخ يرحمه الله يناولني الأربعة جنيهات، وقلت له اجمع الهيئة وذهبت إلى المكتب القرار يعرض على الهيئة فقد اشتد عزمي بالأربعة جنيهات للخلاص من الدين.
واجتمعت الهيئة وقرأت القرار فوافقوا عليه، لقد بنيت القرار على نقطة واحدة هي أن الحجاج الجاويين لا يقبل منهم الإِسلام إلا باسم محمد إنه اتهام للملايين المسلمة من الجاويين بأنهم لا يعرفون اسم محمد، فالأذان والإِقامة، والدخول في الإِسلام بالشهادتين كلها يعرفها الجاويون لأنهم المحمديون، فلا يقبل إِسلامهم إذا لم ينطقوا باسم محمد في الشهادتين. إن هذا الافتراض فيه تجريح للملايين المسلمة.
ورفع القرار إلى النيابة وأحيل لمجلس الشورى وصدر قرار المجلس وفيه شيء من العدول عن القرار الأول والقناعة بقرار مشايخ الجاوة، وسُلم الحجاج للشيخة ميمونة مقلان، وطارت الأربعة جنيهات للمدينة وقال الشيخ: شكراً يا واد أهو كده وإلا فلا، وأكبرت مجلس الشورى لم يأخذهم العنت ولا العناد، فكانوا رجالاً نترحم عليهم.
وحكاية أخرى، فقد استوحشت لقب الجرارين يطلق على صبيان المطوفين حول الكعبة، فاقترحت أن نعمل مشروع نظام تحت اسم نظام الصبيان، وكان العون للرجل العارف بأحوال المطوفين والصبيان نقيب مشايخ الجاوة ((محمد معاجيني))، المعرفة منه والصياغة مني، ورفعنا النظام للنيابة وأحيل للجنة التمييز فصدقت عليه ووافقت ورفع إلى النيابة وأحيل لمجلس الشورى، وتلفن مجلس الشورى للشيخ حامد ليحضر هو ورئيس المطوفين الشيخ محمد هرساني، ورئيس مطوفي الهنود الشيخ عبد الرحمن مظهر يرحمهما الله، ليحضروا حيث شكلت لجنة من عبد الحميد خطيب محمد مغيربي عبد الرؤوف الصبان لتدارس النظام معهم.. يرحم الله الجميع وأطال الله عمر أخينا محمد المغيربي فتيح.
وكان الشيخ حامد معتل الصحة كف بصره يجب أن يتستر حذراً من الشامتين فكلف نائبه الشيخ عبد الرحمن عبد الشكور وهو من بيت كبير من مشايخ الجاوة، وأرسلني معه، وانعقدت اللجنة فإذا الشيخ محمد الهرساني يسأل عن الشيخ حامد لماذا لم يحضر؟ قلت: إنه مريض وأناب عنه نائبه وكلفني أن أكون عوناً له، فغضب الهرساني وقال:
((هو الشيخ حامد ما يعرف إن المطوفين أكبر من مشايخ الجاوة))، قلت: إنه يعرف مشايخ الجاوة أكثر ويقدر المطوفين، إن بيوتاً في مكة من مشايخ الجاوة لها مقام كبير، فليس في المطوفين الآن كوشك والقونق وأحمد بخاري لأن حجاجهم قليل عرب ولا غير، من مشايخ الجاوة والبتاوي والعراقي وعباس قطان والفطاني والآشي وعبد الشكور وحمزة شيت، كلهم من أكابر مكة، وأنت تعرف الفرق بينك وبينهم، فغضب وخرج من اللجنة، ولم يتحرك أعضاء مجلس الشورى بكلمة فأخذت عليهم ذلك.
ورجعنا وعرف الشيخ حامد الحكاية فقال:
ـ سامحه الله كيف لا يحترم عبد الرحمن عبد الشكور، وأخوه حسن، هو أول من رشح الهرساني للرئاسة لأنه كان صديقه، لكن علي أن أرضي الهرساني، وبعد أيام دعا الشيخ الهرساني إلى حفل غداء فاخر في بيته في جرول وتصافيا، وانزاح من الهرساني غضبه مني، فإذا أنا وفي إدارة الحج أجد منه الود والاحترام.
وتلك أيام خلت وقد كانوا يرحمهم الله رجالاً.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :2371  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 713 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج