شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الوطن
وأقسى أنواع الغربة ليست هي أن تكون بعيداً عن الوطن وإنما القاسية الغربة عن الوطن وأنت تعيش فيه، ونحن غداً في ذكرى اليوم الوطني أعتزم أن أكتب عن ذكرى في كلمة نطق بها الغريب عن وطنه. بينما هو منه، وبه وفيه لكنه قد حصر الوطنية في مشاعره لا يعرف أن وطنه أكبر من المدينة التي يعيش فيها، حين جرى الحوار معه وقبل سنوات عرفت أنه لا يدري إلا عن الحوش وما حوله أو عن الحارة، ولو اتسعت مداركه الوطنية لما عرف إلا المدينة التي يعيش فيها. فحين بدأت أكتب في أكثر من جريدة تصدر في هذا الكيان الكبير قال لي غريب الدار عن وطنه لماذا تكتب في غير الجرائد الوطنية؟ قلت كل الجرائد التي تصدر لدينا وطنية فلن أحصر نفسي في جريدة تهامية ولن أبتعد عن جريدة يمامية أو عن صحيفة إحسائية فكل شبر من أشبار هذه الأرض، أرض المملكة العربية السعودية هو ملكي وإن لم أحمل الصك لتحديد الامتلاك، كل شبر أستطيع أن ألمس ترابه بكل الحب أقول هذا وطني سواء كان من تربة مشرقه أو مغربه فما أنا إلا كدوقلة المنبجي أنشد دائماً هذا البيت:
إن تَتْهمي فتهامة وطني
أو تنجدي يكن الهوى نجدي
قالوا لي مرة حين كنت في مصر أيام لم تكن مصر كما هي الآن، اجلس تجد لدينا ما تعيش به قلت: لا ولا فالأولى إن كنت صاحب المبادئ، فالمبادئ لا تؤجر وإن كنت تريدني عميلاً فلن أكون أجيراً والثانية ألا أبقى في بلد أن أكون الأخير من أهله ولست أملك فيه شبراً من الأرض، أبني خيمتي فيه، هناك وطني يسع الخيمة ولا أتردد على مانح الإِقامة، فقد أكون الواحد من ملايينه القليلة، إن الذي يعيش محصور الوطنية لا يعرف الجبل من السهل ولا الوادي من العين، لا يعرف قيمة بيت الشعر كيف كان المدد، وكيف منه تكوَّن الامتداد، هم قلة هؤلاء الغرباء عن الوطن مع أهل القربى فيه لكن أخشى أن يكون بعض التعالي أو التغالي يحدث الفصام بينما نحن ولله الحمد نعيش الوحدة الكاملة، هلك الفصام وتهالك الخصام، وما أحسن أن أنشد قول شوقي وهو الذي ولد تركيًّا يونانيًّا فلم يغترب عن مصر وإن غربوه بعض الحين عنها، فقد قال حين صهرته الوطنية وأتعبته الغربة عن مصر قال:
وطني لو شغلت بالخلد عنه
نازعتني إليه في الخلد نفسي
وأمثال شوقي كثيرون لم يكونوا من الوطن صليبة وإنما أحبوا الوطن وهو جليبة كابن الرومي ومهيار.
ما انتهى الحوار مع الغريب عن وطنه لأجده بعد اليوم يعرف كل وطنه؛ لأنه أخذ درساً ليس مني وإنما من ثقافته حين اتسعت.
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :668  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 653 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتورة مها بنت عبد الله المنيف

المدير التنفيذي لبرنامج الأمان الأسري الوطني للوقاية من العنف والإيذاء والمستشارة غير متفرغة في مجلس الشورى والمستشارة الإقليمية للجمعية الدولية للوقاية من إيذاء وإهمال الطفل الخبيرة الدولية في مجال الوقاية من العنف والإصابات لمنطقة الشرق الأوسط في منظمة الصحة العالمية، كرمها الرئيس أوباما مؤخراً بجائزة أشجع امرأة في العالم لعام 2014م.