- بسم الله الرحمن الرحيم, والحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد نبي الرحمة, وعلى آله وصحبه وسلم. ولست أقول الآن كما قلت من قبل "ثرثارة في كل ناد يخطب"(1), فلست اليوم ثرثارة لأني أعيش الإِثارة, أعيش الوفاء للذي كان هو الوفاء, هو المثل الأعلى للفضيلة والوفاء - عثمان الصالح - فأنا متهم بأني مغرض فلو لم يثن عليَّ, ولو لم يذكرني بخير لما ذكرته, ولما أخرت سفري عن القصيم لألقي محاضرة لأجله.
- اعتذرت عن سفري اليوم إلى سفري الغد, ولكن كل ذلك ليس كبيراً ولا كثيراً أمام ما تفضل به عليَّ عثمان الصالح. أَعْرفه ولا أَعْرفه, لهذا لا أستطيع أن أُعَرِّفُه التعريف الشخصي, وإنما أَعْرِفُه لأُعَرِّفه التعريف الخلقي, والرجل أخلاق, وعثمان الصالح أخلاق, وكأنما هو ينشد مع ابن نباتة:
دعها تمد كما تريد شباكها
فلربما علقت بها العنقاء
أنا ذلك الصل الذي غَنَّى به
تلوى المنون وتلتوي الرقطاء
وفمي هو القوس الأرق ومقولي الوتر الشديد وأسهمي الإِنشاء
- عثمان الصالح له حق أن ينشد ذلك, لأنه صاحب قلم ولأنه صاحب ألم. فلولا الألم لما كان صاحب قلم.. ألمه ليس في بدنه وإنما ألمه في نفسه, ألم المتعلم, أو ألم المحسن, أو ألم الشاعر حينما يرى أمته في جهل. لهذا يتألم, لهذا يريد أن يتعلم ليعلم. وعثمان الصالح تعلم فعلَّم, علّم العِلية وعلَّم الأقل وعلم الأكثر, وعلمني أنا أن أكون صاحب خلق لأرد الفضل إلى أهله.
- فالذي يشكر الفضل هو صانع الفضل, والذي لا يشكر الفضل لا يصنع الفضل. ليس هذا فخراً أفخر به, وإنما هو إعلان عن وفاء لهذا الرجل الذي تفضل عليَّ فأثنى عليَّ. وإن الثناء عليه, والثناء على المحتفى به, وعليكم أنتم الحاضرين أن جعلتم تهامة تكرِّم اليمامة.. وهذه ميزة يمتاز بها كياننا الكبير.. المملكة العربية السعودية, التي وحدها البطل عبد العزيز بن عبد الرحمن يرحمه الله.
- نحن سعداء أن نعيش الوحدة, أن نعيش تهامياً أخاً لليمامي, أن نعيش نجدياً أخاً للحجازي, أن نعيش أحسائياً أخاً لأي بلد بل لأي شيء.
- نحن أخوة.. الإِخوة تمثلت في هذا التكريم. ولقد كان عبد المقصود نبيهاً حينما فعل ذلك. فأنا تهامي مدين لهذا اليمامي بالفضل, وكـم تهامة تفضلت على اليمامة, وكم لليمامة من فضل على تهامة. ولو عددنا الرجال الذين صنعوا تاريخنا لوجدناهم من هذه الجزيرة, من مآرز الإِسلام.. المدينة المنورة مآرز الإِسلام ومن معاقل الإِسلام. هذه الجزيرة هي التي صنعت تاريخنا. أتحدى من يقول: إن فاتحاً أو جندياً قاد الفتح العظيم لم يكن من هذا البلد, ولئن كانت الإِمبراطورية في دمشق, فقد كانت عاصمة العاصمة الكوفة. دمشق تأمر وتحفظ التراث وتعين, ولكن الكوفة كانت عاصمة العاصمة, كما أن الفسطاط, كما أن فاس, كما أن القيروان, كما أن تونس... كلها كانت عواصم للعاصمة, ولكن أين العاصم الآن؟ تفرقنا شيعاً, وها نحن نجتمع شيعة واحدة يجمعنا هذا المتشيع لنا بالحب عثمان الصالح؛ أشكره وأشكركـم جميعاً؛ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.