شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
طيبة.. رحلة في الزمان والمكان (7)
في عهد الملك عبد العزيز
عرفت المدينة نعمة الأمن
والذكريات ليست إلا جغرفة للأرض، أرض المدينة كما أنها مشاهد تاريخية، ليس منها أن تكون مذكرات شخصية، فلن أقحم نفسي متحدثاً عن شخصي وإنما هو الحديث عن المدينة المنورة في عهد الدولة العثمانية العهد الحميدي والعهد الرشادي ثم عهد الأشراف ثم العهد لهذا الكيان الكبير المملكة العربية السعودية، فالذكريات تاريخ من التاريخ عن الأحوال والاتصال والانفصال والرجال وكيف ابتليت بمن حولها وكيف طاب لبعض أهلها أن يعيشوا الفصام بلا خصام ما أشد قربهم لبعض حين لا تكون المادة جراية أو صدقة وما أقوى فصامه حين تكون المادة أحباباً يتقاربون وبالعنعنات كثيراً ما يتباعدون.. أكتب هذه الذكريات ليس فيها (( الأنا )) وإنما كلها الـ (( نحن )) .
كان لـ.. القوزيته سلطان على السلطان
المركزية آفة الإمبراطوريات..
يتأتى منها الهمس ليكون بعد ذلك الانحلال
عهد العثمانيين
عبد المجيد وعبد الحميد ورجالهما
والمدينة المنورة لقيت عنتاً شديداً صبرت وصابرت فكلما اشتدت اللأواء فيها بقيت أسر صبرت على اللأواء، ومن اللحظة الأولى التي اغتال الجناة الخليفة الراشد، ثالث الخلفاء ذا النورين عثمان بن عفان، ومن اللحظة الثانية التي خرج من المدينة ساعتها الخليفة الراشد رابع الخلفاء علي بن أبي طالب رضي الله عنه وعن عثمان، من هاتين اللحظتين فرغت المدينة من حماتها، فإذا هي لا تخرج من فتنة إلا إلى فتنة، أهلها في داخلها ثائرون، وأهلها في خارجها يثأرون، والأقرب من حولها، إذا شبعوا أشبعوها، وإن جاعوا عبثوا بها، مئات السنين كان حال المدينة قد أبكى التاريخ فإذا الناس من الأمة المسلمة يتمذهبون، من هو أموي ومن هو عباسي ومن هو طائفي، فلا تجد إلا الذين ارتضوا هؤلاء ولا تجد إلا الذين أبغضوا هؤلاء، كأنما المدينة التي انبعث منها نور النصر وهداية الفتح قد انبعث منها ذلك الشقاق، وعجيب أن يكون فيها المسجد الثاني في الإِسلام بعد المسجد الحرام، والأول للمسلمين قبل المسجد الحرام، فالعجب ألا يخشى العابثون من حرمة المسجد، ولا يحترمون ثراها وروضتها وبقيعها والحجرة وما إليها، لكن المسجد النبوي هو العجيب أيضاً فحين خرج علي بن أبي طالب بقي فيها عبد الله بن عمر وأُبي وزيد بن ثابت، كانت حياتهم ولو ماتوا حياة العلم في المسجد، وحين هتكت المدينة في وقعة الحرة، كان المسجد عامراً بسعيد ابن المسيب ومن بعده عروة بن أذينة وربيعة الرأي وابن حزم، لا أدري هو أبو بكر أم عمر، وسالم بن عبد الله بن عمر، وعلي زين العابدين، والقاسم بن محمد بن أبي بكر، كان المسجد عامراً بهؤلاء، حزانى، لكنهم أضحكوا الفقه وابتسم لهم التاريخ، حين قتل المنصور محمد بن عبد الله ((النفس الزكية)) داخل المدينة كان المسجد عامراً بمالك بن أنس يصل إليه سفيان بن عيينة وعطاء بن رباح وحتى سفيان الثوري وحتى أبو حنيفة، كأنما المسجد بطهره ينادي الطاهرين وينأى عن الآخرين، مالك بن أنس إمام دار الهجرة من شيوخه جعفر الصادق، ولماذا أنسى أول أشياخه وألصق أشياخه نافع مولى ابن عمر؟ ومالي أنسى الذي عانق قبره قبر ابن أنس، القبر بجانب القبر في بقيع الفرقد ألا وهو نافع مولى ابن أبي نعيم حافظ القرآن، الأول في الحفظة السبعة. ويخلط بعض الأدلاء يقولون لمن يزور القبور هذا قبر نافع مولى ابن عمر.. لا.. ولا، إنه قبر نافع ابن أبي نعيم، كأنما المسجد حظيرة، أو كأنما الروضة الجنة كان بهما المسجد صوناً ونعيماً على علمائه، من هنا قلت إن الإِمام في المسجدين والمربدين قد انفصل عن السلطان ليتم على يديهم ما تم من هذه النعمة ملأت كتب التراث فقه الأئمة موطأ مالك كتاب سيبويه صمود الثوري والحسن البصري.
