شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة المحتفى به الأستاذ يحيى المعلمي ))
ثم تحدث الفريق يحيى المعلمي شاكراً مضيفه والحضور وسارداً من ذكرياته، ما كان الحضور متشوقين لسماعه فقال:
- بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.. لقد أفضل صديقي القديم الجديد الأستاذ عبد المقصود خوجه بدعوتي لأكون معكم في هذه الأمسية الزاهية الباهية، وقد أتاح لي بهذا شرفاً عظيماً وسروراً كبيراً، في أن أجد نفسي محل رعايتكم وعطفكم وتقديركم. فأشكركم على ذلك شكراً جزيلاً.
- ولقد أفضل أستاذي الكبير الشيخ محمد حسين زيدان فأطراني وأطربني، أطراني بما أعتقد أني أقل منه شأناً، وأطربني بعباراته البليغة وكلماته المجنحة. ولعلي أحظى بنسخة من هذا الشريط الذي يصور الآن، لأعيد الاستماع إلى كلماته اللطيفة الظريفة.
- أما صديقي، صديق العمر الأخ حسن جوهرجي، فقد أذاع من الأسرار ما كنت أود أن يبقى بعضه، أو أن يكون بعضه خفياً، ولكن لا غبار فيما ذكره، ولا ضير فيه، ولا حرج إن شاء الله.
- وقد تذكرت وهو يلقي كلمته بيتين كنت قلتهما أمام الملك سعود رحمه الله في مناسبة من المناسبات، ضاق بها صدري، فانطلقت على لساني، وما كنت أريد أن أقولها والبيتان هما:
ولَولاَ حياءٌ من شُيوخٍ أَجِّلةٍ
لردَّدت قـولَ الطيـب الذكـر أَحمـدا (1)
أَجِزْني إذا أُنْشِدتَ شِعراً فإنما
بشعري أَتَاك المادحون مُردَّداً (2)
- نعم كان بعض الإِخوة يظنون بي خيراً، ويعتقدون أنني أقيم الوزن في الشعر، ويلتمسون في أن أساعدهم في ذلك، ولكني مع الأسف الشديد لا أملك شاعريتهم ولا أملك قدرتهم العاطفية والشعرية التي تحرك الشجون في نفوسهم. كنت كالبناء الذي يستطيع أن يقوم البناء ويعدله، ولم أكن ذلك المهندس أو ذلك المخطط الذي يرسم هذا البناء عندما يكون فكرة. مع أن لي بعض المحاولات في قرض الشعر، أكرر قرض الشعر، وليفهمها من شاء كما شاء.
- وقد أعددت أبياتاً لهذه الليلة، ولكني شعرت بالحرج عندما رأيت في هذه الأمسية شيوخنا الكبار وشعراءنا الفطاحل من أمثال أستاذنا الكبير الشاعر السفير عمر بهاء الدين الأميري، وأستاذنا الكبير شاعر العرب، شاعر الأمة العربية والإِسلامية، الأستاذ أبا يعرب عبد الله عمر بلخير. فعندما أرى هذه الصفوة من العلماء والأدباء والبلغاء، ومنهم سعادة الفريق الأول محمد الطيب التونسي، عندما أجد هذه الوجوه النضرة، وهذه الشخصيات العظيمة أحس بأني لا أستطيع أن أقدم إليهم أو أعرض عليهم ما أعددته. ولكن ما دمت قد تورطت في ذلك، فأرجو أن تسمحوا لي وأن تتقبلوا مني ما أقدمه إليكم.
- هذه أبيات جعلت لها عنواناً اقتبسته من الإِذاعة، وهو "جولة في ربوع الوطن".
