الاثنينية ::المكتبة

مكتبة الاثنينية

الدفاع عن شيخين

ومنذ أصبحت الناب لم أتقاعد في عطلي الذي لا يسعني غيره؛ لأني أصبحت أمشي إلى كل عطل لا تحملني رجلاي وإنما هي عواطفي وثقافتي تحملاني إلى كل عطل أي إلى كل وطن عربي، فمنذ كنت الناب أيضاً وعلى هذه الصورة التي شرمت أصبحت وأمسيت أتذوق المعرفة وأتعضد بالثقافة وأجتر السالبة لأفتر عن الإيجاب. فهذه المقدمة إعلان عن حوار جرى بين متعنتٍ على شيخ الإِسلام ابن تيمية وبين معنفٍ يرزأ علم الخوارزمي محمد بن موسى بأنه تافه.

وهذا المتعنت تنفج بادعاء المشيخة، فحين بدأنا ندرّس تلامذتنا عقيدة السلف في مدارسنا وفي المدينة المنورة فإذا هذا المتنفج يقول: إن التوحيد هو التوحيد عقيدة الإسلام، فمن أين جاء ابن تيمية بهذا التقسيم أو التفريع (توحيد الربوبية - توحيد الألوهية - توحيد الأسماء والصفات)؟ قلت: إن شيخ الإسلام قوي العارضة واسع الاستعراض إذا أنكرت التقسيم هذا فما برهانك! أما شيخ الإسلام فما أكثر ما برهن، أن ترفض هذه الحقيقة، لأنك لا تحترم الأولين، وما كنت في هذا الحوار معه قد وافتني الحجة الدامغة وحسبتني غُلِبْت إذ انتصر عليّ فإذا بي أنا على مدى سنوات أجتر هذه الواقعة وفي ركعة من صلاة جهرية قرأت سورة الناس فإذا بنور القرآن يشرق لأفتر عن البرهان وأذيعه في حديث متلفز، فهذه السورة فصلت أقسام التوحيد قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ.. توحيد الربوبية، مَلِكِ النَّاسِ.. توحيد الأسماء والصفات، إِلَهِ النَّاسِ.. توحيد الألوهية، ومن حسن الحظ أن وجدت السند لهذا الفهم من أستاذنا مدير جامعة الإِمام محمد بن سعود الدكتور عبد الله بن المحسن التركي وأعجبه أني سألت في هذا الحديث هل ما جاء في سورة الناس ورد في براهين شيخ الإسلام، فقال لي الدكتور لم أعثر على ذلك فرحت بهذه الحجة ولو أدركت ذلك المحاور لكتبت إليه ألقنه الحجة ولكن عاجله أجله أسأل الله له الرحمة.

وامتد بي الفهم لأجد أن سورة الفاتحة فيها هذا التفريع وآية الكرسي فيها هذا التقسيم فلم يأت شيخ الإِسلام بما لا حجة له فيه، فالقرآن هو الحجة الدامغة ولكننا كبعض الناس نجترئ على الأئمة بشيء من الاعتراض بينما هو الخطأ منهم والصواب من الإِمام.

والشيخ الثاني هو شيخ الحضارة الوسيط إسلامية عربية ألا وهو محمد بن موسى الخوارزمي، فقد سمعت من متزمت لم يتخط حدود الطلب وإنما أخذ يتمطى قائلاً إن الخوارزمي وقد جاء بالجبر والمقابلة والصفر لم يأت بشيء كبير، فأنا الطالب في الثانوية أعرف ذلك بما هو أكثر سعة مما جاء عن الخوارزمي، قلت له لقد فاتك الانتماء وحرمت من الفخار، فمحمد بن موسى الخوارزمي بهذا الذي لم يستكثر ولم تستكبر ما زالت بصمته على كل علماء الفيزياء والرياضة، وحتى على انشتاين وحتى على نيوتن وحتى على الصواريخ وسفن الفضاء. إن الخوارزمي ما عق الانتماء إلى أقليدس اليوناني كما أن ابن سينا والزهراوي ما رفضا الانتماء إلى جالينوس وسقراط، وعلماء الغرب أنصفوا أنفسهم فحافظوا على الانتماء إلى علم الخوارزمي وعلم ابن سيناء وابن رشد وعلم جالينوس وإقليدس، فثقافة الإنسان واحدة نحسن إلى أنفسنا حين نأخذ الأحسن والطيب بل وحين نعلم السالب والباطل حتى إذا علمنا ذلك استنرنا فرفضنا.

وتغضن وجه الفتى ولم يحر جواباً فتركته سائلاً له الهداية من الله.