وي.. لا تعجبوا من الإِسلام ومساجده فكلهم بهذا الإِسلام قد صانهم الإِسلام فصانوه وازدانوا به.. وحتى في آخر الأيام وفي أيامنا نحن تتخطف الفتنة الرجال ويرحل الناس إلى الشام ولكن المسجد بقي عامراً يسأل عمن فيه ولا يكترث بمن حوله فما زال عامراً بالبري والبرزنجي والكماخي وألفا هاشم وحميده والعايش والإِخميمي ومحمد صقر، علماء.. المسجد بيتهم بل إن بيوتهم طوقها المسجد.
هذه المقدمة لها ما بعدها.. أوله عن الرخاء والاستقرار نوعاً ما وبلا أمن ما أيام السلطان عبد المجيد وأيام السلطان عبد الحميد ودعوني أرفع رأسي بالكلمة الصريحة لا أجدف فيها لعبد العزيز بن عبد الرحمن ولا أتملق بنيه وإنما هو صدق التاريخ بصريح القول أرفض الذين يقلدون تميماً بسب خالد بن الوليد من أجل مالك بن النويرة، أو حنفياً يكره خالد ابن الوليد من أجل مسيلمة إن المدينة المنورة بما ذكرت من قبل لم تستقر أحوالها ولم يتسع مجالها ولم يأمن رجالها إلا حين رد لها الاعتبار عبد العزيز بن عبد الرحمن أمر واضح لو أنكره هاشمي لقلت منشداً:
ولو أني بليت بهاشمي
خؤلته بنو عبد المدان
لهان علي ما ألقى، ولكن
تعالوا فانظروا بمن ابتلاني
لقد بلينا بالذين ليسوا في العير ولا في النفير، وإنما هم لو تنافروا مع قبلي يلبس شملة لا تغطي أرساغه لنفرهم ولقال لهم: من أنتم؟ فلن يقولوا إلا ((نحن الأهالي)) ((اثنين أهالي واحد شرقي)) إن عبد العزيز بن عبد الرحمن لا أستعجل بذكره الآن فذلك سيأتي وقته، ولكني وشرحاً للمقدمة وحسرة على ما كان بها أقول: إنه من الساعة في ضحى نهار السبت التاسع عشر من جمادى الآخرة أو من هو الأولى، إن خانتني الذاكرة، من ذلك اليوم يوم السبت التاسع من جمادى سنة 1344 هجرية، أصبحت المدينة تعيش الأمن والاستقرار وآلاف الحجاج يصلون للمسجد بلا إتاوة ولا خفارة ولا يقتل في الساحة المناخة قتيل، لا يعني به عسكري ولا يقاد قاتله إلى حاكم، ففي يوم واحد رأيت ثلاثة قتلوا وكأنهم لا شيء..! ابن سمرة شيخ بني رشيد قتل في المناخة أمام الكباس، وظل ساعات لا يحمله المسلمون إلى قبر، وفي حوش درج بعد ساعة قتل محمدي وبعد العصر قتل رحيلي، فلا عسكر ولا أمين ولا قائمقام. أما اليوم فلا قتل وإن وقع فالقصاص.
السلطان عبد المجيد
ونعمت المدينة برخاء منذ تولي السلطان عبد المجيد يبني المسجد النبوي تكثر الخيرات يهدأ الناس إلا في بعض الحالات لعوامل الشحنات التي بقيت، فعصر عبد المجيد يحمد للعثمانيين غير أن الأمن لم يستتب لسلطان القوة وإنما هو بشيء من الرخاء، فالشحناء بهذا التنابذ بين سكان المدينة ((أهالي مجاورين وتكارنة وبدو))، مع أن الأهالي والمجاورين والتكارنة لم يكونوا إلا أبناء المجاورين، هذا التشاحن مات الآن فعهد السلطان عبد المجيد كان خير العهود العثمانية، لم يتفوق عليه إلا عهد عبد الحميد، وقد كان من رجال عبد المجيد جمل الليل وسنتحدث عنه بعد، والسيد الصافي الجفري وإن بدأ دور أحمد أسعد يتحرك ليصل إلى الذروة في عصر عبد الحميد.
السلطان عبد الحميد
وانتشر الرخاء في المدينة في عهد عبد الحميد، أوصل إليها السكة الحديدية والتلغراف والمدرسة والعطاية، ولم تكن هذه العطاية من ميزانية أي دولة بل هي من أوقاف المسلمين، منعها حكام الأقاليم عن الحجاز يوم اشتعلت القومية بل وامتنع عنها عبد العزيز لا يطالب بها.
إن السلطان عبد الحميد كان هو عنوان الرجل المريض، اللقب الذي أطلقه الأوروبيون على الدولة العثمانية ولئن جفونا الاستعمار وحملناه الكثير من الأوزار، فإن السلطان عبد الحميد عليه مسؤولية ذلك، لأن المركزية العارمة أثارت عليه البلقان لو أدرك ما تحيكه بريطانيا وفرنسا وما فعلته إيطاليا باحتلال ليبيا بعد أن احتلت بريطانيا وفرنسا الشمال الإفريقي، لو التفت إلى ذلك لأعطى دول البلقان استقلالها فبدل أن تكون مستعمرة تصبح صديقة ولما جرت مذبحة الأرمن، ولما ذر قرن القومية العربية ولما اضطر أن يجامل الخديوي في مصر. إن المركزية آفة الإمبراطوريات، يتأتى منها الهمس ليكون بعد ذلك الانحلال.
إن السلطان عبد الحميد ظن أنه في منعة لصداقة ألمانيا وبموقف بسمارك بالذات، حالف ألمانيا، حتى أخذت امتياز خط برلين بغداد فإذا بريطانيا تتنمر لأن وصول الألمان إلى الخليج عن طريق بغداد معناه الوصول إلى الهند وما إليه، قطعت الطريق على ألمانيا وفتحت الطرق لهولندا، في أندونيسيا، فكان الشرق أتت منه الحرب العالمية الأولى تهزم ألمانيا وتتمزق الدولة العثمانية، لأن الاتحاديين وكانوا عسكراً تخرجوا من أكاديمية ألمانيا اتكلوا عليها حتى إذا هزمت كانوا منهزمين.
أما الرجال عند عبد الحميد فهم كما قلنا من قبل أبو الهدى الصيادي، وعزت العابد وأحمد أسعد، ومحمد ظافر وسنترجم لكل واحد منهم له وما عليه.
وما زلت مع عبد الحميد، فالرجال الذين حواليه بعضهم كان معه ولم يكونوا له وإنما كانوا عليه، وبعض الرجال كانوا له ولم يكونوا معه، وما كانوا عليه.
وهكذا يمضي الأباطرة يحسنون الظن بالذين لا يستأهلون ذلك ويسيؤون الظن بالذين يستأهلون حسن الظن، فالذين كانوا معه وكانوا عليه هم الطرقيون، أبو الهدى الصيادي ومن إليه والبكتاشية الذين هم أنصار مصطفى صبري شيخ العلماء الأتراك. إن أبا الهدى الصيادي جر على السلطان عبد الحميد أن يصبح الرجال الذين كانوا له وما كانوا عليه بعيدين عنه هو أبعدهم من حيث إِنه لم يتقبل نصحهم، أبعد مدحت باشا إلى الطائف وعبد القادر كردي إلى المدينة، فإذا الأكراد والشباب من الترك غاضبون. حتى الأغوات كانوا يفرضون سلطانهم على كل من يقترب من السلطان. لأنهم يستمدون سلطانهم من ((الحرمليك)) وكان عبد الحميد يسمع للحرمليك، خصوصاً إذا كان الكلام من السيدة الأولى في ((يلدز)) القصر الإمبراطوري، إن هذه السيدة واسمها ((القوزيته)) أي الوردة الحمراء، كانت ذات سلطان على السلطان لها حظوة، والحرمليك كلهن حولها.
لقد كان الصدر الأعظم من أذكى الرجال في عصر عبد الحميد وهو ((دلي فؤاد)) اسمه فؤاد لقبوه بالمجنون لفرط ذكائه ولدقة أحكامه فكلمة ((دلي)) بالتركية تعني المجنون، إن هذا الصدر أي رئيس الوزراء كان يعالج الغزو الروسي للدولة العثمانية فالإمبراطورة كاترين التي خلفت زوجها بطرس الأكبر على عرش الروس حشدت جيوشها على الأناضول، ضربت حصاراً على القسطنطينية، لقد جلس دلي فؤاد يفكر ينتظر ما ينجم عن مؤتمر برلين بين بسمارك موحد ألمانيا ودزرائيلي رئيس وزراء بريطانيا وهو يهودي تظاهر بالتمسح، وكان رئيساً لحزب المحافظين، كان دلي فؤاد يفكر ينتظر أن تسحب كاترين جيوشها أو أن أمراً آخر سيحدث وبينما هو كذلك مر كبير الأغوات الحارس الأول للحرمليك، فقال لدلي فؤاد ((إيش فيه يا باشا؟)) فقال الصدر الأعظم: ((خليك في حالك.. ما في شيء)) وانتفخت أوداج الآغا كيف يجيبه دلي فؤاد هكذا، وما كاد يلتفت ليذهب إلى الحرمليك حتى فطن دلي فؤاد إلى خطأ كبير كيف ينهر كبير الأغوات، سيذهب إلى الحرمليك يثير عليه ثائرة القوزيته، يغضب السلطان لربما يقيله أو لربما يستقيل.. كيف هذا؟ كيف فعل ذلك وهو ينتظر انسحاب الجيش الروسي فأسرع ينادي كبير الأغوات: تقول إيش فيه؟ مع إنك أنت شايف الجيش الروسي على أبواب الآستانة، فأنا أفكر في ذلك، فقال الآغا الكبير ((يوه.. يوه يا باشا دحين مولانا بندر الصنجك.. علماء كبراء فضلاء يقرأون مثنوي بعدين روس.. هوف.. هوف.. هوف.. الصنجك يعني البيرق والمثنوي لجلال الدين رومي الذي كان في ((قونيا)) عاصمة السلاجقة والأم الأولى لبني عثمان.
وسمع دلي فؤاد كلام الآغا فقال الكلمة المشهورة يرويها الأتراك الآباء للأبناء رفع رأسه للسماء يدعو يقول: ((يا رب يا تديني عقله أستريح أو يأخذ عقلي يجنن)) هكذا كان الإِمبراطور، ومع كل ذلك أحبته الشعوب المسلمة، وثار عليه من رأوا انحلال الإِمبراطورية إذا ظل الحال على هذا الحال، فولي الدين يكن الشاعر الناثر المصري استعراقاً التركي إعراقاً له كتاب اسمه (المعلوم والمجهول) فمن أراد أن يعرف الكثير عن السلطان عبد الحميد وعن أبي الهدى الصيادي فليقرأ المعلوم والمجهول، وما كنت أعرف هذا الكتاب ولكن أهدانيه الصديق كامل الخلق عبد الوهاب آشي يرحمه الله.
هناك فقرة أحفظها من هذا الكتاب تعني ما يلي: ويصدر أمر السلطان إلى محمد الجركسي ليقود فلان كما الآخرين يمسك به الجركسي يضعه في شوال مثقل بالحديد يرميه في البسفور طعام الحوت. ولا تمضي أيام حتى يصل رسول السلطان إلى بيت هذا الزعيم الهالك يقول لأهله ((إذا غاب حاميكم فأمير المؤمنين حاميكم)) هنا يقول ولي الدين ((يا رب)) إنهم يخدعون عبادك يسرقون منهم الدعاء للسلطان، إنهم يخدعون المساكين ولكن أنت القاهر فوق عبادك.. المنتقم من الظالمين من هنا قال حافظ إبراهيم الحكاية الهلكى في البسفور طعام حوت، قال هذا البيت من قصيدة طويلة:
مشبع الحوت من لحوم البرايا
وفجيع الجنود تحت البنود
صدق حافظ لأنه لم يكن لعبد الحميد جيش، أما الذين كان لهم جيش بعد فالاتحاديون، لأنهم كانوا ضباطاً فكونوا جيشاً عظيماً برز منهم قواد كبار، وضباط عرب لم يكملوا التعليم، فالضباط الكبار من العرب ياسين الهاشمي وأخوه طه الهاشمي وسليم الجزائري وعزيز علي المصري أما الذين لم يكملوا كلية أركان الحرب فنوري السعيد وجعفر العسكري ولا تستغربوا حين أقول لكم إن أمين الحسيني الزعيم الفلسطيني كان من هؤلاء الضباط ((نم زاد)) أعني الذي لم يتم الدراسة عرفت هذا من صديقه حسني العلي المقدسي المديني كان صديقاً لأمين الحسيني رأيت هذه الصداقة حين زار أمين الحسيني المدينة لم يفارق حسني العلي إلا ساعات قليلة.
رجال عبد الحميد
أكتب عن أولهم لأن الكتابة عنه تعنيني، هو محمد ظافر والد صديقنا نجم الدين ظافر. فهو مديني من بيت كبير في المدينة لهم زعامة أو قيادة ((السبهية)) يعني الخيالة لأنهم الوجاق الأول من الأربعة الوجاقات، وكان سعود دشيشة هو رأس الوجاق السباهي بعد ظافر، إن محمد ظافر ليست له ترجمة عندي وأول ما عرفت عنه هو ما علمته عن أبيه حمزة ظافر فلقد وقع في يدي خبر في جريدة ليبية فيه أن أول من أنهض الليبيين وبصرهم بما ينبغي هو حمزة ظافر المدني قدرت أنه والد محمد ظافر الرجل الثاني عند السلطان عبد الحميد، الأول أحمد أسعد، وأردت أن أعرف أكثر عن حمزة ظافر فتلفنت للسيد عبيد مدني بقية الناس أسأله فقال هذا صحيح مذكور في كتابه عن تاريخ طرابلس الليبية، ولم يسكت السيد عبيد مكتفياً بالإِجابة المتلفنة وإنما أعطاني هذا الكتاب، فعرفت قيمة حمزة ظافر كيف أنهض الليبيين على صورة غير صورة ما أحدثه محمد السنوسي، ومع هذا فلئن كان محمد ظافر مدنياً فإن محمد السنوسي مكي مستعرق وإن كان مغربياً إعراقاً، وخلف محمد ظافر أباه في ليبيا حتى إن ليبيا أصبحت عثمانية وكأنها قطعة من الأناضول، ابنها بشير السعداوي ينصب قائمقام ينبع، الصلة متينة مكينة بين الليبيين والعثمانيين حتى إن أنور باشا وعمه خليل باشا ومعهما شكيب أرسلان كانوا سنداً لأحمد السنوسي في مقاومة الغزو الإِيطالي، وكلهم كانوا رجالاً بلا جيش فانسحبوا.
وللذكرى أيضاً فإن ما أعرفه عن ثلاثة من المصريين كانوا مشتركين في الدفاع عن ليبيا، أولهم عبد الرحمن عزام الذي كان ليبياً أكثر من أي ليبي ومغربياً أكثر من أي مغربي، وحافظ عفيفي، وسيد كامل، حافظ وسيد انسحبا أما عبد الرحمن عزام، فقد كان في القاهرة ردءاً وعوناً لكل المغاربة ليس أولهم أبو رقيبة وليس آخرهم بشير السعداوي.
وانتهى عصر عبد الحميد وبقي لمحمد ظافر ابنه نجم الدين في المدينة وأحفاد في ليبيا عرفت منهم واحداً كان يعمل في جدة وفي السفارة الإِيطالية. والليالي من الزمان حبالى وإلى تكملة أخرى.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1432  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 687 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور عبد الكريم محمود الخطيب

له أكثر من ثلاثين مؤلفاً، في التاريخ والأدب والقصة.