يا رياضَ الُمنى وروضَ الأمانِ
لكِ مني تَحيةُ الهَيمانِ
أنتِ أمْنيتي ومَهْوى فُؤادي
ومناطُ الشُعورِ من وجداني
لاحَ في خاطري خيالك لما
داعبت غَفْوةَ الكرىَ أجفاني
فتنسمتُ من رُبَاك عبيراً
عَبقرِيَ الشَذى سَرى في كياني
وجَلا برقُكِ الُمضيء غيوماً
جَلَّلت بالسواد بِيضَ الأماني
إيه أرضَ الحجاز يا مهبطَ الوحي ويا منبَع الهُدَى والبيان
أنتِ مَهْد الإِسلام مُذ لاَحَ في الأفق هلالاً ومأرِزُ الإِيمان
أَشْرَقتْ مِنك للهِدايةِ شمسٌ
بَسَطَت نُورَها على الأكوانِ
فَتَهادتْ مواكِبُ الفَتح تَتْرى
وتَنَادت كَواكبُ الفُرسَانِ
فيك للمجد والفَخَارِ مناراتٌ عِظامٌ وحَسْبُكِ الحرَمَانِ
كلُ قلبٍ إليكِ يَهوي ويَهْفُو
فِي اشتياقٍ كَلَهفةِ الظمآنِ
إيه أُمَ القُرى سقَتك الغوادي
ورعا الله فيك تلك المَغَاني
أَنْتِ مهدُ الصِّبا ومجْلا شَبابي
ومقرُّ الصِحَاب والإِخوانِ
ما تركناك عن قِلىً أو جَفَاءٍ
أو سَئِمْنَا على رُباك التداني
بل حَدانا إلى الرياضِ اشتياقٌ
لِرُبُوعِ ريَّانَةِ الأَفْنَانِ
هي لِلمُلْكِ مَعْقِلٌ وهي لِلأُسْدِ عرينٌ مُوطَّدُ الأركانِ
فاسْتَقرَّت بنا الحياةُ وأَلْقَينا عَصَانَا في الَمرْبَعِ الفَنيانِ
يا عروساً بِها ازْدَهَى شاطئُ البحر وغَنَّى لها بَدِيعَ الأَغانِي
أنتِ ثَغْرُ الحجازِ يا لَكِ من
ثَغْرٍ بِعَذْبِ ابتسامةِ المُزْدَان
قد كساك الإلهُ حلَة حُسْنٍ
فَتَبَاهَيْ بالشاطئِ الفتَّانِ
واسْبَحي في الضِيَاءِ يَسْطعُ في أَرْجَائك الفيح من عُقُودِ جُمانِ
وازْدَهي بالعُلُومِ شِيْدَت لَها فيك صروحٌ مَتِينةُ البُنْيانِ
وبفنٍ تشدو أغاريدُه فيك بأحْلَى وأعْذَبِ الألحانِ
واسْعدي بالنساءِ من رائداتٍ
وشَوادٍ إلى العلاءِ روانِ
وافخري بالرجالِ أبنائك الصِيدِ تساموا للمجدِ عَبر الزمانِ
من شُيوخٍ لَهُم نَدينُ بفضلٍ
وشبابٍ بهمْ تُنَاطُ الأماني
من كعبد المقصودِ جامعَ شَمْلٍ
لِرجَالِ العُلُومِ والعِرفانِ؟
مجلسٌ مثلُ رَوضة حفَّها
الزهرُ فمن سَوسنٍ إلى أُقْحوان
[وابتسام] كما تفَتَّحَ نَوْرٌ
فوقَ غُصنِ الحديقةِ الريانِ
ومحيَّا يفيضُ بِشْراً وإيناساً
كَزَهْرِ الرياضِ في نَيْسانِ
أيها السَامِعُونَ عَفواً فَقدْ جاشَ فُؤادي ولم يُعبِّرْ لِساني
فاعْذرُوني إذا تقاصَرَ شِعري
واسْمَحُوا لِي إذا اسْتَطال بَياني
فلقد عشت في حياتي على خَطَّينِ منْ رِقَّةٍ ومِن عُنْفُوانِ
بين سيفٍ لَهُ عَليَّ حقوقٌ
ويراعٍ يَخْتالُ فوق بَناني
قد بَدأتُ الحياةَ خدن كتابٍ
أصْطَفِيه عن سَائِر الأَخْدَانِ
ثم سِرْنَا في الأَرْضِ نَسْعَى لِمَجْدٍ
دَاعَبَتْنَا رُؤاهُ باللَمعانِ
ثم عُدنا والعَود أحمدُ للكُتبِ ونِعْم الجليسُ في ذا الزَمَانِ
خيرُ ما يتركُ الفتَى خَلْفَهُ ذِكرٌ حَمِيد يَجْري بِكُلِّ لسان
- وشكراً لكم...
 
(( الحوار بين الحضور والمحتفى به ))
فتح مقدم الاثنينية باب الحوار فقال موجهاً حديثه إلى المحتفى به:
- بعد هذه التحية الفياضة التي استبقت بها إلينا مشاعرك الطيبة، نعود مرةً أخرى إلى رحلتك مع الحرف، كيف بدأت، وكيف تعشقتها، فأصبحت لك كل شيء؟
- ويجيب الفريق يحيى المعلمي بقوله: بدأت رحلتي مع الحرف منذ صباي الباكر، فقد بدأت أولى خطواتي إلى الكُتَّاب مع أختي الكبرى، تذهب إلى الكُتَّاب لتتعلم فتقرأ القرآن، فأذهب معها مرافقاً لها، وأستمع إليها وإلى غيرها من الطالبات وهن يقرأن القرآن، فأحفظ آياته وأرددها، وأنا لا أفك الحرف.
- ثم جاء دوري فدخلت إلى كُتَّاب الأولاد، وبدأت في دراسة القرآن الكريم، وحفظ أجزاء منه، وتلقي بعض المبادئ في القراءة والكتابة، وقليل من الحساب وتولى عمي محمد بن عبد الرحيم المعلمي، رحمه الله أمر تعليمي وتثقيفي، فقد كانت نشأتي في جنوب المملكة في مدينة جيزان، ولم تكن هناك مدارس في ذلك الوقت في أوائل الخمسينيات، وعلمني مبادئ النحو والفقه على مذهب الإِمام الشافعي، وبخاصة الفرائض. وأقرأني كتاب "جواهر البخاري"، وطرح بين يدي مكتبته السلفية بما فيها من كتب، فأقبلت عليها أقرأ منها، لا أفهم الكثير مما فيها، ولكني أحاول بقدر استطاعتي. أفهم ما تيسر لي وأسأل عما تعثر عليّ.
- أنشئِت مدرسة في جيزان والتحقت بها، وكان يبدو أني أكثر فهماً من رصفائي في المدرسة لسابق تعليمي في البيت، فكنت أنقل من فصل إلى فصل قبل أن يأتي الإِمتحان، رغبةً في تكملة أعداد الفصول المتقدمة.
- وواصلت تعليمي في المدارس النظامية في مكة المكرمة، شرفها الله في المدرسة الفيصلية بجوار منزل أستاذنا الكبير عبد الله بلخير.. وحفظت أشعاره منذ ذلك الوقت التي تتغنى بالعروبة والإِسلام، وكنت أنشدها مع زملائي. وواصلت تعليمي على خطين كما قلت أو كما أعود فأقول الآن: خط تعليمي أكاديمي أو مدرسي نظامي في المدارس الحكومية، وخط آخر أتلقى فيه مزيداً من علوم الدين واللغة العربية في الحديث، والفقه، والتفسير، والألفية، والنحو، والفرائض... وما إلى ذلك.
- في الحرم المكي الشريف درست على فضيلة السيد علوي مالكي رحمه الله، وعلى فضيلة الشيخ محمد بن مانع رحمه الله، واستمعت إلى كثير من العلماء الذين كانت لهم حلقات في المسجد الحرام. وقرأت ما وجد في مكتبتنا من كتب، تاريخ ابن كثير، تفسير ابن كثير، مروج الذهب. ومن هنا نشأت عندي هواية القراءة والاطلاع المستمر. ثم أتاح لي الأستاذ عبد الله عريف فرصة أن أكتب في جريدة البلاد، وكان ذلك في مبدأ الستينات من هذا القرن، فطبعاً كانت كتابات على حسب مستواي العلمي والفكري الذي لم يزد كثيراً منذ ذلك الوقت إلى الآن، ما زال ضعيفاً حتى الآن. وكنت أكتب في جريدة البلاد باسم مستعار "الجندي المجهول". ولا أنسى بالفضل مجلة المنهل، فقد كانت تصل إليَّ في جيزان منذ الصغر، وكنت أقرؤها، وكان يعجبني فيها وفي جريدة أم القرى الأخبار المَحلِّية. ثم بلغ من شغفي بالقراءة أني كنت أنفق على شراء المجلات والكتب مالاً كثيراً، أعجز عن الحصول عليه، ولا أقدر عليه. فبعت أحد البيوت التي آلت إليَّ من والدي، وأنفقت ثمنها في تأسيس مكتبة سميتها مكتبة الجيل الجديد لغرضين؛ الغرض الأول: أن أستورد كل ما أستطيع استيراده من الجرائد والمجلات المصرية خاصةً وأقرأها، والغرض الثاني: أستورد أيضاً الكتب وأقرؤها، ثم أبيعها فأستفيد من قراءتها وأستفيد من ثمنها. وشاركني الأخ الزميل حسن جوهرجي، فقد كان أيضاً مِثلي مولعاً بالقراءة في المكتبة. وعملنا فيها فترة، ثم تركتها له عندما التحقت بالشرطة.
- وشكراً لسعادة الأستاذ الكبير عزيز ضياء، فأنا أعترف له بالأستاذية، فقد تعلمت منه الشيء الكثير أثناء عملي، وكان يتفضل بتشجيعي ولقد عرفته قبل أن ألتقي به، كاتباً كبيراً ولكنه بعث برسائل متعددة لها علاقة بعملي وكان مسؤولاً كبيراً في المديرية العامة وشاء الله أن أجتمع به، وأجلس إليه، وأستمع منه نصائح جمة في العمل الإِداري وفي الأسلوب الأدبي أيضاً... وقد كان يريد لي طريقاً آخر ولكن الله سبحانه وتعالى لم يرد ذلك، فبقيت في عملي في الشرطة. وبدأت عملي الإِداري مع الأستاذ طلعت وفا رحمه الله في القسم العدلي، وفي نفس الوقت كنت أمارس هوايتي في ميدان الحرف أو ميدان القراءة قبل الكتابة، ثم الكتابة فيما بعد. ولكني كنت مقلاً من الكتابة لأني أعرف قدر نفسي، وأعرف أن حظي من الإِجادة قليل ولا أميل إلى الكتابة إلا عندما أُثار أو أُستثار نتيجة ارتكاب البعض أخطاء أدبية أو لغوية تستدعي توجيههم التوجيه الصحيح السليم كما أراه وأعتقده.
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :700  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 36 من 133
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

التوازن معيار جمالي

[تنظير وتطبيق على الآداب الإجتماعية في البيان النبوي: 2000]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج