(( كلمة الأستاذ حسن جوهرجي ))
|
ثم أعطيت الكلمة للأستاذ حسن جوهرجي فقال: |
- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أيها الإِخوة الأعزاء، حضرات الأساتذة الكرام، يسعدني أن أنتهز هذه المناسبة الطيبة لأحيي أولاً الأخ الأستاذ عبد المقصود خوجه، صاحب المبادرات الرائعة والفريدة من نوعها، وأشكره على روحه العالية من كل قلبي، ثم أستأذنكم في أن أتحدث عن زميل الدراسة وصديق العمر الأخ الأستاذ يحيى المعلمي، حيث أني أعتز بصداقته التي امتدت إلى أكثر من أربعين عاماً. وأعتقد أنه يحق لي أفتخر بها باعتبارها صداقة تعبر عن مدى اتفاق الميول، والرغبات، والمبادئ، والغايات. |
- كما أنها والحمد لله لم يطرأ عليها أي تغيير أو تبديل أو ضعف نتيجة امتداد عمرها، واختلاف الأحوال وتبدل الظروف، وما قد ينشأ في كثير من الأحيان من سوء تفاهم، ربما أدى إلى القطيعة بين الأهل والأقارب قبل الأصدقاء والصحاب. الأمر الذي لا تخلو حياتنا اليومية من وقوعه وتكرار حدوثه. |
- أيها الإِخوة الأعزاء... إنني عندما أتحدث عن الصديق يحيى فقد رأيت أنه من الأفضل أن لا أتكلم عن شخصيته الأدبية أو الرسمية، فهي تكاد تكون معروفة لدى معظم المواطنين سواء كانوا من عامة الناس أو من طبقة المثقفين، باعتباره أديباً مرموقاً، وكاتباً مشهوراً، وخطيباً مفوهاً، طالما أتحف المستمعين في الإِذاعة والتلفاز وقراء الصحف والمجلات بعطائه المتواصل وإنتاجه الغزير في دنيا الثقافة والأدب والتاريخ. بالإِضافة إلى تمكنه من معرفة قواعد اللغة العربية وفنونها، وعلوم الدين ومباحث القرآن. |
- ولذا فقد آثرت التحدث عن الجانب الآخر من شخصيته وهو الجانب الخفي الذي قد لا يعرفه الكثير ممن يعرفونه أديباً بارزاً ورجل شرطة كبير. ولا أريد أن أقول أنني سأعرض لكم الوجه الآخر للرجل، حيث لا يروق لي استعمال هذه العبارة التي تستخدم عادة في وسائل الإِعلام باعتبار أنني أرى أن للرجل وجهاً واحداً وليس وجهين، ولأن ذا الوجهين خليق بألا يكون عند الله وجيهاً. |
- ولا أريد أن أطيل عليكم، فإن لصديقي الأخ يحيى المعلمي صفات وخلالاً قد لا تخفى على أقاربه وأصدقائه وزملائه في العمل، ولكنها ربما كانت غير معروفة لدى معظم الناس ممن يعرفونه كأديب وكاتب ورجل أمن. وأولى هذه الصفات التي أغبطه عليها كونه يتمتع بطول البال والأناة والتريث في الأمور، وعدم الإِنفعال بسرعة، يعني بالاختصار إنه رجل حليم بمعنى الكلمة. |
- ولا أكتمكم سراً إذا ما قلت إنني حاولت جاهداً أن أقتدي به وأسير على منواله في هذا السلوك غير أنني مع الأسف لم أستطع أن أصل بعد إلى مستواه في هذا المجال، وأعتبرها نعمة كبيرة منَّ الله بها عليه، ولعل هذا هو سر نجاحه في كثير من أمور حياته الخاصة والعامة، إلى جانب ما يتمتع به من ذكاء متوقد، ورؤية واضحة، وبُعد نظر مع حصيلة جيدة وممتازة من العلم والمعرفة في شتى المجالات. |
- ولعل مما يجدر ذكره في هذا المجال أن ابنه الأكبر عبد الله قد ورث عنه هذا الذكاء، مع قسط وافر من العلم والأدب الذي يتحلى به. وهذه إحدى نعم المولى الكريم التي لا تعد ولا تحصى، ونحمد الله على ذلك. |
- نأتي بعد ذلك إلى ذكر صفة أخرى يتمتع بها ضيف الليلة المكرم، وهي صفة التواضع الجم، فعلى الرغم من كونه أديباً بارزاً وكاتباً كبيراً، فقد وصل بجهده وكفاحه إلى مرتبة عالية في دنيا الوظيفة، فإنك تجده أبداً متواضعاً يستمع إلى الصغير ويتناقش معه، ويعمل على نصرة الضعيف مع حرصه الدائم على تشجيع أصحاب المواهب الأدبية من الناشئة. فهو لا يتوانى عن شرح كل ما يستعصي عليهم من مفردات اللغة العربية وقواعدها وفنونها، سواء كان ذلك في مجال النثر أو الشعر. |
|
- وأذكر بهذه المناسبة الزميل القديم الأستاذ الشاعر مقبل العيسى، كم كنت أتمنى أن ألتقي به في هذه الأمسية، فقد كان يراجع فريقنا المعلمي ويعرض عليه محاولاته الشعرية ليقوم بإجراء التنقيح اللازم لها لغوياً ونحوياً، كما أن له مساعدات كثيرة في هذا المجال لكثير من طلاب العلم والأدب. |
- وهناك جانب آخر لا بد من إيراده، وهو أن حصيلته من المعلومات السياسية جيدة جداً، فهو قارئ ممتاز للشؤون السياسية منذ أن كان طالباً في المدرسة الثانوية "تحضير البعثات" "بمكة المكرمة" ومطلع على نظريات السياسة في العالم العربي والغربي منذ أكثر من 40 عاماً. |
|
- وأستغرب من عدم ميله للكتابة في هذا المجال مع قدرته الواسعة وتمكنه من ممارسته بكفاءة واقتدار، ولعل السبب في ذلك هو كونه رجلاً عسكرياً وبطبيعة الحال فإن طبيعة الرجل العسكري قد لا تسمح له بأن يخوض في هذا الميدان، تاركاً السياسة لرجالها. أو ربما يكون لديه سبب آخر لم أعرفه. وهناك جانب آخر من شخصية الصديق المعلمي أودّ الإِشارة إليه في هذه المناسبة، وهو أن صاحبنا يملك أذناً موسيقية جيدة من زمن بعيد، فهو يهوى الاستماع إلى أغاني عبد الوهاب وأم كلثوم وغيرهما من المطربين. وكان يشجع أصحاب المواهب الفنية من الزملاء، وأتذكر منهم الأستاذ الزميل عبد الله حُبابي، وأعتقد أنه سفير بوزارة الخارجية حالياً. |
|
- فقد كان يجيد تقليد أغاني موسيقار الأجيال عبد الوهاب بشكل رائع، وما زال صديقنا المعلمي محتفظاً بهوايته هذه، ونجده حريصاً على سماع الأغاني والموسيقى خاصة مما تبثه الإِذاعات العربية، وأنا بدوري أشاركه المتعة في الهواية المحببة إلى نفسي. |
|
- ذلك ما استطعت أن أتذكره الآن.. وأرجو أن أكتفي بذلك، وأتمنى لسعادة الفريق كل تقدم ونجاح إن شاء الله. وشكري الجزيل لصاحب الدعوة ولحضراتكم جميعاً والسلام عليكم ورحمة الله. |
|
|