شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
حالات نفسية
ـ لو تركت لنفسي سأمها لوجدتني استهلك المسرة في احتراق.. استنزف كل طاقة، إرهاقاً للإرهاق، وكسباً لوقت سيضيع بسقوط السأم.
الوقت.. السأم عاملان في صناعة النفس القاذفة كل ما تملك من مثل. لتقتني اللذة وامتصاص المشتهى حتى لا يفوت.
والوقت.. التأمل.. عاملان في صناعة النفس العازفة عن الاحتراق في أتون المشتهى.
من هنا تجيء كل الكوارث في المعجلين الذين يريدون أن يغنموا تغطية السأم بطرده كوهم ركبه فيهم الإرهاق.. كأنما هم يصنعون إرهاق الإرهاق، بقتل الرمق الأخير من التأمل والتوبة ورخاء النفس ورفض الإرهاق.
كل الشباب في هذا العصر جاءت بلاياه، ورزاياه من القلق والسأم، يحاول طردهما بطرد نفسه إلى حريق.
إنك لو شئت أن تستريح قليلاً بضحكة لوجدت من يحرقها في نفسك بكشف أسبابها.
إنه لا يدري أنها من عمل الطرد للسأم، أو أنها من عمل الفقدان لشيء تريده الأقوى في طرد هذا، المسئم لك بسؤاله سواء بلسانه. أو بعين رامشة. أو بغمزة هازئة يرسلها في غفلة الضحكة.
هو نفسه يفعل ذلك بالدوافع نفسها التي فعلت بها الضحكة، حتى بكاؤه بدمع الضحكات. ما هو إلا نوع من السؤال الطارد لا السؤال المستعلم.
لم يمض على الإنسان زمان. وجد الشيطان سبيله الناصر له. إلا في هذه الحقبة.
كأنما السأم شيطان جديد أبرع من الشيطان نفسه. يستمرئك اللذات والشهوات باسم الطرد لها.. بينما هو الاحتراق بها.
قاتلوا السأم بالتأمل والإنابة والصبر، وإلا قتلكم!!
• أخي وصديقي ضياء الدين رجب.
أيها الأب المصنوع من الحنان.. الصانع للحنان.. الدامع في كرب غيرك.. الصابر على كربك.. أسألك هل هناك كلمة تفي بحق العزاء لك في فقيدك الوحيد ((حمزة)) يذهب في ريعان الشباب بوجه ناضر.. إلى ربه ناظر؟ أم هناك صمت حجر الدمعة أن تفيض لتحرم السافحة من أن تفض حزنها.. تريد ألا تستريح بالبكاء لأنها غارقة في أحزان الأحزان.. أحزانها وأحزان الأحباب.. أحزانها كثيرة تكبر ولا تصغر، وأحزان أحبابها تأتي مفاجئة لتكبر حتى ليصغر عندها الأكبر.. تدهك النفس مرتين، وتنهك الوجدان في الحالين، وتهتك أسرار الحب باستسرار الحزن المنكفئ على نفسه.. البين دون أن يظهر.. الظاهر لا يكاد يبين!..
ولكنها - والحمد لله - لن تهلك إيمانها.. ذلك بصبر المؤمنين المتواصين به حقاً.. ينتصر إيمانها بالصبر، ويتضح جلاله بأنه الحق إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (العصر: 3).
لا أسألك فيما سبق، ولكنني أسألك الآن لأذكرك بالعزاء النبوي المحمدي.. جاء في الخبر الصحيح.. وصفوا به موقف سيدنا محمد الرسول النبي عليه الصلاة والسلام حين وارى فلذة الكبد إبراهيم في لحده في البقيع الطيب وأغرورقت عيناه بالدموع وقال: إن العين لتدمع، وإن القلب ليخشع، وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون.. ألست معلمنا حب النبي ليكون لك في رسول الله أسوة حسنة؟.. حبك للنبي محمد.. إيمانك برسالته الحقة.. اتعاظك بمكارم أخلاقه.. كل ذلك يجعلني أطمع بأن تقولها كلمة علمنا رسول الله أن نقولها حين علمها لهند بنت زاد الركب.. أم سلمة، أم المؤمنين.. يوم مات أبو سلمة صاحب النبي، وأخوه من الرضاع.. قال لها: (استرجعي إنا لله وإنا إليه راجعون).. تلك لعمري قوة الصبر بقوة الإيمان أحسبني على ثقة، وبيقين بأنك من الصابرين المؤمنين..
لا أريد أن أسألك مذكراً بدموع ابن الرومي على ابنه محمد، ولا بدموع الزيات على ابنه رجاء، ولا بدموع السرحان على ابنه محمد.. هكذا يا أخي يذهب شبابنا فجأة في عمر الزهور لنفنى نحن في شيخوختنا بأحزان الأحزان عليهم.. هم ماتوا كلاً واحداً في لحظة، وأنا وأنت نموت أجزاء تتقطع أكبادنا في لحظات.. لعلّها كانت بسمة على شفتيه حينما أدركه الموت. فهو التقي الرضي يخفض لك جناح الذل من الرحمة، ولعلّها حسرة في قلوبنا تقطع أوصالنا.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :747  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 581 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء الأول - مقالات الأدباء والكتاب في الصحافة المحلية والعربية (1): 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج