شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
حكايات وأسَاطير
• حكاية إذا ما قرأتها عرفت المراد منها، نسردها بتعليق!
ـ قالوا: إن حلبة المصارعة بين فارس وبين ثور، هي نفسها حلبة المصارعة بين إنسان وإنسان.. بين دول قوية وشعوب ضعيفة، لا يشغل النظارة أنفسهم إلا بالتصفيق للبطل المنتصر، سواء كان مصارعاً أسقط ثوراً، أو إنساناً طرح إنساناً أرضاً وأوجعه ضرباً، أو دولة قوية تقتل شعباً، وتحرقه بقنابل النابالم، أو حتى بقنابل تحمل الميكروبات.
فالهتاف هو الهتاف، والنظارة تحجب عيونهم وتطمس أفئدتهم بهارج الزينة وأكاليل الغار على هامة المنتصر.
كأنما التصفيق من أفراد أعدوا لذلك، هو جالب التصفيق من الجميع.
لأن النظارة رعاع كجماعة، تخفي ميزة الفرد إذا ما استقل بنفسه وسط هذا الطغام من الناس. فالواحد الممتاز في جماعة غوغائية، هو واحد منهم. بطغيان التلقائية والمشاكلة، وإيحاء التداعي فكرياً مع أفكار الهاتفين..
وضربوا لذلك مثلاً في هذه الحكاية..
قالوا: تجمع النظارة في حلبة المصارعة ليشاهدوا بطلهم المزخرف وهو يقود ثوراً، يتحرش به ليصرعه، ونزل الفارس ووقف يهارش الثور بخلق أحمر، ولم يفطن واحد من الآلاف المؤلفة إلى عرج في رجل الثور.
كلهم هاتف للفارس.
غير أن شاهداً جلس لتوه فشاهد عرجة الثور، فصرخ: إن المصارعة غير متكافئة، أوقفوها.. الثور أعرج..
لم يسمعه أحد، كلهم غارق في الهتاف.
وصرخ، وصرخ، لم يسمعه أحد.
لكن صراخه لفت رجلاً ثاب إلى رشده فناداه يسأله: لماذا تصرخ؟..
ـ قال: المعركة غير متكافئة، فالثور أعرج.
وكان السائل رجلاً يملك المنع للمصارعة، وإيقافها، فأوقف الفارس، وأنقذ الثور.
ثم التفت إلى هذا الصارخ يسأله: كيف رأيت وحدك أن الثور أعرج؟
ـ قال: جئت قبل أن أغرق في زحمة المشاهدين. فرأيت العرجة في الثور.
ـ قال الوزير الأسباني: إن غيرك لم ينتبه وهم آلاف..
ـ قال: كانوا منساقين بفكر أعرج، وعين عوراء، لم يفكروا إلا في القوة والقوى، لم يروا إلا المصارع وحده..
فتنة القوة.. عرج النظرة الأولى دون تمعن، دون التفات إلى ما وراءها.
وهكذا كل النظارة اليوم يعرجون بعواطفهم، يفكر الفرد منهم بالرفض لطغيان القوة وحده، ويهتف لها مع الجميع!!
• قرأت في عكاظ اليوم الخبر عن قيمة إنسان بسعر ثمانية عشر شلناً، دولاراً، ريالاً، فرنكاً، درهماً.. العدد ثمانية عشر واسم العملة يسمى به الرقم تبعاً للبلد الذي سعّر قيمة هذا الإنسان..
وقد يكون الخبر غريباً اليوم.. ونشر لغرابته وندرته في هذا الزمان.. ولكنه في التاريخ له نظائر وأشباه.. تروى كالأساطير لا يكاد القارئون يصدقونها..
وكم هم العظماء الذين جرى عليهم الرق بالثمن البخس دراهم معدودات.. لكن الحقائق تدمغ الأسطورة..
فهذا رسول الله ونبيه يوسف الصديق.. وبعده بلال بن أبي رباح وبعدهما الملك المظفر قطز.. كلهم بيع في سوق الرقيق..
فالحقيقة أن يوسف الصديق عليه السلام قد بيع بثمن بخس.. دراهم معدودات!.
• الزواج قسمة ونصيب!
كلنا نقول هذا الكلام، ورغم كل المحاولات في دقة الاختيار، وحتى استساغة الرؤيا، فما زال الأمر فيه قسمة، وحظ..
أذكر لتوفيق الحكيم أسطورة قدم بها لقصة قصيرة.. يقول: إن الزواج كقدر وغطاء.. يعني لازم وافق شن طبقه!.. فليس كل غطاء يصلح لقدر غير قدره، ثم قال: كان هناك شاب أراد الزواج، وتعب في أن يجد الزوجة، ثم وجد من نصحه.. يقول له: سافر تجد في طريقك زوجتك، وشد الرحال من بلد إلى بلد، وكاد يغرق في سفينة.. غرق ركابها، ولم ينج منها إلا هو، وبضعة أشخاص.. وجدوا غابة شاسعة على ساحل البحر فلجأوا إليها.. لا طعام معهم.. كان الوقت خريفاً.. الأشجار تساقطت أوراقها.. جاعوا فاجتمعوا في مؤتمر واقترح أحدهم أن ينذروا لله طاعة يؤدونها إذا رزقهم بطعام، وأخذوا يفتشون عن اللحم لعلّهم يجدون أرنباً، أو غزالاً، أو حتى حماراً!.. ولكنهم وجدوا فرخ فيل - أي فيلاً صغيراً - حملوه فذبحوه.. أكلوا منه إلا صاحبنا لأن نذره نطق به وهو لا يدري.. نذر على نفسه ألا يأكل لحم الفيل.. أكل رفاقه وبقي جائعاً وفاء لنذره، وفي الليل ناموا، وجاءت أم الفيل تفتش عن ولدها تقص الأثر بأنفها حتى وصلت إلى هؤلاء تشمهم فإذا ما وجدت رائحة ابنها رفعت الواحد تخبط به الأرض.. قتلت الجماعة كلها إلا هذا الشاب.. لم تشم رائحة الفيل لديه.. وحملته على ظهرها، وسارت به، واستسلم لمكتوبه ودخلت به إلى مدينة فيها قصر كبير، وأمام القصر وجد عروسه.. قالت له: أين أنت؟.. إنني أقف أنتظر راكب الفيل.. أنت زوجي!!
هذه الأسطورة ليست كاذبة، فكلنا معاشر الأزواج ركبنا الفيل الذي أوصلنا إلى القسمة والنصيب.
• وأريد أن أغيظ الإلحاد والملاحدة، والشاكين وشكهم فأكتب على فعل الإيمان في بعض النفوس تعود إليهم فتصبح خيرة رغم أنفتها.. رجل بلغ من العلم والعقل مبلغاً صور في نفسه من جهالة الوجدان أو من وفرة الوجود أن ينكر خالقه، معلمه، رازقه، أن ينكر الله فأصبح يجادل ويهرطق فلا يجد يداً تأخذه فهو في حاجة إلى وازع من سلطان لا سلطان عليه من البشر، فجاءه سلطان الله يعلمه كيف يقول: يا رب.. يا رب.. ركب سيارته، ولبس عدة الصيد يسير إلى دغل يصيد فيه الطير والأرنب والغزال وربما الثعالب والغربان!!
وأعطبت السيارة فلم يلتفت إلى قوة تمده من الله.. الطريق قريب سأصل إلى المستراح في الكيلو الثلاثين..
وأخذ يمشي.. يدرك المأمن، فأخذته البغتة من شيء أعمى بصيرته فتاه، ضاع، وحميت الشمس وأدركه العطش، وأغطش عليه ليل من ظلام عين في ظلمة وجدان!!
ولكنها الهلكة أيقظت النائم الكامن في جوانب الإنسان الخفي فيه، فحينما سقط في حفرة قالها وهو لا يدري..
قال الإنسان المنسى حين صحوة الخدر بالعقلانية.. المنسى علمه وفلسفته وجدله حين صحوة العذاب بالهلكة المعطشة:
ـ قال: يا ربي، يا ربي.. مسني الضر، فقالها..
وغشيه ما غم عقله وعينيه، لا يحس بالكرب.. فإذا هو في سرير عليه ملحفة بيضاء وحوله من يعرف - فهمس في ذعر وحذر: اين أنا؟ هل أصابني الأسد؟ النمر؟ هل نهشتني الأفعى؟
ـ قالوا له: لا.. لا.. إنها رحمة الله.. لقد وجدناك تجود بنفسك إلا نفساً واحداً حياً في لسانك يقول: يا رب.. يا رب!!
وتكلم حصيف عرف الردة في الناعم البال، ثم عرف في كاسف البال الارتداد عن الردة إلى الإيمان.
ـ قال: اسمع ليست القصة أن وجدناك، وإنما هي في أن وجدتنا.. فلقد تذكرتك، وبشيء لا أدريه سمعت في داخل نفسي من يقول لي: أدرك الأستاذ فهو في كرب كارب.
وبشيء لا أدريه أخذت أسأل عنك؟ فعرفت خروجك إلى الصيد ووجدت السيارة، وسرت وراء الأثر في جماعتي هذه فإذا أنت في الهلكة..
حين أشرفت على الهلاك ذكرت الرحمن فأنجاك..
ـ قال الفيلسوف: نعم تذكرت.. تذكرت.. اشهدوا أني آمنت بالله.
قصة لم أخترعها، أذدرعها، إنما أنا أفترعها في نفوس القارئين، هي من قصص الفرنجة ((وقد يحلو لبعض النائمين على عقدة الخواجة.. أن نقول لهم هذه قصة أصلها عن خواجة.. لا عن البسطامي والجيلان)) .
فاللَّهم إيماناً راسخاً، إيماناً كإيمان العجائز.
• والوالدان.. أب وأم عز عليهما إنجاب الولد حتى لقد خشي كل منهما العقم!
الزوج الأب يتهم نفسه فيسعى ليستنطق الطب، ليستجديه، ليطلب الشفاء، والأم تلصق العقم بها، فلا تلقى زوجها إلا باسمة تسري عنه، تأخذ العلاج إن هو جاء به وتأخذه إن هي جاءت به ضناً أن يعتكر صفو العلاقة بينهما.
وأدركتهما رحمة الله فأنجبا ولداً سمياه عطاء، وكطبيعة أبوين في مثل حالهما.. تشوقا للولد نشآة في بحبوحة مائعة فانغمس في التدليل والدلع، كل طلب له مجاب ولو عز ولو أضنى ولم قهر.. تعلما من قسوة الشوق ألا يقسو أحدهما عليه وقد كانا في ساعة سائرة.. يملكان من يغنى، ولا يملكان ما لا يفنى.
وكبر عطاء، وتعلم من الحياة ترفها وزخارفها وسرفها فعاش في شباب وفراغ وجدة حتى نال المفسدة أي مفسدة.. أخذ ينفق على صحاب سوء، وأتراب فاسدين مفسدين فأضاع المال وكشف الحال.. باع وباع وأتلف وأباد.. والأم تعطيه وتستره فإذا ما ناقشها الأب أو نصحها أحد، قالت: الله يهديه.. هو أعطاه، وهو هاديه.
وأخذ السرف إلى أن باع أمه في سوق الرقيق ليشتري ما يتلف، وكان من بين ما شراه من ثمن أمه حذاء لماع.. وحين جرها النخاس قالت: الله يهديه، ولم تبح بأنه ولدها!!
وباع أباه ليشتري بزة غالية وكأنما عمي على أبيه فدعا له كأنه الأم.. الله يهديه. وسار في طريق يتيه بلباس فخم.. ورآها فتاة اختارها.. تشترط على خاطبها أن يجيب عن سؤال تسأله فإن عرف تزوجته، وإن عزف رفضته، وسلم عطاء عليها، ولم تكد تسأله حتى عاجلها بسؤاله..
ـ وقال لها: أنت لا تقدرين على جواب لسؤالي، وأعماها حظه المكتوب أن تكون صاحبة السؤال، وكان موقف التحدي هو الذي جرها لأن تقول: اسأل؟ اسأل؟
ـ وقال عطاء: هل تعرفين رجلاً يمشي وهو يدعس أمه وهو لابس أباه، فضاقت ذرعاً، لم تعرف ولم تدر.. وهنا ضحك عطاء.. أنا الرجل.. هذا الحذاء هو ثمن أمي بعتها فأنا أدعسها. وهذا الثوب ثمن أبي فأنا لابسه، وكأن شيئاً هفا بها إليه. فقالت: أنت هو، أنت هو، وتزوجها، فإذا به يهتدي.. يغتني.. يشتري أمه وأباه ليصبحا سيدين لينعما بولد اسمه عطاء وبأحفاد.
قصة لا نغري بها عاقاً، وإنما هي حكاية أم تبعث العزاء في نفس زوج رأى القسوة من ولده.
• قصة قرأتها قديماً.. بطلها، أو أبطالها، أربعة: سري كبير، وثري ((كونت)) وصعلوك فنان بعد موته سيصبح أكبر من كونت.. عطاء الفن!.. وزوجة شابة وكلب. طراوة الكونت، وترفه والفروسية، وأخلاقها، وحب التزين جعلته يشمل الفنان بعطفه.. يدخل بيته، ويطعمه، ويعطيه، وكان ((الكونت)) في حفل مدرسي قد رأى فتاة، فأحبها، وتزوجها وعاشا زوجين سعيدين أنجبا طفلة، والشاب الفنان أصبح يدخل كأحد أهله، وكأنما علق بالزوجة، ولعلّه حسب ما تضفيه عليه من عطف وتقدير عاطفة، فأسر في نفسه المنية أن تكون له!.. ولكن.. كيف؟! هذا ما لم يفكر فيه.. كل ما صنعه هذا الحال أن زاد حوافزه.. جعله فناناً أكثر.. صناعة الحب ترفع وتضع!
وجاء طاعون في نابولي، واحترس أهل البيت من الاختلاط لكن الكونت خرج لأمر عاجل ولم يكد يرجع إلى بيته حتى شعر بالإصابة؟!.. حملوه في تابوت مسمر.. أودعوه في المقبرة، لكن الحياة ذات أعاجيب.. لم يمت الكونت.. أفاق من أصوات يسمعها في الكنيسة، فاحتال حتى خرج من التابوت، وتسمع إلى الأصوات، فإذا هم سراق يخفون المال في خربة جانب الكنيسة.؟.
رصد مكانهم.. لا يشغله المال فعنده الكثير وذهب يجري إلى البيت في شوق إلى الزوج، والطفلة، والحديقة، وضحكات الفنان، وجد الباب مغلقاً، فدخل الحديقة من الخلف، ويا لهول ما رأى! رأى الحبيبة الزوجة في أحضان الفنان في غزل، فرجع القهقهرى لأنه مات في نظرهم. ذهب إلى الكنيسة، وأخذ المال، وتنكر في ثوب كونت جديد، فالمال أعطاه القيمة الجديدة، واحتال على صداقة الفنان، ليدخله بيته الذي أضحى بيت الفنان، ودخل مرات، وكاد يفضحه شعور الطفلة، وكاد يفضحه وفاء الكلب، لكنه قال إني أكرم هذا الكلب فأحبني، وكانت الطفلة تجلس في حجره، فقالت له مرة: ارفع هذه النظارة عن عينيك لأراهما.. خشي المكاشفة الفاضحة، فالعينان هما سمة التسمية.. الدالة على الإنسان.. لا وجه دون عينين؟.. واحتك بالشاب. قال: إنك إنك لا تصلح لهذه.. سآخذها منك - يعني زوجته - أراد أن يثير غضب الفنان حتى كربه بالتحدي، فبارزه.. كان فارساً.. أما الفنان فلا.. وحين أسقط السيف من يد الفنان وأسقطه على الأرض رفع النظارة، فمات الفنان من المفاجأة.. تركه وذهب إليها يخطبها، ورضيت به زوجاً ثانياً مع أنه زوجها الأول، وفي حفلة العرس في الكنيسة وبجانب التابوت رفع النظارة فصرخت تسقط هلكى.. ماتت.. قتل اثنين بشيء اسمه الصبر، بشيء اسمه الحب!!
• رأته يأكل فضلات السفرة - يقمها في كشكول معه، يأتي كل وجبة طعام إلى فناء دار كبيرة يفعل ذلك، تعود عليه، وعرف أهل البيت هذا المسكين فأصبحوا يلقون بها إليه. أو لعلّ أهل البيت لا يدرون عنه، إنما هو الخادم يفعل ذلك!.. بقية من الخبز، أو هي بقايا الفاكهة مليسة على قشورها.. بعض اللباب زادت عليه عضة السكين فعلق بقشره.
ونظرت إليه تحدق! شيء شدها إليه.. بعيد أن يكون هو!! ماذا جرى له حتى تبدل فرضي بهذا الطعام؟ أين ماله وترفه ودالته وغضبه وقرفه؟ ودنت تقرب منه تفحصه.. لقد كانت تعرفه شاباً نشأ في رغيد العيش لا يعجبه العجب ولا الصيام في رجب!! وهذا عجوز تهدل، قد ركبته أعوام، أعوام أكثر من أعوام تعرفها له لو كان هو!!
وسألته: نجم؟ نجم؟ ولعلّ غيرها سأله فأنكر أنه نجم ولكن صوتها أحرجه.. أذهله، فأخرجه من نكران إلى اعتراف، فلم ينكر أنه نجم.. قال نعم أنا نجم، وأنت كوكب!!
أأنت في هذه الديار؟
ـ قالت: نعم، وسيدة بيت، نعيش في عز القناعة ونعمة الرضا وشكران النعمة أقيم مع زوجي يسترني بالحب أنا وعياله وعيالي!
لا يرهقه بطر بزوال النعمة، ولا يشينه صبر يخجله من أحد.. البطر ولو أفرح وأزهى نقمة، والصبر ولو أتعب نعمة.
أتعرف ما أوصلك إلى هذه الحال؟
إنه البطر.. كنت تركل كل شيء برجلك، لا يعجبك طعام أهلك فتركض إلى الأسواق تأكل بترف وسرف، لقد رأيتك تطأ رغيفاً على السفرة لأنه ((ملدوع)) تسميه محروق.. شيلوه، شيلوه، إنك اليوم تشتهي هذا الرغيف!! يومها تشاءمت فبكيت، فلم أخف عليك، وإنما خفت النقمة.. وذهبت أنت بالبطر تفتش عن ملذات حتى نهبت مال أبيك، تركته دون شيء، وبقيت أنا أختك أرعى أماً وأباً حتى ماتا في حجري ودعائهما لي.. اللَّهم أسبغ عليها نعمة الرضى وكساء من الستر.
ولقد كسيت الستر بهذا الزوج..
أتعرفه؟ إنه خادمنا ((نادر)) هو الذي أكل العيش المحروق الذي رفضته، ضمه إليه وقبله ثم أكله..
أوصاه أبي بنا.. وأوصاني أبي أن أتزوجه قال: تزوجي يا كوكب هذا الإنسان الشكور، فالشكور مستور.. وأريد لك الستر.
وجاء طفل يركض ((أبويا جاء)) فأخذ نجم كخال يقبل الطفل، فأخذه الطفل إلى نعمة الرضا وكساء من الستر.
وفي ليلة مات على حجر أخته، وهو يقول: ربي أسألك الرحمة.. الرحمة. فقد كنت جانب النقمة لأسرة سترها الله دون أن أكون معها. بل كنت عليها، اللَّهم الرحمة..
• الأسطورة قد تعني أنها الحقيقة في زمانها الغابر، فكثير من الحقائق التي نشاهد، اليوم كانت خيالاً معروفاً في البعد عن تصورنا، فلو صغنا عنها كلاماً قبل أن تكون واقعاً لكانت أسطورة وحكاية، نعجب بها، ونستغربها.
ـ قالوا: إن شمر برعش أحد ملوك التبابعة من حمير قد ذهب بعيداً في الغزو والفتح كان الموجة العربية سباقة.. موجة أثر موجة حتى وصل إلى حدود الصين كما هو قتيبة بن مسلم.
وزعموا: أنه لما وصل إلى سمرقند هدمها ثم أمر ببنائها ثم توجه إلى الصين فخافه ملك الصين خوفاً عظيماً، وعلم أنه لا طاقة له به، فجمع ملك الصين وزراءه فاستشارهم - قال: لقد أقبل هذا الأعرابي ولا طاقة لنا به فماذا ترون؟
ـ فأتى كل واحد منهم برأي وبقي واحد منهم لا يتكلم فقال: ما تقول؟
ـ فقال: أرى أن تظهر الغضب عليَّ وتجدع أنفي وتأخذ دوري وضياعي وأملاكي ودوابي وعبيدي حتى يعلم الناس بذلك، فكر ملك الصين لعظم حال ذلك الوزير عنده، فيعذره ذلك الوزير حتى ساعده وفعل به ما أشار عليه به.. فخرج الوزير من الصين حتى انتهى إلى شمر برعش فأراه جدع أنفه وشكا إليه ما فعل به ملك الصين، أظهر لشمر برعش النصيحة فجعله شمر برعش من خاصته ثم احتاج إلى دليل يدله إلى الصين المفازة العظيمة التي دونه، فقال وزير ملك الصين لشمر برعش: أنا الدليل أيها الملك هل تجد من يعرف هذه المفازة مثلي فنهض شمر برعش بجنوده يتبعون ذلك الوزير فسار به على غير الطريق حتى بعدوا بعداً عظيماً عن الماء وأشرفوا على الهلاك وأيقنوا به ونفد ما معهم من الماء.
ـ فقال شمر: أين الماء؟ فقال الوزير: لا ماء ها هنا إلا الموت!! أردت أن تهلكنا وملكنا وتقتل رجالنا وتسبي ذرارينا فوهبت نفسي لأهل بلدي ووقيتهم من الهلاك بنفسي فأنت ومن معك أحق بالهلاك، وقال لجنده - توجهوا أينما شئتم، وفرش له درعاً من حديد وظلله بدرقة من حديد، فتذكر عن ذلك قول قوم من المنجمين حكموا في ميلاده أنه يموت في سقف من حديد وفراشه من حديد، وذهب كل منهم على وجهه فهلكوا في تلك المغارة، وتناثر من جنوده ثلاثون ألفاً فوقفوا في أرض فيها الشجر والماء والنخيل وهي بلاد التبت التي يجلب منها المسك فتملكوها وتوطنوها، وبعدت منهم أرض اليمن فسكنوا بها إلى اليوم، فزيهم زي العرب وأخلاقهم أخلاق العرب، ولهم ملك قائم بنفسه منهم، وهم معترفون أنهم من العرب، ثم من اليمن وهم يحبون العرب حباً شديداً!!.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :701  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 580 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

أحاسيس اللظى

[الجزء الثاني: تداعيات الغزو العراقي الغادر: 1990]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج